مقالات

أحقاد السياسيين تدمر اليمن

محمد الخامري

كاتب ومحلل سياسي يمني
رئيس تحرير صحيفة إيلاف اليمنية
عرض مقالات الكاتب

الحوثيون عندما خرجوا من صعدة كانت معهم قوائم جاهزة أشبه بالبلاك ليست؛ بكل من شارك في الحرب ضدهم في الحروب الست 2004 – 2010م..
ووفقاً لتلك القوائم؛ تم تصفية حساباتهم مع كل من ورد اسمه فيها بعنجهية مفرطة، وأساليب غير مسبوقة وغير مقبولة عقلاً ومنطقاً، ومرفوضة شرعاً وقانوناً؛ كالقتل المباشر وتفجير البيوت واستهداف المساجد ودور القرآن الكريم رغم ادعائهم انهم مسيرة قرآنية..!!
استهدفوا وعبثوا وأفرطوا في عنجهيتهم ضد كل من كان له يد ضدهم منذ 2004 ماعدا رأس النظام السابق علي عبدالله صالح رحمه الله؛ الذي لم يتجنبوه فقط؛ بل وضعوا يدهم في يده وتحالفوا معه، وهو التحالف الذي اتضح لاحقاً انه كان تحالفاً تكتيكياً مؤقتا لتحقيق مرادهم منه وتحييده عن الصراع آنذاك، نظرا لامتلاكه ترسانة مسلحة وقاعدة جماهيرية وحاضنة شعبية قبلية، وعندما نجحوا في إضعافه وتمكنوا منه لم يوفروه، بل قتلوه مباشرة..!!

غالبية تلك القوائم التي خرجوا بها من صعدة للثأر من اصحابها؛ كانوا من الإخوة الإصلاحييين، الذين تم التنكيل به، ونالهم أذى الحوثيين مباشرة في أنفسهم وأسرهم وأموالهم ومنازلهم، والذي تمكن من الهروب منهم؛ استأسد وتقمص دور الجلاد كما تقول القاعدة المعروفة في علم النفس، واختلق المبررات الأيديولوجية الدينية لتجييش اليمنيين جميعاً والإقليم، بل والعالم أجمع ضد خصمه (الحوثيين)، وبدلاً من أن يكونوا الخصم الرئيسي ويواجهوه في صنعاء يوم 21 سبتمبر 2014، أحسوا بالمؤامرة عليهم فآثروا الانسحاب بعد انسحاب الجنرال علي محسن الأحمر من الفرقة الأولى مدرع ولجوئه إلى السفارة السعودية، وقالوا لسنا الدولة، وهي الحسنة التي حملها لهم سكان صنعاء حيث جنبوها الدمار في حال المواجهة آنذاك..

بعد خروجهم من اليمن وانسحابهم للرياض، كانوا الحزب الوحيد الذي أصدر بياناً رسمياً لتأييد الحرب على اليمن، وأصبحوا خصماً ضمن عدة خصوم؛ محليين واقليميين..
تولى الاخوة الاصلاحيين دفة القيادة اليمنية لخصوم الحوثيين في ظل ضعف الرئيس هادي الفاقد للحاضنة السياسية، فشكلوا المقاومات المتعددة برئاسة رجالهم في غالبية محافظات اليمن (الحنق والبكري والمخلافي والعرادة والعكيمي وغيرهم)، وحصلوا على الدعم المادي والعسكري المباشر وغير المباشر، وأصبحوا بقياداتهم وقواعدهم وإمكانياتهم الإعلامية والغرف الإليكترونية رأس الحربة في التحريض، ونفخ الكير ورفض السلام وإيقاف الحرب، بل ورفض أي حلول او تسويات سياسية بمبررات دينية أيديولوجية مذهبية، وعملوا جاهدين على إذكاء الطائفية بين مكونات المجتمع اليمني كالهاشميين والقحطانيين والعباهلة والأقيال وغيرها، واستدعاء شواهد تاريخية ومغالطات سياسية عن نظام الحكم الذي انتهجه أسلاف الحوثيين قبل الف سنة..!!

الشاهد أن حربهم التي يخوضونها ضد الحوثيين اليوم في كل الاتجاهات؛ ماهي إلا حرب انتقامية لذواتهم وقياداتهم الذين استهدفهم الحوثي بعنجهيته وأفرط في الانتقام منهم..
استغلوا جراح هادي على ماناله واسرته من الحوثيين، واستغلوا الأجندة والرغبة السعودية المعروفة ضد اليمن، واستخدموا مصطلح الشرعية أسوأ استخدام؛ فوافقوا على تنفيذ أجندة من يريد دمار اليمن بلا قيود، وأصبحوا رأس الحربة للانتقام ممن فجر منازلهم ونكل بهم وشردهم وأراد اجتثاثهم، ولهم كل العذر كبشر، لكن عليهم العتب كدعاه وحاملين للمشروع الإسلامي كما يقولون، والذي يقوم على قاعدة (ولاتعتدوا إنه لايحب المعتدين)، ومايجري منذ ست سنوات باليمن واليمنيين؛ اعتداء ٌ لايقره عقل، ولايجيزه شرع، ولا يقبله ضمير حي..

وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر، أذكر انه لازال الإخوة الإصلاحيون في أحاديثهم ومشاركاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي ،يعيبون على طارق عفاش محاربة الحوثيين بهدف الانتقام لعمه وإخوانه وأولاده المعتقلين لدى الحوثيين وأسرته التي نالها أذاهم وتنكيلهم بها، ويتندرون على أنه خرج من صنعاء كي يحاربهم من المخا، ونسوا أنهم خرجوا من صنعاء لمحاربة الحوثيين من الرياض، وأن مظلوميتهم وطارق واحدة، لكنها الأحقاد التي تعمي الأبصار ولاتصنع المنجزات، والتي تتحكم بالمشهد للأسف الشديد..!!

الملاحظة الأبرز التي يجب أن نركز عليها جميعاً؛ أن الحرب القائمة منذ ست سنوات كلها حرب أحقاد انتقامية، وليس فيها أي شق وطني، والوطن منها بريء، بل إن أحزابنا السياسية قائمة على الأحقاد، والمناكفات السياسية بالفطرة..
عفاش قام بعدة حروب ضد الحوثيين انتقاماً لذاته التي تجاهلها الحوثيين في جامع الهادي بصعدة حينما كان في طريقه للعمرة فرفضوا سماعه ورددوا صرختهم، والإصلاحيون رحبوا بالحوثيين عام 2011 وقالوا إنهم إخوانهم انتقاماً من عفاش؛ الذي تحالف مع الحوثيين 2014 انتقاماً من الإصلاح الذي قاد حراك الساحات، والحوثيين ينتقمون من الإصلاحيين الذين شاركوا بالحروب ضدهم تحت لواء الجنرال علي محسن، واليوم الإصلاحيون ينتقمون من الحوثيين الذين قتلوا قياداتهم، وفجروا منازلهم، والحوثيون ينتقمون من كل الأطراف التي حاربتهم من 2004 وحتى اليوم، وماخفي أعظم في دائرة الاحقاد والانتقام المنظّم بين القوى اليمنية..!!
أما العدوان الخارجي ممثلاً في السعودية والإمارات، فلهم أجنداتهم الخاصة بهم (السياسية والاقتصادية) ويحاربون لتنفيذها؛ وليس من أجل سواد عيون اليمنيين، أو شرعية الرئيس هادي كما يقولون..

باختصار شديد..
رحم الله الثائر العظيم نيلسون مانديلا الذي قال :عقلية الثأر لاتبني دولة، في حين عقلية التسامح تبني أمم..
الأحقاد تقتل اليمنيين وتدمّر اليمن وتقضي على مستقبله..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى