مقالات

تقرير لجنة التحقيق الدولي يكفي لمحاسبة نظام بشار

د. محمود سليمان

أكاديمي سوري، دكتوراة في القانون الدستوري.
عرض مقالات الكاتب

بينما العالم مشغول بمحاربة بفيروس كورونا الذي قتل مئات أو عشرات الألاف في كل دولة، يستمر نظام بشار الأسد بقتل واعتقال أكثر من مليون سوري، وقد هجّر نصف الشعب من الذين طالبوا بالعيش بحرية وكرامة.
فقد صدر بتاريخ 4/8/2020 تقرير لجنة التحقيق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والذي يعتبر الخطوة الأولى والأكثر أهمية لوضع نظام بشار الأسد على طريق محاسبة مجرمي الحرب والجرائم ضد الانسانية .
هذه اللجنة التي تم تشكيلها بالاجتماع الإستثنائي للمنظمة بتاريخ 27/06/2018 المكلفة بتحديد هوية مرتكبي إستخدام السلاح الكيماوي وتقديم تقريرها إلى المكتب التنفيذي للمنظمة وإلى الأمين العام للأمم المتحدة،وأكدت اللجنة في تقريرها على مسؤولية نظام بشار أسد عن ثلاث هجمات بالسلاح الكيماوي التي وقعت باللطامنة وقتل أكثر من مئة إنسان من أهلها وأحدها لمشفى اللطامنة بتاريخ 24/25/30/2017 وذكرت اللجنة بشكل واضح أن هذه الهجمات لايمكن أن تتم إلا بأمر من أعلى سلطة في القوات العسكرية للنظام السوري،علماً أن هذا التقرير لم يكن الأول الذي يحمل النظام مسؤولية إستخدام السلاح الكيماوي ،بل هناك تقارير سابقة من خلال الآلية المشتركة بين مجلس الأمن الدولي ومنظمة حظر السلاح الكيماوي صدرت في عام 2016 وحددت مسؤولية النظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي في ثلاث هجمات في تلمنس بتاريخ 21/4/2014 و قمين وسرمين بتاريخ 16/3/2016.
إن أهمية التقرير الأخير تنبع من الارتباط الوثيق بين لجنة التحقيق، وبين قرار مجلس الأمن 2118 والمرتبط بتوقيع النظام على إتفاقية حظر وإنتاج السلاح الكيماوي ،لأن هذا القرار أوضح بالفقرة 21 أن مجلس الأمن يقرر اتخاذ تدابير بناء على الفصل السابع الذي يجيز استخدام القوة في حال قام النظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي أو خرق إتفاقية حظر إنتاج وإستخدام السلاح الكيماوي.
هذا التقرير يلزم مجلس الأمن القيام بالتدابير الرادعة مباشرة من العقوبات الاقتصادية والقوة العسكرية ودون ضرورة إصدار قرار جديد من مجلس الأمن لتجنب الفيتو الروسي طالما تم خرق القرار 2118 واستخدم السلاح الكيماوي الذي أكدته اللجنة الدولية .
وفي الحقيقة ذلك يتطلب إرادة دولية لمعاقبة النظام السوري ومحاسبته ،وهذا لم يتوفر على مدار تسع سنوات من قيام النظام السوري بكثير من جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية ،والتاريخ يشهد لحالات مماثلة وأحياناً بدون جرائم واضحة و لا بقرارات من مجلس الأمن كما حصل في العراق عام 2003 عندما استند التفسير الأمريكي على جملة العواقب الوخيمة في القرار الدولي في حال لم يمتثل العراق ،بالمقابل هناك قرارات منذ عقود لم يتم تنفيذها ،ولم تستخدم القوة العسكرية ولا العقوبات لتفيذها كالقرارات الخاصة بالكيان الصهيوني القرار 242-338
وبكل الأحوال، تستطيع الدول الكبرى نقل الملف إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت بند(الاتحاد من أجل السلام )للتخلص من الفيتو الروسي المستمر بتعطيل مجلس الأمن لإجهاض أي قرار يدين جرائم نظام بشار أسد.
بالنتيجة علينا عدم التقليل من شأن ذلك التقرير لأنها الخطوة الأكثر جدية التي يمكن أن تضع مجرمي نظام بشار على سكة العدالة الدولية ومحاسبتهم، وعلينا كسوريين الاستفادة واستثمار ذلك التقرير بكل المحافل والمنظمات الدولية و وسائل الإعلام، والمطالبة المستمرة بتنفيذ القرارات الدولية ونتائج لجنة التحقيق الدولية.
تزامن هذا التقرير مع اقتراب تفعيل قانون قيصر ، يحتم على القانونيين السوريين والأحرار في العالم العمل على تجريم هذا النظام الطائفي فالجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، وأن هذا النظام بلا شرعية بل تحول لعصابة سفكت دماء الشعب السوري وفتحت البلاد للغزاة ، وهذا يوجب كما ذكرنا الضغط على الدول الكبرى لنقل الملف للجمعية العامة للأمم المتحدة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى