دين ودنيا

المقالات اللطيفة في تراجم من كان خليفة (13)

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

6- الوليد بن عبد الملك

ولد سنة 50 هـ أو 52 هـ
بويع في شوال سنة 86 هـ
وتوفي سنة 96 هـ وهو ابن 44 عاماً
وكانت ولايته: 10 سنين غير شهور
اسمه ونسبه:
هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، أَبُو الْعَبَّاسِ الْأُمَوِيُّ.
وَأُمُّهُ: أم الوليد ولادة بنت العبَّاس بن حزن بن الحارث بن زهير بن جذيمة العبسي.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسِينَ.
صفاته وسماته الشخصية:
وَكَانَ جَمِيلًا، وَقِيلَ دَمِيمًا، قَدْ شَابَ فِي مُقَدَّمِ لِحْيَتِهِ، وكان طَوِيلا أَسْمَرَ، بِهِ أَثَرُ جُدَرِيٍّ، وَبِمُقَدَّمِ لِحْيَتِهِ شَمَطٌ لَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلا لِحْيَتِهِ غَيْرُهُ، أَفْطَسُ الْأَنْفِ سَائِلَهُ، إِذَا مَشَى تَبَخْتَرَ فِي مِشْيَتِهِ، وَكَانَ أَبَوَاهُ يُتْرِفَانَهُ، فَشَبَّ بِلا أَدَبٍ ، وَكَانَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ. (البداية والنهاية9/ 183)
وَكَانَ جباراً عنيداً. (البداية والنهاية ط إحياء التراث 9/ 185)
ولايته:
وَرَوَى ابْنُ يَحْيَى الْغَسَّانِيّ أَنَّ رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ قَالَ: دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ مَهْمُومٌ، فَقَالَ: فَكَّرْتُ فِيمَنْ أُوَلِّيهِ أَمْرَ الْعَرَبِ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَقُلْتُ: أَيْنَ أَنْتَ عَنِ الْوَلِيدِ؟ قَالَ: إِنَّهُ لا يُحْسِنُ النَّحْوَ. قَالَ: فَقَالَ لِي: رُحْ إِلَيَّ الْعَشِيَّةَ فَإِنِّي سَأُظْهِرُ كَآبَةً، فَسَلْنِي، قَالَ: فَرُحْتُ إِلَيْهِ، وَالْوَلِيدُ عِنْدَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: لا يسوءك اللَّهُ مَا هَذِهِ الْكَآبَةِ؟ قَالَ: فَكَّرْتُ فِيمَنْ أُوَلِّيهِ أَمْرَ الْعَرَبِ، فَلَمْ أَجِدْهُ، فَقُلْتُ: وَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ رَيْحَانَةِ قُرَيْشٍ وَسَيِّدِهَا الْوَلِيدِ! فقال لِي: يَا أَبَا زِنْبَاعٍ إِنَّهُ لا يَلِي الْعَرَبَ إِلا مَنْ تَكَلَّمَ بِكَلامِهِمْ. قَالَ: فَسَمِعَهَا الْوَلِيدُ، فَقَامَ مِنْ سَاعَتِهِ، وَجَمَعَ أَصْحَابَ النَّحْوِ، وَجَلَسَ مَعَهُمْ فِي بَيْتٍ وَطَيَّنَ عَلَيْهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ خرج وَهُوَ أَجْهَلُ مِمَّا كَانَ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ أُعْذِرَ . (تاريخ الإسلام ت تدمري 6/ 498 واللفظ له، البداية والنهاية ط إحياء التراث مختصراً 9/ 183)
وَرَوَى الْعُتْبِيّ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ أَوْصَى بَنِيهِ عِنْدَ الْمَوْتِ بِأُمُورٍ، ثُمّ قَالَ لِلْوَلِيدِ: لا أُلْفِيَنَّكَ إِذَا مِتُّ تَعْصُرُ عَيْنَيْكَ وتحنّ حنين الأمة، ولكن شمّر وائتزر وَالْبَسْ جِلْدَ نَمِرٍ وَدَلِّنِي فِي حُفْرَتِي وَخَلِّنِي وَشَأْنِي، ثُمَّ ادْعُ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، فَمَنْ قَالَ هَكَذَا، فَقُلْ بِالسَّيْفِ هَكَذَا. (تاريخ الإسلام ت تدمري 6/ 498)
بُويِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ بَعْدَ أَبِيهِ بِعَهْدٍ مِنْهُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ، وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِهِ، وَالْوَلِيَّ مِنْ بَعْدِهِ. فاسْتُخْلِفَ بِعَهْدٍ مِنْ أَبِيهِ بَعْدَهُ.
(تاريخ الإسلام ت تدمري 6/ 497، البداية والنهاية ط إحياء التراث 9/ 182)
لَمَّا رَجَعَ مِنْ دَفْنِ أَبِيهِ خَارِجَ بَابِ الْجَابِيَةِ الصَّغِيرِ – وَكَانَ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ وَقِيلَ الْجُمْعَةِ لِلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السنة – لَمْ يَدْخُلِ الْمَنْزِلَ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ – مِنْبَرَ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ بِدِمَشْقَ – فَخَطَبَ النَّاسَ فَكَانَ مِمَّا قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مصيبتنا في أمير المؤمنين (البداية والنهاية 9/ 84)
وكان على شرطته كعب بن حماد، ثم عزله وولى أبا نائل بن رباح بن عبدة الغساني.
مناقبه:
بَانِي جَامِعِ دِمَشْقَ (البداية والنهاية ط إحياء التراث 9/ 182)
وَقَدْ غَزَا الْوَلِيدُ أَرْضَ الرُّومِ فِي خِلافَةِ أَبِيهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ.
وَقَدْ رَأَى سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ وَسَمِعَ أَنَسَ بْنَ مالك لما قدم عليه سأله ما سَمِعَ فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةَ، وَسَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ
وَحَكَى عَنِ الزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِ. (البداية والنهاية ط إحياء التراث 9/ 183)
وَقَالَ اللَّيْثُ: وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وتسعين غَزَا الْوَلِيدُ بِلَادَ الرُّومِ، وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ أَيْضًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: غَزَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَفِي الَّتِي بَعْدَهَا بِلَادَ مَلَطْيَةَ وَغَيْرَهَا، وَكَانَ نقش خاتمه أومن بِاللَّهِ مُخْلِصًا.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنَ أَبِي عَبْلَةَ: الْوَلِيدُ وأين مثله؟ بنى مسجد دمشق، وكان يعطيني قطع الْفِضَّةِ فَأُقَسِّمُهَا عَلَى قُرَّاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
وَقَالَ ضَمْرَةُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي عَبْلَةَ يَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ الْوَلِيدَ وَأَيْنَ مِثْلُ الْوَلِيدِ، افْتَتَحَ الْهِنْدَ والأندلس وَبَنَى مَسْجِدَ دِمَشْقَ، وَكَانَ يُعْطِينِي قِصَاعَ الْفِضَّةِ أُقَسِّمُهَا عَلَى قُرَّاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
وَقِيلَ كَانَ نَقْشُهُ يَا وَلِيدُ إِنَّكَ مَيِّتٌ، وَيُقَالُ إِنَّ آخِرَ مَا تكلَّم بِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
وَكَانَ الْوَلِيدُ جَبَّارًا ظَالِمًا، لَكِنَّهُ أَقَامَ الْجِهَادَ فِي أَيَّامِهِ، وَفُتِحَتْ فِي خِلافَتِهِ فُتُوحَاتٌ عَظِيمَةٌ كَمَا ذَكَرْنَا. (تاريخ الإسلام ت تدمري 6/ 499)
وقد ورد في ولاية الْوَلِيدِ حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَإِنَّمَا هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ يزيد بن عبد الملك كما سيأتي، وكما جاء تقريره في دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ فِي بَابِ الْإِخْبَارِ عَنِ الْغُيُوبِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِدَوْلَةِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَأَمَّا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ هَذَا فَقَدْ كَانَ صَيِّنًا فِي نَفْسِهِ حَازِمًا فِي رَأْيِهِ، يُقَالُ إِنَّهُ لَا تُعْرَفُ لَهُ صَبْوَةٌ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَحَاسِنِهِ مَا صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَوْلَا أن الله قص لنا قصة قوم لوط في كتابه ما ظننا أن ذكراً كان يَأْتِي ذَكَرًا كَمَا تُؤْتَى النِّسَاءُ. (البداية والنهاية ط إحياء التراث 9/ 85)
وفاته:
مات الوليد يوم السبت في النصف من شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين وهو ابن أربع وأربعين، وصلى عليه سليمان. وكانت ولايته عشر سنين غير شهور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى