دين ودنيا

أيجابيات صلاة التراويح في البيوت

بشير بن حسن

مفكر إسلامي
عرض مقالات الكاتب

الذي يترجح بعد علم الله جل في علاه ، أن رمضان هذا العام سنقضيه في بيوتنا ، نظرا لاستمرار انتشار وباء كورونا ، وخطورة وسرعة عدواه ، عافانا الله واياكم ، وبعد تعليق صلاة الجماعة والجمعة في أكثر دول العالم ، لا أظن أننا سنصلي التروايح والقيام في المساجد هذا العام ، وفي ذلك كله خير والله ، حيث أنها إرادة الله و قضاؤه ، وكل ما أتى من عند الله خير ، وإن كنا نراه غير ذلك ، ( لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ  )
وبالمناسبة يجب أن نتأدب مع المولى عز وجل ، وأن لا ننسب إليه إلا خيرا ، وهاهم أنبياء الله ورسله عليهم السلام يعلموننا هذا الأدب ، فهذا نبي الله ابراهيم عليه السلام يقول مثنيا على ربه ( الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80)) فنسب كل شيء الى الله إلا المرض ، نسبه إلى نفسه فقال ( وَإِذَا مَرِضْتُ ) ولم يقل والذي يمرضني !!

وهذا نبي الله أيوب عليه السلام يلجأ إلى ربه بالدعاء فيقول ( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ  ) ولم يقل مسستني !! وفي الآية الأخرى قال تعالى عنه ( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ  ….) .

وهذا نبي الله الخَضِر عليه السلام قال في معرض تأويل تصرفاته ( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا )
ولم يقل فأراد الله ، بالرغم من أنه سيقول في اخر المطاف ؛ (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ) !!

وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان يثني على ربه قائلا ( والخير كله في يديك والشر ليس إليك ) .

وهكذا قال الجن المسلمون ( وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ) فلم ينسبوا الشر إلى الله عز وجل !!

فإذن ما نعيشه كله خير إن شاء الله ،
ومن ذلك قضاء رمضان في البيوت ، بما في ذلك صلاة التراويح ، وذلك على عدة مستويات :

1- الأصل أن صلاة النافلة في البيت أفضل من المسجد، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم ( افضل صلاة المرىء في بيته إلا المكتوبة ) رواه مسلم .
أما عن صلاة التراويح فعامة أهل العلم أن اداءها في المسجد أفضل من أداءها منفردا في البيت ، اللهم إلا أن تؤدى جماعة في البيت فالمشهور من قول مالك والشافعي أنها في البيت أفضل !!
واستدلوا بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم مرارا بأصحابه قيام الليل في بيته ، و ما صلى لهم في المسجد الا ثلاثة أيام وقال لهم إني خشيت أن تفرض عليكم ) رواه البخاري .
وما اجتمع الناس عليها على ما نحن عليه اليوم ألا في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما جمع الناس على أُبيّ بن كعب وتميم الداري رضي الله عنهما .
واستدلوا أيضا بقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر صلوا في بيوتكم ) رواه مسلم .

2 – على مستوى الإخلاص وما أدراكم ما الإخلاص ؟!
سواء كان للإمام أو المأموم ، فإن العمل التطوعي عندما يخفى خير مما لو ظهر في كثير من الأحوال لا في كلها ، يقول الشافعي رحمه الله ( ينبغي أن يكون للعبد خبيئة من العمل الصالح فإن كل ما ظهر للناس كان قليل النفع في الآخرة )
ولا نتغافل أو نتجاهل ما يشوب الإخلاص من الشوائب في هذا العمل أي صلاة التراويح في المساجد :

أ- كالرياء وحب الظهور .

ب – بدعة تقليد مشاهير القرّاء من قبل كثير من الأئمة، وفي ذلك ما فيه من فساد النية ، و التسبب في حبوط العمل !! ناهيكم عن البكاء المتصنّع والنواح المتكلّف ، والعويل المفضوح المُمل !! والأدعية الغريبة !! ( من قبل الكثير من الأئمة لا الكل ) فانتبه للفرق !!

ج- العُجب والغرور الذي قد يعقُب شهود التراويح في المساجد ، والوقوع ربما في الدلّ على الله بالعمل الصالح مما يحبط العمل أيضا ، وفي ذلك يقول بعض السلف ( لأن أبيت نائما وأصبح نادما أحبّ إليّ من أبيت قائما وأصبح معحبا ) !! ويا له من فقه !

د- قطع طمع الأئمة الذين يتقاضون المنح والرواتب لقيامهم بمهمة إمامة الناس في صلاة التراويح – مع أنه جائز – لكنه لا يجوز أن يكون المال هو المقصد الأساسي ، وفرق بين الغاية والوسيلة !!
فليصلها مجانا إذن هذا العام بلا مقابل ، في البيوت كل من تعود أخذ الأجرة عليها !! ومن صبر واحتسب واجتهد وثابر ، رزقه الله من حيث لا يحتسب !!

وهذا الذي ذكرته ليس قدحا في صلاة التراويح في المساجد نفسها وإنما في النيات الفاسدة التي لا يسلم منها الا من سلمه الله تعالى .

3 – على مستوى تعويد الأهل وتشجيعهم على القيام ، وأن يدوي القرآن الكريم داخل بيوتنا بأصواتنا ، وأن نحيي هذه السنة المتروكة ، فإن البيوت عجّت بالمعاصي والذنوب ، و فرت منها الملائكة و حلّت محلها الشياطين الا من رحم الله عز وجل !! فهذه فرصة من ذهب !!

ومن هنا نشجع أنفسنا وإياكم على القيام الكامل لرمضان مع الزوجات والأولاد ، التماسا للأجر ان شاء الله ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) رواه البخاري ومسلم
وهذا لا يشترط فيه أن يكون في المساجد !

كما لا بد من الحرص على تمام القيام مع من يؤم الأسرة ، وهو الأحفظ للقران أو حتى من يقرأ من المصحف فذلك لا بأس به ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ) رواه الترمذي وإسناده صحيح ، ويشمل ذلك كل امام .

اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيك عنا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى