مقالات

جرعة “كورونو-قراطية”: مريدو اﻷسد يبررون غيابه إنه يبحث عن علاج “كورونا”!

فراس العبيد – رسالة بوست

أسهم غياب رأس النظام، بشار الأسد، عن طمئنة “مريديه”، أسوةً بباقي نظرائه في العالم، بسبب انتشار “فيروس كورونا”، إلى ارتفاع حدة التهكم لدى الشارع الموالي، وسط الكثير من التكهنات التي تشير بمجملها إلى أنّه دخل في “حجرٍ جديد” داخل “قصره”!

ورغم أنّ القصة لم تتجاوز السخرية، من غياب اﻷسد، إﻻ أنها دفعت مواقع موالية لطمئنة “مريدي اﻷسد”، الذي أبرزته كالعادة في إطار المناضل الذي لم يألو جهداً للتصدي للفروس المستجد، شأنه في ذلك شأن تصديه ومقاومته التي صدّع بها اﻵذان.

وبررت مواقع موالية، غياب اﻷسد، عن طمئنة مواليه، بأنه يستغل الموقف في اﻷبحاث الطبية، كونه “طبيب عيون”؛ ليجد علاجا لـ”كورونا” سيفاجئ به العالم!!

وبدورها “أجهزة اﻻستخراب/اﻻستخبارات اﻷمنية”، قدمت صورةً للأسد، مرتدياً لباسه الرسمي، دون المريول الطبي اﻷبيض، منكباً على منظار طبي في مختبر، وذيلت الصورة بكلماتٍ تقول؛ “الأسد يبحث عن علاج لكورونا”.. وسقط كالعادة عن المخرج الموالي، أنّ البحث الطبي يستلزم لباس خاص، وكمامات، وغيرها من وسائل الوقاية.

وتصدر موقع “هاشتاغ طرطوس” الموالي، الموقف، ونشر على صفحته في الفيس بوك؛ “الكل يسأل: أين السيد الرئيس؟

لماذا لم يظهر ويخطب ويطمئن شعبه مثل باقي رؤساء العالم؟ هل شعبه لايعنيه حقا؟”.

وتابع الموقع؛ “اتهمه بعض المغرضين بالإهمال والتطنيش وآخرون بالخوف من المرض والحجر الصحي”.

ثم أردف؛ “الحقيقة التي يجهلها الكثيرون أن السيد الرئيس لم تغفل عينه لحظة واحدة منذ أول حالة ذات الرئة “كورونا بالإنكليزي” ظهرت في سوريا.

السيد الرئيس كونه طبيباً يستغل ذلك في البحث عن علاج لمرض الكورونا “ذات الرئة” قبل أن ينتشر بين أفراد شعبه وقد توصل لنتائج هامة سنفاجئ بها العالم بأسره عما قريب”.

وﻻ يشك عاقل في أنّ “اﻷسد” داخل حظر روسي، خشية عملية انقلابية أو استهدافه وقتله.. كما لا يغيب عن ذهن السوريين أنّ عقلية النظام اﻷمنية هي ذاتها في التعامل مع الفيروسات البشرية، كما وصفها اﻷسد نفسه إبان التظاهرات، في توجيه تلك العبارة لمناوئيه ونعتهم بها، وهي ذاتها التي استخدمت اليوم في مناطق سيطرته.. عبر ما يسمى “حجر صحي”.

والراجح أنّ اﻷسد مستفيد من تفشي كورونا، إذ تشير معظم التقارير اليومية الواردة من طرف إعلامه الرسمي، أن البلاد تفتقر إلى “القمح” وبالتالي؛ برزت المشكلة بوضوح في ملف توزيع “الخبز”، فضلا عن باقي المواد الغذائية، بالتالي؛ ليس أمام حكومته من حلول سوى تشتيت اﻷنظار عن “العجز والشلل اﻻقتصادي” إلى “المرض الوبائي”!

ويعاني الشارع في مناطق النظام من “متلازمة الأزمات المعيشية” التي تبدأ بطوابير الخبز وﻻ تنتهي عند حدود الغاز وغيرهوبات واضحاً أنها تجاوزت في حدودها سنوات حرب النظام على معارضيه، خلال محنة “كورونا”.

وواصل اﻹعلام الموالي، تقديم “جرعة كورونو_قراطية” للشارع، بإخراج ضعيفٍ “معتاد”، ونالت في منشوراتها من “هيبة الحكومة”، رابطةً بين “الدولة واﻷسد” في بوتقةٍ واحدة.

وكأنها تريد القول؛ “يا سيادة الرئيس، اتهامك بالتقصير هو اتهام للدولة، فأنت الدولة والدولة أنت” وهو التماهي الذي تصر أجهزة أمن النظام على دسه في صحفها يوميا، كجرعة “غسيل دماغي معتاد”.

وعرجت بعض المواقع والصحف الموالية لحرف النظر عن غياب اﻷسد، إلى اتهام حكومته بالتقصير، وبرزت مناشدات تطالب بإقالة ومحاسبة حكومة خميس.

وتداول موالون نص الرسالة التالي؛ “إلى السيد الرئيس الدكتور بشار حافظ الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية

نحن الشعب العربي السوري نقدم طلبنا بإقالة الحكومة الحالية ومحاسبتها أمام المحكمة الدستورية العليا نظراً للأخطاء الفادحة التي ارتكبتها بحق الوطن والشعب من تجويع وإضعاف لهيبة واقتصاد الدولة.

نقدم طلبنا هذا عبر وسائل التواصل الاجتماعي كوننا نقتدي بقولك؛ يحق لأي شخص أن يعارض الحكومة وسياستها ويطالب بتبديلها لكن لا يستطيع أحد أن يبدل الدولة لأنها حاجة للمجتمع،

بدناااااا تحااااسبوو كل من هاجم المواطن بلقمة عيشوو من افراد الحكومة الفاسدين ومن تجار الازمة وكل من يدعمهم”.

والعنوان اﻷبرز الذي مررته أجهزة اﻷمن يتلخص في الجملة التالية، وهي من أقوال اﻷسد شخصيا؛ “يحق لأي شخص أن يعارض الحكومة وسياستها ويطالب بتبديلها لكن لا يستطيع أحد أن يبدل الدولة لأنها حاجة للمجتمع”… أي؛ “ﻻيحق ﻷحد أن يحاسب رأس السلطة فالدولة هو وهو الدولة”.

ما يعيد إلى اﻷذهن تلك المجادلة القصيرة في مسرحية، “ضيعة تشرين” للراحل “محمد الماغوط”، التي انتهت بالمشهد الذي يقول:

المختار/الراحل نهاد قلعي: لسه كل واحد منكم يتفلسف ويقول انهزمنا انهزمنا، هي ما اسمها هزيمة ولاه.

يسأله مواطن: لكان هي شو؟

يرد المختار: هي نكسة… فكشة… هيك شي.

يقترب أحد المواطنين، الفنان ياسر العظمة، ويهمس في أذن المختار: نحن انتصرنا بدليل أنك عايش، ومختار الضيعة، وكنت أنت المستهدف من الحرامي.

يخاطب المختار الجماهير المحتشدة: مفاجأة وطنية، نحنا منتصرين ومانا حاسين!!

بدهشة واستغراب، يسأل، الفنان أسامة الروماني، نحن منتصرين؟!!

يرد المختار: إي إي، لأن الحرامي ما كان هدفو الكرم، ولا الضيعة، ولا البيادر، كان هدفو الوحيد يشيلني من المخترة وما قدر… لهيك هو المهزوم ونحن المنتصرين ولاه…يلعنك.

ونظام اﻷسد قدّم نفسه بهذا الدور في حربه على معارضيه، ويحاول بسذاجة تمريرها في “ممانعة كورونا”، فالمشهد اليوم، يعيد تركيبة “السيناريو ذاته”، مع فارق الانتقال من خشبة المسرح، إلى الواقع، وكله يندرج تحت بند “التمثيل”.

وحول كل ما سبق يدندن اﻹعلام الموالي ومحللو النظام، بأنّ اﻷسد انتصر على “المؤامرة الكونية”، بدليل أنّ بشار الأسد ما زال حياً ويحكم سوريا.. وسينتصر على “كورونا” بطبيعة الحال!! على مبدأ قياس الشيء بالشيء.

وسواء كانت مؤامرة أم كورونا، فجميعها في حقبة اﻷسد مصطلحات ومفاهيم، يمكن تجييرها لصالحه مخابراتياً، وتفصيلها على مقاسه، حتى وإن كانت النتيجة كارثية، حتى لو كانت مدمرةً للبنية المجتمعية أو النبية التحتية واﻻقتصادية للدولة، فكل تلك استثناءات هامشية؛ طالما بقي “مختار حي المهاجرين” يتربع فوق “عرش القش”، الذي ورثه من أبيه، في زمن “الغياب السياسي السوري”، الذي فرضه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى