مقالات

أميركا والنعومة في محاربة الإرهاب في العراق؟

داود البصري

كاتب وصحفي عراقي
عرض مقالات الكاتب

لعل أكبر خديعة ستراتيجية لما يسمى بالحملة الأميركية لمحاربة الإرهاب في العالم هي تلك الأحداث العجيبة التي تجري في العراق منذ سبعة عشر عاما ، والتي حولت ذلك البلد العربي الذي كان ذات يوم يسمى ( بروسيا العرب) لدوره القومي الكبير إلى مستنقعات وجزر طائفية يعشعش فيها الجهل و الخراب و تنتشر الخرافة بشكل أسطوري وغير مسبوق ، الأمريكان وهم يرعون عملية سياسية عوجاء حشدوا من أجلها وفي سبيلها أحزاب وجماعات و أشخاص كانوا يصنفون ضمن قوائم الإرهاب الدولي فإذا بهم بجرة قلم يتحولون لمقاتلين من أجل الحرية!! في أبشع عملية تزوير في محاضر التاريخ الرسمية!!.. المهم أن أميركا اليوم وهي تعيش التداعيات الخطيرة لإنتشار فايروس كورونا في العمق الأمريكي لا تزال تشهر ولو إعلاميا سيف محاربة الإرهاب في العراق ومحاولة تقليص حجم النفوذ الإيراني في خلايا السلطة العراقية التي هي أصلا صنيعة إيرانية واضحة و مشخصة للجميع ، ففي ظل إنتشار إشاعات واسعة النطاق حول النية الأميركية لتوجيه ضربات عسكرية للعصابات والجماعات الشيعية المسلحة ضمن إطار مايسمى بالحشد الشعبي فإنها إكتفت بتوجيه ضربات محدودة على الشريط الحدودي مع سوريا فيما في تطور ملفت للنظر أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عن تخصيص مكافأة 10 مليون دولار أميركي لمن يدلي بمعلومات تؤدي لإلقاء القبض على القيادي في حزب الله اللبناني ومسؤول الملف العراقي فيه الشيخ محمد كوثراني!!، رغم أن كوثراني بغيره يتحرك بحرية مطلقة في المنطقة الخضراء وفي بيوت المالكي و العامري و الفياض أمام العيون الأمريكية بل وفي ظل حماية جهاز المخابرات العراقية الذي يترأسه المكلف بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة مصطفى الكاظمي!!، طبعا المبلغ المرصود لن يسلم لأحد ولن يناله أحد و إنما هي رسالة مفتوحة لمن يهمه الأمر بأن  قواعد اللعب قد تغيرت جزئيا ولكنها لم تتغير كليا ، فما زال اللعب الأميركي هدفه الرئيس جلب الإيرانيين للمفاوضات وتقليم أظافرهم وليس إقتلاع رؤوسهم ولكن من خلال الساحتين العراقية و السورية وحيث تدفع شعوب المنطقة الثمن في ظل نعومة أميركية وعبر لعبة توم وجيري، الأميركان لو أرادوا تبديل قواعد اللعب وطرد و إستئصال النفوذ الإيراني فالساحة مهيئة لهم بالكامل و لكنهم حينذاك سيفقدون الدجاجة التي تبيض لهم ذهبا و يتوقف إبتزاز دول المنطقة وهو هدف لم يزل بعيد!! فما أرق الأميركان وهم يتتبعون خيوط الإرهاب الإيراني الذي رعوه و أحتضنوه و سلموه أجمل بلدان الشرق القديم… فإن لم تستح إفعل ما شئت!!!…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى