ثقافة وأدب

التناص في الشعر القديم والمعاصر (2)

مأمون الشبلي

باحث وناقد
عرض مقالات الكاتب

والنار في أحجارها مستكنة. فإن كنت ممن يقدح النار فاقدح

ويروى لصريع الغواني:

أنا النار في أحجارها مستكنة. فإن كنت ممن يقدح النار فاقدح

قال المفكر السعودي الراحل عبد الله القصيمي في كتابه ” العرب ظاهرة صوتية “: ” إن العرب ظلوا يتحدثون بضجيج عن أمجادهم وانتصاراتهم الخطابية حتى حسبوا أن ما قالوه قد فعلوه، وأنه لم يبق شيء عظيم لم يفعلوه لكي يفعلوه “.

وحقيقة الأمر أن هذا الكلام صحيح نوعًا ما، وأكثر ما نراه متجسّدًا في إبداع العرب الأول وهو الشعر.

والشعر – كما تعرفون – ديوان العرب، والشعراء ألسنة قومهم ولسان حال المجتمع الناطق أيضًا، ولقد وُضعت قواعد للشعر كباقي العلوم والآداب بعد صدر الإسلام وما هذا إلا تطور طبيعي تفرضه دورة الحياة الطبيعية، فأصبح لدينا مثلًا علم جديد قائم على الشعر ألا وهو العروض

ثم وفي عصور متأخرة برزت دراسات عدة في أبواب كثر كالمحسنات البديعية وعلم البيان والمغاني إلخ، وصارت المؤلفات تُكتب في الشعر بل وربما اُختص شاعر بدراسة نتاجه دون الآخرين، ولعل السرقات الشعرية أشهر ما طُرق في الشعر.

إن أفضلية الشاعر وسبقه يكمنان في قدرته تطوير موروثه الأدبي والمجتمعي واستيعابه، وهذا ما جعل النقاد يتساهلون في أخذ الشعراء من بعضهم ضمن معايير تضبط الأمر، لاسيما أن المعاني كادت أن تُستغرق وأُتي على غالبها، فقال النقاد إن المعاني تقسم إلى:

مشتركة ومُستنبطة ومُخترعة، فنجد مثلًا بعض المعاني موجودة عند كل الناس وشاعت بينهم، وبعضها مقتصرة على فئة دون غيرها، والنادر منها ما كان وليد لحظته.

ولعلي سأعرض لهذا كله وأرجو من الله السداد، وإني إذ أكتب ما أكتب فلا أزعم أن هذا قول فصل، إنما هو عرض حجة ودليل أدفع بهما ما كان موضوع نقاش حول: إغارة المتنبي على بيت دعبل وابن الرومي.

أما بيت المتنبي: يا أعدل الناس إلا في معاملتي. فيك الخصام وأنت الخصم والحكم

فمن ميمية مطلعها: واحرَّ قلباه ممن قلبه شبم. ومن بجسمي وحالي عنده عدم

وبيت ابن الرومي: غدا الدهر لي خصمًا وفي مُحَكَّمًا. فكيف بخصم ضالع وهو الحَكَم

فمن ميمية أيضًا مطلعها: أفيضا دمًا إنَّ الرزايا لها قِيَمْ. فليس كثيرًا أن تَجودا لها بدمْ

وبيت دعبل ورد في كثير من المصادر منفردًا: ولست أرجو انتصافًا منك ما ذرفت. عيني دموعًا وأنت الخصم والحكم

– يقول الجاحظ: ” إن المعاني مطروحة في الطريق يعرفها العجمي والعربي والقروي إنما الشأن في إقامة الوزن وتخيّر اللفظ وسهولة المخرج وكثرة الماء، وفي صحة الطبع وجودة السبك “.

وهذا ما جعل النقاد يستثنون المثل السائر على ألسنة الناس من السرقات الشعرية، كذلك ما اشترك فيه شاعران حالما اتفقا في لفظ معيّن، وقالوا: إذا ما طرق شاعر معنىً لشاعر سبقه نثره في بيتين فجمعه في بيت أو شطر واحد فهذا أخذ محمود، وجعلوه ” اختصارًا للمعنى “، وضربوا على هذا مثلًا قول بشار بن برد عن سلم الخاسر:

يعمد إلى معانيَّ التي أسهر بها ليلي وأتعبت بها فكري فيكسوها لفظًا أخف من لفظي فيُروى شعرُه ويُترَك شعري، والله لا أكلت اليوم ولا صمت. وهذا بعد أن سمع قول سلم:

من راقب الناس مات غمًّا. وفاز باللذة الجسور

وهو من قول بشار:

من راقب الناس لم يظفر بحاجته. وفاز بالطيّبات الفاتك اللهج

وهنا لا يفوتني أن أذكر أمرًا مهمًا، وعلى سيرة بشار بن برد أن ألعن بشارًا ذَنَب الكلب ومن أيّده وسانده ووقف معه ولو بشطر كلمة، وأباه وجده وأمًّا أنجبته وأختًا ناصرته وأخًا عاضده، إي نعم.

وفي شعر المعاصرين قليل من فَعل هذا لكني وجدتُه عند بعض الشعراء، خذوا مثلًا قول الشاعرة حنين العربي:

وتأوي إلى أقصى الفؤادِ غمامةٌ. من الهمّ تهمي كلّما ناحَ ساجعُ

وهو في قول قيس بن الملوح:

إذا هتفت ورقاء في رونق الضحى. على فنن غض النبات من الرند

بكيت كما يبكي الوليد ولم أزل. جليدًا وأبديت الذي لم أكد أُبدي

– يقول ابن طباطبا: ” يحتاج من سلك هذا السبيل إلى إلطاف الحيلة وتدقيق النظر في تناول المعاني واستعارتها حتى تَخفى على نقّادها والبصراء بها وينفرد بشهرتها كأنه غير مسبوق إليها فيستعمل المعاني المأخوذة في غير الجنس الذي تناولها منه فإذا وجد معنى لطيفًا في تشبيب أو غزل استعمله في المديح، وإن وجده في المديح استعمله في الهجاء “

ويقول الجرجاني: ” وحتى لا يغرّك من البيتين المتشابهين أن يكون أحدهما نسيبًا والآخر مديحًا، وأن يكون هذا هجاء وذاك افتخارًا فإن الشاعر الحاذق إذا علق المعنى المختلس عدل به عن نوعه وصنفه وعن وزنه ونظمه وعن رويّه وقافيته فإذا مر بالغبي الغفل وجدهما أجنبيين مُتباعدين، وإذا تأمّلهما الفطن الذكي عرف قرابة مابينهما “.

وقولهما هذا في الباب الثاني وسمّوه نقل المعنى، وهو تغيير معنى البيت وربما أيضًا رويّه ووزنه والقافية، ويضرب الجرجاني على هذا مثلًا بيت أبي نواس:

ملك تصوّر في القلوب مثاله. فكأنه لم يخل منه مكان

الذي أخذه من قول كثير:

أُريد لأنسى ذكرها فكأنما. تَمَثّلُ لي ليلى بكل سبيل

ويشرح الجرجاني: بيت النؤاسي من البحر الكامل بينما نَظَمَ كثير بيته على البحر الطويل، وبيت كثير كان غزلًا بينما جعله النؤاسي مدحًا.

ومن الشعر المعاصر في هذا الباب وجدت قولًا للشاعر مهند حليمة:

أُقَلِّبُ الطّرفَ كُلُّ الكونِ منزِلُها. أنّى اتّجَهتَ تراها الوردَ والحَبَقَا

– يقول الحاتمي: ” إن زيادة الآخذ على المعنى المأخوذ قد تساوي بينهما أحيانًا والأفضلية للسابق لتقدّمه على اللاحق لتأخّره “، ويضرب على هذا مثلًا قول النابغة:

سقط النصيف ولم ترد إسقاطه. فتناولته واتّقتنا باليد

فأخذه الهيثم بن الربيع بن زرارة المعروف بأبي حية النمري فأحسن كل الإحسان لزيادة زادها في قوله:

فأدنت قناعًا دونه الشمس واتّقت. بأحسن موصولين كف ومعصم

ويُكمل: الزيادة في قول الهيثم: دون الشمس، يريد: مثل الشمس، وبقوله: أحسن موصولين، فالهيثم ساوى النابغة بسبب ما تضمنه بيته من الزيادة في المعنى انطلاقًا من المساواة بينهما والمرجح هو السابق زمنيًّا، وهذا المثال فيما سماه النقاد: الزيادة في المعنى، وهو أن يأخذ شاعر معنى شاعر سبقه فيزيد عليه ما يؤكد معناه أو يشرح ما غمض فيه أو يضيف عليه ملامح جديدة، ومثله أيضًا قول الأعشى:

وكأس شربت على لذة. وأخرى تداويت منها بها

و أبو نواس:

دع عنك لومي فإن اللوم إغراء. وداوني بالتي كانت هي الداء

ورأيتُ مثل هذا في شعر اليوم قول الشاعر عبد المجيد الفريج:

ثَلاثَةُ أشْياءٍ تُكَدِّرُ عِيشَتيْ. وأجْهَلُ لو تُروَى إلَيَّ وأغْضَبُ

صَديقٌ يَرَى أنِّي أمِنتُ لِقَولِهِ. فَيَسْرِقُ مَابيْ مِنْ أمَانٍ ويَكْذِبُ

وَصَاحِبَةٌ إذْمَا جَفَانَا زَمانُنا. وَقَدْ كَانَ رَغْدًا مِنْ وَلائِيَ تَهْرُبُ

وَ هَجريْ لِأرضٍ مَا حَيِيْتُ أُحِبُّهَا. بِهَا كُلُّ أشْكالِ الحَياةِ تُخَرِّبُ

وهي في بيتي زهير بن أبي سلمى:

ثلاث يعزُّ الصبر عند حلولها. ويَذهل عنها عقل كل لبيب

خروج اضطرار من بلاد تُحبّها. وفُرقة خلان وفقد حبيب

– يقول ابن طباطبا: ” إذا تناول الشاعر المعاني التي سبق إليها فأبرزها في أحسن من الكسوة التي عليها لم يعب بل وجب له فضل لطفه وإحسانه “، ويضرب مثلًا على قوله بيت أبي نواس:

وإن جرت الألفاظ منّا بمدحة. لغيرك إنسانًا فأنت الذي نعني

أخذه من قول الأحوص:

متى ما أقُل في آخر الدهر مدحة. فما هي إلا لابن ليلى المُكرَّم

ويجعل ابن طباطبا هذا في باب: الإجادة في الصياغة، وهي أن يأخذ الشاعر معنى سُبق إليه فيُعيد صياغته بحسن لفظ وإجادة تصوير، وقد جعل أبو الحسن القرطاجني هذا شرطًا لتناول شاعر معان لمن سبقه فقال:

” فأما المعاني النفيسة إضافة إلى كثرة غيرها فما كان في هذه الصفة فلا تسامح في التعرّض إلى شيء منها إلا بشروط منها: أن ينقله إلى موضع أحق به من الموضع الذي هو فيه، ومن ذلك أن يقلبه ويسلك به ضد ما سلك الأول، ومن ذلك أن يركّب عليه عبارة أحسن من الأولى وذلك كتحسين الشمّاخ بن ضرار الغطفاني العبارة عن معنى قول بشر بن أبي خازم:

إذا ما المكرمات رُفِعنَ يومًا. وقصّر مُبتغوها عن مداها

وضاقت أذرع المثرين عنها. سما أوس إليها فاحتواها

فجاء الشمّاخ بعبارة أحسن من هذه وأوجز حيث يقول:

إذا ما راية رُفعَت لمجد.تلقّاها عَرابَة باليمين

ومن مثله في شعر اليوم قول الشاعرة صفية الدغيم:

تيمَّمَ من أديمِ الأرض فجرًا. وصلّى في جنانِ الخلدِ عَصرا

و بيت أبي تمام:

تَرَدّى ثياب الموت حُمرًا فما أتى. لها الليل إلّا وهي مِن سندس خُضر

وقول الشاعرة صافي أحمد:

لم أبك يوما ولكن العيون بها. قذىً من الهجر أو آثار تهجير

وهو في قول الخنساء:

قذى بعينك أم بالعين عوّار. أم ذرّفت إذ خلت من أهلها الدار

وقول الشاعرة عفاف عطالله:

لوقلتُ شعري في الجبال تصدّعت. أو كان في صخرٍ أصمّ تشقّقا

وهو في بيت الصمة القشيري:

فقالت بلى والله ذكرًا لو انه. يصبُّ على صم الصخر الأصم تصدّعا

– يقول ابن وكيع: ” يُقسَم التوليد في المعنى إلى قسمين: توليد كلام من كلام لفظهما مفترق ومعناهما متفق “، وضرب مثلًا على قوله بيت أبي تمام:

لأمرٍ عليهم أن تتم صدوره. وليس عليهم أن تتم عواقبه

وقول رجل من العرب:

غلامُ وغىً تقحّمها فأودى. وقد طحنته مِرداة طَحون

فإن على الفتى الإقدام فيها. وليس عليه ما جنت المنون

كذلك قول النؤاسي:

يا قمرًا لنصف من شهرنا. أبدى ضياءً لثمانٍ بقينَ

وهو في قول قيس بن الخطيم:

تصدّت لنا كالشمس تحت غمامة. بدا حاجب منها وضنّت بحاجب

– يقول العسكري: ” قُبح الأخذ أن تعمد إلى المعنى فتتناوله بلفظه كله أو أكثره أو تُخرجه في معرض مستهجن والمعنى إنما يحسن بالكسوة “، ومن ذلك إطالة المعنى كقول دعبل الخزاعي:

هجرتُك لم أهجركَ من كفر نعمة. وهل يُرتجى نيل الزيادة بالكفر

ولكنني لمّا أتيتك زائرًا. وأفرطتَ في برّي عجزتُ عن الشكر

وإنما البيتين من بيت أبي نواس:

لا تُسديَنَّ إليَّ عارفة. حتى أقوم بشكر ما سلفا

ومن قبح الأخذ أيضًا التقصير وعدم استيفاء المعنى، وذلك ما عدّه ابن وكيع حذف الشاعر ما هو من تمامه ويضب مثلًا قول حسان:

ونشربها فتتركنا ملوكًا. وأُسدًا ما يُنهنهنا اللقاء

ونجده في بيتي عنترة:

فإذا شربتُ فإنني مُستهلِكٌ. مالي وعرضي وافرٌ لم يُكلَمِ

وإذا صحوتُ فما أُقصّر عن ندى. وكما علمتِ شمائلي وتَكرُّمي

ويُعلل ذلك بقوله: وصف عنترة الحالين صحوًا وسُكرًا بينما أفرد حسان الإخبار عن حال السكر دون الصحو، فقد يُظن بهم البخل إذا صحوا، لأن من شان الخمر تشجيع الجبان وتسخية البخيل.

– يقول الجرجاني: ” أخذ المعنى والوزن والقافية، أقبح ما يكون من السرق لأنه يدل على نفسه باتفاق المعنى والوزن والقافية “، وقال ابن الأثير: ” كمن سرق جوهرة من طوق أو نطاق ثم صاغها في مثل ما سرقها منه والأولى أن كان نظم تلك الجوهرة في عقد أو صاغها في سوار أو خلخال ليكون أكتم لأمرها وليس في السرقات الشعرية أقبح من هذه السرقة فإنه لم يكتف الشاعر فيها بأن يسرق المعنى حتى ينادي نفسه أنه قد سرق “.

ومن مثال أخذ اللفظ والمعنى قول امرئ القيس وطرفة: وقوفًا بها صحبي عليَّ مطيَّهم. يقولون لا تهلك أسى وتجلد

وعن هذا قال الجاحظ: عقول رجال توافت على ألسنتها.

وقال المتنبي: الشعر جادة وربّما وقع الحافر على الحافر.

وظهر مصطلح آخر هو النسخ أو الاهتدام، وضربوا مثالًا عليه قول النجاشي الحارثي:

وكنت كذي رجلين رجل صحيحة. ورجل رمت فيها يد الحدثان

وقول كثير:

وكنت كذي رجلين رجل صحيحة. ورجل رمى فيها الزمان فشُلّتِ

وقول حبيب بن أوس الطائي:

فسواء إجابتي غير داع. ودعائي بالقفر غير مجيب

الذي نسخه البحتري فقال:

وسألتُ من لا يستجيب فكنت في اسـ. ـتخباره كمجيب من لا يسأل

ومصطلح آخر استخدمه ابن قتيبة هو السلخ، أي أن يسلخ المعنى ويزيد عليه، وعرّفه ابن الأثير بأخذ بعض المعنى، وهذا ماسماه القزويني بالإلمام، وضرب ابن قتيبة عليه مثلًا قول الأعشى:

وكأس شربت على لذة. وأخرى تداويت منها بها

فقال أبو نواس:

دع عنك لومي فإن اللوم إغراء. وداوني بالتي كانت هي الداء

بينما لا يرى العميدي ضرورة الزيادة على المعنى المأخوذ ويضرب على ذلك مثلًا قول ابراهيم بن عيسى:

من لم يُعنكَ على المَقا. م فقد أعان على الرحيل

والذي سلخه المتنبي بقوله:

إذا ترحّلت عن قوم وقد قدروا. أن لا تُفارقهم فالراحلون هم

وهناك المسخ، وقد ذكره المرزباني وابن العميدي، واستشهدا المرزباني بقول بشار بن برد:

جفّت عيني عن التغميض حتى. كأن جفونها عنها قِصار

الذي أخذه كلثوم بن عمرو العتابي فمسخه بقوله:

في مآقيَّ انقباض عن جفونهما. وفي الجفون عن الآماق تقصير

وقول بشار بن برد أيضًا:

وليس الذي يجري من العين ماؤها. ولكنها نفس تذوب فتقطر

والذي هو في قول ديك الجن:

ليس ذا الدمع من عيني ولكن. هي نفسي تُذيعها أنفاسي

ومن ثم في قول ابن دريد الأزدي:

لا تحسبي دمعي تحدّر إنما. نفسي جرت في دمعي المتحدّر

الذي مسخها كلها المتنبي بقوله:

أشاروا بتسليم فجُدنا بأنفس. تسيل من الآماق والسم أدمع

أما ابن العميدي فذكر المسخ معلّقًا على بيت منصور بن سلمة النمري:

وإذا عفوت عن الكريم مَلَكْتَه. وإذا عفوت عن اللئيم تجرّما

وقول المتنبي:

إذا أنت أكرمت الكريم مَلَكْتَه. وإن أنت اكرمت اللئيم تمرّدا

أما عن البيت الآخر الذي ذُكر من شعر المتنبي ومن نفس القصيدة: وما انتفاع أخي الدنيا بناظره. إذا استوتْ عنده الأنوار والظُّلمَ

فلنقرأ لمعقل العجلي:

إذا لم أميز بين نور وظلمة. بعينيّ فالعينان زورٌ وباطل

ولمحمد بن أحمد بن أبي مرّة المكي:

إذا المرء لم يدرك بعينيه ما يُرى. فما الفرق بين العُمى والبصراء

وإني إذ عرضتُ ما قاله النقاد وبعض أهل اللغة في السرقة الشعرية وأبوابها، وبعد أن عدت كثيرًا لما قيل وكُتب في أمات الكتب، ما وسعني إلا أن أقول قولًا واحدًا: لقد أغار المتنبي على بيتي دعبل وابن الرومي إغارة واضحة جلية لا لبس فيها، وإن كان القول بتقديم جمالية بيت على آخر هو أمر يُختلف فيه ولا ضير في ذلك، فكل يرى الجمال من منظور خاص به، إلا أنه يبقى جمالا.

أختم معكم ببعض العذوبة وكلام سهل، ممتنع، عَذْب لنزار قباني، ذكرني به نص رائع للشاعر عمر هزاع، قال نزار:

إني أُحبكِ عندما تبكينَ. وأحبُّ وجهكِ غائمًا وحزينا

الحزن يصهُرنا معًا ويذيبنا. من حيث لا أدري ولا تدرينا

تلك الدموع الهاميات أحبها. وأحب خلف سقوطها تشرينا

بعض النساء وجوههن جميلةٌ. وتصيرُ أجملَ عندما يبكين

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى