دين ودنيا

رد محمد عبد الحي عوينة على د. حلمي حول اشتراط حولان الحول لوجوب الزكاة

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

هذه رسالة وصلتني بعنوان: هل يشترط حولان الحول لوجوب الزكاة ؟
رد فيها الكاتب قول المذاهب الأربعة، وصحح القول الذي رده التابعين والأئمة، وهذا نص رسالته، ثم ردي عليه
نص الرسالة
هل يشترط حولان الحول لوجوب الزكاة ؟
لابدّ هنا من تفصيل :
الأموال من حيث اشتراط الحول ثلاثة:
أولا : أموال لا يشترط حولان الحول لوجوب الزكاة فيها بإجماع العلماء مثل :
زكاة الزروع والثمار ،وتجب يوم الحصاد فورًا ولا يشترط حولان الحول لوجوب الزكاة فيها لقوله تعالى : { وآتوا حقه يوم حصاده }
ومن الأموال التى لا يشترط حولان الحول فيها بإجماع العلماء أيضا زكاة المعادن المستخرجة من الأرض كالذهب والفضة والحديد وغير ذلك من المعادن، فتجب الزكاة فيها يوم استخراجها من الأرض فورًا، ولا يشترط حولان الحول بالاجماع
ثانيا : أموال يشترط فيها حولان الحول بالاجماع
وهو المال الذى أديت زكاته ، فلا تجب فيه الزكاة مرة أخرى إلا بعد مرور عام هجري ، لآن الزكاة لاتجب فى المال الواحد أكثر من مرة فى العام
ثالثا : أموال مختلف في اشتراط الحول لوجوب الزكاة فيها
وهو المال المستفاد ، يعنى المال الذى اكتسبته ببيع أو شراء او هبة أو ميراث أو غير ذلك من اسباب التملك المشروعة
فالمشهور لدى العامة أن الزكاة لا تجب فى هذا المال الا بعد حولان الحول بالإجماع، ولكن الصحيح أنه لا إجماع فى هذه المسالة.
نعم هذا راي جمهور الفقهاء أن الزكاة لا تجب فى هذا المال إلا بعد حولان الحول، لكن الرأي الصحيح أن الزكاة تجب في هذا المال على الفور ، ولا يشترط لها حولان الحول ، وقال بهذا الراي من الصحابة : حبر الأمة وترجمان القران عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن مسعود عميد حملة القرآن وكبير فقهاء الإسلام ، ومعاوية بن أبي سفيان كاتب وحى رسول الله صلى عليه وسلم ، وممن قال بهذا من التابعين عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين ، والحسن البصرى ، والزهري ، وقال بهذا ايضًا جعفر الصادق والباقر ، وهو مذهب داوود بن علي وغيرهم
وهذا هو الصحيح، لأن الأحاديث والآثار التي استدل بها الرأي الأول والتي فحواها { لا زكاة فى مال حتى يحول عليه الحول } هي أحاديث وآثار ضعيفة ، ولكن العلامة الألباني قد صحح بعضها ، وعلى فرض ان بعضها صحيح فهو محمول على أنه لا زكاة فى مال أديت زكاته حتى يحول عليه الحول،وأيضًا فإن هذه الآثار تعارض النص القرآني المحكم، وهو قوله تعالى { وآتوا حقه يوم حصاده } فالقرآن يوجب الزكاة على الفور ، ولا حجة لدى اصحاب الراى الأول صحيحة للتفريق بين مال ومال
وأيضًا هذا ما يوجبه عدل الإسلام، لأن القول باشتراط حولان الحول فى المال المستفاد من بيع أو شراء أو هبة أو ميراث يوجب الزكاة على الفقير، ولا يوجبها على الغنى ، وبيان ذلك :
لو أن رجلاً كسب مليار دولار ، وقبل مرور الحول انفقها ، فلا زكاة عليه ، على القول باشتراط الحول .
ولو أن رجلاً آخر كسب عشرة آلاف دولار ، وادخرها عامًا ، لنفقة أمه المريضة ، أو ليزوج بنتًا فقيرة ، فعليه زكاة على القول الأول ، وهذا خلاف مقصود الزكاة تمامًا ، فالقول الأول أوجب الزكاة على الفقير، ولم يوجبها على الغني ، وهذا ما يجعل قول الجمهور ضعيفًا ومرجوحًا.
ويؤكد صحة قول ابن عباس ومن معه بوجوب الزكاة على الفور ،وعدم اشتراط الحول لوجوبها.
والله اعلم.
الــــــــرد
أما قوله: لأن الأحاديث والآثار التي استدل بها الرأي الأول والتي فحواها { لا زكاة فى مال حتى يحول عليه الحول } هي أحاديث وآثار ضعيفة ، ولكن العلامة الألباني قد صحح بعضها.
هذا يوهم أن تلك الآثار لم يصححها إلا الألباني، وهذا خطأ واضح وتلبيس فاضح، وبيان ذلك في الآتي:
سنن ابن ماجه ت الأرنؤوط (3/ 12) 5 – بَابُ مَنْ اسْتَفَادَ مَالًا
1792 – حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِي، حَدّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدّثَنَا حَارِثَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ: “لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ”.
قلت: هذا إسنادٌ ضعيف لضعف حارثة بن محمَّد، وهو ابن أبي الرجال، لكن الحديث صحيحٌ لغيره.
الآثار لأبي يوسف (ص: 88)
432 – قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنْ كَانَ لَكَ مَالٌ تُزَكِّيهِ فَأَصَبْتَ مَالًا قَبْلَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، فَزَكِّهِ مَعَهُ إِذَا حَالَ الْحَوْلُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ مَالٌ، فَلَا تُزَكِّهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مُذْ يَوْمِ أَصَبْتَهُ»
موطأ مالك رواية أبي مصعب الزهري (1/ 252)
640 – حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: لاَ تَجِبُ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.
قلت: هذا صحيح موقوف، وله حكم الرفع فليس هذا يُقال من قِبَلِ الرأي، كما أنه يوافق لفظ المرفوع
سنن الترمذي ت شاكر (3/ 17) قال الألباني: صحيح الإسناد موقوف وهو في حكم المرفوع.
632 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «مَنْ اسْتَفَادَ مَالًا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ عِنْدَ رَبِّهِ». وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. وَرَوَاهُ أَيُّوبُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، مَوْقُوفًا. ……. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ لَا زَكَاةَ فِي المَالِ المُسْتَفَادِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ وَبِهِ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: إِذَا كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ سِوَى الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ – مَالٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ – لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي المَالِ المُسْتَفَادِ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ، فَإِنْ اسْتَفَادَ مَالًا قَبْلَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ، فَإِنَّهُ يُزَكِّي المَالَ المُسْتَفَادَ مَعَ مَالِهِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَهْلُ الكُوفَةِ
سنن الترمذي ت شاكر (3/ 16) قال الألباني: صحيح
631 – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ صَالِحٍ الطَّلْحِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ اسْتَفَادَ مَالًا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ عِنْدَ رَبِّهِ» وَفِي البَابِ عَنْ سَرَّاءَ بِنْتِ نَبْهَانَ
سنن أبي داود (2/ 100) قال الألباني: صحيح
1573 – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَسَمَّى آخَرَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، وَالْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ أَوَّلِ هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: «فَإِذَا كَانَتْ لَكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ – يَعْنِي – فِي الذَّهَبِ حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا، فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ، فَمَا زَادَ، فَبِحِسَابِ ذَلِكَ»، قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَعَلِيٌّ يَقُولُ: فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، أَوْ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، إِلَّا أَنَّ جَرِيرًا، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ «يَزِيدُ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ»
السنن الكبرى للبيهقي (4/ 160) بَابُ لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ
7273 – أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي , وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي , قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَكَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَسُمِّيَ آخَرُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمَذَانِيِّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، وَالْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ” هَاتُوا لِي رُبْعَ الْعُشُورِ “. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ إِلَّا أَنَّ جَرِيرًا قَالَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” وَلَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ “
7274 – أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ قَالَا أنبأ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّمَّاكِ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ، ثنا أَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ , ثنا حَارِثَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا , قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ “. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَهُرَيْمُ بْنُ سُفْيَانَ وَأَبُو كُدَيْنَةَ عَنْ حَارِثَةَ مَرْفُوعًا. وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَارِثَةَ مَوْقُوفًا عَلَى عَائِشَةَ , وَحَارِثَةُ لَا يُحْتَجُّ بِخَبَرِهِ , وَالِاعْتِمَادُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْآثَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.
سنن الدارقطني (2/ 467)
1887 – حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الْحَلَبِيُّ , ثنا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْوَرَّاقُ , ثنا أَبُو التَّقِيِّ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ , ثنا بَقِيَّةُ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا زَكَاةَ فِي مَالِ امْرِئٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ». رَوَاهُ مُعْتَمِرٌ وَغَيْرُهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مَوْقُوفًا
مسند الشافعي – ترتيب السندي (1/ 225)
619- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن ابنِ عُمَرقال: -لا يجبُ في مالٍ زكاةٌ حَتى يَحُولُ عَليهِ الْحَوْلُ (المراد بالحول هنا العام الهجري وقد أفهم من الحديث أن حولان الحول شرط لإيجاب الزكاة في المال نقداً كان أوماشية وظاهر الحديث أن يحول الحول على النصاب كاملا فإن نقص أثناء السنة لا تجب الزكاة وهو مذهب الجمهور وقال الحنفية تجب الزكاة وأن نقص النصاب في أثناء العام) .
من صحح هذه الآثار قبل الألباني
العراقي في تخريج أحاديث الإحياء = المغني عن حمل الأسفار (ص248)
حَدِيث «لَا زَكَاة فِي مَال حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول» أخرجه أَبُو دَاوُد من حَدِيث عَلّي بِإِسْنَاد جيد وَابْن مَاجَه من حَدِيث عَائِشَة بِإِسْنَاد ضَعِيف.
وقال الحافظ ابن حجر في “التلخيص الحببر” 2/ 156: حديث علي لا بأس بإسناده، والآثار تعضُده فيصلحُ للحُجَّة، وحَسنه الحافظ الزيلعي في “نصْب الراية” 2/ 328، ونقل عن النووي قوله في “خلاصة الأحكام”: وهو حديث صحيح أو حسن.
وكل العلماء الذين احتجوا بهذه الأحاديث يصححونها لأن الإحتجاج بها فرعٌ عن تصحيحها.
أما قوله: هذا راي جمهور الفقهاء أن الزكاة لا تجب فى هذا المال إلا بعد حولان الحول
فنقول ليس هذا قول الجمهور بل هو مذهب الأئمة الأربعة، فهو إجماع منهم، ولن نطيل البحث بنقل قول المذاهب الأربعة.
ثم قال: لكن الرأي الصحيح أن الزكاة تجب في هذا المال على الفور ، ولا يشترط لها حولان الحول ، وقال بهذا الراي من الصحابة : حبر الأمة وترجمان القران عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن مسعود عميد حملة القرآن وكبير فقهاء الإسلام، ومعاوية بن أبي سفيان كاتب وحى رسول الله صلى عليه وسلم ، وممن قال بهذا من التابعين عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين ، والحسن البصرى ، والزهري ، وقال بهذا ايضًا جعفر الصادق والباقر ، وهو مذهب داوود بن علي وغيرهم.
وهذا عجيب منه، فلا يجوز عند أهل العلم تقليد غير الأربعة، فضلا عن تصويب قول غيرهم، وتخطئة الأربعة مجتمعين.
أما حجته بأن هذا قول ابن عباس وابن مسعود ومعاوية، فقد خالفهم باقي الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين،
ففي المحلى بالآثار (4/ 42)
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ: يُزَكِّيهِ حِينَ يَسْتَفِيدُهُ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ. وَقَدْ بَيَّنَ هَذَا عَطَاءٌ: وَهُوَ أَكْبَرُ أَصْحَابِهِ.
وفيه أيضاً (4/ 85)
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: لَا يُزَكَّى حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ: تَعْنِي الْمَالَ الْمُسْتَفَادَ وَبِهِ إلَى سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: مَنْ اسْتَفَادَ مَالًا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.
وفيه (4/ 197)
وَمِمَّنْ صَحَّ عَنْهُ: لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ حَوْلٌ -: عَلِيٌّ، وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَابْنُ عُمَرَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابٍ ذِكْرِنَا أَوْلَادَ الْمَاشِيَةِ؟
وفي الأم للشافعي (2/ 18) [بَابُ الْوَقْتِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ]أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَخَذَ مِنْ الْأَعْطِيَةِ زَكَاةً مُعَاوِيَةُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): الْعَطَاءُ فَائِدَةٌ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.
وفي الحاوي الكبير للماوردي (3/ 88)
قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ يَتَكَامَلُ نَمَاؤُهُ بِوُجُودِهِ، وَقِسْمٌ لَا يَتَكَامَلُ نَمَاؤُهُ إِلَّا بِمُضِيِّ مُدَّةٍ بَعْدَ وُجُودِهِ، فَأَمَّا مَا يَتَكَامَلُ نَمَاؤُهُ بِوُجُودِهِ فَمِثْلُ الزَّرْعِ وَالثَّمَرَةِ، فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ إِجْمَاعًا، وَعَلَيْهِ أَدَاءُ زَكَاتِهِ بعد حصاد زرعة، ودياسه، وجداد ثمرته، وجفافها، والتزام المؤن فيها؛ وما لا يتكامل نماؤه إلا بمضي مدة بعد وجوده، فمثل المواشي والحكم فِيهَا وَفِيمَا أُرْصِدَ لِلنَّمَاءِ مِثْلُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَعُرُوضِ التِّجَارَاتِ وَاحِدٌ، لَا زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَكَافَّةِ التَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ.
وَقَالَ عَبْدُ الله بن عباس: إذا استفاد مالاً بهبة، أو بميراث أَوْ بِالْعَطَاءِ لَزِمَتْهُ زَكَاتُهُ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ يُعْتَبَرُ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُزَكِّي الْعَطَاءَ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ، قَالَا، لِأَنَّ نَمَاءَ ذَلِكَ مُتَكَامِلٌ بِوُجُودِهِ فَلَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى حَوْلٍ كَالرِّكَازِ وَغَيْرِهِ.
وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِمَا رِوَايَةُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم – قال: ” لا زكاة على مالٍ حتى يحول عَلَيْهِ الْحَوْلُ “.
وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم – قَالَ: ” لَيْسَ فِي الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ “.
فانظر غفر الله لي ولك إلى قوله: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَكَافَّةِ التَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ.
وفي شرح الرسالة للبغدادي المالكي (1/ 333)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس من مال زكاة حتى يحول عليه الحول”.
وروى مالك عن محمد بن عقبة عن القاسم بن محمد قال: كان أبو بكر رضي الله عنه لا يأخذ عن مال زكاة حتى يحول عليه الحول.
وروى مثله عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وروى مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا تجب في مال زكاة حتى يحول عليه الحول.
ولا خلاف في ذلك إلا ما حكى عن ابن عباس وابن مسعود فيمن ورث مالا أن عليه الزكاة حال ما ورثه من غير اعتبار بحلول الحول عليه.
واستدل لهذا القول بأنه مال مستفاد من غير عوض؛ فلم يعتبر فيه حلول الحول.
دليله: المعدن والثمار والزروع.
والأصل في هذا قوله صلى الله عليه وسلم: “لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول”.
وروى: من استفاد مالا فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول”.
ولأنه مال مستفاد من مالك متعين تتكرر في عينه الزكاة؛ فأشبه ما يملك بعوض.
فأما المعدن: فإنه مشبه بالزرع.
الذخيرة للقرافي (3/ 32)
النَّظَرُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْوُجُوبِ
وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الْحَوْلُ وَيُسَمَّى حَوْلًا لِأَنَّ الْأَحْوَالَ تَحُولُ فِيهِ …. وَأَصْلُ شَرْطِيَّتِهِ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ لَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول وشرطية مُخْتَصَّةٌ بِالنَّقْدِ وَالْمَاشِيَةِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (الْأَنْعَام6) وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّرْعَ حَصَلَ نَمَاؤُهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا يَحْصُلُ فِيهِمَا بِمُجَرَّدِ حُصُولِهِمَا فِي الْمِلْكِ وَيُسْتَثْنَى مِنَ النَّقْدَيْنِ الْمَعْدِنُ وَالرِّكَازُ لِعِلَلٍ تَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
أما قوله: وأيضًا هذا ما يوجبه عدل الإسلام، لأن القول باشتراط حولان الحول فى المال المستفاد من بيع أو شراء أو هبة أو ميراث يوجب الزكاة على الفقير، ولا يوجبها على الغنى،
هذا كلام واضح البطلان، وأحكام الإسلام، لا تتغير بالعواطف، أو بضرب الأمثال، أو لبعض الحالات الخاصة، فطالما أن الحديث صحيح وقال به أكثر الصحابة، وجمهور التابيعين والمذاهب الأربعة، فلا سبيل لرد قول هؤلاء جميعا، بهذا الكلام الذي لا دليل عليه.
أما قوله: لو أن رجلاً كسب مليار دولار ، وقبل مرور الحول انفقها ، فلا زكاة عليه .
نقول له نعم، ولا ترد النصوص بمثل هذه الإفتراضات، ولو أنه فهم مقصود الزكاة لما رَدَّ الأحاديث بمثل هذا القول.
فإنفاق المال يستفيد منه الفرد والمجتمع، فتدوير المال بالإنفاق يجعل المال ينتقل من يد إلى يد، وكل فرد يستفيد من الإنفاق، ونضرب مثلاً ليفهم الكاتب فائدة الإنفاق ولماذا ليس فيه زكاة، فلو أن رجلا ملك مالاً وقبل حولان الحول اشترى بهذا المال أرضاً وبنى بيتاً، فكم من العمال استفاد من هذا المال، ثم من أخذ أجرته من هذا المال إذا لم يكنزه واشترى لنفسه أو لأسرته ثياباً، ثم بائع الثياب لو اشترى لحماً، وبائع اللحم لو اشترى بما كسبه شيئاً … وهكذا انفاق المال تجعل حركة المال تصلح في المجتمع.
بعكس من كنزه، فلن يستفيد منه أحد، فوجب عليه الزكاة إذا كنزه إلى الحول.
أما إذا كان المال الذي استفدته، تدخره للعاقبة، فأدِّ زكاته.ولا ترد الأحكام بالعواطف بأن أمه مريضة وولده صغير. فكم من شخص يريد تعطيل أحكام الشرع بمثل تلك الحجج الواهية.
لا أريد أن أطيل الكلام بكثرة النقول، لكن الكاتب يريد أن يأتي بما تركه العلماء ويُصوبه، بينما يُخَطِّئ الأئمة الأربعة الذين تركوا القول الذي يصوبه، ليس لجهل منهم به ، لكنهم صوبوا قول أكثر الصحابة مع علمهم بقول ابن عباس وابن مسعود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى