دين ودنيا

حولان الحول ليس شرطا لوجوب الزكاة

د. حلمي عبد الحكيم الفقي

مدرس الفقه بجامعة الأزهر
عرض مقالات الكاتب

هل يشترط حولان الحول لوجوب الزكاة ؟
لابدّ هنا من تفصيل :
الأموال من حيث اشتراط الحول ثلاثة:
أولا : أموال لا يشترط حولان الحول لوجوب الزكاة فيها بإجماع العلماء مثل :
زكاة الزروع والثمار ،وتجب يوم الحصاد فورًا ولا يشترط حولان الحول لوجوب الزكاة فيها لقوله تعالى : { وآتوا حقه يوم حصاده }
ومن الأموال التى لا يشترط حولان الحول فيها بإجماع العلماء أيضا زكاة المعادن المستخرجة من الأرض كالذهب والفضة والحديد وغير ذلك من المعادن، فتجب الزكاة فيها يوم استخراجها من الأرض فورًا، ولا يشترط حولان الحول بالاجماع
ثانيا : أموال يشترط فيها حولان الحول بالاجماع
وهو المال الذى أديت زكاته ،فلا تجب فيه الزكاة مرة أخرى إلا بعد مرور عام هجري ، لآن الزكاة لاتجب فى المال الواحد أكثر من مرة فى العام
ثالثا : أموال مختلف في اشتراط الحول لوجوب الزكاة فيها
وهو المال المستفاد ، يعنى المال الذى اكتسبته ببيع أو شراء او هبة أو ميراث أو غير ذلك من اسباب التملك المشروعة
فالمشهور لدى العامة أن الزكاة لا تجب فى هذا المال الا بعد حولان الحول بالإجماع، ولكن الصحيح أنه لا إجماع فى هذه المسالة.
نعم هذا راي جمهور الفقهاء أن الزكاة لا تجب فى هذا المال إلا بعد حولان الحول، لكن الرأي الصحيح أن الزكاة تجب في هذا المال على الفور ،ولا يشترط لها حولان الحول ، وقال بهذا الراي من الصحابة : حبر الأمة وترجمان القران عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن مسعود عميد حملة القرآن وكبير فقهاء الإسلام ، ومعاوية بن أبي سفيان كاتب وحى رسول الله صلى عليه وسلم ، وممن قال بهذا من التابعين عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين ، والحسن البصرى ، والزهري ، وقال بهذا ايضًا جعفر الصادق والباقر ، وهو مذهب داوود بن علي وغيرهم
وهذا هو الصحيح، لأن الأحاديث والآثار التي استدل بها الرأي الأول والتي فحواها { لا زكاة فى مال حتى يحول عليه الحول } هي أحاديث وآثار ضعيفة ، ولكن العلامة الألباني قد صحح بعضها ، وعلى فرض ان بعضها صحيح فهو محمول على أنه لا زكاة فى مال أديت زكاته حتى يحول عليه الحول،وأيضًا فإن هذه الآثار تعارض النص القرآني المحكم، وهو قوله تعالى { وآتوا حقه يوم حصاده } فالقرآن يوجب الزكاة على الفور ، ولا حجة لدى اصحاب الراى الأول صحيحة للتفريق بين مال ومال
وأيضًا هذا ما يوجبه عدل الإسلام، لأن القول باشتراط حولان الحول فى المال المستفاد من بيع أو شراء أو هبة أو ميراث يوجب الزكاة على الفقير، ولا يوجبها على الغنى ،وبيان ذلك :
لو أن رجلاً كسب مليار دولار ، وقبل مرور الحول انفقها ، فلا زكاة عليه ، على القول باشتراط الحول .
ولو أن رجلاً آخر كسب عشرة آلاف دولار ، وادخرها عامًا ، لنفقة أمه المريضة ، أو ليزوج بنتًا فقيرة ، فعليه زكاة على القول الأول ، وهذا خلاف مقصود الزكاة تمامًا ، فالقول الأول أوجب الزكاة على الفقير، ولم يوجبها على الغني ، وهذا ما يجعل قول الجمهور ضعيفًا ومرجوحًا.
ويؤكد صحة قول ابن عباس ومن معه بوجوب الزكاة على الفور ،وعدم اشتراط الحول لوجوبها.
والله اعلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى