دين ودنيا

ليلة النصف من شعبان (3)

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

المسألة الثالثة إحياء ليلة النصف من شعبان بغير الصلاة الألفية
الكلام في هذه المسألة في مطلبين: الأول مشروعية ذلك.
الثاني طريقة ذلك وكيفيته إذا قلنا بمشروعيته.
المطلب الأول
مشروعية قيام ليلة النصف من شعبان بغير الصلاة المخصوصة
قد نقلنا أقوال أهل العلم بأن صلاة النصف من شعبان مائة ركعة بأنها بدعة منكرة، وأن الحديث الوارد فيها مكذوب مختلق مصنوع، فهل يشرع قيام ليلة النصف من شعبان بغير هذه الصلاة؟
الحقيقة أن هذا أمر اختلف فيه أهل العلم قديما وحديثاً، وممن استحب الدعاء في تلك الليلة، ولكن ليس بدعاء مخصوص الإمام الشافعي.
ففي الأم للإمام الشافعي (1/ 264)
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَبَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ يُقَالُ: إنَّ الدُّعَاءَ يُسْتَجَابُ فِي خَمْسِ لَيَالٍ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْلَةِ الْأَضْحَى، وَلَيْلَةِ الْفِطْرِ، وَأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ ……….. (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَأَنَا أَسْتَحِبُّ كُلَّ مَا حُكِيَتْ فِي هَذِهِ اللَّيَالِيِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا.
الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (1/ 154)
وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل، وكان في السلف من يصلي فيها، لكن الاجتماع فيها لإحيائها في المساجد بدعة اهـ

وفي الموسوعة الفقهية الكويتية (2/ 235)
إِحْيَاءُ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ:
13 – ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى نَدْبِ إِحْيَاءِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْزِل فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُول: أَلاَ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرُ لَهُ، أَلاَ مُسْتَرْزِقٍ فَأَرْزُقُهُ، أَلاَ مُبْتَلًى فَأُعَافِيهِ. . . كَذَا. . . كَذَا. . . حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ (رواه ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان كلاهما عن علي. قال في الزوائد إسناده ضعيف، وفيه ابن أبي سبرة قال فيه أحمد وابن معين: يضع الحديث، الفتح الكبير1 / 148 ومحمد فؤاد عبد الباقي في تحقيقه لابن ماجه 1 / 444) .
ولأن الأحاديث الواردة في إحياء تلك الليلة ضعفها كثير من العلماء، ذهب بعضهم إلى أنها ليلة كأي ليلة لا تخصص بشيء من العبادات.
ففي إصلاح المساجد من البدع والعوائد (صـ100)
وقال الحافظ أبو الخطاب ابن دحية: روى الناس الأغفال في صلاة ليلة النصف من شعبان أحاديث موضوعة وكلفوا عباد الله بالأحاديث الموضوعة فوق طاقتهم من صلاة مائة ركعة.
وقال أهل التعديل والتجريح: ليس في حديث ليلة النصف من شعبان حديث يصح فتحفظوا عباد الله من مفترٍ يروي لكم حديثًا موضوعًا يسوقه في معرض الخير فاستعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعًا من النبي صلى الله عليه وسلم فإذا صح أنه كذب خرج من المشروعية وكان مستعمله من خدم الشيطان لاستعماله حديثًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينزل الله به من سلطان.
ثم قال: ومما أحدثه المبتدعون وخرجوا به عما وسمه المتشرعون وجروا فيه على سنن المجوس واتخذوا دينهم لهوًا ولعبًا الوقيد ليلة النصف من شعبان ولم يصح فيها شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نطق بالصلاة فيها.
موسوعة الفقه الإسلامي (4/ 527)
وتخصيص ليلة كذا كتخصيص ليلة النصف من شعبان بصلاة وقراءة قرآن ونحو ذلك، فهذا كله وأمثاله بدعة ضلالة.
وفي فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (2/ 250)
(618- قوله: ويتوجه ليلة النصف من شعبان)
هذا جاءَ فيه حديث لا يصح ولا يثبت، وجاء فيه آثار عن جماعة من الصحابة. والصحيح أَنه لا مزية لها بتخصيص عبادة. ومن جاء عنه من السلف ذلك فهذا شيء اجتهد فيه، قد يكون يثبت الشرعية وقد لا يثبتها.
البدعة الشرعية (صـ 12)
ومنها: التزام العبادات المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان وقيام ليلته …
وفي (صـ51) من نفس المرجع
فلو أحيا ليلة النصف من شعبان بعبادة مخصوصة، كالصلاة والذكر فهو مبتدع
توضيح الأحكام من بلوغ المرام (2/ 423)
أولاً: الاجتماع ليلة النصف من شعبان، وصلاتها جماعة، وإحياء تلك الليلة بدعة في الدين، فلا دليل على إحيائها، وصلاة خاصة لها.
صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة (2/ 136)
إذ لا يصح في فضل النصف من شعبان ولا صيامه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل ما ورد في هذا فهو شديد الضعف أو موضوع كحديث على مرفوعًا: «إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها …»
إصلاح المساجد من البدع والعوائد (ص: 99)
وقال في كتابه المذكور عن أبي بكر الطرطوشي قال: روى ابن وضاح عن زيد بن أسلم قال: ما أدركنا أحدًا من مشايخنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان ولا يلتفتون إلى حديث مكحول ولا يرون لها فضلا على سواها،
فتاوى اللجنة الدائمة – 1 (3/ 62)
حديث: ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه ألا كذا حتى يطلع الفجر (سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1388) ، وقد صحح ابن حبان بعض ما ورد من الأحاديث في فضل إحياء ليلة النصف من شعبان، من ذلك ما رواه في صحيحه، عن عائشة أنها قالت: «فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت فإذا هو في البقيع رافع رأسه، فقال: أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟ فقلت: يا رسول الله، ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: إن الله تبارك وتعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب (سنن الترمذي الصوم (739) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1389) ، مسند أحمد بن حنبل (6/238)) » ، وقد ضعف البخاري وغيره هذا الحديث، وأكثر العلماء يرون ضعف ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان وصوم يومها، وقد عرف عند علماء الحديث تساهل ابن حبان في تصحيح الأحاديث.
وبالجملة فإنه لم يصح شيء من الأحاديث التي وردت في فضيلة إحياء ليلة النصف من شعبان وصوم يومها عند المحققين من علماء الحديث؛ ولذا أنكروا قيامها وتخصيص يومها بالصيام، وقالوا إن ذلك بدعة، وعظم جماعة من العباد تلك الليلة اعتمادا على ما ورد من الأحاديث الضعيفة واشتهر عنهم ذلك فتابعهم عليه الناس، تحسينا للظن بهم،
عضو عبد الله بن غديان. نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي. الرئيس إبراهيم بن محمد آل الشيخ.
المطلب الثاني
إذا كان إحياء ليلة النصف من شعبان مشروع فهل يشرع فيه الجماعة
جاء في النهر الفائق شرح كنز الدقائق (1/ 297)
ومن المعلوم كراهة النفل لجماعة إلا التراويح .
وفي غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر (2/ 48)
صلاة الرغائب التي تُفْعَلُ فِي رَجَبٍ فِي أَوَّلِ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ مِنْهُ وَصَلَاةُ الْبَرَاءَةِ الَّتِي تُفْعَلُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ الشَّعْبَانِ وَإِنَّمَا كَرِهَ الِاقْتِدَاءَ فِي صَلَاةِ الرَّغَائِبِ، وَمَا ذَكَرَ بَعْدَهَا لِأَنَّ أَدَاءَ النَّفْلِ بِجَمَاعَةٍ عَلَى سَبِيلِ التَّدَاعِي مَكْرُوهٌ، إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ كَصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ.
وفي الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (1/ 316)
حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْجَمْعُ فِي النَّافِلَةِ غَيْرِ التَّرَاوِيحِ
وفي مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (2/ 74)
لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي كَرَاهَةِ الْجَمْعِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَلَيْلَةَ عَاشُورَاءَ وَيَنْبَغِي لِلْأَئِمَّةِ الْمَنْعُ مِنْهُ انْتَهَى.
وإيضا في شرح مختصر خليل للخرشي (2/ 12)
بِبِدْعَةِ الْجَمْعِ فِيهَا كَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَلَيْلَةِ عَاشُورَاءَ فَإِنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي كَرَاهَتِهِ وَيَنْبَغِي لِلْأَئِمَّةِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ
شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (1/ 501)
من الأوقات التي صرح العلماء ببدعة الجمع فيها كليلة النصف من شعبان، وأول جمعة من رجب، ويسمونها صلاة الرغائب، وليلة القدر، وليلة عاشوراء، فإنه لا يختلف المذهب في كراهته وينبغي للأئمة المنع منه.
وفي الدر الثمين والمورد المعين (صـ339)
ومن هنا تعلم أن الجمع الذي يفعل من ليلة النصف من شعبان وأول من رجب ونحوه ذلك بدعة مكروهة، وقد نص جماعة من الأصحاب على ذلك، بل لو قيل بتحريم ذلك مابعدَ. انتهى
التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (2/ 112)
ومن هنا تعلم أنَّ الجمع الذي يفعل في ليلة النصف من شعبان، وأول جمعة من رجب، ونحو ذلك بدعة مكروهة. وقد نص جماعة من الأصحاب على ذلك، بل لو قيل بتحريم ذلك ما بعُد. وقد تولى الشيخ أبو عبد الله بن الحاج بيان مفاسده وشناعته، فتنظره في كلامه الذي هو من نور وتأييد.
شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (1/ 162)
قال ومنه ما يفعل في بعض البلاد من الجمع ليلة النصف من شعبان، وليلة عاشوراء، ولا يختلف المذهب في كراهته، وينبغي للأئمة أن يتقدموا في النهي عنه.
الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (1/ 154)
وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل وكان في السلف من يصلي فيها لكن الاجتماع فيها لإحيائها في المساجد بدعة. اهـ
شرح منتهى الإرادات = دقائق أولي النهى لشرح المنتهى (1/ 251)
أَمَّا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَفِيهَا فَضْلٌ وَكَانَ مِنْ السَّلَفِ مَنْ يُصَلِّي فِيهَا لَكِنَّ الِاجْتِمَاعَ فِي الْمَسَاجِدِ لِإِحْيَائِهَا بِدْعَةٌ. اهـ.
وقد نقل هذا الكلام بحروفه في: كشاف القناع عن متن الإقناع (1/ 444)
وفي مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (1/ 581)
الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي (2/ 1064)
ويكره الاجتماع على إحياء ليلة من هذه الليالي في المساجد وغيرها؛ لأنه لم يفعله النبي صلّى الله عليه وسلم ولا الصحابة.
كما يكره الاجتماع على صلاة الرغائب التي تفعل في أول جمعة من رجب، وإنها بدعة.
الموسوعة الفقهية الكويتية (2/ 236)
الاِجْتِمَاعُ لإِحْيَاءِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ:
14 – جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى كَرَاهَةِ الاِجْتِمَاعِ لإِحْيَاءِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الاِجْتِمَاعَ عَلَيْهَا بِدْعَةٌ وَعَلَى الأْئِمَّةِ الْمَنْعُ مِنْهُ. وَهُوَ قَوْل عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. وَذَهَبَ الأْوْزَاعِيُّ إِلَى كَرَاهَةِ الاِجْتِمَاعِ لَهَا فِي الْمَسَاجِدِ لِلصَّلاَةِ؛ لأِنَّ الاِجْتِمَاعَ عَلَى إِحْيَاءِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ لَمْ يُنْقَل عَنِ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَذَهَبَ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ وَلُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ إِلَى اسْتِحْبَابِ إِحْيَائِهَا فِي جَمَاعَةٍ.
موسوعة الفقه الإسلامي (4/ 525)

  • كل عبادة مخالفة لقواعد الشريعة ومقاصدها فهي بدعة، وذلك مثل صلاة الرغائب.
    فإن النوافل في الأصل فِعْلها في البيوت أولى من فعلها في المساجد، وفِعْلها منفرداً أولى من فعلها جماعة إلا ما خصه الشرع كالتراويح.
    مختصر الفتاوى المصرية (صـ291)
    وَأما لَيْلَة النّصْف من شعْبَان فَفِيهَا فضل وَكَانَ من السّلف من يُصليهَا لَكِن اجْتِمَاع النَّاس فِيهَا لاحيائها فِي الْمَسَاجِد بِدعَة وَالله أعلم
    وفي نفس المرجع (صـ292)
    وَصَلَاة الألفية فِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان والاجتماع على صَلَاة راتبة فِيهَا بِدعَة وَإِنَّمَا كَانُوا يصلونَ فِي بُيُوتهم كقيام اللَّيْل.

وفي المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (3/ 300)
وقد ورد فى فضل ليلة النصف من شعبان أحاديث كثيرة، لكن ضعفها الأكثرون، وصحح ابن حبان بعضها وخرجه فى صحيحه، ومن أمثلها- كما نبه عليه الحافظ ابن رجب- حديث عائشة قالت: فقدت النبى- صلى الله عليه وسلم- فخرجت فإذا هو بالبقيع، رافع رأسه إلى السماء، فقال: «أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله»، فقلت: يا رسول الله قد ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: «إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب» . رواه أحمد، وقال الترمذى: إن البخارى ضعفه. (قال الزين العراقي: …على تقدير صحة الحديث في باطن الأمر، وإلا فلا يصح شيء من طرقه. (شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية 10/ 562))
وفى سنن ابن ماجه: بإسناد ضعيف، عن على مرفوعا: «إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر» (ضعيف جدا وقال بعضهم موضوع) . وقد كان التابعون من أهل الشام، كخالد بن معدان، ومكحول يجتهدون ليلة النصف من شعبان فى العبادة، وعنهم أخذ الناس تعظيمها، ويقال: إنه بلغهم فى ذلك آثار إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم اختلف الناس، فمنهم من قبله منهم، وقد أنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز، منهم عطاء، وابن أبى مليكة، ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم، وقالوا: ذلك كله بدعة. واختلف علماء أهل الشام فى صفة إحيائها على قولين:
أحدهما: إنه يستحب إحياؤها جماعة فى المساجد، وكان خالد بن معدان، ولقمان بن عامر يلبسون فيها أحسن ثيابهم ويتبخرون ويكتحلون ويقومون فى المسجد ليلتهم تلك، ووافقهم إسحاق بن راهواه على ذلك، وقال فى قيامها فى المساجد جماعة ليس ذلك ببدعة، نقله عنه حرب الكرمانى فى مسائله.
الثانى: أنه يكره الاجتماع لها فى المساجد للصلاة والقصص والدعاء، ولا يكره أن يصلى الرجل فيها لخاصة نفسه، وهذا قول الأوزاعى إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم.
شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (10/ 563)
“وقد كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدان”، “بفتح فسكون” الكلاعي الحمصي، سمع أبا أمامة وثوبان والمقدام وكثير بن مرة وخلقا كثيرا، يقال: لقي سبعين صحابيا وهو ثقة عابد يرسل كثيراً، روى له الجماعة، مات سنة ثلاث ومائة، ويقال سنة أربع وثمان ومائة “ومكحول” الدمشقي، ثقة، فقيه، كثير الإرسال، روي عن أنس وأبي أمامة وواثلة وغيرهم، خرج له مسلم والأربعة مات سنة بضع عشرة ومائة، زاد غير المصنف ولقمان بن عامر، “يجتهدون ليلة النصف من شعبان في العبادة، وعنهم أخذ الناس تعظيمها، ويقال: إنهم بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم اختلف الناس فيه، فمنهم من قبله منهم” ومنهم من أباه.
“وقد أنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز، منهم عطاء” بن أبي رباح مفتي مكة ومحدثها “وابن أبي مليكة عبد الله” بفتح العين ابن عبيد الله، بضمها ابن عبد الله، بفتحها ابن أبي مليكة، يقال: اسمه زهير التيمي المدني، ثقة، فقيه، من رجال الجميع، أدرك ثلاثين من الصحابة، “ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم” من الشافعية، والمراد بعضهم، وإلا فأكثرهم لم يتعرضوا لذلك أصلا، “وقالوا: إن ذلك كله بدعة” إذ لم يأت فعله عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه.
“واختلف علماء أهل الشام” القائلون بذلك “في صفة إحيائها على قولين: أحدهما أنه يستحب إحياؤها جماعة في المساجد، وكان خالد بن معدان ولقمان بن عامر” الحمصي التابعي، روى عن أبي أمامة وغيره “يلبسون” من إطلاق الجمع على الاثنين، وإلا فالقياس يلبسان “فيها أحسن ثيابهم ويتبخرون” بالعود ونحوه، “ويكتحلون ويقومون في المسجد ليلتهم تلك، ووافقهم إسحاق بن راهويه على ذلك، وقال في قيامها في المسجد جماعة ليس ذلك ببدعة، نقله عنهم حرب الكرماني في مسائله، والثاني: أنه يكره الاجتماع لها في المساجد للصلاة والقصص والدعاء، ولا يكره أن يصلي الرجل فيها لخاصة نفسه” للأحاديث المصرحة بطلب قيامها وإن كانت مفرداتها ضعيفة، لأنه لم يشتد ضعفها، واندرجت تحت مطلق الأمر بقيام الليل.
قال ابن رجب: “وهذا” أقرب وهو “قول الأوزاعي” عبد الرحمن بن عمر و”إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم”.
خلاصة المسألة الثالثة: ذهب بعض أهل العلم ممن قالوا بجواز أو ندب قيام ليلة النصف من شعبان إلى أن إحياءها يكون بالدعاء كالإمام الشافعي، وذهب بعضهم إلى إحياءها بالصلاة مع إقرارهم بأن الصلاة المخصوصة التي هي مائة ركعة بدعة، وجماهير العلماء الذين قالوا بجواز أو ندب قيام تلك الليلة على إحياءها في غير جماعة.
أما فعل مكحول ومن وافقه فلا حجة فيه خاصة وأنه أخذ ذلك من آثار إسرائيلية.
لذلك نرى أن الراجح قول جماهير العلماء، بأنه لا يندب صلاة في تلك الليلة جماعة ولا فرادى، لكن من صلى فيها بمفرده فلا ينكر عليه، لأن هذا قول بعض أهل العلم، لكن ينكر على من يجتمع في المساجد لإحياءها والله أعلم
ونسبة العلم إليه أسلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى