مقالات

بعد أن جعل العالم على كف عفريت.. هل سيتفكك الاتحاد الأوروبي بسبب الفيروس المجهري؟

فضيلة بودريش

كاتبة صحافية من الجزائر
عرض مقالات الكاتب

يواجه أعتى واقوي تكتل اقتصادي في العالم تحديات لا يستهان بها في الوقت الراهن، ويبدو أن بريطانيا لن تكون أول وآخر دولة تتحرر من التزاماتها اتجاه منطقة “شنغن” بالانسحاب رغم ما يترتب عليه هذا الخروج الإرادي من خسائر مالية واقتصادية.

ففي الحالة الايطالية التي وجدت نفسها شبه معزولة ومكتوفة الأيدي بعد أن عبث الوباء الشرس والقاتل بمنظومتها الاجتماعية والاقتصادية، ستستخلص دروسا وتستنبط عبرا، ودون الشك ستعيد النظر في علاقاتها و سياستها ورؤيتها لمختلف التحالفات وكل الشراكات لاسيما تلك التي تربطها بجاراتها في القارة العجوز، لأن فيروس كوفيد 19″ لم يكن بمثابة وباء سمم السماء والأرض، بل تشبه ضربته الزلزال الفتاك الذي يتوقع أن يترك على جدران الاتحاد الأوروبي تصدعا وتشققات، باتت تنذر بانفصال دول أخرى في الأيام أو الأشهر المقبلة.

في ظرف كل الدول الأوروبية غلقت أبوابها وتقوقعت بين أسوار حدودها منهمكة في محاربة العدو الشفاف، واضعة مصلحتها الخاصة وحماية شعبها من الاحتراق بالوباء فوق أي اعتبارات أو تحالفات، كانت بالأمس من تحرك هذه الدول لحماية نفوذها واستثماراتها في العالم.

ورغم أن رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشير، كان قد طالب الوحدة الأوروبية للتصدي لآثار الوباء الاقتصادية السوداء والقاتمة، التي أغرقت بلده في قاع معتم، لكن وبالموازاة مع ذلك لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من تحقيق التوافق على رؤية موحدة أو خطة مشتركة، لتقاسم الدين الذي تكبدته بسبب الفيروس المجهري في شكل سندات خاصة أطلق عليها تسمية “كورونا بوندز”، وفي ظل دعوات مستمرة أطلقتها  كل من ايطاليا وفرنسا غير أنه مازالت لم تجد بعد آذانا صاغية، في وقت وضع هذا الوباء العالم، كل العالم على كف عفريتỊ

أمام تفاقم الوضع في العالم الثري المتعالي بعقد التفوق، وتحول من سيء إلى أسوأ، يتعاظم الفضول حول كيف سيصبح الاتحاد الأوروبي بعد القضاء أو التغلب على الفيروس العنيد الذي زعزع دولا عظيمة وأخرى تحمل أسلحة فتاكة وتطورا تكنولوجيا رهيبا؟.. فهل الضرورة  والمنطق صارا يفرضان تطوير الأنظمة الصحية  ولتأتي في الدرجة الثانية الصناعة والاقتصاد وليس العكس؟.

انتقل الوباء إلى أوروبا وانتشر بسرعة البرق مخترقا الحدود وجدران البيوت وخلايا البشر، ولا أحد يمكنه في الظرف الحالي تقدير حجم الخسائر التي سيلحقها بالأرواح والثروات والاقتصاديات، إلا أن الأكيد أن أوروبا لن تسلم من أزمة اقتصادية قاهرة ستزج بها في طريق مجهول لا يمكن التنبؤ بعواقبه؟..أي أنها ستكون في مأزق حقيقي..إما إعادة ترميم الوحدة الأوروبية أم بداية شلل روح الاتحاد الأوروبي وتفككه والعودة إلى الصفر أي إلى الدولة الوطنية وجعلها فوق كل اعتبار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى