ثقافة وأدب

كورونا

د. عماد الدين الثامر

شاعر سوري
عرض مقالات الكاتب

عشرون ألفاً قضوا في الأرضِ قاطبةً
وفي بلادي أبادَ العِلْجُ مليونا

عشرون ألفاً قضوا مِنْ وَقْعِ جائحةٍ
غزتْ فضاءَ الدُّنا تُدعى بِكُورونا

تلكَ التي لَمْ تَرَ العينانِ منظرَها
لولا المجاهرُ خِلناها شَياطينا

قدْ أرعبَ الناسَ ڤيروسٌ وأرّقَهمْ
وصارَ يخبطُ كالأعمى ويُردينا

المُسْتَجِدُّ لكورونا غدا خبراً
طغى على الأذنِ حتى صارَ يؤذينا

فراحَ ينشرُ كالمسعورِ حِمّتَهُ
لم يعفُ قوماً ولاجنساً ولادينا

وأصبحَ الناسُ من هولٍ ومن فزعٍ
تخالهم أصبحوا حمقى مجانينا

لينشرَ الرعبَ بين َالخلقِ كلهمُ
وقد بدا مُفزِعاً إذ أرعبَ الصينا

فاستُنْهِضَتْ هممٌ واستنفَرَتْ أمم
وشِيعَ أنّ البلايا في تلاقينا

وفُرِقَّ الجمعُ والأحبابُ واستتروا
كأنّ نيلَ التعافي في تجافينا

وأُغلِقَتْ مدنٌ وقُطِعَتْ سُُبلٌ
وصارَ كلُّ الورى أسرى مساجيناً

واستنجدتْ أممٌ من أُختِها مدداً
فلمْ تجدْ منهمُ عطفاً ولاعَونا

فكلُّ قومٍ بهذا الخطبِ منشغلٌ
ويسألُ الناسَ لو أعطوهُ ماعونا

وصِيحَ بالناسِ إنّ الموتَ زائرُكمْ
ولامناصَ إذا لم نلقَ تَحصينا

كأنّما نفخةٌ في الصورِ قد نُفِخَتْ
وأنّ يومَ الوفا أضحى يدانينا

يكفي الأحبةَ فوقَ الموتِ غمتُهم
فلاعزاءً ولاغسلاً وتكفينا

وأعجزَ اليومَ أمريكا وماملكتْ
وزارَ روما وقدْ أبكى الملايينا

واليومَ تشتدُّ في إيرانَ صولتُهُ
وليتهُ كانَ زلزالاً وطاعونا

من قتلوا في بلادِ الشامِ إخوتَنا
وأحرقوا الأرضَ واجتثوا الرياحينا

تآمروا وعلوجُ الرومِ تنصرُهم
لولا التآمرُ ماداسوا أراضينا

قالوا فلسطينُ مهوانا وقد كذبوا
و آزرَ الفرسُ مَنْ باعوا فلسطينا

وأعلنوا لحسينٍ بِيعةً كذباً
فجهّزوا لبني الإسلام إسفينا

وفي العراقِ لنا ثأرٌ سنأخذهُ
فلاحيينا إذا كنا تناسينا

جاروا على العُربِ في بغدادَ يدفَعُهمْ
حقدٌ بدا ظاهراً ماعادَ مدفونا

ياراكبينَ خيولَ الرومِ يجمعكمْ
حِلفٌ قديمٌ يحابي مَنْ يعادينا

لئنٌ هتفتمْ بموتِ الكافرينَ فقدْ
زرعتمُ الموتَ في دنيا أمانينا

وإنْ ركِبتُمْ خُيولَ الرومِ تحملكمْ
فسوفْ تلقونَ حتفاً منْ مَوَاضِينا

أرى العواصم ضجت تبتغي سيفا
به تقاتل ماسموه كورونا

وماأظُنُّ الذي يجري سوى خبثٍ
ومكرِ قومٍ يفوقونَ الشياطينا

قدْ دبّروه بليلٍ في مخابرِهم
ليجعلوا الكونَ مكلوماً ومحزونا

لكنهمْ تركوا في الشامِ ڤيروساً
ألقى البراميلَ واستلَّ السكاكينا

وراحَ يحكم باسمِ الفرسِ دولتَنا
وعَطّلَ العدلَ فيها والمَوازينا

وأهلكَ النسلَ والأنعامَ عن حَنَقٍ
وأهلكَ الحرثَ فيها والبساتينا

منْ دَمّرَ الشامَ لاخوفاً ولاخجلاً
وراحَ يقصفُ كالمسعورِ أهلينا

فاستنفرَ العالَمُ المأفونُ قاطبةً
لينقذوهُ ويَبقى ثمَّ يُفنينا

فراحَ يضربُ كالممسوس مُحتنقا
ولم يغادرْ بأرضِ الشامِ مسكينا

وراحَ يرقصُ كالمجنونِ منتشياً
ويعلنُ النصرَ مزهواً ومفتونا

يامعلنَ النصرِ والجولانُ يسألهُ
مَنْ ذا الذي باعَ للأعدا أراضينا

أدخلتَ كلَّ زناةِ العصرِ في وطني
ومارعيتَ لنا عهداً ولا دينا

إني عهدْتُكَ حيناً تفتري كذباً
وكاذباً أشراً مستهتراً حينا

تلكَ البراميلُ لم نشهدْ لها مثلاً
وقدْ دخلتَ بها التاريخَ مفتونا

ياذا البراميلِ هلّا كنتَ تلقيها
على العدوِّ لتبقى خالداً فينا

وماأظنكَ إلّا مِنْ سلالتِهمْ
فأنتَ تتبعُ عازاراً وكوهينا

وُرِّثْتَ عرشاً وأمريكا تباركهُ
لولا اليهودُ لما وُرِّثْتَ يقطينا

واليومَ أصبحتَ للإجرامِ مدرسةً
وفقتَ في الظلمِ والطغيانِ فرعونا

ورحتَ تحرقُ أرضَ العربِ عن سفهٍ
وعنْ جنونٍ بهِ أحييتَ نيرونا

ياربِ أنزلْ على الأعداءِ نازلةً
مَنْ دمّروا الشامَ واجتثوا أمانينا

إني دعوت ُعلى الأعدا بماحقةٍ
فرددوا ياعبادَ اللهِ آمينا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى