مقالات

للعام السادس على التوالي.. استمرار قتل اليمنيين وتدمير اليمن والعقل في إجازة

محمد الخامري

كاتب ومحلل سياسي يمني
رئيس تحرير صحيفة إيلاف اليمنية
عرض مقالات الكاتب

في مثل هذه الأيام قبل خمس سنوات، هلل أصحاب الشرعية كما يسمون أنفسهم؛ للعدوان على صنعاء واستباحة سيادة وأجواء اليمن، وضربها بأعتى الأسلحة واحدث الصواريخ وأقوى القنابل العنقودية والفراغية وغيرها، وأخرجوا قواعدهم للترحيب بالعدوان الظالم والحصار الهمجي الذي لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث، والذي حوّل اليمن إلى سجن كبير ومنع عنا كل مقومات الحياة وضرورياتها وكأننا في سجن كبير محكومون بالإعدام، وقاموا بتسيير المظاهرات والمسيرات التي رفعوا فيها صور زعماء دول العدوان والهتافات المويدة لهم، وشكرا سلمان، وشكرًا إمارات الخير..!!

من جانبهم أصحاب الأجندات المحتقنة ضد اليمن؛ حشدوا طاقاتهم الكاملة، وأعلنوا عن 100 طائرة حربية سعودية مجهزة لحمل أنواع الصواريخ والقنابل، و30 طائرة إماراتية، و15 طائرة كويتية، و15 طائرة بحرينية، و10 طائرات قطرية، و6 طائرات أردنية، و6 طائرات باكستانية، و6 طائرات مغربية، و6 طائرات مصرية، هذا كان الإعلان الأول، وهناك اعلانات أخرى وقطاعات مسلحة وقطع عسكرية؛ انضمت بعد ذلك للمشاركة في قتل اليمنيين وتدمير كل شيء جميل في اليمن..!!
كل هذه الطائرات وانواع الأسلحة ليست لحرب إسرائيل وتحرير فلسطين، لكنها كانت لتدمير اليمن وإعادته خمسين عاماً إلى الوراء، إذ لايمكن أن يكون الهدف من كل هذا الحشد الحوثيين الذين لايملكون طائرة حربية واحدة، ولاجيش منظم، ولا أسلحة حديثة..!!

اليوم، وبعد خمس سنوات، وبدء اليوم الأول في العام السادس للحرب العبثية، ماهي النتيجة التي يمكن ان يراها اليمني أمامه، سواءً المؤيد للحوثيين او لخصومهم..!!
أكثر من 10 الف شهيد مدني استشهدوا في منازلهم واعمالهم وطرقاتهم وقاعات العزاء والافراح، ولم يكونوا يحملوا رصاصة في ايديهم، وأضعافهم الكثير جداً من الشباب اليمني في مختلف الجبهات الداخلية والخارجية، العسكرية والمقاومة، الحوثية والشرعية، الجنوبية والشمالية، المرتزقة والنظاميين.. في الاخير كلهم يمنيين قضوا نحبهم في محاربة بعضهم، لأهداف متعددة منها الأيديولوجيا والسياسة والمال وغيرها من الأهداف الكثيرة التي رُسمت لهم وزجت بهم في معاركها وجبهاتها..!!
البنى التحتية تدمرت بالكامل، المنشآت الحيوية تعطلت وتدمرت جزئيًا، الطرقات والجسور والحدائق والمساجد والقاعات والملاعب وكل شيء جميل تم استهدافه وتدميره..!!
آلاف المنازل الخاصة والمؤسسات العامة وممتلكات المواطنين وتجارتهم ومحلاتهم استهدفت وقصفت او تم نهبها من الحوثيين والمقاومة لافرق بينهم فقد اصبحنا في غابة..!

بعد خمس سنوات؛ لم يستطع أغنى وأقوى تحالف في العالم وبكل عدته وعتاده المعلن والمخفي؛ القضاء على جماعة ميليشاوية قادمة من كهوف صعدة، بل إن التطور الوحيد الذي حصل هو أن السعودية كانت قبل خمس سنوات في موقع الهجوم، وكانت نشوتها عالية وهي تدمر كل شيء جميل في اليمن، وترعب اليمنيين بعنجهيتها المفرطة وطلعاتها الجوية وصواريخها المتطورة، وقنابلها التي كانت تسقطها على الجبال المحيطة بصنعاء كعطان ونقم وعيبان وعصر لبث الرعب في قلوب اليمنيين وتلقينهم درساً لاينسوه أبداً بأن شقيقتهم الكبرى تستطيع اجتثاثهم او هكذا كانت تظن، اما اليوم فقد أصبحت في موقع الدفاع عن حدّها الجنوبي بعد أن أجلت مواطنيها فيه عن مناطقهم وبيوتهم، وأغلقت اكثر من 300 مدرسة هناك، بل واستعانت باليمنيين الذين فقدوا مصدر أرزاقهم في اليمن وشردتهم الحرب فاضطرتهم الظروف للعمل معها كمرتزقة ضد بلادهم للدفاع عن الأراضي السعودية التي بات أجزاء بسيطة منها تحت سيطرة الحوثيين، وتغيرت المعادلة عسكريًا وسياسيًا واجتماعيًا وانسانيًا وحقوقيًا وقانونيًا وقريبا سيحصدون مازرعوا أمام المحاكم الدولية..!!

الشرعية نددت كثيرًا بأن الحوثيين رفعوا قيمة الدبة البترول إلى سبعة ألف ريال، واليوم وصلت الدبة البترول في العاصمة المحررة عدن إلى 20 الف ريال..!!

الشرعية نددت بأن الحوثيين يتلاعبون بالسيولة النقدية ورفعوا قيمة الدولار إلى 480 ريالا، واليوم الدولار في عدن العاصمة المحررة يساوي 660 ريالا ولم يستطع تحالف أغنى دول العالم تحقيق أي تقدم ملموس لكبح جماحه ،رغم التغييرات المستمرة في قيادة القطاع الاقتصادي والتمويلات المعلنة..!!

الشرعية بعثت رسائل وأزعجت العالم أن الحوثيين يقتلون ويعتقلون الناس،ولايستطيعون تثبيت الأمن في صنعاء، واليوم أصبحت صنعاء قبلة النازحين من العاصمة المحررة عدن وكافة المحافظات المحررة طلبًا للأمن والأمان، فيما عدن أصبحت عاصمة الغربان وتصفية الحسابات والقتل والنهب في وضح النهار..!!

الشرعية تباكت كثيرًا على الوضع البائس لمستشفيات العاصمة صنعاء بفعل الحوثيين ونهبهم لها، واليوم صنعاء قبلة المرضى من العاصمة المحررة ومحافظات حضرموت وشبوه وأبين وغيرها للعلاج وإجراء العمليات المعقدة في مستشفياتها كيمنيين لايُسألون عن هوياتهم ولا انتماءاتهم المناطقية والسياسية والفكرية..!!

الشرعية ازعجت العالم بأن الحوثيين يرفضون التعايش مع الآخر وأنهم من آكلات لحوم البشر ولايمكن العيش بجوارهم، واليوم أثبتت صنعاء أنها لازالت على عهدها في التعايش والقبول بالآخر، ومستمرة في استقبال اليمنيين من كل أنحاء اليمن دون سؤالهم عن هوياتهم، بينما تقوم السلطات الأمنية التابعة للشرعية بإعادة الشماليين من النقاط العسكرية الممتدة من قعطبة إلى عدن لالشيء إلا لأنهم يمنيون شماليون، ومن يستطع الوصول إلى عدن للمغادرة يتم اعتقاله من المطار وإبداعه غياهب المعتقلات بلا تهم واضحة ولامحاكمات عادلة أو حتى صورية، بل إن الميليشيات المسيطرة على العاصمة المحررة طردت الحكومة من عاصمتها، ورفضت انعقاد جلسة البرلمان التابع لها في عدن، وقبل ذلك رفضت السماح لرئيسها بالهبوط في مطارها، ولازال ممنوع من العودة إلى اليوم رغم الوساطات الكثيرة بالسماح له بالعودة.. ونعم التحرير..!!

أبناء الشرعية وأذنابها يتباكون في وسائلهم الإعلامية وصفحات ذبابهم الإليكترونية عن مؤسسات الدولة في صنعاء، وان الحوثيين نهبوها واغلقوها، واليوم أثبتت الأيام أن مؤسسات الدولة في صنعاء لازالت تعمل بكامل طاقتها الممكنة رغم الحصار والعبث والحرب المستمرة للعام السادس على التوالي؛ أفضل من مؤسسات الدولة في عدن التي لم تستطع القيام بعملها بشكل طبيعي وآخرها كارثة السيول التي دمّرت ماتبقى من البنية التحتية وكبدت المواطنين خسائر فادحة، ولم يتم شيء إلى الآن غير اتصال الرئيس هادي من جناحه الفندقي بالرياض، إلى رئيس الوزراء بالفندق الآخر بالرياض وحثه على مواجهة الكارثة..!!

الشرعية الرخوة تقتل اليمنيين بضعفها، والتحالف ليسوا على رأي واحد، بل أجندات متفرقة وأطماع مختلفة وأهداف بائسة ترى أنها بالرئيس هادي ستحققها، وبتمزيق اليمنيين ستنجوا بفعلتها.. والله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لايعلمون..

لااقول: إن صنعاء باريس الشرق، لكنها الأفضل أمناً وأماناً بين المحافظات اليمنية من المهرة إلى صعدة، تليها إب التي يحكمها الحوثي أيضا..
ولاأقول إن الحوثي أمير المؤمنين، فهو جماعة ميليشاوية انقلابية، تحمل مشروعا خاصًا بها تريد تنفيذه؛ يقوم على تمكين الأقليات في المنطقة ، مشروع عمل ويعمل عليه منذ نحو ثلاثة عقود- بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه – وقد وجد من يدعمه ويهيء له الطريق، وبعد أن وصل إلى صنعاء اعلن انقلابا على الدولة، وكان يمكن مقاومته في صعدة ثم في عمران ثم في صنعاء، لكن الرئيس هادي وحُكّام مابعد 2012 فضلوا اللجوء إلى الأسهل والاسلم لهم، فاستنجدوا بالسعودية؛ العدو التاريخي لليمن، وهم يعرفون نواياها وأهدافها التاريخية، والحوثي وجد مبرره النبي-ص أو هكذا أراد مشغلوه – لممارساته العبثية في مؤسسات الدولة؛ وهو مقاومة 17 دولة تنتهك سيادة اليمن وتقتل اليمنيين، ولازال يقوى يومياً وتلتف القبائل حوله بهذا المبرر..!!

.. الدعوة للسلام وإيقاف الحرب فريضة ربانية ودعوة نبوية وغاية كل إنسان شريف.
وبعد ست سنوات لابدّ أن تعي كل الأطراف انه لاحل عسكري يمكن أن يفرض واقعاً في اليمن، ومالم يأتِ به الحرب تأتي به السياسة، ويجب على كل الأطراف ايقاف الحرب والعودة للتسوية السياسية التي لاتستثني أحدًا لاستعادة مابقي من اليمن الذي يتسع للجميع وفق قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، وجبر الضرر..
وكما قال مارتن لوثر كنج: علينا أن نتعلم العيش معاً كإخوة، أو سنفنى جميعاً أغبياء..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى