مقالات

طبع العملة اثناء الأزمة الاقتصادية: بين المشكلة والحل (العراق انموذجا)

المحامي محمد نادر العاني

باحث في مجال حقوق الإنسان
عرض مقالات الكاتب

العراق والعالم ككل يمر بأزمة مالية واقتصادية ضخمة بتضائل فرص الأنتاج تراجعاً الى ٣٠.٤% مع إستقرار نسب الأستهلاك والتي سببها الرئيس (( مرض كورونا)) وفي ظل هذه الظروف التي تسمى ركوداً . وأن التأثر الرئيسي الذي طرء على تذبذب الحالة الاقتصادية وشكل صدمة في النمو ،هو مردودات الأزمة في الدول الصناعية على دول العالم الثالث، وأن من بين هذه الدول هو العراق وبسبب اعتماده على الانتاج اليومي لريع النفط عكس انخفاض الدول الصناعية للطلب على هذا الوارد، وهبوط أسعار النفط اوقع اثره السلبي على الاقتصاد العراقي .
فأخذت هذه المشكلة تطرح يوم بعد يوم بأنخفاض السيولة النقدية الواردة من مردودات هذا المنتج عاكسًا بذلك على تسديد النفقات التي بذمة الدولة على قطاعتها المختلفة العامة والخاصة والمختلطة وتوقيتات الديون.
ولسد العجز الحاصل في توفر السيولة، عمد إلى اقتراح قديم جديد من المستشار المالي لرئيس الوزراء حول طبع مزيد من العملة العراقية كحل لمواجه تسديد النفقات الحكومية كمرتبات ودعم السلع الاستهلاكية.
ان اللجوء الى طبع مزيد من العملة في ظل الوضع الاقتصادي الحالي للبلد هو انتحار مالي كونه سيقود ذلك إلى تضخم مالي يضرب العملة الوطنية في قيمتها ، فالعراق قيمة الانتاج لديه يكاد يكون ((صفر)) وهو بلد يعتمد على استيراد السلع والخدمات فعندما توفر سيولة نقدية في الداخل من خلال الطبع، وليس لديك سيولة نقدية صعبة كافية سيقل بذلك السلع الموردة إلى الداخل ؛مع الحفاظ على قيمة الطلب على هذه السلع داخليا ، ما سيؤدي إلى ارتفاع الاسعار على هذه السلع وهذا مايسمى (( بالتضخم)) وسيؤدي ذلك بارتفاع العملة الصعبة على حساب العملة الوطنية كونه لايوجد تغطية نقدية من العملة الصعبة على العملة الوطنة فأدى ذلك إلى اختلال في الميزان النقدي، وان ماحصل إبان فترة الحصار العراقي في التسعينيات من القرن المنصرم هو خير دليل، فكان مستوى الانتاج ومستوى النمو النقدي منهكا إضافة إلى طباعة مزيد من العملة المحلية حتى غدا الدولار مقابل ٣٠٠٠ دينار ، فقاد ذلك إلى ظروف صعبة وتضخم حاد يسمى (( التضخم الجامح)) وألقت بظلالها على المواطن بشكل رئيس.
وان الطباعة قد تقود البلد الى كارثة اخرى ،حيث انخفاض قيمة العملة تؤدي لضعف ثقة المواطن والتاجر والمؤسسات الخاصة بها مما سيتم اقبالهم إلى شراء العملة الصعبة في السوق، ويجبر البنك المركزي إلى ضخ مزيد من هذه العملة مقابل انخفاض مردوتاته النقدية، وضعف احتياطه المالي ويقود بذلك الركود إلى كساد قاتل وطويل يضرب اقتصاد البلد في الصميم .

وقد يتسائل فرد ألا يوجد إيجابية في طبع العملة ؟ولماذا عمدت دول متقدمة بمختلف السنين لحل بعض المشكلات بمزيد من الطبع؟
الجواب :نعم هنالك ايجابيات لأداة الطبع ،ولكن في ظل ظروف والقواعد لاتتواجد في العراق:
لانه تستخدم هذه الأداة فقط عندما يكون الاقتصاد في حالة نمو وليس في ركود ،حيث تكون النقود بمثابة دماء جديدة تضخ في شرايين الاقتصاد القومي ما تؤدي إلى انتعاشه. حيث في هذه الحالة، يؤدي طباعة المزيد من النقود إلى خفض الأسعار، ومن ثم إقبال أصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار في هذا البلد لرخص أسعاره، فيزيد الإنتاج تبعاً لذلك وأيضا تكون في حالة مشكلة اقتصادية ذات توقيت محدد ومعلوم، وان هذا التوقيت لايوجد الآن في ظل هذه الازمة التي يمر بها البلد ،فأقتصادنا ليس مسيطرًا ،وأنه يتأثر بالعوامل الخارجية، وأن أهم عاملين لهذه الازمة : كورونا وهبوط أسعار النفط غير معلوم توقيت انتهائها فماذا لو استمرت لعدة شهور هل ستستمر الدولة بضخ الطباعة؟ فهذا سؤدي إلى قمة الأضرار !
إذن ماالحل؟
١. ترشيد النفقات بما يقارب قيمة العجز النقدي فإذا كان العجز ٤٠% فإن النفقات يجب أن تنخفض إلى مابين ٣٤_٣٨% على الأقل .
٢. تنوع الموارد فهذه المشكلة القديمة الجديدة لهذا البلد يجب الاعتماد على موارد اخرى، تمنح سيولة نقدية بعيدًا عن النفط للعبور بالأزمة أفضل من الطباعة.
٣. اعتماد رفع البنك المركزي يده قليلا عن توازن العملة حتى وإن ارتفع الدولار بعض الشيء، حتى لايجبر على طرح مزيد من العملة الصعبة ،وأيضا يعود هذا الأمر إلى ترشيد المتعامل المالي، والمواطن نحو خفض النفقات غير الضرورية.
٤. تقليص رواتب كبار المسؤولين وصرفيات الحكومية الكمالية، وإن اضطر خصم نسبة ضئيلة من رواتب الموظفين لحين العبور بالأزمة.
٥. تأجيل المشاريع التشغيلية والاستثمارية ،والعمل على المشاريع الضرورية فقط التي تخص الصحة والغذاء .
٦. دعم القطاع الخاص بخصومات مصرفية لكي يستوعب البطالة والتبادل التجاري عن الحكومة.
٧. العمد على إجراءات حقيقية لمكافحة الفساد، وكشف الفضائيون من العاملين والغاء ازدواج الرواتب.
٨. العمل على تقليص العملة الأجنبية بالسوق عن طريق بيع الدين العام الحكومي ، واللجوء إلى الاكتتاب المستندي.
٩. يجب ان تبرز دور السياسة الاقتصادية الخارجية بالتفاوض على تأجيل سداد الديون الخارجية لهذا العام، وعدم توضيف فوائد اخرى على القروض المستحقة.
١٠ . دعم المشاريع المحلية الزراعية والصناعية ،ودفع الانتاج المحلي للنمو وتقليص الاعتماد على استيراد السلع الاستهلاكية.
١١. توضيب محاربة البطالة المقنعة التي تغزو الدوائر والمؤسسات والوزارات في الدولة ،حيث هذا الفائض البشري مقابل انجاز العمل الضعيف يجبر الدولة على مزيد من النفقات الجارية ،دون تحقيق وراد حقيقي بالمقابل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى