دين ودنيا

أصناف الناس مع وباء كورونا

بشير بن حسن

مفكر إسلامي
عرض مقالات الكاتب

يقول الله تبارك وتعالى ( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ )
والناس في هذا الظرف أربعة أصناف :

1- صنف معاقب معذب عذابا معجلا به ، بسبب كفره بالله ورسوله ودينه ، و مالذي أنسانا قوم نوح الذين أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا ، وما الذي أنسانا قوم هود الذين أهلكم الله يريح صرر عاتية ، سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية …
ومالذي أنسانا قوم صالح الذين أخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين ، ومالذي أنسانا قوم لوط ، الذين قلب الله بهم قريتهم ، وجعل عاليها سافلها ، وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود مُسوّمة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد ، وما الذي أنسانا قوم شعيب ، الذين أخذهم عذاب يوم الظُّلة إنه كان عذاب يوم عظيم ، ومالذي أنسانا قوم فرعون الذين أغرقهم الله في البحر ، و مالذي أنسانا قارون الذي خسف الله به وبداره الأرض ، فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين، ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ (36) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) )
فعاقبة الكفر بالله العذاب والدمار في الدنيا قبل الآخرة ، ومن ذلك الأمراض الفاتكة ، قال تعالى ( فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ) وفسر النبي صلى الله عليه وسلم الرجز بالطاعون !!

2 – صنف مؤمنون عصاة ، يبارزون الله ببعض أنواع المعاصي منها :

أ- الفواحش : لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( ولم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها الا ظهرت فيهم الأوجاع والأسقام التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ) رواه بن ماجه وهو صحيح من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما .

ب – الظلم وقطيعة الرحم وعقوق الوالدين : لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( ما من ذنب أجدر من أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الأخرة من البغي أي الظلم وقطيعة الرحم وفي لفظ وعقوق الوالدين ) رواه أحمد وهو صحيح .

ج -ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و عدم نصرة المظلومين و مكافحة الظلم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم أيضا ( لتأمرن بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر ولتأخذنّ على يد الظالم أو ليوشكن الله أن يعمّكم بعذاب من عنده فتدعونه فلا يستجيب لكم ) رواه الترمذي وسنده صحيح .

3 – صنف مؤمنون صالحون ، فهؤلاء على قسمين :،

أ- من يشملهم العذاب بسبب كثرة الخبث في الأمة، لقول الله عز وجل ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سألته زوجته ( أفنهلك وفينا الصالحون ؟ قال نعم إذا كثر الخبث ) والحديث في الصحيحين.

ب – وقسم مبتلى، يبتليهم الله تبارك وتعالى بمثل هذا الوباء، رفعة في درجاتهم ومحوا لخطيئاتهم ، و تعويضا لهم في الأخرة ، ودليل ذلك قول الله تعالى ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ  ) وقال أيضا ( وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ )
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ) رواه البخاري .
ومالذي أنسانا نبي الله أيوب عليه السلام الذي لبث في مرضه ثمانية عشر عاما !! فصبر حتى شفاه الله عز وجل ( ۞ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ (84) ) .

4 -صنف ناجون برحمة الله تعالى ، وقد يكون منهم من تسبب في النجاة من البلاء ، كصنع المعروف ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( صنائع المعروف تقي مصارع السوء ) حديث صحيح .

هذا كله ، بعد تقدير الله سبحانه وتعالى ، و قضاءه السابق ، وإنما ذكرت ذلك من باب ذكر سنن الله الماضية ، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا .

هذه هي أصناف الناس مع كل بلاء في الدنيا ، ومن ذلك هذا الوباء ، فليبحث كل واحد منا عن الصنف الذي يليق به ، ( بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ (15) ) .

وسلوا الله العافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى