مقالات

رأي في الاتفاق الروسي التركي

علي حسن بك

سياسي سوري
عرض مقالات الكاتب

تقدّمت قوات النظام ومن معها فيما يُعرف بمنطقة خفض التصعيد ، وبدأت بقضم الأراضي وسقطت عدة بلدات استراتيجية كمعرة النعمان وسراقب هذه البلدة التي ربما لعب موقعها الجغرافي في التحكم في الطرق الدولية التي أصبحت حديث وسائل الإعلام دورًا كبيرًا في تحديد شكل المعركة التي بدا أن ثمة تغييرات ستحصل بعد تلك المغامرة التي قام بها النظام مدعومًا من مليشيات طائفية وتغطية جوية روسية ، ما حدا بالرئيس رجب طيب أردوغان لإمهال النظام شهرًا (حتى نهاية شهر شباط فبراير) للعودة إلى نقاط سوتشي – النقاط التي تبدأ من مورك في الريف الحموي الذي قضمه النظام- ولم تكد تنتهي المهلة حتى تعرض الجيش التركي لعدة ضربات أودت بحياة عشرات الجنود ، ما دفع بالأتراك إلى بدء توجيه ضربات مركزة أدت لمقتل آلاف من جنود النظام ومليشياته الطائفية وفي القلب منها حزب الله ،فضلاً عن إسقاط عدة مقاتلات وتدمير عشرات الآليات العسكرية ، ما دفع بموسكو التي شعرت بالإذلال نتيجة تعطل سلاحها أمام التقانة الفائقة التي أظهرتها تركيا إلى دعوة الرئيس أردوغان للقاء بوتين في الخامس من آذار 2020 ، وفعلاً التقى في موسكو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، وقد وقعا على اتفاق بينهما يخص سورية . وبغض النظر عن البنود الشكلية التي وردت فيه ،وقراءة كل طرف له من وجهة نظره ، إلا أن الاتفاق والأتراك يعلمون بذلك قد جاء لمصلحة روسيا ، فمن الناحية السياسية والدبلوماسية كان الاتفاق الذي اضطرت تركيا للموافقة عليه يعدّ استمرارًا لمسار أستانة واتفاق سوتشي ، وهو بالمحصلة التفاف روسي إيراني على قرارات جنيف ، مع أن الولايات المتحدة ومعها الاتحاد الأوربي لا يقبلون باي حل سياسي في سورية إلا من خلال مسار جنيف ، وهذا لا يعني أنهما يريدان حلا لصالح الشعب السوري ، وإنما حلاً يتوافق مع رؤيتهم ومصالحهم ، ولذلك رفضت الولايات المتحدة الاتفاق الروسي التركي، وعرقلت تبنيه من قبل مجلس الأمن، وكذلك أعلنت فرنسا أن الاتفاق هش وغير واضح فيما طالبت بريطانيا بتفاصيل حوله .
الكارثة في الاتفاق الروسي التركي ورفض الولايات المتحدة له وتحفظ فرنسا وبريطانيا عليه قد بين أن سورية قد تحولت إلى ساحة لصراع مصالح دولي إقليمي على حساب الشعب السوري الثائر على الاستبداد ، وفي ظل غياب صارخ له ولمن يمثله !
وهذا لن يدوم طويلا، لأن النجاح الروسي العسكري المؤقت في سوريا، لا يكفي وحده لإعادة إنتاج للنظام بالطريقة التي يراها بوتين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى