مقالات

روسيا وتركيا… غلطة الشاطر بألف

م. عبد التركي

أديب وكاتب صحفي سوري
عرض مقالات الكاتب

تداعيات الهجوم على الجنود الأتراك أمس تجعل كل الجهود الدبلوماسية التي بذلت حتى الآن وكذلك التي تحاول فرنسا وألمانيا القيام بها تذهب أدراج الرياح وذلك لعدة أسباب
1- حجم المشكلة وعدد القتلى من الجيش التركي الذي وضع سمعة تركيا ومصداقيتها داخليا وخارجيا على المحك بغض النظر عن الذي قام بالهجوم إن كان النظام أو روسيا فالنتيجة واحدة .
2- التعنت الروسي أمام كل ماطرحته تركيا من مبادرات دبلوماسية والتعامل معها بعنجهية وصلت إلى حد رفض تحديد موعد للقاء أردوغان بوتين لحل المشكلة وكذلك رفض المبادرة الفرنسية الألمانية بحجة عدم وجود سبب لتوسعة المبادرات الثنائية التي تمت حتى اليوم .
3- عدم قدرة تركيا على البقاء مكتوفة الأيدي لأن هذا يترتب عليه خسائر استراتيجية مستقبلاً .
أمام هذه الأسباب أرى أن المهلة المعطاة من تركيا للنظام حتى نهاية الشهر قد انتهت قبل أوانها وأن المؤتمر الرباعي الذي كان من المزعم عقده في الخامس من آذار لن يعقد أقلها في هذا التاريخ وأن الحرب قد تبدأ في أي لحظة إن لم تكن قد بدأت قبل نشر هذا المقال وربما تنزلق إلى حرب مباشرة بين تركيا وروسيا مع أن الطرفين لايريدانها ولكن سوء التقدير وعدم حساب المصالح بشكل جيد والتعالي الروسي ربما يكونان من الأسباب الرئيسية لما سيحدث هذا اليوم ولن تجدي كل المحاولات والمساعي التي ستبذل في رأب الصدع بين روسيا وتركيا ولا في جسر الهوة وتقريب وجهات النظر حتى وإن أوعزت روسيا للنظام بالانسحاب إلى ماخلف خطوط خفض التصعيد أقلها في الوقت الراهن لأن تركيا على الأرجح قد أيقنت أن روسيا طرف لايمكن الوثوق به في التعهدات التي تأخذها على نفسها.
كما أن تركيا تريد التأكد كذلك من مصداقية الناتو وعلاقتها به وهل سيقدم هذا الحلف لها كدولة عضو ومن أهم أركانه مايجب عليه تقديمه .
كذلك تريد اختبار الاتحاد الأوربي وتضعه أمام مسؤولياته التي عليه تحملها خصوصاً في مجال اللاجئين وتحمل أعبائهم لأن تركيا تتحمل العبء الأكبر في هذا الملف وهي لعب دور الشرطي في منع تسرب اللاجئين إلى أوربا ولم تفعل القانون الذي يلزمها بفتح حدودها أمام القادمين إليها في الفترة الاخيرة وإن لم تستطع استيعابهم بأن تيسر لهم الطريق إلى الدول الأخرى.
مأزق وقعوا فيه وعليهم حله دبلوماسياً ﻷن الجميع يصرحون دائما ويدركون حقيقة أن لاحل عسكري في سوريا هذا على المستوى السوري معارضة موالاة فكيف إذا ارتفع منسوب التوتر والمواجهة ليصبح دولياً أرى أنه من الأولى أن تبحث كل هذه الدول عن الحل الدبلوماسي وأن تحاول إمتصاص الغضب التركي الذي من المتوقع أن يذهب إلى ضرب النظام مهما كان الوضع بغض النظر عن ردات الفعل من روسيا والناتو وعلى الأغلب لم تعد هناك حاجة إلى مهل واللعب أصبح على المكشوف في الشمال وبدل أن يكون شباط طويلا لأن هذه السنة كبيسة وكان من الممكن ان تتبعه خمسة أيام أخرى من آذار فسينتهي قبل أن يكمل أيامه هذا ماستفعله تركيا إذا أرادت أن تبقى في المعادلة السورية أوأن يكون لها دور في الحل النهائي بعد كل مافعلته وماخسرته ربما ستتدخل روسيا واﻵخرين لحل الموقف دبلوماسياً وتدفع ثم الخطأ الذي ارتكب مع أنه مقصود عندها نقول رب ضارة نافعة وسينطبق على النظام والروس المثل غلطة الشاطر بألف .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى