تحقيقات

أردوغان سنتجاوز عدم استخدام المجال الجوي في إدلب والمعارضة تخسر أيقونة الثورة

أحمد الحسين – رسالة بوست
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن أكبر مشكلة تواجه قوات بلاده العاملة في إدلب السورية حاليا، هي عدم إمكانية استخدام المجال الجوي، وأن هذه الأزمة ستُحل قريبا.
تصريحات أردوغان هذه، جاءت في خطاب ألقاه، الأربعاء، في اجتماع الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية بالبرلمان التركي في العاصمة أنقرة.
وقال أردوغان في هذا الخصوص: “أكبر مشكلة نواجهها حاليا في إدلب هي عدم قدرتنا على استخدام المجال الجوي، وسنتجاوزها قريبا”.
وأضاف أردوغان أن مطلب بلاده في إدلب هو انسحاب النظام السوري إلى ما بعد نقاط المراقبة التركية، وإتاحة فرصة العودة للنازحين إلى ديارهم.

وتابع قائلا: “لا مطمع لنا بالأراضي السورية ونفطها، وما نسعى إليه هو تحقيق السلام والأمان للسوريين على أراضيهم”.

وحذّر قائلا: “المهلة التي حددناها للذين يحاصرون نقاط المراقبة التركية بالإنسحاب، أوشكت على الانتهاء”.

وتابع قائلا: “نخطط لفك الحصار عن نقاط المراقبة التركية مع نهاية الشهر الجاري، فالنظام لا يهدف لتخليص أراضيه بل يسعى للقضاء على شعبه وتسليم البلاد للمتعصبين الطائفيين القادمين من الخارج”.

وأكد أن الذين يهدفون لإنقاذ أراضيهم وبلادهم ومستقبلهم، هم المجموعات السورية التي تتحرك مع القوات التركية (في إشارة إلى الجيش الوطني السوري).

ولفت إلى أن هذه المجموعات تعارض نظام الأسد وتكنّ المحبة والولاء للشعب السوري ولبلادهم.

وأردف: “عززنا وجودنا العسكري في إدلب لتوفير أمن جنودنا هناك ولحماية الشعب من ظلم النظام السوري”.
كلا الرئيس أردوغان جاء في ضل توغل قوات النظام والمليشيات الموالية لها الأربعاء، في منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي بعد أن سيطرت على أكثر من 20 قرية وبلدة ومزرعة كانت تسيطر عليها المعارضة السورية جنوب وشرقي المنطقة الجبلية الوعرة.
وشهدت الأطراف الجنوبية الشرقية لمنطقة جبل الزاوية، صباح الأربعاء، معارك هي الأعنف بين الطرفين، وتركزت هجمات القوات المهاجمة في محاور الفطيرة والبريج وتل رأس الشيخ وملاجة وكفر موسى وأكثر من 10 محاور إشغال أخرى تستهدف عدداً من القرى والتلال الجبيلة الواقعة على جانبي رأس الحربة المتقدم.
وكثفت الطائرات الحربية الروسية بعد منتصف ليل الثلاثاء/الأربعاء، وحتى ساعات الصباح من غاراتها الجوية مستهدفة قرى وبلدات منطقة جبل الزاوية، وتركزت في جبهات القتال وأمام محاور التقدم، وزاد عن 200 عدد الغارات التي تناوبت على تنفيذها أسراب من الطائرات الحربية، والتي استخدمت في هجماتها الجوية القنابل الموجهة والخارقة للتحصينات بكثافة غير مسبوقة، إلى جانب استخدامها القنابل العنقودية والفراغية.
قوات النظام والمليشيات من “الفرقة 25 مهام خاصة” و “الفيلق الخامس” و”الفرقة الرابعة” و”القوات الخاصة الروسية” وأكثر من 20 تشكيلاً مسلحاً تشارك في العمليات الهجومية استخدمت النيران البرية بكثافة كبيرة مؤخراً، تمهيداً لاجتياحها منطقة جبل الزاوية. وزاد عن 4000 عدد القذائف الصاروخية والمدفعية التي استهدفت قرى وبلدات الجبل، بينها صواريخ “سميرتش” الروسية، ويزن الصاروخ 800 كلغ، وصواريخ “جولان” و”توشكا”، إلى جانب المدفعية التقليدية وصواريخ “غراد” و”كاتيوشا”.
وكانت قوات النظام والمليشيات الموالية قد سيطرت، ليل الثلاثاء/الأربعاء، على مجموعة بلدات ومواقع، أهمها أيقونة الثورة “كفرنبل” والقرى المحيطة بها، وفي محاور الجنوب الأقصى تمكنت القوات المهاجمة من السيطرة على قرى بعربو ودير سنبل وقعورة.
واستفادت قوات النظام والمليشيات في عملياتها العسكرية الأخيرة من حماسة القوة الهجومية المدعومة بنيران برية وجوية هائلة، أما من جهة المعارضة فقد كان القصف الوحشي العامل البارز في إجبارها على التراجع نحو مواقع خلفية.
ويضاف إلى عامل الكثافة النارية عوامل أخرى، أهمها، الفشل في إدارة العمليات الدفاعية وغياب التنسيق بين الفصائل المتواجدة في المنطقة، وفشلها في الاستفادة من تضاريس المنطقة الوعرة في عمليات التصدي. وفي بعض محاور الجبل بدت المجموعات المرابطة غير عازمة فعلياً على الصمود برغم توفر الإمكانات اللوجستية وعوامل جغرافيا المكان.
وتفتقد الجبهات التي تقاتل عليها الفصائل لأعداد كافية من المقاتلين للدفاع عن المنطقة، والسبب في إفراغ المنطقة من مقاتليها يعود إلى سياسة “هيئة تحرير الشام” التي تسببت في تهجير المقاتلين خلال العامين الماضيين، وأيضاَ، قلة الصواريخ المضادة للدروع وغياب الأسلحة الثقيلة.
ويسود الحزن في أوساط المعارضة السورية بعد خسارتها مدينة كفرنبل جنوبي إدلب لصالح قوات النظام والمليشيات الموالية، وبدت الخسارة لواحدة من أهم معاقل الثورة السورية صادمة بالفعل. كفرنبل لطالما ارتبط اسمها بحراكها الشعبي الأكثر تميزاً في مناهضة النظام، وذلك منذ بداية العام 2011، فالمدينة تسميها المعارضة “أيقونة الثورة” وانطلقت فيها المظاهرات منذ بداية نيسان/أبريل من العام 2011.
وتعتبر كفرنبل وفق التقسيم الإداري لمحافظة إدلب مركز ناحية وتتبع لمنطقة معرة النعمان، وتفصلها عن مركز المنطقة قرابة 15 كلم، في حين تقع إلى الجنوب من مدينة إدلب، مركز المحافظة بمسافة 35 كلم، وشهدت المدينة خلال سنوات الثورة زيادة متقطعة في أعداد السكان، وصلت في أقصاها إلى 60 ألف نسمة.
كفرنبل أيقونة الثورة
ومنذ بداية العمليات العسكرية لقوات النظام في أيار/مايو 2019 بدأت النيران الجوية تصل إلى المدينة، وتكرر استهدافها جواً وارتكبت الطائرات أكثر من مجزرة. وبعد أن وصلت طلائع القوات المهاجمة إلى ريف معرة النعمان وخان شيخون منتصف العام نفسه زادت الكثافة النارية. وفي الربع الأخير من العام 2019 شهدت المدينة موجة نزوح كبيرة، وتسبب القصف على مدار عام تقريباً وصولاً إلى الاجتياح الأخير بدمار أكثر من 50 في المئة من عمرانها.
وقمعت قوات النظام والفروع الأمنية المظاهرات في المدينة في الأشهر الأولى من العام 2011، وفي 4 تموز/يوليو من العام ذاته سيطرت عليها بالكامل ونفذت حملة اعتقالات واسعة طالت ناشطين وعدد كبير من المدنيين المشاركين في التظاهرات، وخلال الفترة اللاحقة شكل أبناء المدينة الفارون من القبضة الأمنية، والضباط المنشقين عن “جيش النظام”، كتيبة مسلحة، والتي انضمت في ما بعد إلى الكتائب الناشئة في ذلك الحين في جبل الزاوية وشمالي حماة، والتي كان لها الدور في استعادت السيطرة على المدينة وطرد قوات النظام في 10 آب/أغسطس 2012.
وعرف عن كفرنبل حراكها المناهض لجبهة النصرة والتنظيمات السلفية في وقت مبكر، وتعرض ناشطيها للملاحقة والاعتقال، وتكررت المظاهرات الشعبية في المدينة التي طالبت بخروج النصرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى