بحوث ودراسات

مكائد الاستشراق للطَّعن في الإسلام وتبرير محاربته: برنارد لويس نموذجًا 5 من 5

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب

يتناول لويس في الفصل الثالث من الكتاب، الذي منحه عنوان From Crusaders to Imperialists-من الصليبيِّين إلى الإمبرياليِّين، تطوُّر الهجوم الغربي على العالم الإسلامي، منذ القرون الوسطى وإلى اليوم، معتبرًا أنَّ هدف الهجوم في الحالتين واحدٌ، “مقاومة التقدُّم الإسلامي نحو بلاد المسيحيَّة، وعكس اتجاهه” (ص76). يجد لويس في الزحف الغربي على العالم الإسلامي، الذي يوصف في حقيقة الأمر بالتوسُّع الإمبريالي الهادف إلى محو هويَّة الإسلام من داره وإخضاع معتنقيه إلى سُلطان الغرب، وسيلة وقائيَّة لحماية الغرب من مساعي المسلمين البربريَّة إلى استيطان الغرب ونهب خيراته. من جديد، يشير لويس إلى محاولات الدولة العثمانيَّة المتكرِّرة التوغُّل ناحية الغرب، من خلال حصار فيينا-في عامي 1526 و1532 ميلاديًّا، في عهد سليمان القانوني؛ و1683 ميلاديًّا، في عهد محمَّد الرابع-مما أجبر أوروبا على التأهُّب “في وضع دفاعي” (ص76). وبعد فشل حصار فيينا الأخير عام 1683 ميلاديًّا، بدأت عهد التراخي في الدولة العثمانيَّة، بعد أن كانت، بشهادة لويس، “أغنى بقاع العالم، وأكثرها سطوة وإبداعًا واستنارة” (ص76). غيَّر التقدُّم التقني المتسارع حينها، والتوسُّع الاقتصادي في شتَّى بقاع العالم، والسيطرة على خطوط الملاحة العالميَّة عظيم، معادلة القوى في العالم.

بعد تطرُّقه إلى تلك المسألة في كتاب What Went Wrong-أين يكمن الخطأ (2001)، يعيد لويس الإشارة إلى التحوُّل الجذري في تاريخ العالم الإسلامي الحديث بعد حملة نابليون بونابرت في صيف عام 1798 ميلاديًّا، التي سبق وأن اعتبرها محاولة أوروبيَّة جديَّة لتعريف العالم الإسلامي بأحدث منجزات الحضارة الأوربيَّة الحديثة، متمثِّلةً في التطوُّر العلمي، وبخاصَّة في مجال التقنيات الحديثة، نافيًا من جديد أن يكون سبب خروج الحملة الفرنسيَّة الانتفاضة الشعبيَّة، ومعتبرًا تواطؤ البحريَّة البريطانيَّة مع الدولة العثمانيَّة السبب. يبرز لويس في أزمة الإسلام الدور الحقيقي للحملة الفرنسيَّة على مصر والشام (1798-1801) في فتح المجال أمام مزيدٍ من الحملات الغربيَّة على العالم الإسلامي، فيما عُرف بعصر الإمبرياليَّة الغربيَّة في القرن التاسع عشر الميلادي. بعد أن اعتبر لويس الهجمات الغربيَّة على دار الإسلام مشروعة، باعتبار أنَّها تكفل صدِّ الزحف الإسلامي وإلهاء المسلمين عن الغرب، ينتقد المفكِّر الكبير تنديد المسلمين بالاستعمار الغربي لبلادهم، برغم إباحتهم زحفهم إلى بلاد الغرب، حيث يقول “كانت السيطرة على أوروبا والأوروبيِّين، وبالتالي تمكُّنهم من-لا إجبارهم على-اعتناق الدين الحق أمرًا مشروعًا تمامًا لدى المسلمين. وكان احتلال الأوروبيِّين المسلمين وحُكمهم، والأدهى محاولتهم تضليلهم جريمةً وإثمًا” (ص78).

يشير لويس إلى حقيقة تاريخيَّة في غاية الأهميَّة، وهي سعي الولايات المتَّحدة منذ تأسيسها أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، وانفصالها عن بريطانيا، إلى نشر مفاهيم الحريَّة والديموقراطيَّة والمساواة والمؤاخاة؛ وكانت الدولة العثمانيَّة من أولى نقاط التركيز. كانت إسطنبول هي أول عاصمة إسلاميَّة تُعرَّف فيها أمريكا باعتبارها رمزًا سياسيًّا في العالم الإسلامي، حينما أقام سفير فرنسا لديها حفلًا انتهى بإطلاق مدفعية من سفينتين ترفعان رايات الدولة العثمانيَّة والجمهوريَّتين الأمريكيَّة والفرنسيَّة، عام 1793 ميلاديًّا، أي سنوات قليلة بعد نجاح الثورة الأمريكيَّة، وخلال أحداث الثورة الفرنسيَّة (1789-1798). والمفارقة أنَّ سفيرًا فرنسيًّا لاحقًا أوفد إلى إسطنبول كان أمريكي المولد، وشارك بنفسه في عمليَّات عسكريَّة للجيش الأمريكي. وكما يخبر لويس، “كرَّس هذا السفير شيئًا من جهوده لنشر أفكار الثورة الأمريكيَّة في تركيا”، وإن أخذت تلك الجهود شكلًا فرنسيًّا (ص86). بدأت الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة ترتبط في الأذهان بأنَّها رمز للحريَّة والديموقراطيَّة، حتى قال عنها رفاعة الطهطاوي في كتابه قلائد المفاخر في غريب عوائد الأوائل والأواخر “دولة تتألَّف من أقاليم عدَّة، تجتمع في جمهوريَّة واحدة في أمريكا الشماليَّة، سكانها قبائل، نزحت من…إنكلترا، واستولت على تلك الأرض. ثمَّ حرَّرت تلك القبائل نفسها من قبضة الإنكليز، فباتوا أحرارًا مستقلِّين في بلادهم. وتعدُّ هذه البلاد إحدى البلاد المتقدِّمة حضاريًّا في أمريكا. تسمح هذه البلاد لمختلف الجاليات الدينيَّة بممارسة طقوسها…”.

يروي لويس ما سبقت الإشارة إليه عن بداية النشاط التبشيري الأمريكي في العالم الإسلامي، في إطار نشر مفاهيم التحرُّر والخروج عن القوالب الاجتماعيَّة الجامدة، التي توارثتها الأجيال بلا تفكُّر. عنيت الإرساليَّات الأمريكيَّة إلى العالم الإسلامي، كما سبق القول في الدراسة السابقة، بتأسيس منظمة تعليميَّة جديدة تنشر الأفكار التي تتوافق مع مشروعات الغرب في بلاد المسلمين. يعترف لويس بأنَّ “بعض الأمريكان العاطلين” تمكَّنوا من إيجاد فرص عمل في العالم الإسلامي من خلال خدمة الحكام المسلمين، كما يشير إلى أنَّ بعض خريجي المدارس التبشيريَّة ابتُعثوا إلى الغرب لاستكمال دراستهم، والعودة لنشر مفاهيم الغرب في دار الإسلام، ولن ننسى دور هؤلاء في الدعوة إلى التحديث والتمدين، بما في ذلك الفكر الديني (ص87-88).

من جديد، يشير لويس إلى أنَّ اكتشاف النفط في الخليج العربي في النصف الأوَّل من القرن الماضي من أهم ما دعَّم اهتمام الغرب بالمشرق الإسلامي. تكرَّرت زيارات رجال البرنس الأمريكان إلى الخليج، بما في ذلك المملكة العربيَّة السعوديَّة-أرض الحرمين-وازداد استثمار أبناء الخليج في الغرب؛ وانتشرت مظاهر الحداثة، من حيث الأبنية والسيَّارات والملابس والنظم التعليميَّة؛ واستُجلبت كافَّة المنتجات الأمريكيَّة، وعلى رأسها الأجهزة الترفيهيَّة الحديثة؛ وساد شعور بالإعجاب الشديد تجاه الغرب، مصدره الصورة المبهرة التي رآها المسلمون له من خلال السينما الأمريكيَّة. ومع ازدياد الميل إلى اعتناق قيم الغرب “الكافر”، ظهر تيَّار ديني “مُجدِّد” لم يرق له التماهي مع الغربيِّين، الذين اعتبرهم “أعداء الله”، وأصبحت أمريكا “العدو الأوَّل، تجسيد الشر، النقيض الشيطاني لكلِّ ما هو خير” (ص88). لا يجد لويس في الهيمنة الأجنبيَّة على الثروة النفطيَّة في العالم الإسلامي، وتطبيق خطط اقتصاديَّة تزيد من المسلمين فقرًا، وتزيد من ثروات الغرب في ذات الوقت، وفرض مفاهيم الغرب على كافَّة مناحي حياة المسلمين بصورة جعلت من لا يطبِّق تلك المفاهيم منبوذًا وغريبًا في دار الإسلام، أسبابًا كافية لإثارة كراهية المسلمين تجاه الغرب.

يعبِّر لويس ضمنيًّا عن أحد أهم أسباب كراهية المسلمين لأمريكا، باعتبارها تجسيد الحضارة الغربيَّة المستغرقة في الماديَّة، وهو العجز عن التماهي مع مظاهر تلك الحضارة وتطوير الذات وفق مفاهيم النجاح الغربيَّة، من خلال التعرُّض لسيرة المفكِّر الإسلامي سيِّد قطب، أحد المنظِّرين الأيديولوجيِّين للفكر الإسلامي الأصولي. سافر قطب خلال الفترة ما بين عامي 1948 و1950 ميلاديًّا إلى أمريكا للدراسة، باعتباره موظَّفًا في وزارة التعليم المصريَّة. بدأ قطب تطوير أفكاره عن العلاقة بين الإسلام والغرب بعد عودته من أمريكا، ما تزامن مع ثورة يوليو من عام 1952 ميلاديًّا، وأسهم شعوره بالصدمة مما رآه من انحلال أخلاقي في أمريكا في دفعه إلى التمسُّك بأصول الدين الإسلامي، والدعوة إلى إحياء تراثه، بعد أن رأى في العصر الحالي ما يشبه عصر الجاهليَّة، قبل ظهور الإسلام. اعتبر سيِّد قطب أنَّ نموذج الحياة الأمريكي يشكِّل تهديدًا صريحًا للمجتمع الإسلامي، وأصبح هذا التهديد “جزءً اعتياديًّا من قاموس الأصوليِّين الإسلاميِّين وأيديولوجيَّتهم” (ص97). تلقَّى قطب العقوبة التي حكم بها النظام الناصري بالإعدام، لكنَّ أفكاره أثَّرت في الأجيال اللاحقة لجماعة الإخوان المسلمين “الأصوليَّة“.

يلتفت لويس في الفصل الخامس إلى مسألة صور الراديكاليَّة الإسلاميَّة في عداء الغرب، ساردًا قصَّة احتلال الحرم المكِّي في 20 من نوفمبر من عام 1979 ميلاديًّا، حيث ندَّد الجمع المحتل للحرم بموالاة حكَّام بلادهم للغرب، المتَّهم بتدمير القيم الإسلاميَّة، والتآمر لسلب مصادر الثروة في بلاد المسلمين. حُكم بالإعدام على قائد تلك الجماعة مع آخرين، كما حُكم بالسجن على غيرهم. ومن عجائب المصادفات أن سبق احتلال الحرم بأيام قليلة احتلال السفارة الأمريكيَّة في طهران، يوم 4 من نوفمبر من عام 1979 ميلاديًّا، وأُخذ حينها 62 رهينةً من الأمريكيِّين. وكان آية الله الخميني من أكثر المندِّدين بالسياسات الأمريكيَّة في العالم الإسلامي، بل واعتبرها عدوَّه الأهم، الذي وجبت مواجهته. كان الخميني قد نُفي إلى خارج إيران أواخر عام 1964 ميلاديًّا؛ بسبب خطاب ألقاه ندَّد فيه بقانون أمريكي فُرض في إيران، قضى بمحاكمة الرعايا الأمريكيِّين في إيران وفق القانون الأمريكي، مما يعني منع خضوعهم إلى سلطان القضاء في إيران. أشار نظام الخميني إلى الولايات المتَّحدة في خطابه بـ “الشيطان الأكبر”، وإلى إسرائيل بوصفها “الشيطان الأصغر”، كما اعتبر كلًّا من الرئيسين، المصري الأسبق، أنور السادات، والعراقي الأسبق، صدَّام حسين، باعتبارهما “خادمين لأمريكا وعميلين لها” (ص102). أمَّا سبب إدانة السادات، فهو إبرام اتفاقيَّة كامب ديفيد أواخر عام 1978 مع إسرائيل بمباركة أمريكا؛ لإنهاء العداء المصري الإسرائيلي، وانسحاب إسرائيل من سيناء. وبالنسبة إلى صدَّام حسين، فمشكلته مع النظام الإيراني كانت إقدامه على محاربته بدفع من أمريكا.

يتعجَّب لويس من أسباب عدم إبداء مشاعر كراهية تجاه الاتحاد السوفييتي قبل انهياره، برغم انتهاكاته المتكرِّرة ضدَّ المسلمين في شرق آسيا، وبخاصة في أفغانستان، بنفس الدرجة التي يبديها المسلمون تجاه أمريكا. ويحدِّد الكاتب بعض الأسباب التي تؤجِّج مشاعر العداء الإسلامي تجاه أمريكا، وأهمها مساندة إسرائيل واعتبار بقاءها مصلحة عظمى للغرب في العالم الإسلامي، وفرض سيطرة اقتصاديَّة على دول العالم الإسلامي، ودعم الأنظمة الطاغية في البلدان الإسلاميَّة. وبرغم أنَّ الاتحاد السوفييتي لعب دورًا رئيسًا في جمع التأييد من أجل تأسيس دولة إسرائيل، خلال التصويت المجرى في نوفمبر من عام 1949 ميلاديًّا، وبرغم دعمها بالسلاح، لم يبدِ المسلمون تجاه الدب الروسي من العدائيَّة ما أبداه تجاه أمريكا. ويقول لويس عن علاقة أمريكا بإسرائيل أنَّها “علاقة استراتيجيَّة، بدأت في الستِّينات، وازدهرت في السبعينات والثمانينات، وتذبذبت في التسعينات، واكتسبت أهميَّة جديدة حين واجهت الولايات المتَّحدة تهديد مطامع صدَّام حسين الحالية، باحتلال دولة أخرى، وإرهاب القاعدة الأصولي، وعدم القناعة عميق الجذور المتنامي لدى حلفاء أمريكا العرب” (ص111).

يعترف لويس بأنَّ منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، تطبِّق أمريكا في الشرق الأوسط سياسة تستهدف الحيلولة دون ظهور أطماع إقليميَّة في المنطقة…تفرض سيطرة احتكاريَّة على نفط الشرق الأوسط. هذا هو الاهتمام الرئيس للسياسات الأمريكيَّة المتوالية إزاء إيران، أو العراق، أو أي تهديد مستقبلي في المنطقة” (ص112). تقوم هذه السياسة على تأييد أمريكا حلفاءها في العالم الإسلامي، ومنحهم السلاح، وإذا لزم الأمر، دعمهم أمنيًّا. ويشير لويس إلى ظهور سبب جديد لإثارة الاستياء الإسلامي من أمريكا، وهو دعمها للأنظمة القمعيَّة ومشاركتها في جرائمها ضدَّ أبناء شعوبه. وبالطبع، هذا الاتهام لا يمكن تناوُله بسهولة في وسائل الإعلام الرسميَّة؛ بسبب ما فرضته أنظمة الدول المسلمة من استراتيجيَّة قاسية لتكميم الأفواه ودحر المعارضة. لم يُمكن مهاجمة أمريكا بسبب دعمها للشاه رضا بهلوي إلَّا بعد سقوط نظامه عام 1979 ميلاديًّا، واستغل نظام ملالي الشيعة في إيران ما أشيع عن دعم أمريكا لسياسات الشاه، مقابل تغاضيه عن احتكارها النفط الإيراني. 
يعترف لويس بازدواجيَّة معايير الغرب في معاملته المسلمين من منظور أدنى مما يعامله به أبناءه من الغربيِّين، وبأنَّ الغرب يتغاضى عن ممارسات سلبيَّة للحكَّام المسلمين، كانت لتقيم الدنيا وتقعدها وتثير موجة غضب عارمة، إذا ما صدرت من حاكم غربي. ويعلِّق لويس على ذلك، مشيرًا إلى أنَّ السياسات الداخليَّة للبلدان الإسلاميَّة لا تعني أمريكا، التي، لا يمكنها حتَّى أن تمانع قبول البلدان موضع الحديث في عضويَّة مفوَّضيَّة الأمم المتَّحدة؛ كونها تعي جيِّدًا بأن شعوب لا تحترم آدميَّة الإنسان لا بد وأن يحكمها “حاكم فاسد مستبد” (ص116). ما يريد لويس قوله هو “هذه الشعوب غير قادرة على توجيه مجتمع ديموقراطي، وليس لديها لا الرغبة في، ولا القدرة على، احترام حرمة الإنسان…ليس من واجب الغرب إصلاح حالهم، بل ولا تغييرهم. المهم الوحيد أن يكون الحكَّام المستبدُّون أصدقاء، وليس، أعداء، للمصالح الغربيَّة” (ص116). ويذكِّر لويس بموقف أمريكا من طغاة الحكَّام المسلمين، حينما توقَّفت عن دعم صدَّام حسين، وطالبت العراقيين بالثورة عليه خلال حرب الخليج، وكذلك حينما توسَّطت لإقناع حافظ الأسد بحلِّ مشكلة مدينة حماة، بعد أن أدار فيها عام 1982 ميلاديًّا معركة راح ضحيَّتها ما بين 10 آلاف و25 ألف مدني.

يتعجَّب لويس من جديد من اتِّهام الغرب بالوقوف وراء تفشِّي الفقر والاستبداد؛ فهيمنة أمريكا على اقتصاد العالم الإسلامي هي سبب انتشار الفقر، ودعمها الحكَّام الطغاة هو دافعهم للبطش وقمع الحريَّات. وبما أنَّه لا يرى لبلاده ذنبًا في الاستبداد في العالم الإسلامي، كما يبرِّر ممارساتها الاقتصاديَّة التي تولي مصلحتها الأهميَّة القصوى، يعتقد لويس أنَّ الغضب من المفترض أن يوجهه المسلمون إلى حُكَّامهم، وليس إلى أمريكا. وكالعادة، فإنَّ الباعث على إبداء مشاعر السخط على أمريكا بسبب قلَّة الفرص ومحدوديَّة وسائل الرفاهية، مقارنةً بالغرب، هو حقد المسلمين على ما ينعم به الغربيُّون، بعد إدراك المسلمين “عمق الأخدود، وسعته بين فرص العالم الحر خارج حدود بلدانهم، والقمع الرهيب داخلها. ومن الطبيعي أن يوجَّه الغضب الناجم عن ذلك إلى حكَّامهم، وإلى من يعدُّونهم عاملين على المحافظة على أولئك الحكَّام في السلطة لأسباب أنانيَّة”؛ والحل الأمثل هو “مزيد من الحداثة والأفضل من صيغها” كي يلحق العالم الإسلامي بركب التقدُّم الغربي (ص127).

يتناول لويس الحركات الإسلاميَّة المناهضة لفكرة تطبيق مفاهيم الحداثة الغربيَّة، ضاربًا المثل بالحركة الوهَّابيَّة في الجزيرة العربيَّة، باعتبارها الأهم. بدأ محمَّد عبد الوهَّاب، مؤسس الحركة الوهَّابيَّة، حملته التجديديَّة عام 1744 ميلاديًّا، داعيًا إلى العودة صحيح الرسالة المنزَّلة على نبيِّنا مُحمَّد. اعتنق حُكَّام إقليم نجد، جنوب شرق جزيرة العرب، وأغراهم المذهب الوهَّابي بالتوجُّه إلى مدينة كربلاء في العراق، قدس الأقداس بالنسبة إلى أتباع الملَّة الشيعيَّة، والواقعة تحت حُكم الدولة العثمانيَّة، في سبيل القضاء على البدع التي أدخلها الشيعة على صحيح الإسلام، ودحر الفتن المنتشرة في تلك المدينة؛ هدم الوهَّابيَّون “المراقد المقدَّسة، منتهكين حُرمة ما أسموه الأماكن المقدَّسة الزائفة، ومواضع تقديس الأشخاص حدَّ الوثنيَّة” (ص131). ازداد تحدِّي الوهَّابيِّين للدولة العثمانيَّة، التي كانت قد بدأت في مرحلة الأفول والتردِّي، بعد سعيهم إلى السيطرة على الحرمين الشريفين، وتنديدهم بالسلطان العثماني، الذي اعتبروه مرتدًّا عن عقيدة الإسلام. وسرعان ما تداركت الدولة العثمانيَّة الأمر بمساعدة والي صرن محمَّد علي باشا، الذي شنَّ هجومًا على جزيرة العرب، وقمع تمرُّد أمرائها.

وقع اتَّفاق جديد بين الوهَّابيَّة وآل سعود في السنوات الأخيرة من حُكم الدولة العثمانيَّة، وربَّما استمرَّ إلى اليوم؛ ومن أهم نتائج هذا الاتفاق توسُّع آل سعود في جزيرة العرب، وتوحيدها. وأكثر مت أسهم في تحقيق تلك النتيجة انهيار الدولة العثمانيَّة التدريجي في العقد الثاني من القرن العشرين، ثمَّ تفكُّك أراضيها في أعقاب الحرب العالميَّة الأولى، نهاية عام 1914 ميلاديًّا. وقَّع عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود-مؤسس المملكة العربيَّة السعوديَّة-في يناير من عام 1915 ميلاديًّا اتفاقيَّة مع بريطانيا تقضي بمنحه استقلالًا داخليًّا عن الدولة العثمانيَّة، وبحصوله على مساعدات ماليَّة، وبمساندته في حال تعرُّضه للهجوم.

تقدَّم ابن سعود من جديد عام 1921 ميلاديًّا، حينما أنهى حُكم مملكة آل رشيد في حائل، شمال وسط جزيرة العرب؛ فاتَّخذ لنفسه لقب سُلطان نجد. لم يبقَ أمام ابن سعود سوى إقليم الحجاز، الذي يضمُّ الحرمين الشريفين، ويقع على البحر الأحمر، أي في الطرف الغربي لجزيرة العرب. ويرى لويس أنَّ سيطرة الملك المؤسس لذلك الإقليم كانت ضروريَّة؛ لأنَّه اعتبرها “تهديدًا لمُلكه” (ص132). كان خصم ابن سعود في هذا الصراع هو الشريف حسين بن علي، الذي قضى في إسطنبول مع أبنائه الثلاثة-عليٍّ وعبد الله وفيصل-16 عامًا، لتنتهي إقامته هناك بتعيينه شريفًا لمكَّة عام 1908 ميلاديًّا، ضدَّ رغبة السلطان عبد الحميد الثاني، الذي أُجبر على الموافقة على تعيينه بضغط من الجهات الخارجيَّة المؤثِّرة في حُكمه في أواخره. المفارقة هي أنَّ عبد الحميد الثاني لم يبقَ في منصبه سوى عام بعد تعيين الحسين بن عليٍّ شريفًا لمكَّة، وانتهز الأخير فرصة سقوط الخلافة عام 1924 ميلاديًّا، ليعلن نفسه خليفةً للمسلمين. احتدم الصراع بين ابن سعود والحسين بن عليٍّ بعد رفض الأخير السماح للوهَّابيِّين بأداء مناسك الحج؛ فشنَّ ملك السعوديَّة الأوَّل حربه على الحجاز، وانتهت بانتصاره، وضمِّ الإقليم إلى سُلطانه عام 1926 ميلاديًّا. توالت اعترافات القوى العظمى في العالم بالنظام الجديد في جزيرة العرب، وكان الاتحاد السوفييتي وبريطانيا العظمى من المعترفين. في حين تعاملت الدول المسلمة مع ذلك التغيير بشيء من الحذر.

بدأ الاهتمام الأمريكي بالنفط السعودي في عشرينات القرن الماضي؛ والسبب “تزايُد الاهتمام باحتمال نفاط مصادر النفط الداخليَّة، والتخوُّف من احتكار أوروبي لنفط الشرق الأوسط” (ص133). كانت شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا أوَّل شركة أمريكيَّة تدخل مجال التنقيب عن النفط في جزيرة العرب، وقد طلبت الإذن بالتنقيب في المنطقة المطلَّة على الخليج العربي عام 1930 ميلاديًّا، ورُفض طلبها في البداية، ولكن وافق الملك عبد العزيز بن سعود لاحقًا؛ بسبب “الكساد الاقتصادي الذي بدأ عام 1929 (ميلاديًّا)، وأدَّى إلى تدهور متزايد في ماليَّة المملكة” (ص134). تعطَّل التنقيب عن النفط نهاية الثلاثينات من القرن الماضي، وعلى مدار سنوات الحرب العالميَّة الثانية، لكنَّه استُأنف عام 1945 ميلاديًّا، بعد انتهاء الحرب؛ فتدفَّقت الأموال على المملكة الناشئة، واستُخدمت تلك الأموال في تحسين الأوضاع الداخليَّة، وتحقيق طفرة عمرانيَّة، وتحديث طرق الحياة. وكما كان اكتشاف النفط أهم عامود قامت عليه الطفرة الاقتصاديَّة في المملكة، كان تطبيق المذهب الوهَّابي الداعم الأكبر لمكانة السعوديَّة الدينيَّة في العالم الإسلامي، باعتبارها حاضنة الحرمين الشريفين. ولانتباه المملكة إلى عدائها العقدي مع أتباع المذهب الشيعي، وبخاصَّة بعد إعلان الجمهوريَّة الإسلاميَّة في إيران عام 1979 ميلاديًّا، أغدقت المملكة الإنفاق على نشر الفكر السُّنِّي، متمثِّلًا في المذهب الوهَّابي. أسست المملكة مراكز لتحفيظ القرآن الكريم، ومراكز أخرى لتعليم حديثي الدخول في الإسلام أصول الدين.

يستخدم لويس هذا الاستعراض لتطوُّر المذهب الوهَّابي في السعوديَّة في إبراز خطورة استغلال أموال النفط الطائلة في تأسيس مدارس لتلقين الفكر الإسلامي المتشدِّد. وكما أدَّت عائدات النفط الهائلة إلى حياة فئة مجتمعيَّة محدودة في بذخ وترف، حدثت فجوة اجتماعيَّة هائلة بين الطبقة العليا في المجتمع والطبقات الأدنى، مما أشعل فتيل العدائيَّة وأثار مشاعر الحقد لدى البعض من الشباب متواضع التعليم. بتأثير من التعاليم المتشدِّدة، انضمَّ بعض هؤلاء إلى جماعات أصوليَّة استخدمت العنف ضدَّ الغرب باعتباره سبب الفجوة الاجتماعيَّة في الداخل العربي؛ بدعمه الأنظمة الباطشة بشعوبها وتغاضيه عن انتهاكاتها، في مقابل مقاسمة تلك الأنظمة ما تسلبه شعوبها، كما سبق وأن أشار لويس. غير أنَّ أسامة بن لادن ينفي هذا الافتراض بالكليَّة؛ فمن المعروف أنَّ أسامة بن لادن ينحدر من أسرة فاحشة الثراء، فأبوه الملياردير محمَّد بن لادن هو مؤسس مجموعة بن لادن السعودية، وهي من أكبر شركات الإنشاءات السعوديَّة، التي مُنحت ثقة العاهل السعودي منذ أمد بتولِّي توسعة الحرم المكِّي. في مقال بعنوان ” Bush ties to bin Laden haunt grim anniversary “-علاقة بوش ببن لادن تثير ذكرى تعسة، نشره موقع ذا دنفر بوست الأمريكي عن علاقة أسرة الرئيس الأمريكي الراحل جورج بوش الأب مع أسرة بن لادن.

تقول كاتبة المقال، المنشور في 11 من سبتمبر 2006، أي الذكرى الخامسة لتدمير برجي التجارة العالميَّة في نيويورك، أنَّ أسرة بوش أسست مع سالم بن لادن، شقيق أسامة الأكبر، عام 1978 ميلاديًّا شركة نفط باسم Arbusto Energy في ولاية تكساس الأمريكيَّة. وتضيف الكاتبة أنَّ العديد من أفراد أسرة بن لادن كانوا يستثمرون في شركة The Carlyle Group الأمريكيَّة لإدارة الأصول والخدمات الماليَّة، التي كان الرئيس بوش الأب كبير مستشاريها؛ والمفارقة أنَّ أعضاء الشركة كانوا يوم 11 من سبتمبر عام 2001 في اجتماع، ضمَّ الرئيس جورج بوش الأب، ووزير خارجيته جيمس بيكر، وشفيق بن لادن، أحد إخوة أسامة، المتهم الرئيس بتدبير تفجير برجي التجارة. يقول المقال نصَّا:

 عودةً إلى رأي لويس في الجماعات الأصوليَّة الإسلاميَّة، فهو يراها “تتغذَّى…على الحرمان والازدراء، وعلى ما تثيره هذه من حنق وسخط، بعد إخفاق كلِّ العلاجات السياسيَّة والاقتصاديَّة، أجنبيَّة مستوردة كانت، أم محاكاة محليَّة لها (ص137). تصب تلك الجماعات غضبها على الموالين للغرب في العالم الإسلامي، باعتبارهم “أعداء الإسلام القدامى والدائمين” (ص137). وما يعظِّم من خطر الأصوليَّة الإسلاميَّة، في رأي لويس، كونها سهلة في الاتباع، ولا يمكن حظرها، على اعتبار أنَّ نشر يكون من خلال المساجد، ولا تملك أيُّ ديكتاتوريَّة إسلاميَّة السلطة على غلق المساجد، أو التحكُّم في اجتماعات مرتاديها. 

يعرِّف لويس الأصوليِّين الإسلاميِّين بأنَّهم “الذين يحسُّون أنَّ مشاعر العالم الإسلامي حاليًا، ليست بسبب عدم كفاية التحديث، بل نتيجة فرط التحديث، الذي يعدُّونه خيانةً للقيم الإسلاميَّة الحقَّة. والعلاج برأيهم، العودة إلى الإسلام الحقِّ…والصراع النهائي برأيهم، ليس مع الدخيل العربي، وإنَّما مع الخائن الموالي للغرب في الداخل” (ص138). يستشهد لويس في ذلك برأي عبد السلام فرج، أحد الضالعين في اغتيال الرئيس المصري الأسبق، أنور السادات، فيما نُسب إليه من قول في كتاب الجهاد: الفريضة الغائبة، الصادر في عمان عام 1982. يقول فرج “ليست مصارعة الإمبرياليَّة بالعمل الجيِّد أو المفيد، إنَّها مضيعة للوقت…لا شكَّ أنَّ أول معارك الجهاد هي استئصال هؤلاء القادة الكفرة، واستبدالهم بنظام إسلامي، يتَّسم بالكمال” (ص139). 

يتناول لويس في الفصل الأخير من كتابه مسألة ظهور الإرهاب، مشيرًا إلى أنَّ الأصوليَّة الإسلاميَّة تعتنقها فئة محدودة من المسلمين، كما أنَّ جميع الأصوليِّين ليسوا إرهابيِّين، ولكن “أغلب إرهابيي العالم مسلمين”، وفق تعبيره (ص141). ما تشترك فيه الجماعات المتطرِّفة هو الاستشهاد بآيات القرآن الكريم والأحاديث النبويَّة، على نحو يخدم الأغراض الخاصَّة؛ لأنَّ تلك الجماعات “انتقائيَّة جدًّا في اختيار النصوص المقدَّسة وتفسيرها” (ص142). يضرب لويس المثل في ذلك بفتوى الخميني عام 1989 ميلاديًّا بإهدار دم المؤلف البريطاني-هندي الأصل-سلمان رشدي، بسبب روايته آيات شيطانيَّة، التي أثارت جدلًا واسعًا؛ لما اعتُبر إساءة صريحة للنبي والقرآن. تعهَّد الخميني بدفع مكافأة ماليَّة كبيرة لمن يقتل رشدي. يستعرض لويس بعد ذلك ترسُّخ عقيدة قتل المخالفين في الرأي عند المسلمين، ضاربًا المثل بطائفة دينيَّة اعتنقت الملَّة الشيعيَّة، هي طائفة الحشَّاشين، التي ظهرت في إيران ونشطت في سوريا في الفترة ما بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر للميلاد. عادت هذه الطائفة الحكَّام، الذين اعتبرتهم “مغتصبي عروش فَسَقَة”؛ ويرى لويس أنَّ الحشَّاشين هم “الأسلاف الحقيقيُّون للكثير ممن تُطلق عليهم-اليوم-إرهابيين” (ص145-146).

يتحدَّث لويس عن الإرهاب في شكله العصري، الذي يستهدف في الأساس ترويع الآمنين وتهديد الأبرياء، الذين تطالهم أيادي العبث خلال الهجمات الإرهابيَّة، ولا يجد المنفِّذون رادعًا عن تعريضهم للخطر. يضرب الكاتب المثل في ذلك بمنظمة التحرير الفلسطينيَّة، التي أُسست عام 1964 ميلاديًّا، وازداد نشاطها بعد هزيمة العرب في حرب الأيام الستَّة، عام 1967. يصوِّر لويس هذه المنظَّمة وكأنَّ أهم أهدافها إثارة الرأي وشغل حيِّز من التغطية الإعلاميَّة للأحداث في المنطقة. استهدفت منظمة التحرير الفلسطينيَّة أهدافًا مدنيَّة، من مدارس، ومراقص، ومراكز تجاريَّة، بل وتجمُّعات لمسافرين في بعض العواصم الأوروبيَّة. لم تحقق المنظَّمة في رأي لويس نجاحًا هامًّا في فلسطين، إنَّما في الخارج؛ لأنَّ هدفها كان “هزيمة الحكَّام الأجانب، ورحيلهم، وتأسيس حُكم وطني، يقوده قادة وطنيُّون” (ص148). ظهر مفهوم جديد لشحذ همم المسلمين في العالم الإسلامي، وهو الوَحدة الإسلاميَّة-pan Islamism، وهو مفهوم ينطوي على تجاهُل الفوارق بين مختلف المذاهب الدينيَّة الإسلاميَّة، واتحاد المسلمين على هدف واحد، وهو النهوض ببلادهم. نجحت بعض الحركات الدينيَّة، من بينها جماعة الإخوان المسلمون، في استغلال مفهوم ضرورة الوَحدة بين الأقطار المسلمة في تأسيس قاعدة جماهيريَّة، وبخاصَّة بعد إخفاق مفهوم القوميَّة بعد حرب الأيام الستَّة. وتكمن خطورة هذا المفهوم في أنَّ معتنقيه لا يرون حلًّا للقضيَّة الفلسطينيَّة سوى إزالة الكيان الصهيوني بالكامل، دون رؤية أيِّ حقٍّ لليهود في الأرض المقدَّسة. ويعتبر ظهور مفهوم العمليَّات الانتحاريَّة-أو الاستشهاديَّة، وفق تعبيرهم-ضمن طرق الجماعات الأصوليَّة في تنفيذ أهداف إلحاق الضرر بالعدو. وكانت منظَّمتا حزب الله وحماس من أكثر الجماعات التي أجرت عمليَّات انتحاريَّة منذ عام 1982 ميلاديًّا إلى اليوم. ولا شكَّ أنَّ عملية تفجير برجي التجارة في 11 سبتمبر من عام 2001 ميلاديًّا أشهر نموذج للعمليَّات الانتحاريَّة، التي آثرت تحقيق أهدافها، مع “عدم رأفة من أرسلهم، لا على مبعوثيهم، ولا على ضحاياهم الكثيرين” (ص152).

ويسخر لويس من التفسير الإعلامي العربي للحدث بنفي الاتهام عن المسلمين، وادعاء أنَّ المتسبب جماعات صهيونيَّة بمعاونة أمريكيَّة، وبالاعتقاد أنَّ هذا انتقام إلهي من أمريكا على ما اقترفته من انتهاكات ضدَّ المسلمين. يقول لويس في النهاية “تمثِّل أمريكا اليوم حضارة دار الحرب، وتجسِّد قيادتها، وقد باتت-مثلها مثل روما وبيزنطة-منحلَّة ومتفسِّخة أخلاقيًّا، آيلة للسقوط، لكنَّها-على الرغم من ضعفها-خطيرة” (ص158). صحيح أنَّ أمريكا تمثِّل لدى البعض “الشيطان الأكبر” في إغوائها ونشرها مفاهيم معادية للدين، لكنَّها تمثِّل لدى آخرين “الوعد بحقوق الإنسان، والمؤسسات الحرَّة، وحكومة مسؤولة ممثلة للشعب” (ص158). ينهي لويس كتابه بالإشارة إلى توقُّعه نشوء صراع بين الإسلام الأصولي والغرب، متوعِّدًا بمستقبل مُظلم إذا حُسم الصراع لصالح الفريق الأول، “إذا كان الأصوليُّون على حقٍّ في حساباتهم، وربحوا الحرب، فإنَّ مستقبلًا مظلمًا ينتظر العالم” (ص159).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى