بحوث ودراسات

الأسباب الحقيقية لنهاية الدولة العثمانية ٢ من ٢

عامر الحموي

كاتب وأكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب

عصر التنظيمات والوهن العثماني:

عصر التنظيمات يرجع -كما ذكرنا- إلى عهد السلطان محمود الثاني فهو أول من بدأ بتنظيم جيش جديد عقب قضائه على الإنكشارية وأخذ النسخة الغربية لتنظيمه وتدريبه وترتيبه بل وحتى لباسه (ليتناسب مع الأسلحة الحديثة التي استوردها من الدول الغربية) و أرسل البعثات العسكرية إلى الغرب وأحضر مدربين وخبراء عسكريين أوربيين له من البندقية خاصة، ولكن هذا الجيش الفتي لم يستطع أن يصمد أمام فتنة محمد علي في معركة قونية عام ١٩٣٣ و وصوله كوتاهية ثم معركة نزيب (قرب غازي عينتاب) عام ١٨٣٩م الأمر الذي أدى إلى وفاة السلطان محمود الثاني كمدا وهو يرى الخائن البكتاشي محمد علي والي مصر يسيطر على بلاد الشام والأناضول ويصل مشارف اسطانبول بدعم فرنسي.
خلف السلطان محمود الثاني ابنه السلطان عبد المجيد الأول والذي اعتمد على الغرب وخاصة بريطانيا في معاهدة لندن الأولى ١٨٤٠ والثانية ١٨٤١ في إرجاع قوات محمد على إلى مصر، (حيث أصبح لبريطانيا الكلمة الفصل داخل الدولة العثمانية حتى مجيء السلطان عبد الحميد الثاني).
أكمل السلطان عبد المجيد مسيرة والده في التحديث، فقام بتطوير أجهزة الدولة الإدارية والخدمية وشهد عصره نهضة عمرانية كلفه ذلك الكثير من الديون الخارجية، و كان معجب بالثقافة الفرنسية وتعلم لغتها وأرسل البعثات العلمية إلى أوروبا و سن مايعرف بمرسومي الكول خانة والسرايا الهمايويني بعد وصوله للحكم عام ١٨٣٩م بثلاثة أشهر بما يعرف بعصر التجديدات هذه المراسيم التي تأثرت بالتشريع الغربي والثقافة الغربية. و كان السلطان عبد المجيد معاصرا لمحمد علي باشا والي مصر وكلاهما تأثر بالثقافة الغربية وخاصة الفرنسية وأرسلا البعثات إلى أوروبا لتعلم الثقافة والعلوم الغربية ومن هنا دخلت العلمانية والثقافة الغربية إلى البلاد اﻹسلامية، وبدأ ينتشر الفكر العلماني اﻹلحادي والماسونية داخل العالم الإسلامي وخصوصا بعد انضمام الدولة العثمانية للمعاهدات الدولية عام ١٨٥٦م.

وبعد وفاة عبد المجيد الأول حل محله أخوه السلطان عبد العزيز عام ١٨٦٢م الذي سار على نهجه أبيه وجده في محاولته في تحديث الدولة وتطوير الجيش العثماني والوصول به إلى مراقي الدول العظمى وكان أول سلطان يغادر الدولة العثمانية ويزور أوروبا مصطحبا معه ابن أخيه عبد الحميد الثاني، وحضر افتتاح قناة السويس عام ١٨٦٩م مع ملوك أوروبا، ونجح في تطوير جيشه وأسطوله حتى عدى أسطوله من أقوى الأساطيل في العالم هذا الشيء أرعب أوروبا عن بكرة أبيها. وأربع العمل بالشريعة الإسلامية عن طريق إصدار مجلة الأحكام العدلية التي بقي العمل بها إلى إلغاء الخلافة في ٣ آذار ١٩٢٤.
وبسبب اصلاحاته تلك وتطويره للجيش والأسطول وقع في فك الديون الغربية لكثرة ما استدان هو وابيه عبد المجيد من الدول الغربية وخاصة بريطانيا. وفوق هذا قام العلمانيون الجدد وعلى رأسهم مدحت باشا برعاية بريطانية -التي تغلغلت في مفاصل الدولة عن طريق جمعياتها الماسونية- بقتل السلطان عبد العزيز عام ١٨٧٦م فيما يعرف بالانقلاب الدستوري اﻷول ثم زجوا بالسلطان مراد الخامس في مشفى اﻷمراض العقلية بعد أربعة أشهر من تسلمه الحكم وأحضروا السلطان عبد الحميد الثاني بن عبد المجيد الأول الشاب ليكون تحت أمرتهم، ولكن السلطان عبد الحميد بفطنته وحنكته استطاع القضاء على نفوذهم عام ١٨٧٨م بعد خسارته لحرب السبعين ضد روسيا وسجن مدحت في سجن الطائف حيث قتل هناك. ورغم ذلك كان الخور قد استشرى في جسد الدولة العثمانية ووصلت الدولة العثمانية لمرحلة الشيخوخة، وما استطاع السلطان عبد الحميد إلا إطالة عمرها حتى عام ١٩٠٩م.

لقد حاول السلطان عبد الحميد الثاني الاستفادة من حروب الدول الغربية والإيقاع فيما بينها واللعب على خصومات ومصالح تلك الدول ريثما يتمكن من تحقيق استقلالية القرار في الدولة ويعيدها إلى نقاهتها وعهدها الأول وكاد أن يحقق ذلك.
وقد تعرض السلطان عبد الحميد الثاني في سبيل ذلك إلى عدة محاولات اغتيال، فبعد الانقلاب الدستوري الأول ١٨٧٦م أو ما سمي بعصر المشروطية الأول بزعامة مدحت باشا تلاه إعلانه الحرب على روسيا عام ١٨٧٧م بإيعاز من بريطانيا التي تظاهرت أنها ستساندهم، ولكن الاتحاديين خسروا معظم أراضي الدولة العثمانية في أوروبا، إضافة إلى تآمر معظم المسيحيين في الدولة العثمانية -التي ينتمي كثير منهم لحركة الدستور العثماني- مع روسيا. صحيح أن السلطان عبد الحميد استطاع الاستقلال بعض الشيء بأمر الدولة وسجن مدحت باشا عام ١٨٧٨م ولكنه لم يستطع عزل أكثر السياسيين والقادة العسكرين الذين ترعاهم الدول اﻷوربية وبريطانيا خاصة. والذين تآمروا بالخفاء مع تلك الدول، حتى استطاعوا اﻹنقلاب على السلطان فيما عرف بالانقلاب الدستوري الثاني ١٩٠٨م وتسلم الاتحاديون الحكم وخلعوا السلطان عبد الحميد الثاني وولوا مكانه أخية السلطان محمد رشاد وانخرطوا في الخلافات الأوربية -رغم معارضة السلطان عبد الحميد الثاني لذلك- وانضوا لصف ألمانيا والنمسا في الحرب العالمية الأولى ١٩١٤_ ١٩١٨م حيث خسروا الحرب وضاعت أغلب أراضي الدولة وخاصة البلقانية والعربية وسقطت أسطانبول وكثير من أراضي الأناضول بيد بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وروسيا، وتوفي السلطان محمد رشاد ١٩١٨م أثناءها، بعد وفاة أخيه السطان عبد الحميد الثاني، وتولى الخلافه أخوهما محمد وحيد الدين الذي تابع دعم المقاومة في الأناضول سرا حتى أعلنت الجمهورية ١٩٢٣م وألغي العمل بمجلة الأحكام العديلية وطرد السطان محمد وحيد من العاصمة ، فتسلم بعده الخلافة -دون السلطنة- عبد المجيد الثاني بن عبد العزيز لعده أشهر، أعقبه إلغاء الخلافة في ٣ آذار ١٩٢٤م، وطرد أولاد الخليفتين عبد المجيد الأول وعبد العزيز من الجمهورية التركية إلى أوروبا خصوصا، حيث عاشوا حياة صعبة لا يعلمها إلا الله تعالى.

طبعا لكل دولة مراحل عمرية كما قسمها ابن خلدون من الشباب والرجولة والشيخوخة فالموت، سنة الله، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام، ولنجمل الأسباب الحقيقية في سقوط الدولة العثمانية التي مثلت آخر خلافة إسلامية بعشرة أسباب:


١- طبعا الإمبراطورية العثمانية كانت جزيرة ضمن بحر من الأعداء من كافة الاتجاهات حتى السلطان المغربي السعدي الغالب بالله تعاون مع ملك إسبانيا فيليب الثاني ضد الأندلسيين وضد سليمان القانوني. ولكن الذي ساعد على ديمومة الدولة العثمانية في تلك الفترة هو عصر السلاطين الأقوياء والوحدة في الدين والعقيدة والانتماء ومجارات الغرب في التقدم العلمي والاقتصادي والعسكري و القضاء على الخونة من المماليك والصفويين وتحرير الشمال الإفريقي. ولكن في عصر الضعف العثماني وخاصة بعد معركة نافارين ١٨٢٧م تبدل الأمر، وللأسف أصبح العدو من الدول الأوربية يتسابق على إطالة عمر الدولة العثمانية لاستخدمها كورقة رابحة ضد خصومها من الأوربيين، ويذكر السلطان عبد العزيز لابن أخيه عبد الحميد الثاني إبان زيارتهما كبرى الدول الأوربية بأن هذه الدول شديدة التنافس والعداوة فيما بينها لتأمين مصالحها، ولكن الذي يوحدها عداؤها للمسلمين والدولة العثمانية التي تمثل حاضرة الخلافة الإسلامية.


٢- كان للاكتشافات الجغرافية التي هي ناتج من نواتج الحروب الصليبية دور كبير في تغير طرق التجارة العالمية عن العالم الإسلامي إلى طرق بديلة أعقبه قيام معركة ديو البحرية ١٥٠٩م التي أدت إلى انتصار البرتغاليين على الأسطول المملوكي وكانت بداية النهاية للعظمة الإسلامية وللغة العربية وللقانون الدولي الإسلامي المسيطر على مفاصل السياسة الدولية (وسيكون هذا مقالي القادم). حيث أصبحت طرق التجارة العالمية بيد الدول الغربية من برتغالية وإسبانية ثم فرنسية وهولندية وبريطانية، حتى جاءت معركة بلاسى ١٧٥٧م وانتصار شركة بريطانية الشرقية على نواب البنغال لتسيطر على الهند أجمع ولتغنم حمولة ذهب قدرت بأربعمائة جمل لتصبح أقوى قوة اقتصادية ولتسخرت تلك الأموال وتجارة العبيد في الثورة الصناعية حتى نجحت في تطوير المحرك الإنفجاري الذي أدى إلى العصر الصناعي البريطاني لتحل الآلات فيها محل اليد العاملة ولتكثر المصانع التي فاقت غيرها من الدول العالمية بعشرات المرات ولتنزل بريطانية لأول مرة في التاريخ عام ١٨١٥م ثمان سفن بخارية تعمل بالمحرك الانفجاري لتحل محل السفن الشراعية التي كانت تبحر فقط في فصول الإبحار عند هبوب الرياح وتحتاج طاقة يدوية جبارة عند توقف تلك الرياح، فأصبحت تلك السفن البخارية تجوب البحار والمحيطات على مدار الساعة لتصبح بريطانيا سيدة البحار ولتتحول إلى إمبراطورية عظمى تتحكم بالطرق الدولية ولتفرض نفسها كقطب أوحد على العالم التي احتلت أكثر من ثلثه.
طبعا بريطانيا سبقت غيرها من الدول الأوربية بما فيها العثمانية صناعيا فترة زمنية تقارب المائة عام فلا نلقي اللوم على الدلة العثمانية في التأخر الصناعي والعلمي لأنه جند من جنود الله يهبه للمجتهد من عباده، ولكن كان لإبادة السلطان محمود الثاني للإنكشارية العصب الشوكي للدولة العثمانية قبل إيجاد البديل الذي يستطيع أن يقف في وجه التحديات العظمى التي تهدد وجود الأمة القشة التي قسمت ظهر البعير وكل ما جاء بعد ذلك هو تبع لهذا الحدث الجلل.


٣- نظام الإمتيازات الذي تحول من نظام منح تجارية تهبها الدولة العثمانية للدول الأوربية إلى نظام تدخل في شؤون الدولة الداخلية في فترة ضعف الدولة العثماني حيث رعت روسيا الشعوب الأرثوذوكسية وفرنسا الكاثوليك وبريطانيا اليهود.
وأنشأت تلك الدول المحاكم المختلطة لمحاكمة راعياها ضمن قوانين الدول الرايعة -ولو كان أحد الأطراف عثمانيا-، وأنشأت اللجنة الدولية للإشراف على سداد الديون الخارجية بعد وقوع الدولة العثمانية في فخ الديون وعجزها عن السداد حيث أصبح اقتصاد الدولة مرتهنا تحت رحمة تلك اللجنة.


٤- بريطانيا كان لها اليد الطولى في التحكم في مفاصل الدولة العثمانية بعد دعمها للدولة العثمانية ضد الخائن محمد علي وحليفاه روسيا وفرنسا، فسعت لنشر الجمعيات الماسونية التي أشرف عليها رعاياها اليهود وخاصة يهود الدونمة وسخرت الطابور الخامس من العلمانيين وما يسمى الشباب المتنور لصالحها. بالإضافة لطعن الصفويين -المدعوم أوروبيًا (وخاصة بريطانيا)- في خاصرة الدولة العثمانية عندما تهم في حرب الدول الأوربية وتأييد بعض الأقليات لهم.


٥- وهو أخطرها وهو الحرب الفكرية والسيطرة على العقول حيث يذكر الشيخ علي الصلابي في كتابة الدولة العثمانية أن لاحتلال مصر من قبل الفرنسيين ١٧٩٩-١٨٠٣م كان له مبدأ الصدمة على العالم الإسلامي حيث ضعفت العقيدة بانتصار الكفار على الخليفة الإسلامي واحتل أول بلد إسلامي في ظل الخلافة العثمانية بسرعة كبيرة وما احضره نابليون من صناعات ومطبعة وجيش حديث أبهرت الشعوب وساهمت فرنسا في نشر الإلحاد والعلمانية والماسونية والرذيلة بينهم، عاصرت تلك الحملة على مايذكر الشيخ الصلابي فترة حكم سليم الثالث الذي وصفت فترة حكمة بفترة تغريب الدولة الذي زاد الطين بلة بانتشار الأفكار الغربية عند الشباب المسلم.


٦- تعاون الكثير من الأقليات داخل الدولة العثمانية وخاصة النصرانية مع إخوانهم في العقيدة من الدول المعادية للدولة العثمانية من روس ونمساويين وفرنسيين وبريطانيين وكان عددهم ضخما في القسم الأوربي من الدلة العثمانية والذي أنهك الدولة العثمانية في كبح تلك الثورات وخاصة بعد حرب السبعين مع روسيا القيصرية ١٨٧٧-١٨٧٨م حيث استطاعت روسيا بفضلهم السيطرة على كل القسم الأوربي من الدولة العثمانية و وصولها إلى اسطانبول وتوقيع معاهدة سان اسطافون المذلة في حرب قادها مدهت باشا دون رغبة السلطان عبد الحميد الثاني ولولا حكمة السلطان عبد الحميد الثاني الذي أجر قبرص لبريطانيا أقوى دولة عالمية وتنازل عن الأسطول الذي أنشأه عمه عبد العزيز في سبيل الدعوة لمؤتمر برلين ١٨٧٨م لإخراج روسيا من الدول البلقانية وكل ذلك كان بمكيدة بريطانية تظاهرت فيها أنها ستدعم أتباعها من العلمانيين وسيدهم مدحت باشا في حربهم ضد الروس ولكنها نكلت في ذلك لتبوء بنصيب الأسد وخاصة إنهاء الأسطول العثماني المتطور الذي بناه السلطان عبد العزيز والذي أصبح منافسا لها في البحار ولتكسب قاعدة عسكرية في قبرص قلب الدولة العثمانية المشرفة على قارات العالم القديم الثلاث.


٧- انتشار الفرق الصوفية المغالية والتشيع الموالي للصفويين خاصة في الجيش العثماني على شكل طرق بكتاشية مرة أخرى بعد القضاء على الإنكشارية التي كان كثير منها ذا ميول بكتاشية. والذي أدى إلى انتشار الجهل والخرافات والاعتماد على مرويات شيعية وإسرائيلية شوهت الدين الإسلامي والعقيدة الإسلامية وكانت مادة دسمة للمستشرقين استفادوا منها في الطعن في التاريخ والدين الإسلامي، وقام الغرب بتشجيع تلك الطرق الهدامة واضفاء صفة الإسلام المعتدل عليها.


٨- ظهور الخوارج مرة أخرى مدعومة بمنهج أشرفت عليه جامعات أوروبية على رأسها إكسفورد وكامبرج وليدن … لضرب الدين الإسلامي في القلب حيث زورت بعض كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن كثير وابن الجوزي … والكتب التي تنهج النهج السلفي المعتدل خاصة تحت إشراف الجامعات الأوروبية. كما زورت كتب إسلامية في مختلف المجالات من قبل تلك الجامعات الأوربية، حيث أن أغلب مخطوطاتنا الإسلامية هي بيد الدول الغربية بدأ من سقوط الأندلس والشمال الإفريقي…. إلى الآن. واستقطبت بريطانيا أغلب من اتبع تلك الدعوة ضمن عملية غسيل العقول لتجندهم خاصة في مواجهة خليفة المسلمين السلطان عبد الحميد الثاني. فلذلك لابد من إحداث لجنة علمية لتنقيح تلك الكتب ذات المنهج السلفي وخاصة في تعريف محددات المخرجات من الإسلام وأحكام الردة والفرقة الناجية… والتي استفادت منها فرق الخوارج (العميلة) كحركة قاضي زادة والجمعية المحمدية راعية انقلاب ١٩٠٩م. ومن جاء بعدها في عصرنا الحالي كالقاعدة وداعش في تكفير كل من لا يتبع نهجها من المسلمين.


٩- طبعا كان المشرف على تلك المؤآمرات هي الصهيونية العالمية التي تتزعمها أسرة آل روتشيلد التي تدير النظام العالمي الجديد ضمن تنبؤات توراتية للقضاء على العالم الإسلامي من أجل إقامة إسرائيل الكبرى تمهيدا لمجيء مسيح اليهود الدجال حيث سيبدأ حسب زعمهم العصر الإسرائيلي الألفي -ولن يكون ذلك بوعد قرآني. وهو العلو الثاني الذي ذكر في القرآن الكريم و الآزف بخراب بني صهيون، قال تعالى: ( وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا ( 4 ) فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ( 5 ) ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا ( 6 ) إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ( 7 ) عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا ( 8 ) ) سورة الإسراء.


١٠- وأخيرا لابد من إنصاف السلاطين والخلفاء العثمانيين الذين كانوا يقارنون بالخلفاء الأمويين في شتى المجالات، ولكن في فترة ضعف الدولة العثمانية واعتمادها التشريع الغربي مكان التشريع الإسلامي من أيام السلطان عبد المجيد الأول والدخول في فك المعاهدات الدولية في عهده عام ١٨٥٦م بطلب من فرنسا -عقب معاهدة باريس بعد انتهاء حرب القرم (1853- 1856م)- والذي أدخل الدولة في منظومة ما يسمى القانون الدولي لتقع في فخ المكائد الغربية التي أسهمت في نشر العلمانية واضعاف العقيدة والاقتصاد الوطني و مايسمى الحريات العامة ومنها حرية الصحافة والدين والمرأة … وسياسة الباب المفتوح في التجارة الدولية التي دمرت اقتصاد الهند فالصين قبل أن تدمر اقتصاد الدولة العثمانية بالسماح للبضائع الأجنبية المتقدمة صناعيا بمنافسة البضائع الوطنية في الجودة والأسعار بدون القدرة على إيجاد ضوابط لتلك المنافسة غير المتكافئة في الأسعار، بسبب لجنة الإشراف الدولية على الديون العثمانية التي كبلت يد الدولة العثمانية الاقتصادية.

وكما قال السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله تعالى: “بدأت بريطانيا سيطرتها على الهند على شكل شركات تجارية وانتهت بالاحتلال” وهذا ما كان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى