مقالات

“كورونا الجديد” وحرب العمالقة 2 من 3

ياسر الحسيني

كاتب وإعلامي سوري
عرض مقالات الكاتب

في الجزء الثاني سأتطرّق إلى أدوات و آليات الضغط التي تمتلكها أمريكا تجاه الصين لإجبارها للجلوس على الطاولة من أجل التفاوض معها حول مستقبل العالم و من سيحكمها.

هناك من يتوقع بأننا أمام مواجهة و تصادم حتميّ لابد من حدوثه بين القطبين سينتج عنه “نظام عالمي جديد”، القطب الأول يتمثل بشكل رئيس من الصين و روسيا و الدول التي تدور في فلكهما، و القطب الثاني متمثلاً بأمريكا و بريطانيا و حلفائهما من أوروبا الغربية و كندا و استراليا و معظم الدول العربية و خاصةً دول الخليج العربي و دول شرق آسيا.

هذا النظام العالمي الجديد سيتضمن إيجاد عملة جديدة غير الدولار، لا تحاربه و إنما تسانده في المعاملات التجارية بين الدول و الشركات الكبرى.

يقول الدكتور طلال أبو غزالة: “هناك مطالب أمريكية لابد من إيجاد حلول لها و هي أن الصين قد سرقت براءات إختراع من أمريكا بترليونات الدولارات و لابد من إعادتها، و أن الصين هي المسؤلة عن التغيير المناخي الذي بات مرعباً و يجب وضع حداً لذلك، و عليها ـ أي الصين ـ التشارك في إدارة شؤون العالم من حيث التجارة و التوجه إلى (الحمائية) بدلاً من مبدأ (تحرير التجارة) الذي وافق عليه المجتمع الدولي كله، و الذي يقوم على أساس معاملة المنتجات الخارجية على قدر المساوة مع المنتجات المحلية أو الوطنية”.

و يضيف د.أبو غزالة: “صحيح أن الولايات المتحدة الأمريكية قد أصبحت مكتفية ذاتياً من النفط، و لكنها تضع يدها على منابع النفط في المنطقة العربية من أجل التضييق على الصين و خنق إقتصادها المتنامي بشكل كبير، و لن تستطيع روسيا أن تزود حليفتها الصين بالنفط لأنها تخشى أن تتعرض هي الأخرى للحرب”.

تلك الحرب التي يتوقعها أبو غزالة بأنها ستقوم فعلاً في عام 2021 لأسباب قد ذكرها و يراها وجيهة و منها أننا مقبلون على سنة إنتخابية أمريكية، و لابد أن يقدّم ترامب نفسه خلال الحملة الإنتخابية كمقاتل شرس حريص على رفاهية الشعب الأمريكي، و حريص على إستمرار نمط الحياة الأمريكية و تفوق بلاده في كلّ المجالات (العسكرية، الإقتصادية و العلمية)، و لعل خطابه الأخير عن حالة الإتحاد الذي ألقاه أمام الكونغرس ليلة الثلاثاء 04/02/2020، يمكننا تلمس ملامح الحملة القادمة حيث ركز ترامب على التعليم و المنح الدراسية الواجب تأمينها لمئات الآلاف من الأطفال الذين لا يستطيعون إكمال تعليمهم، كما تحدث بكثير من الفخر و المبالغة بأن إدارته إستطاعت أن تعيد الحيوية إلى القطاع الصناعي بعد فترة من المعاناة في عهد (أوباما)، التي أدت إلى إغلاق آلاف المصانع الصغيرة و المتوسطة، و أنه استطاع في غضون ثلاث سنوات من حكمه أن يتلافى ذلك من خلال إعادة آلاف المصانع إلى العمل، و لكن كان من أهم ما جاء في خطابه هو التأكيد على قوة أمريكا العسكرية التي سبقت جميع الدول الكبرى بأشواط، حين ذكر قيمة الإنفاق على القوات المسلحة و قد بلغت 2,2 ترليون دولار، و أن الجيش الأمريكي قد أصبح لديه الأن قوة جديدة تحت اسم “القوة الفضائية” مستقلة عن القوة الجوية و هنا بيت القصيد، فإعلان ترامب عن هذه القوة يحدد طبيعة الحرب القادمة و أنها ستكون أشبه بأفلام هوليوود (star wars)، و هذا بمثابة التهديد المباشر لكلّ من الصين و روسيا إذا ما فكرتا بالعمل بشكل مستقل ضد مصالح الولايات المتحدة و شروطها، و خاصةً إذا ما علمنا أن الصين قد أنشأت منذ فترة شبكة إنترنت داخلية باللغة الصينية مستقلة عن الشبكة العالمية و تعمل حالياً الصين للإنتقال بهذه الشبكة إلى العالمية باستخدام تقنية (المحاكاة الذكية ME) بحيث يصبح بمقدور كلّ البشر التعامل معها بلغته المحلية و هذا يشكل خطراً كبيراً بالنسبة لأمريكا التي تحتكر الشبكة العنكبوتية العاملة باللغة الإنجليزية بشكل رئيس.

إذاً هنالك الكثير من الأمور التي تقلق الإدارة الأمريكية و تسعى للوصول إلى تفاهم ما مع الصين و حلفائها و هذا لن يكون بمتناولها إذا لم تستخدم جميع وسائل الضغط التي تمتلكها بما فيها الحرب.

و لكن أين نحن من كلّ هذا؟ و ما علاقة المنطقة العربية في هذا الصراع و هي المدرجة في أسفل السلم الإقتصادي عالمياً؟

في الجزء الثالث و الأخير سأتحدث عن الحرب القادمة و دورنا فيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى