بحوث ودراسات

ابن عربي وكتابه الفصوص (25)

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

الباب الثالث
ذكر العلماء الذين قالوا بكفر ابن عربي وطائفته
(3)
وقد صرح بكفر هذا الرجل، ومن نحا نحوه في مثل هذه الأقوال في الضلال جماعة من العلماء الأعلام مشايخ الإسلام، ما نقل عنهم الإمام شهاب الدين أحمد بن يحيى بن أبي حجلة التلمساني الحنفي في كتابه الذي صنفه في ذلك.
وكذا نقل بعض ذلك الإمام سيف الدين عبد اللطيف بن بلبان السعودي الصوفي في جزء نقله عنه أحمد بن أقش الحراني، قال: “وقد كتب كل من راقب الله تعالى، وخشيه، وامتنع كل من التبسه مخافة غيره، وغشيه، فالذي كتب قام لله تعالى بلوازم فرضه، والذي امتيح فهو المسئول عن ذلك في يوم عرضه، فإن زعم أنه ترك خوف الفتنة من المخالفين، فتلك محنة في الدين بما وجب على كل عالم من التبيين”.
وكذلك نقل الفتاوي العلامة بدر الدين حسين بن الأهدل، شيخ أبيات حسين ببلاد اليمن في تصنيفه المسمى: كشف الغطا عن حقائق التوحيد.
والمنكرون منهم سلطان العلماء عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القسم السلمي الشافعي، كما نقل ذلك عنه شيخ الإسلام تقي الدين محمد بن دقيق العيد، قال الحافظ شمس الدين محمد الذهبي في معجمه: “حدثني محمد المفيد. حدثنا أبو الفتح اليعمري، سمعت أبا الفتح محمد بن علي القشيري، سمعت شيخنا ابن عبد السلام يقول -وجرى ذكر ابن العربي الطائي- فقال: هو شيخ سوء كذاب” وقال الصلاح خليل الصفدي في تاريخه: “سمعت أبا الفتح ابن سيد الناس يقول: سمعت ابن دقيق العيد يقول: سألت ابن عبد السلام عن ابن عربي، فقال: هو شيخ سوء كذاب، يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجا، وقال شيخنا العلامة محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف ويعرف بابن الجرزي الشافعي في جواب أجاب فيه بكفره، كما حكاه عنه ابن الأهدل: ولقد حدثنا شيخنا شيخ الإسلام الذي لم تر عيناي مثله عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير من لفظه غير مرة، حدثني شيخ الإسلام العلامة قاضي القضاة تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي السبكي، حدثنا الشيخ العلامة شيخ الشيوخ قاضي القضاة تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي القشيري المعروف بابن دقيق العيد القائل في آخر عمره: لي أربعون سنة ما تكلمت بكلمة إلا أعددت لها جوابا بين يدي الله تعالى، قال: سألت شيخنا سلطان العلماء عز الدين أبا محمد عبد العزيز بن عبد السلام الدمشقي عن ابن عربي، فقال: شيخ سوء كذاب، يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجا” ا. هـ.
وقال ابن تيمية في جواب السيف السعودي “فكفر الفقيه أبو محمد بذلك، ولم يكن بعد ظهر من قوله: إن العالم هو الله, والعالم صورة الله، وهوية الله” قال السيف المذكور:
ثم تابعه في الإنكار الشيخ الإمام بركة الإسلام قطب الدين ابن القسطلاني، وحذر الناس من تصديقه، وبين في مصنفاته فساد قاعدته، وضلال طريقه في كتاب سماه: بالارتباط. ذكر فيه جماعة من هؤلاء الأنماط.
ومنهم قاضي القضاة قدوة أهل التصوف إمام الشافعية بدر الدين محمد بن جماعة قال: “وحاشا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يأذن في المنام فيما يخالف، أو يضاد قواعد الإسلام، بل ذلك من وساوس الشيطان ومحنته، وتلاعبه برأيه وفتنته، وأما إنكاره -يعني ابن عربي- ما ورد في الكتاب والسنة من الوعيد، فهو كافر به عند علماء التوحيد، وكذلك قوله في نوح وهود عليهما السلام قول لغو باطل مردود”
والقدوة العارف عماد الدين أحمد بن إبراهيم الواسطي، وقال: إنه علق في ذم هذه الطائفة ثلاث كراريس، الأول سماه: البيان المفيد في الفرق بين الإلحاد والتوحيد، الثاني: لوامع الاسترشاد في الفرق بين التوحيد والإلحاد، والثالث: أشعة النصوص في هتك أستار الفصوص. كل ذلك ليبقى المؤمنون منهم على بصيرة، يحذرون من طرقهم وزندقتهم. وحاصل ذلك كله بكلام وجيز مختصر:

فتوى الجزري:
ومنهم العلامة شمس الدين محمد بن يوسف ابن الجزري جد شيخنا العلامة شمس الدين، قال:

  • وحكمه بصحة عبادة قوم نوح للأصنام كفر.
  • وقوله: إن الحق المنزه هو الخلق المشبه كلام باطل متناقض، وهو كفر.
  • وقوله في قوم: وحصلوا في عين القرب افتراء على الله تعالى، ورد لقوله فيهم.
  • وقوله: زال البعد وصيرورة جهنم في حقهم نعيماً كذب، وتكذيب للشرائع.
  • وأما من يصدقه فيما قال، فحكمه كحكمه في التضليل والتكفير إن كان عالماً، وإن كان ممن لا علم له: فإن قال ذلك جهلا عرف بحقيقة ذلك، ويجب تعليمه وردعه عنه، مهما أمكن”.
    ومنهم الإمام القدوة برهان الدين إبراهيم بن معضاد الجعبري
    ومنهم العلامة زين الدين عمر بن أبي الحرم الكتنائي الشافعي. ومن جوابه: وقوله في قوم هود كفر، لأن الله تعالى أخبر في القرآن العظيم عن عاد: أنهم كفروا بربهم، والكفار ليسوا على صراط مستقيم، فالقول بأنهم كانوا عليه، مكذب لصريح القرآن، ويأثم من سمعه، ولم ينكره إذا كان مكلفاً، وإن رضي به كفر”.

والإمام أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي. ذكر ذلك في تفسير سورة المائدة عند قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 17] الآية البحر المحيط في التفسير (4/ 210)
وَمِنْ بَعْضِ اعْتِقَادَاتِ النَّصَارَى اسْتَنْبَطَ مَنْ تَسَتَّرَ بِالْإِسْلَامِ ظَاهِرًا وَانْتَمَى إِلَى الصُّوفِيَّةِ حُلُولَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الصُّوَرِ الْجَمِيلَةِ، وَمَنْ ذَهَبَ مِنْ مَلَاحِدَتِهِمْ إِلَى الْقَوْلِ بِالِاتِّحَادِ وَالْوَحْدَةِ: كَالْحَلَّاجِ، وَالشَّوْذِيِّ، وَابْنِ أَحْلَى، وَابْنِ الْعَرَبِيِّ الْمُقِيمِ كَانَ بِدِمَشْقَ، وَابْنِ الْفَارِضِ. وَأَتْبَاعِ هَؤُلَاءِ كَابْنِ سَبْعِينَ، وَالتُّسْتَرِيِّ تِلْمِيذِهِ، وَابْنِ مُطَرِّفٍ الْمُقِيمِ بِمُرْسِيَةَ، وَالصَّفَّارِ الْمَقْتُولِ بِغِرْنَاطَةَ، وَابْنِ اللَّبَّاجِ، وَأَبُو الْحَسَنِ الْمُقِيمُ كَانَ بِلُورَقَةَ. وَمِمَّنْ رَأَيْنَاهُ يُرْمَى بِهَذَا الْمَذْهَبِ الْمَلْعُونِ الْعَفِيفُ التِّلِمْسَانِيُّ وَلَهُ فِي ذَلِكَ أَشْعَارٌ كَثِيرَةٌ، وَابْنُ عَيَّاشٍ الْمَالِقِيُّ الْأَسْوَدُ الْأَقْطَعُ الْمُقِيمُ كَانَ بِدِمَشْقَ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ الْمُؤَخَّرِ الْمُقِيمُ كَانَ بِصَعِيدِ مِصْرَ، وَالْأَيْكِيُّ الْعَجَمِيُّ الَّذِي كَانَ تَوَلَّى الْمَشْيَخَةَ بَخَانِقَاهِ سَعِيدِ السعداء بالقاهر مِنْ دِيَارِ مِصْرَ، وَأَبُو يَعْقُوبَ بْنُ مُبَشِّرٍ تِلْمِيذُ التُّسْتَرِيِّ الْمُقِيمُ كَانَ بِحَارَةِ زُوَيْلَةَ. وَإِنَّمَا سَرَدْتُ أَسْمَاءَ هَؤُلَاءِ نُصْحًا لِدِينِ اللَّهِ، يَعْلَمُ اللَّهُ ذَلِكَ، وَشَفَقَةً عَلَى ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَلِيَحْذَرُوا فَهُمْ شَرٌّ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ اللَّهَ تَعَالَى وَرُسُلَهُ وَيَقُولُونَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ، وَيُنْكِرُونَ الْبَعْثَ. وَقَدْ أُولِعَ جَهَلَةٌ مِمَّنْ يَنْتَمِي لِلتَّصَوُّفِ بِتَعْظِيمِ هَؤُلَاءِ وَادِّعَائِهِمْ أَنَّهُمْ صَفْوَةُ اللَّهِ وَأَوْلِيَاؤُهُ، وَالرَّدُّ عَلَى النَّصَارَى وَالْحُلُولِيَّةِ وَالْقَائِلِينَ بِالْوَحْدَةِ هُوَ مِنْ عِلْمِ أُصُولِ الدِّينِ.

مصرع التصوف = تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي وتحذير العباد من أهل العناد ببدعة الاتحاد (1/ 157)
رأي التقي السبكي والفاسي والزواوي:
والعلامة قاضي القضاة شيخ الإسلام تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي الشافعي، فقال: “ومن كان من هؤلاء الصوفية المتأخرين كابن عربي وغيره، فهم ضلال جهال، خارجون عن طريقة الإسلام, فضلا عن العلماء” قال ذلك في باب الوصية من شرح المنهاج ونقله الكمال الدميري، والتقي الحصني.
وقال الحافظ تقي الدين الفاسي في كتابه فيه: “وقد أحرقت كتب ابن عربي غير مرة”. وممن صنع ذلك من العلماء المعتبرين: الشيخ بهاء الدين السبكي، والعلامة القاضي شرف الدين عيسى بن مسعود الزواوي المالكي شارح صحيح مسلم، فقال: “وأما ما تضمنه هذا التصنيف من الهذيان، والكفر والبهتان، فهو كله تلبيس وضلال، وتحريف وتبديل، فمن صدق بذلك أو اعتقد صحته كان كافراً ملحداً، صاداً عن سبيل الله، مخالفا لسنة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ملحداً في آيات الله، مبدلاً لكلماته، فإن أظهر ذلك, وناظر عليه، كان كافراً يستتاب، فإن تاب، وإلا قتل، وإن أخفى ذلك، وأسره كان زنديقاً، فيقتل متى ظهر عليه، ولا تقبل توبته إن تاب، لأن توبته لا تعرف، فقد كان قبل أن يظهر عليه يقول بخلاف ما يبطن، فعلم بالظهور عليه خبث باطنه، وهؤلاء قوم يسمون الباطنية، لم يزالوا من قديم الزمان ضلالاً في الأمة، معروفين بالخروج من الملة، يقتلون متى ظهر عليهم، وينفون من الأرض، وعادتهم التملصح والتدين، وادعاء التحقيق، وهم على أسوأ طريق فالحذر كل الحذر منهم فإنهم أعداء الله، وشر من اليهود والنصارى؛ لأنهم قوم لا دين لهم يتبعونه، ولا رب يعبدونه، وواجب على كل من ظهر على أحد منهم أن ينهى أمره إلى ولاة المسلمين، ليحكموا فيه بحكم الله تعالى ويجب على من ولي الأمر إذا سمع بهذا التصنيف البحث عنه، وجمع نسخه حيث وجدها وإحراقها، وأدب من اتهم بهذا المذهب, أو نسب إليه, أو عرف به، على قدر قوة التهمة عليه حتى يعرفه الناس ويحذروه”.
ومنهم الشيخ الإمام المحقق الزاهد القدوة العارف نور الدين علي بن يعقوب البكري الشافعي، قال: “وأما تصنيف تذكر فيه هذه الأقوال، ويكون المراد بها ظاهرها، فصاحبها ألعن وأقبح من أن يتأول له ذلك، بل هو كاذب فاجر، كافر في القول والاعتقاد، ظاهراً وباطناً، وإن كان قائلها لم يرد ظاهرها، فهو كافر بقوله، ضال بجهله، ولا يعذر في تأويله لتلك الألفاظ إلا أن يكون جاهلا بالأحكام جهلاً تاماً عاماً، ولا يعذر في جهله لمعصيته، لعدم مراجعة العلماء والتصانيف على الوجه الواجب من المعرفة في حق من يخوض في أمر الرسل ومتبعيهم، أعني معرفة الأدب في التعبيرات، على أن في هذه الألفاظ ما يتعذر، أو يتعسر تأويله، بل كلها كذلك، وبتقدير التأويل على وجه يصح في المراد، فهو كافر بإطلاق اللفظ على الوجه الذي شرحناه. وأما دلائل ذلك فهي مذكورة في تصانيف العلماء، وفيما ألفته أيضا في بعض المسائل وليست هذه الورقة مما تسع الكلام على أقوال هذا المصنف لفظة لفظة.

ومنهم العلامة نجم الدين محمد بن عقيل البالسي الشافعي، فقال: “من صدق هذه المقالة الباطلة أو رضيها، كان كافراً بالله تعالى يراق دمه، ولا تنفعه التوبة عند مالك وبعض أصحاب الشافعي، ومن سمع هذه المقالة القبيحة تعين عليه إنكارها بلسانه، بل يجب عليه منع قائلها بالضرب، إن لم ينزجر باللسان، فإن عجز عن الإنكار بلسانه أو بيده، وجب عليه إنكار ذلك بقلبه, وذلك أضعف الإيمان”.
ومنهم نادرة زمانة العلامة أبو أمامة محمد بن علي بن النقاش المصري الشافعي في تفسيره، وأجاد جداً في تقرير مذهبهم، وبيان عواره، فقال: “وقد ظهرت أمة ضعيفة العقل، نزرة العلم، اشتغلوا بهذه الحروف, وجعلوا لها دلالات، واشتقوا منها ألفاظ، واستدلوا منها على مدد وسموا أنفسهم بعلماء الحروف، ثم جاءهم شيخ وقح من جهلة العالم يقال له: البوني، ألف فيها مؤلفات، وأتى فيها بطامات، ومن الحروف دخلوا للباطن، وأن للقرآن باطناً غير ظاهر، بل وللشرائع باطناً غير ظاهرها، ومن ذلك تدرجوا إلى وحدة الوجود، وهو مذهب الملحدين كابن عربي وابن سبعين وابن الفارض ممن يجعل الوجود الخالق هو الوجود المخلوق ……
ثم قال: وهم متألهون للخيال، معظمون له، ولا سيما ابن عربي منهم، ويسميه: أرض الحقيقة. ولهذا يقولون بجواز الجمع بين النقيضين، وهو من الخيال الباطل، وقد علم المعتنون بحالهم من علماء الإسلام كالشيخ عز الدين بن عبد السلام، وابن الحاجب وغيرهما: أن الجن والشياطين تمثلت لهم، وألفت كلاماً يسمعونه، وأنواراً يرونها، فيظنون ذلك كرامات، وإنما هي أحوال شيطانية، لا رحمانية وهي من جنس السحر. ولقد حكى سعيد الفرغاني في شرح قصيدة ابن الفارض أن رجلا نزل دجلة، ليغتسل لصلاة الجمعة، فخرج من النيل، فأقام بمصر عدة سنين، وتزوج، وولد له هناك، ثم نزل ليغتسل لصلاة الجمعة، فخرج من دجلة فرأى غلامه ودابته والناس لم يصلوا بعد الجمعة، ومن المعلوم لكل ذي حس أن يوم الجمعة ببغداد ليس بينه وبين يوم الجمعة بمصر يوم, فضلا عن أكثر منه ولا الشمس توقفت عدة أعوام في السماء، وإنما هو الخيال، فيظنونه لجهلهم في الخارج.
ومنهم العلامة جمال الدين عبد الله بن يوسف بن هشام صاحب المغني وغيره من المصنفات البديعة، وكتب على نسخة من كتاب الفصوص.
هذا الذي بضلاله … ضلت أوائل مع أواخر
من ظن فيه غير ذا … فلينأ عني، فهو كافر
هذا كتاب فصوص الظلم، ونقيض الحكم، وضلال الأمم، كتاب يعجز الذم عن وصفه، قد اكتنفه الباطل من بين يديه ومن خلفه، لقد ضل مؤلفه ضلالاً بعيداً، وخسر خسراناً مبيناً، لأنه مخالف لما أرسل الله به رسله, وأنزل به كتبه، وفطر عليه خليقته” ا. هـ.
وقال العلامة قاضي القضاة أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون: “إن طريق المتصوفة منحصر في طريقين، الأولى: وهي طريقة السنة، طريقة سلفهم الجارية على الكتاب والسنة، والاقتداء بالسلف الصالح من الصحابة والتابعين.
والطريقة الثانية: وهي مشوبة بالبدع، وهي طريقة قوم من المتأخرين يجعلون الطريقة الأولى وسيلة إلى كشف حجاب الحس لأنها من نتائجها، ومن هؤلاء المتوصفة ابن عربي وابن سبعين، وابن برجان وأبتاعهم ممن سلك سبيلهم، ودان بنحلتهم، ولهم تواليف كثيرة يتداولونها مشحونة بصريح الكفر، ومستهجن البدع، وتأويل الظاهر لذلك على أبعد الوجوه، وأقبحها مما يستغرب الناظر فيها من نسبتها إلى الملة، أو عدها في الشريعة، وليس ثناء أحد على هؤلاء حجة، ولو بلغ المثني ما عسى أن يبلغ من الفضل؛ لأن الكتاب والسنة أبلغ فضلاً، أو شهادة من كل أحد، وأما حكم هذه الكتب المتضمنة لتلك العقائد المضلة، وما يوجد من نسخها بأيدي الناس مثل الفصوص والفتوحات المكية لابن عربي، والبد لابن سبعين، وخلع النعلين لابن قسي، وعين اليقين لابن برجان، وما أجدر الكثير من شعر ابن الفارض والعفيف التلمساني، وأمثالهما أن يلحق بهذه الكتب، وكذا شرح ابن الفرغاني للقصيدة التائية من نظم ابن الفارض فالحكم في هذه الكتب وأمثالها إذهاب أعيانها متى وجدت بالتحريق بالنار، والغسل بالماء حتى ينمحي أثر الكتاب؛ لما في ذلك من المصلحة العامة في الدين بمحو العقائد المختلفة، فيتعين على ولي الأمر إحراق هذه الكتب دفعاً للمفسدة العامة، ويتعين على من كانت عنده التمكين منها للإحراق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى