حقوق وحريات

المجموعة الأكاديمية لفلسطين تُصدر بيان حول موجة التطبيع العربي مع إسرائيل

رداً على موجة التطبيع التي يقوم بها فاعلين في النظام الرسمي العربي من لقاءات مر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والتواطؤ مع المخطط الأمريكي لتصفية القضية الفلسطينية والمعروفة ب “صفقة القرن” فقد أصدر المجموعة الأكاديمية لفلسطين بياناً تنبه فيه من المخاطر التي تشكلها حالة التطبيع هذه على المصلحة الوطنية للدولة العربية ذاتها. وتشدد المجموعة على أن رفض التطبيع العربي مع إسرائيل هو مصلحة وطنية عربية بالدرجة الأولى وليس مرتبطاً بالضرورة بالتضامن مع القضية الفلسطينية. فامتناع العرب عن التطبيع يخدم مصالحهم هم أولاً كما أن التطبيع بشكله التي أقدمت عليه الأنظمة الرسمية العربية سيكرس حالة الضعف والتبعية للآخر ويقوي عقلية الهيمنة والتفوق والعنصرية التي تتسم بها قيادة الكيان الإسرائيلي.
يشار إلى أن المجموعة الأكاديمية لفلسطين كانت قد تشكلت بمبادرة ذاتية من أكاديميين فلسطينيين في عدد من الجامعات العربية والأمريكية والأوروبية بهدف الرد من موقعها الأكاديمي على التحديات الفكرية التي تواجه القضية الفلسطينية، وهذا نص البيان:

بيان “المجموعة الأكاديمية لفلسطين” إلى الرأي العام العربي حول موجة التطبيع مع إسرائيل

9 فبراير 2020

شهدت الساحة العربية في الآونة الأخيرة موجة من النشاطات الرسمية الهادفة لتطبيع علاقات هذه الأنظمة مع تل أبيب، حيث تم تقديمها تحت مبررات مختلفة منها “الدخول في النظام الدولي” و “رفع العقوبات الأمريكية” و “التحالف لصد عدو مشترك” وإلى غير ذلك من المبررات.

مما لا شك فيه أن توقيت هذه النشاطات والذي يأتي بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخطته المشؤومة والمعروفة بصفقة القرن يحمل في طياته مخاطر شرعنة عربية لتأسيس نظام أبار تايد في فلسطين، ولكن لا يقل أهمية عن ذلك المخاطر التي تحملها هذه النشاطات التطبيعية على مصالح الدول العربية نفسها، وهو ما تركز عليه المجموعة في بيانها هذا.

تؤمن المجموعة الأكاديمية لفلسطين بأهمية المصالح الوطنية للدول العربية ذاتها وأهمية تحقيقها باعتبارها قضايا ملحة لا يجوز تأجيلها أو المماطلة فيها، ولذا فإن رفض التطبيع يأتي على هذه الأرضية قبل أن يكون متعلقاً بقضية فلسطين. وعليه، فإن المجموعة تنبه إلى المخاطر التالية التي تحملها مثل هذه النشاطات على المصلحة الوطنية للدول المطبعة:

أولاً: إن دخول الدولة العربية إلى النظام الدولي يأتي من خلال بناء نظام ديمقراطي شفاف يتمتع بالمساءلة والحكم الجيد وتحترم فيه حقوق الإنسان، وليس من خلال التآلف مع كيان عنصري توسعي غارق في بناء نظام أبار تايد ظالم ضد شعب أعزل.

ثانياً: إن من يريد الدخول في علاقات وطيدة مع الولايات المتحدة فبإمكانه القيام بذلك مباشرة دون الحاجة لوسيط. فالولايات المتحدة لها مصالحها التي ترحب بكل من يريد خدمتها بها، وليس من الفطانة أو من مصلحة الدولة ذاتها بشيء أن يقوم الطرف العربي بدفع الثمن مرتين للوسيط ولسيده. إن من يريد رفع اسمه عن قوائم الإرهاب فيمكنه تحقيق ذلك من خلال محاربة الإرهاب نفسه لا من خلال تعزيز “إرهاب الدولة” ضد شعب أعزل في مكان آخر.

ثالثاً: إسرائيل لا تدخل أحداً للنظام الدولي، فحركة المقاطعة لها على الساحة الدولية تتعاظم يوماً بعد يوم لا سيما في قلاعها التاريخية مثل أوروبا الغربية التي قامت الكثير من دولها بتصنيف منتوجاتها الزراعية القادمة من المستوطنات مما يساعد على مقاطعتها من قبل الموطن الأوروبي. وعليه، فإن الدخول إلى النظام الدولي من بوابة تل أبيب سيحول هذه الأنظمة إلى رهينة بيدها

رابعاً: إن التآلف مع نظام عنصري ظالم يمارس إرهاب الدولة في وضح النهار يتناقض بشكل جوهري مع المبادئ التي قامت عليها الثورات العربية في بعض هذه الدول والمتمثلة ب “الحرية والعدالة والسلام.” فلماذا تضحي الثورات بمبادئها السامية وبانتفاضتها المجيدة ضد الدكتاتوريات الظالمة لتتحالف مع ما هو أسوأ منها “الاحتلال.”

خامساً: ان التغاضي عن انتهاك اسرائيل للقانون الدولي من شأنه ان يشجع دول أخرى على ذلك، الأمر الذي يضع مصالح كثير من بلداننا العربية عرضة للمخاطر الناتجة عن تنامي قانون الغابات على حساب القانون الدولي، أي انطباق مبدأ أكلت يوم اكل الثور الأبيض.

سادساً: ترفض المجموعة الأكاديمية منطق بعضهم القائل إن قرب هذه الأنظمة من إسرائيل سيساعد الفلسطينيين، فمن أوائل من استخدموا هذا المنطق التبريري كان الرئيس الموريتاني ولد أحمد الطايع الذي تركته تل أبيب يواجه بنفسه شعبه الذي لفظه في الوق المناسب. ولتكن تجربته عبرة لهذه الأنظمة اليوم وليتعظوا إن كانت تل أبيب قد أدخلت الطايع إلى النظام الدولي أو حمته من شعبه.

سابعاً: تحذر المجموعة الأكاديمية من عمليات “شيطنة الضحية” التي تقوم بها الأجهزة الإعلامية للأنظمة المطبعة حتى تبرر فعلها المشين مثل القول إن “الفلسطينيين باعوا أرضهم”، وهم الذين يرفضون عرض ترامب اليوم لاستلام ٥٠ مليار دولار لقاء المساومة على حقوقهم في أرضهم ولا يجد فلسطينياً واحداً يقبل حتى الحديث معه، عوضاً عن رفض أمواله غير المعروف مصدرها.

ثامناً: تُهيب المجموعة الأكاديمية بشدة بالشعب الفلسطيني وكل الداعمين لحقوقه بالحرية والعدالة والمساوة والكرامة الإنسانية بالالتزام بالكلمة المسؤولة فيما يبدر منهم تجاه عمليات التطبيع العلني وبضرورة التفريق بين الشعوب العربية الداعمة لقضيته وبين أنظمة غير منتخبة وغير ممثلة تبحث عن شرعيات وجودها من البيت الأبيض وتل ابيب.

إن الدخول في النظام الدولي وحل المشكلات مع دول الجوار لا يكون بالمساومة على حقوق شعب يرزح تحت الاحتلال. فنظام دونالد ترامب سيرحل عاجلاً أم آجلاً وسيترك هؤلاء يواجهون شعوبهم وجيرانهم بعد أن يكونوا قد حرقوا جسور التفاهم معهم.

أخيراً، فإن المجموعة الأكاديمية لفلسطين تهيب بالأنظمة العربية المختلفة أن لا تحاولوا الدخول في النظام الدولي من بوابة تل أبيب ولكن تدخلوه من بوابة شعوبكم أنتم ومن خلال صون كرامة مواطنيكم الذين يشكلون السند الحقيق لكم عندما يتخلى عنكم الآخرين.

المجموعة الأكاديمية لفلسطين

الموقعون
إبراهيم فريحات، خالد الحروب، ساري حنفي، عبير ثابت، شفيق الغبرا، غسان الخطيب، رامي خوري، عبير النجار، باسم الزبيدي، الما جاد الله، احمد جميل عزم، مخيمر أبو سعدة، جورج جقمان، نديم روحانا، محمد الصفطاوي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى