بحوث ودراسات

أثر العلم في بناء الحضارات (1)

محمد الحاج

باحث وأكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب

لم يُخلقْ الإنسان عالما، ولكنه خُلق مزودا بقابلية العلم والتعلم (وعلم آدم الأسماء كلها …)(1)وقد استطاع الإنسان خلال مراحل تطوره، وتعامله مع موجودات الطبيعة، أن يكتشف الكثير من أسرار الكون ونواميسه، وأن يسخرها لخدمة نفسه ومجتمعه.

لا تقتصر أهمية العلم على تحصيل المعلومات. فالعلم يصنع الحياة الكريمة الراقية، ويقضي على الأمية والجهل والفقر والجوع والمرض. ويكسب الناس المعرفة بالحقوق والواجبات. ويضع في يد المجتمع مفاتيح التخلص من الأزمات المتنوعة: كأزمة الإسكان، وتلوث البيئة، والنقل …، وتطور مستوى العلم يمد الجسور بين الشعوب، وينمي فكرة تقبل الآخر والاستفادة من تجاربه. ويوطن النفس على عدم الإقصاء، والسعي طوال الوقت لهدم ما ينجزه الآخر.

” ولم يكن لمجتمع حاجة لشيء، أقوى من حاجته للعلم والتعلم والتعليم. وإن الحضارات لم تظهر في التاريخ، إلا يوم أصبح الإنسان قادرا على اكتساب العلوم والمعارف، والاستفادة منها في نفع نفسه وغيره، ولم تتطور إلا بتطور العلوم، ولم تتدهور إلا بتوقف العلوم. فالحضارة متوقفة على العلم وجودا وعدما”(2)

فروع العلم:

والعلم بحسب موضوعه يتفرع إلى أقسام:

أ – فهناك علوم طبيعية، موضوعها الطبيعة وظواهرها، كالفيزياء

والكيمياء والجيولوجيا والفلك والبيولوجيا ( علم الحياة)…

وبقدر امتلاك ” هّذا العلم يتيسر للإنسان سبل الاستفادة من خيرات الكون المادية وغير المادية، والمرئية وغير المرئية. وقيام الإنسان بالبحث العلمي في الطبيعة، عَمَلٌ وُجِدَ مع الإنسان منذ أول وجود له في الأرض، وتطور مع التاريخ وتراكم الخبرات وتناقل المعارف بمختلف الأوعية والقنوات. وبقدر حيازة الإنسان لقوانين الطبيعة في أي اختصاص، بقدر ما يكتسب القوة المادية، والقدرة على حفظ ذاته، والسيطرة على الآخرين، والتحكم في المجتمعات. ولذلك أدركت الأمم منذ زمن قيمة المعارف والعلوم في حفظ الوجود الإنساني، وتحسين معاشه وإكسابه التفوق والرفاهية.”(3)

ب – العلوم الإنسانية: موضوعها الإنسان:

فهي تهتم بدراسة الإنسان وثقافته، لتوسيع معرفته بوجوده، وعلاقته بالكائنات والأنظمة الأخرى، وبتطوير الأعمال الفنية للحفاظ على التعبير والفكر الإنساني. كالأدب والفلسفة والدين والفن والموسيقى واللغة والنفس …

ج – وهناك علوم موضوعها مجتمع الإنسان، تهتم بدراسة نظم المجتمع وما يطرأ عليها من تطورات. كعلم الاجتماع  والاقتصاد والسياسة والقانون والجغرافية …

وبسبب من التداخل بين العلوم الإنسانية والاجتماعية، هناك أنماط من التصنيف تميل إلى دمج العلوم الإنسانية بالاجتماعية، على اعتبار الإنسانيات تدخل في مجال الاجتماعيات.

وبالمحصلة نقول: العلم بالإنسان ” يشمل العلم بقوانين الفعل الإنساني

الفردي والاجتماعي، والعلم بأسباب ودوافع السلوك الإنساني ( … )

وعلما يمتد ليكشف عن خصائص جوانب الإنسان وطبيعته المتفردة،

ويجلي السنن المتحكمة في حركة المجتمع وتفاعل مكوناته وقطاعاته،

ويبين عن النواميس المتحكمة فيها نشأة ونموا ( … ) خرابا وعمرانا،

وبغير هذا العلم لا يصح علم بالإنسان، ولا يصلح له عمل.” (4)

وقبل الانتقال للخوض بتفاصيل أهمية العلوم الطبيعية في بناء الأمم

والحضارات، نشير إلى علم اساس بالنسبة للإنسان المسلم – وكل باحث

عن الحقيقة – هو العلم بالله تعالى ” الذي يُعرِّف الإنسان بالله تعالى في ذاته

وصفاته وأفعاله، والعلم بالله ليس له سبيل إلا الوحي. الذي هو بمثابة

الدليل الذي يزود الإنسان بالمعارف الضرورية عن الله تعالى الخالق

الرازق، وعن المخلوقات وكيفية التعامل مع كل واحد منهما بما يليق.”(5)

العلم والحضارات القديمة:

 الأمم القديمة ( الصينية والهندية والمصرية واليونانية والرومانية والعربية الإسلامية … ) رفعت بناء حضاراتها على ركائز العلم والمعرفة . وجاءت بكشوفات عظيمة ، وابتكارات باهرة، شكل مجموعها القاعدة الأساس للحضارات اللاحقة. فقد ” ركز الصينيون [مثلا] منذ القديم على أهمية التعليم والاطلاع، حيث تُعزى قوة الحكام لما يتمتعون به من أكبر قدرة على المعرفة، وما ينتج عنها من بصيرة أخلاقية، ومع مرور الزمن استقرت هذه المفاهيم في نظام بيروقراطي مركب يتم فيه اختيار كبار موظفي الدولة من خلال عملية اختيار ودراسة قاسية.” (6). وأضحت الحضارة الصينية، بسبب ذلك حضارة مهيمنة، فقد وضعت الأساس الثقافي لحضارات شرق آسيا. وإذا كانت مساهمات الصين، كبيرة في الفلك والطب والفلسفة والموسيقى واللغة … إلا أن اختراعاتها الأربعة الكبرى هي: البوصلة والبارود وصناعة الورق والطباعة.  

التجارب النهضوية الحديثة ومأسسة العلم:

إذا كان العلم نبوغا ومواهب فردية، فإن مأسسته كعملية تعليمية منظمة، هي مهمة الدول لا الأفراد. وهي تحتاج إلى جهد كبير ومصابرة وبذل للأموال. وذلك ملحوظ فيما قامت به التجارب النهضوية المعاصرة (في آسيا مثلا) حيث استخدمت من أجل تبيِّئة العلم في بلدانها الخبراء والمعلمين من الدول المتقدمة علميا، إلى جانب ابتعاث أبنائها إلى تلك الدول لاكتساب المعرفة والخبرات ونقل التكنولوجيا، وأنشأت المدارس الفنية والجامعات الكثيرة، وخصصت من أجل كل ذلك ميزانيات كبيرة من خزائنها. ولقد سعت تلك النهضات الحضارية – بعكس دولنا العربية – ” إلى تكديس العلوم والمعارف والأشياء الحضارية بغرض البناء، أما الدول النامية [ومنها العربية] في حركتها الحالية، فإنها تكدس العلوم والمعارف والأشياء الحضارية، بغرض الاستهلاك، وعلى أحسن الفروض، بغرض المباهاة والتظاهر، دون مضمون، ودون بناء.”(7)

ولعل الحديث عن نهضة اليابان المعاصرة، يصلح درسا لمن يسير على درب النهضة. فقد اعتمدت اليابان في نهضتها المعاصرة على ثلاثة أعمدة(8) : 1 – الاستعانة بالعلماء والمعلمين الأوربيين المتخصصين باللغات الأوربية، وخاصة الهولندية والإنكليزية. كما دُعي إلى اليابان الخبراء والفنيون من كل الدول المتقدمة، وقد رصدت حكومة اليابان لهؤلاء الخبراء، وللمبتعثين من أبنائها إلى الخارج 30 % من ميزانية وزارة التربية. 2 – ترجمة الكتب الأجنبية إلى اليابانية. وإنشاء المدارس الحديثة. وكانت أهم الكتب التي تُرجمت مؤلفات روسو، وهيوم، ودستوفسكي، وتولستوي، وغيرهم من كبار المفكرين العالميين في ذلك الوقت، والذين ساعدت أفكارهم في زيادة وعي اليابانيين بأحوال العالم المحيط بهم. 3 – إرسال البعثات اليابانية إلى الدول الأوربية المتقدمة لينهل أفرادها من العلوم الحديثة، بعد اختيارهم من أفضل العناصر الوطنية. وكانت معظم البعثات إلى أمريكا، وبعض الدول الأوربية كألمانيا وفرنسا، وعندما شعر قادة الإصلاح الياباني أن أسلوب التربية الألماني الذي يركز على الجوانب الخلقية – التي تؤمن بأن هدف التعليم خلق الإدارة المستنيرة التي تميز بين الخطأ والصواب – هو ما يناسب الطبيعة اليابانية الاجتماعية، بدأت المناهج الألمانية تحل محل الأمريكية، على يد أعضاء البعثات اليابانيين.

وقد طورت اليابان نظامها التعليمي، واستطاعت في زمن قصير أن تسد الفجوة التي كانت تفصل بينها وبين الدول الأوربية في مجال العلم، فأنشأت عدة جامعات، منها جامعة طوكيو عام 1877، وافتتحت جامعة كيوتو عام 1897، وفي عام 1900 تأسست أول كلية لتعليم اللغة الإنكليزية للبنات. وفي نفس العام أدارت الدكتورة (يوشيو كايابوي) أول كلية طب للنساء

حدث ذلك بسبب إيمان اليابانيين بأن نقل العلم والتكنولوجيا مع أهميته إلا أنه لا يتعدى كونه مرحلة أولى، يجب أن تتبعها مراحل وخطوات، وكانت الخطوة التالية هي إعداد كوادر علمية وفنية يمكن الاعتماد عليها في بناء الدولة اليابانية الحديثة. وبالفعل أعادت الحكومة اليابانية النظر في نظم التعليم، بحيث ترتسم خطى أحسن النظم التعليمية الأجنبية.”(8)    

مراحل تبيئة التقنية:(9)

إن الأمم في مدرسة الحضارة، كالتلميذ في مدرسته، تمر بثلاثة مراحل رئيسية: مرحلة التكديس. ومرحلة الاستيعاب. ومرحلة الإبداع.

التكديس: هي مرحلة تلقي المعلومات المتعددة المجالات ومراكمتها، بصورة غير مرتبة. وتتصف هذه المرحلة بالبطؤ، كونها مرحلة غرس لا جني. مما يؤدي بمثقفي الأمة إلى فقد الثقة في أنفسهم لاتساع الفجوة الزمانية مع الأمم المتحضرة، فيفروا من الواجب ويبحثوا لأنفسهم عن ملجأ حضاري.

الاستيعاب: فيها تتضح وتترتب المعلومات المتراكمة في ذهن الطالب، بشكل أفضل، ويبدأ بتكوين علاقات بينها تساعده على الهضم الاستيعاب.

فإذا تجاوزت الأمة مرحلة التكديس بثبات وصبر وإصرار، حيث تكون قد تكدست في وعائها الاجتماعي، طاقات علمية وتقنية وروحية، فإنها ستُقبل على مرحلة جديدة تتميز بسرعة أكبر للنمو  هي الفهم والاستيعاب، حيث تفهم العلاقات العضوية بين الطاقات المكدسة في وعائها الاجتماعي فتكشف هي بنفسها ما تم اكتشافه في أمم أخرى، لتصل إلى الجوهر بين الركام المكدس، وفي هذه المرحلة ستكون حركتها منطلقة من الجوهر لا من الركام المكدس وتكون قد تعرفت على قوانين التحضر، لا على ناتجه فقط. وتصبح واثقة الخطوة في ميدان الحضارة، وغير منبهرة بالركام المكدس، وإنما كاشفة للجوهر ومتفاعلة معه.

مرحلة الإبداع:

حيث يستطيع الطالب، أن يعطي فكرا جديدا، يختلف عما تلقاه، وإن كان ينبع منه، ويرتكز عليه. والأمة في مرحلة الإبداع، بعد أن ينقشع الضغط النفسي عنها في المرحلتين السابقتين، تجد نفسها وجها لوجه مع الينابيع الأساسية للإبداع الإنساني المعاصر، فتسرع مسيرتها، وكلما حققت نصرا زادها ذلك ثقة ورسوخا في الإبداع، ويصبح نموها أسيا.

العلم ونهضة العرب:

هل نستطيع كعرب ومسلمين، أن نفك ارتباطنا بالعالم، ونبدأ نهضتنا من حيث انتهى أجدادنا العرب السلمون. إننا إذا فكرنا بذلك، نكون قد أنكرنا قانون التراكم والتكامل المعرفي للحضارات. “إذ من الطبيعي أن يستفيد إنسان من آخر، ومجتمع من آخر، فالحضارة الإسلامية أفادت من الحضارات السابقة لها، وطورت ما أخذته، وأضافت عليه، وطبعته بطابعها الإسلامي، [وأفاضت به على العالم]. ومع تراجع الحضارة الإسلامية، نشط الغرب في دراسة ما عند المسلمين، في مختلف الاختصاصات العلمية والاجتماعية، واعتنى بها وطورها وأضاف عليها، فجاء بنهضة علمية مازالت تضيء العالم.”(10)

ليس علينا إذن أن نبدأ من حيث انتهى أجدادنا، ولكن من حيث انتهى الغرب. فعالم هذا القرن ” يبدو فيه امتداد الحضارة الغربية قانونا تاريخيا، (…) فمن العبث أن نضع ستارا حديديا، بين الحضارة التي يريد تحقيقها العالم الإسلامي والحضارة الحديثة” (11).   ” ولكن (…) ليس من الواجب لكي ننشئ حضارة أن نشتري كل منتجات الأخرى” (12). ففي ذلك استحالة في الكم والكيف. أما الاستحالة في الكيف فتأتي من ” أن أي حضارة لا يمكن أن تبيع جملة واحدة الأشياء التي تنتجها (…) أي أنها لا يمكن أن تبيعنا روحها وأفكارها وثرواتها الذاتية وأذواقها، هذا الحشد من الأفكار والمعاني، التي لا تلمسها الأنامل، بل توجد في الكتب أو في المؤسسات، وبدونها تصبح كل الأشياء التي تبيعنا إياها فارغة، بدون روح، وبغير   هدف (…) ذلك أن الحضارة مجموعة من العلائق بين المجال الحيوي (البيولوجي) حيث ينشأ ويتغذى هيكلها، وبين المجال الفكري، حيث تنمو روحها. فعندما نشتري منتجاتها، فإنها تمنحنا هيكلها وجسدها لا روحها.” (13).

أما الاستحالة الكمية، فتأتي من أنه “ليس من الممكن أن نتخيل العديد الهائل من الأشياء التي نشتريها، ولا أن نجد رأس المال الذي ندفعه” (14). وإذا وجد رأس المال، فإن شراء ذلك الكم الهائل من الأشياء سيؤدي إلى تكديس الأشياء الحضارية. وهذا ما عليه العالم العربي والإسلامي. فهو يجمع منتجات الحضارة، أكثر من يهدف إلى بناء الحضارة.

يرتفع بناء النهضة، على دعائم كثيرة (15) سنمر على ذكرها دون استفاضة،- إلا ما يتعلق- بعامل العلم موضوع بحثنا، فإننا سنفصل به.

فنهضتنا تقوم على 1- الأمل: أول ما تحتاجه الأمة، هو روح جديدة تسري فيها، متشبعة بالأمل في إمكانية الفعل التاريخي. 2- الاعتزاز بالذات: واليقين على المشاركة الحضارية. 3- القوة والاستعداد: مجتمعاتنا العربية مكشوفة أمنيا من قبل القوى الإقليمية والعالمية. فسماؤنا بلا غطاء، وثرواتنا وأرضنا مستباحة، كون الجيوش العربية والإسلامية وقواها الأمنية، عقيدتها الفعلية هي لحماية السلطان، وليست – في الأغلب – لحماية الأوطان. وعليه يجب تغيير مهمة هذه الجيوش وعقيدتها، لتكون لحماية الثانية (الأوطان). وتسليحها بالقوة والعتاد المناسبين لتلك المهمة. 4- إقامة نظم مجتمعية رشيدة: سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وتربوية، وأخلاقية…

فنحن بحاجة إلى منظومة مجتمعية، تحقق الحرية والكرامة والعدل والمساواة وتداول السلطة والفصل بين السلطات وإقامة العدالة الاجتماعية … مؤطرة بقيم أخلاقية، نابعة من ديننا الحنيف. فوجود هذه النظم في بنياننا، يزودنا بالقوة التي ترتكز عليها بقية أمور البنيان. وكلما ازدادت صلابة المجتمع في نظمه، ازدادت قوته في العلم، وفي التصنيع، وفي الجيش، وازداد اعتزازه بذاته، وبفكره، وحقق نهضته وتقدمه وتنميته.

5- العلم: يرى الدكتور جاسم سلطان: أن أي مجتمع، لابد أن يفكر في كيفية الحصول على العلم لبناء ذاته. وينقل عن مالك بن نبي: أن المجتمعات تجاه العلم والحضارة نوعان: نوع يعيش في طور الطفولة، ومثاله الفرد المسلم، الذي يذهب إلى الغرب فينبهر بعالم الأشياء. فإذا دخل معرضا للمنتجات الحضارية، فإنه يتعامل معها كطفل يدخل متجرا لألعاب الأطفال، ينتقل من لعبة لأخرى، يلعب بها بعد أن يشتريها ثم يلقيها وهكذا.

إنه فقط ينتقل بين عالم الأشياء. ونوع راشد متحضر، الطالب القادم منه ، إذا عُرض عليه المنتج، فتح دليل الاستخدام ليتعرف على أسراره، وعلى كيفية نقله إلى مجتمعه. فالطالب الأخير ليس زبونا قادما للشراء، كما هو حال الفرد المسلم، إنه  طالب علم ومعرفة يريد تبييء العلم في مجتمعه ولا يبحث عن عالم الأشياء فقط.

المطلوب من أمتنا :تحويل عقلية الفرد في المنظومة الصناعية والعلمية، من منظومة تبحث عن عالم الأشياء، إلى منظومة تبحث عن عالم المعرفة. هذا الحديث ينقلنا إلى معمار التكنولوجيا. فالتكنولوجيا تتأسس على أعمدة ثلاث: 1- البحوث: وهي الأفكار التي يقوم عليها التصنيع، الذي ينتج بدوره عالم الأشياء. 2- المصانع: هي الأداة التي تحول الأفكار إلى منتجات. 3- الاستخدام الأمثل لعالم ال هنا يأتي دور قيم المجتمع الموجهة لتلك المنتجات.

إن المجتمعات التي لا تشارك في البحث العلمي، ولا تمتلك هذه الأداة المعرفية. ولا تمتلك الأداة التصنيعية، التي تحول الأفكار إلى منتجات. ثم هي لا تحسن استخدام تلك المنتجات. فهي ليست مجتمعات تكنولوجية، إنما هي أسواق كبيرة، وبالتالي فإن الشهادات التي ينالها أبناؤها ستكون دون تحصيل المعرفة الضرورية.

نخلص من البحث إلى: أن أخذ العلوم المادية التجريبية وتطبيقاتها، عن الغرب (أو غيره)، أمر ضروري، ويبدأ من النقطة التي انتهى إليها الغرب، ولا يجوز أن يبقى العلم وقفا على غير العرب والمسلمين،” وأن يبقى المسلمون قانعين بترجمة العلم وباستهلاك الآلات والتكنولوجيا. كما يجب أن نتحول عن التغني بتاريخنا العلمي فحسب إلى المواكبة الحقيقية لعلوم العصر. وإلى توظيف خبراتنا العلمية المعاصرة، التي تلقيناها عن الأوربيين “. (16) وأن ندرك أن أية دولة، تستطيع أن تكون غنية وقوية، إذا عرفت كيف تستثمر كل طاقاتها البشرية والطبيعية، لتحقيق الاعتماد الكامل على ذاتها في كافة شعاب الحياة، وأن توظف ما تنقله من التكنولوجيا المستوردة، من الدول المتقدمة، في تطوير قدراتها الإنتاجية الزراعية والصناعية. وأن يكون نُسغ شعبها عقليا وروحيا وماديا، هو الانتماء لدينها وقوميتها، وتقديس مقدساتها واحترام هويتها الوطنية، وهو السر في تحول الكثير من الدول – كما في آسيا- من دول محتلة إلى نمور حضارية.


المراجع:

  1. القرآن الكريم، البقرة 31
  2. 2-   د. الطيب الوزاني، جريدة المحجة، العدد 470  كانون ثاني 2017
  3. 3-   دز الطيب الوزاني، المصدر نفسه
  4. 4-   د. الطيب الوزاني ، المصدر نفسه
  5. 5-   د. الطيب الوزاني، المصدر نفسه
  6. أدوين رايشار، اليابانيون ص223 ترجمة ليلى الجبالي، عالم المعرفة 136   
  7. 7-   د. محمود محمد سفر، دراسة في البناء الحضاري، سلسلة كتاب الأمة، فصل استنبات التقنية وتنميتها
  8. 8-   د. راغب السرجاني، العلم وبناء الأمم، ص 440- 441، مؤسسة اقرأ بتصرف
  9. 9-   د. محمود محمد سفر، المصدر نفسه، بتصرف
  10. د. عبد الرحمن الحازمي، بحث الاستفادة من علوم وتجارب وخبرات الأمم، شبكة الألوكة 23/ 3/2016
  11. مالك بن نبي، شروط الحضارة، ص43، ترجمة عبد الصبور شاهين، دار الفكر 1986
  12. مالك بن نبي، المرجع نفسه، ص43
  13. مالك بن نبي، المرجع نفسه، ص43
  14. مالك بن نبي، ص44
  15. د. جاسم سلطان، قوانين النهضة، ص228- 231
  16. د.عدنان زرزور، التوجيه الإسلامي للعلوم والمعارف، ص43- 44، مؤسسة الرسالة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى