مقالات

تركيا .. وعاصفة المكائد

محمد علي صابوني

كاتب وباحث سياسي.
عرض مقالات الكاتب

الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي “مايك وايتني” كتب في نيسان/أبريل 2019 مقالاً رأى فيه أن المحافظين الجدد في الولايات المتحدة يسعون إلى توريط تركيا في صراع يجبر واشنطن على الانخراط بشكل أكبر في الشرق الأوسط، وأن يتورط الجيش الأمريكي في حرب تمتد لعقود بهدف إضعاف خصوم “إسرائيل” ، وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وتقوية هيمنة “إسرائيل” الإقليمية، وأضاف أن مشاكل واشنطن مع أردوغان ليست وليدة اليوم، بل بدأت قبل سنوات، لأن الرئيس التركي ظل يقود سياسة خارجية مستقلة كانت مصدرًا دائمًا للإحباط بالنسبة للبيت الأبيض.!

ولا شك بأن الولايات المتحدة ومنذ أن صعد نجم العدالة والتنمية في تركيا ومروراً برفض أردوغان -خلال الحرب على العراق- السماح للولايات المتحدة باستخدام القواعد الجوية التركية للقيام بعملياتها العسكرية ، وعقده مع موسكو صفقة منظومة الصواريخ الروسية (إس 400) رغم معارضة واشنطن الشديدة ، ازدادت حدة التوتر غير المعلن بين واشنطن وأنقرة ، لتصل إلى التورط الأمريكي خلال تخطيط “غولن” للانقلاب الفاشل في عام 2016 الذي أدى إلى نتائج عكسية وغير متوقعة أمريكياً وإيوائها لفتح الله “غولن” العقل المدبر للانقلاب .
وعلى الرغم من أن تركيا قد زودت الولايات المتحدة بسلسلة من الأدلة تثبت تزعم “غولن” للانقلاب، وبالرغم من تعاون تركيا في تسليم الكثير من المشتبه في صلتهم بالإرهاب للأميركان ، فإن الولايات المتحدة لم تتجاوب مع المطالب التركية بتسليم المتورطين في الانقلاب الفاشل .
كما أن الولايات المتحدة أخلفت أيضًا في الوفاء بإلتزاماتها المتعلقة بخريطة طريق منبج والتي تلزم الولايات المتحدة بإبعاد جميع مقاتلي “وحدات حماية الشعب” والميليشيات التابعة للفرع السوري من pkk عن المدينة وما حولها ، ومساعدة تركيا في إرساء الأمن في منبج.
كل ذلك يوحي بأن أميركا تخطط لتوريط تركيا في حروب بالوكالة لإضعافها ومن ثم الانقضاض عليها وإعادتها إلى عهد التبعية والانقلابات العسكرية وعدم الاستقرار ، ويخطئ من يظن بأن تحرش النظام السوري الأخير بنقاط المراقبة التركية والتجاهل الروسي قد حصل باجتهاد ذاتي وبدون توجيه أميركي ، كما يخطئ من يعتقد بأن الحملة الشرسة التي تشنها الإمارات والسعودية والملايين التي موّلتا بها التنظيمات المعادية لتركيا أتت باجتهاد منهما ، ويخطئ أكثر من يعتقد بأن لا علاقة بين إطلاق الأميركان للأذرع الإيرانية في المنطقة والتغاضي عن هيمنتها بما يُخطط ويُبيّت لتركيا ، كما يخطئ أيضاً من يعتقد بأن أنقرة لا تعي ولا تدرك كل ذلك ، نعم هي أدركت مالذي يبيّت لها بالضبط ، وبأنها أضحت وحيدة في مواجهتها لكل تلك المكائد .. وهي من هذا المنطلق تتعامل مع كافة الأطراف وفقاً لذلك ، ووفقاً لما تمتلكه من إمكانيات ذاتية لا يُستهان بها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى