مقالات

من أكثر عنصرية الغربيون أم العرب؟؟

بشير بن حسن

مفكر إسلامي
عرض مقالات الكاتب

قد يتبادر إلى ذهن البعض ممن له موقف من مقالاتي ومواقفي وتصريحاتي ؛ أنني ابحث عن الاستفزاز ، أو لفت الانتباه ، أو أنني كما يقول الآخر : ( مُسهِب في جلد الذات ) !!
أو كما يقول الثاني : أنني مصاب بعقد الأجنبي!!

وكل واحد من هؤلاء يُصدر حكمه من منطلق خطة تفكيره !!

وانا في الحقيقة اطرح أسئلة للتشويق من جهة ، ومن جهة أخرى اختبر بها متابعي بكل تفهم لوجهات النظر المختلفة ما دام أن ذلك في إطار الاحترام المتبادل ، والحفاظ على نقاء جو النقاش ، ثم أيضا لتسليط الضوء على قضايانا الاجتماعية والفكرية ، التي تمرّ بها أمتنا بل الإنسانية كلها .
وقضية العنصرية ، تطرح بشكل متكرر ، وفي الغالب تأتي نعتا للرجل الغربي ، باعتبار النازية التي وجدت في ألمانيا و التي كان يمثلها القائد العسكري هتلر ، أو كذلك التيارات والأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة ، ومن اقترب منها ، وأنا لا أنفي ابدا وجود العنصرية في بلاد الغرب ، لأن كل سلوك حسن أو قبيح لا يخلو منه مجتمع بشري ، فالخير والشر في كل مكان وزمان ، غير أن الأمر يبقى متفاوتا نسبيا ، بين مجتمع وآخر ، ويدركُ الفرقُ بالمقارنات الموضوعية ، بعيدا عن العواطف والتعصب و الإنكار والمكابرة !!

ولذا قد لا يتمكن من الحكم في هذه المسألة أو الجواب عن هذا السؤال بدقة : أيهم أكثر عنصرية الغربيون أم العرب؟؟ الا من عاش بين المجتمعين العربي و الغربي، و رأى الفرق وقارن ، وأنا شخصيا عشت في تونس أولا مرحلة الشباب ، وعشت فيها بعد الثورة، وأتردد عليها سنويا تقريبا ، كما أنني عشت في التسعينات في السعودية ، و زرت بعض البلاد العربية ، وأكثر البلاد الأوروبية ، فرأيت على أرض الواقع الفروق الشاسعة ، بيننا وبينهم ، فعن أي عنصرية غربية نتحدث و في بلاد الخليج بدءا بالسعودية من العنصرية ما لا يوجد في غيرها ، وما عليكم إلا أن تنظروا في أوضاع المهاجرين هناك و حقوقهم المهضومة ، واستغالالهم استغلالا فاحشا ، كيف هي وضعية الاخوة الباكستانيين والبنغال و اليمنيين وغيرهم ؟؟ إن هؤلاء يعاملون معاملة من درجة ثانية ، و ملصقة ” أجنبي ” على جبين كل مهاجر !! وقد كتبت مقالا بينت فيه حقوق العمال بين المسلمين والكفار فاقرأه !!
عن أي عنصرية غربية نتحدث و في الخليج لا يمكن اعتبار الخليجي كالمصري أو اللليبي أو التونسي أو غيرهم ؟؟؟ بل الكثير منهم يعتبر نفسه أنه من شعب الله المختار !! ألا فئة مؤدبة مثقفة تعرف قدر نفسها !!
عن أي عنصرية غربية نتحدث و بين كل بلد عربي واسلامي وبين الآخر من العداوة و التحاسد والتباغض ما الله به عليم !! إلا من رحم الله !!
وانك لترى ذلك في أغلب الأحيان ، حتى المساجد لم تسلم من هذه القوميات التي مزقت الأمة تمزيقا !!

عن أي عنصرية غربية نتحدث و نحن نرى العنصرية نفسها بين أبناء الوطن الواحد ، وهذه القبلية ، أين مصدرها ومنشؤها ؟؟؟ كيف هي علاقة القبائل العربية بعضها مع بعض ؟ في العراق والسعودية واليمن و ليبيا وغيرها من المجتمعات التي تسود فيها القبلية ؟؟ كيف تعاملهم وزواجهم و اختلاتطهم ؟؟

عن أي عنصرية غربية نتحدث و بين أبناء البلد الواحد من الجهويات ما يضحك له الصبيان ، ففي تونس مثلا : أهل الشمال الغربي و السواحلية ، وأهل الشمال وأهل الجنوب ، و في المغرب الأقصى، الريافة و الشلوح ، والعرب والامازيغ ، و الصحراويين و المدنيين وهلم جرا من هذا الزخم الذي يدل التخلف و الانحطاط الأخلاقي !!

عن أي عنصرية غربية نتحدث و بين أهل العواصم أو المدن الكبرى و ضواحيها الملتصقة بها من العنصرية ما يندى له الجبين !! بل يتجرؤون على نعت سكان الضواحي” بالبرانية ” أي بالآجانب !! في الوقت الذي نجد فيه البيوت ملتصقة بعضها ببعض !!!

تعالوا الى الغرب و انظروا هل تجدون ذلك عندهم؟؟ على كل المستويات ، إنك ترى ههنا الغربي والعربي يستويان في الحقوق والواجبات ، ألا حالات شاذة معزولة لا يمكن أن تكون حكما عاما ، وأنك ترى اختلاط هذه المجتمعات بكل أجناس البشر ، فيقع انتداب الشخص في العمل والوظيفة على أساس القدرات والكفاءات، لا على أساس اللون والعرق والدين !! في أغلب الحالات طبعا !!
وانك ترى المرأة الأوروبية الشقراء تتزوج بالعربي والأفريقي و الباكستاني والصيني ، وليس عندهم عقدة العرق والجنس، فهل هذا موجود عندنا العرب ؟؟ إنه بمجرد أن يخطب المرأة رجل من غير مدينتها لا اقول من غير بلدها الا ويساء بها الظن أولا أو أنه يقابل الرجل بالرفض أو التردد في قبوله لماذا لأنه ” براني ” أي أجنبي وهو ابن الوطن !! فأي جهل و تخلف بعد هذا ؟؟؟
إننا نحن العرب أكثر الناس عنصرية ، اولا في ما بيننا ، رغم أن ديننا واحد وربنا واحد ونبينا واحد وكتابنا واحد ، ونحسن قراءة الآية الكريمة ( يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير ) ونحسن قراءة حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( كلكم لآدم و آدم من تراب لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي الا بالتقوى والعمل الصالح ) كل هذا نعرفه و نقرؤه ونسمعه ، لكنه غائب تماما على أرض الواقع !!
ثم ناتي بعد ذلك لنعطي دروسا في المساواة و الإنسانية!!
إن أحق أمة بالصمت هي أمتنا العربية التي حادت عن الصراط المستقيم ، ولم تحسن الا الافتخار والاستعلاء على شعوب الأرض، دون ما يدعو إلى ذلك أصلا ……
والعنصرية نزعة شيطانية بالأساس، فأول من رفع شعارها هو الشيطان حينما قال ( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقه من طين ) فمن رأى أو اعتبر نفسه خيرا من الاخرين في لونه أو عرقه أو جنسه فهو عنصري !!

كما أن العنصرية حينما تصدر ممن يخالفك في الدين فقد تكون عادية أو مقبولة، أما أن تصدر العنصرية من أخيك في الاسلام فلا يمكن أن تقبل بحال ولا أن يكون لها مبرر .
وأختم بالاعتراف بحقيقة مُرّة ، ألا وهي أن العنصرية الغربية لها أسبابها ومبرراتها في بعض الأحيان،
اولا اختلاف الدين والذي قد يكون مدعاة للعداوة
ثانيا : سلوك كثير من العرب هنا ، فسجونهم بمن تمتلىء في الغالب ؟؟ بالعرب والسود !!
من الذي يسرق ويسطو ويكسر سيارات الناس ؟؟
من الذي يلقي الاوساخ بلا مبالاة في كل مكان ؟؟ وقارن إن شئت بين نظافة الأحياء السكنية الخاصة وبين الأحياء الشعبية !!
من الذي يبول في مصاعد الكهرباء في الابراج السكنية ؟؟
من الذي يحرق الحاويات المُعدّة لوضع النفايات ؟؟
من الذي يتورط في الأعمال الإرهابية كل مرة ؟؟ مع العلم أنه توجد أجناس بشرية اخرى تدين بدين الإسلام كالهنود أو الباكستانيين أو غيرهم ؟؟
والقائمة تطول في سرد سلوكيات العرب في بلاد الغرب !

نعم اعلم أن كلامي موجع ومؤلم ، ولا يروق للكثيرين ، وقد يقول أحدهم هذه مبالغة وتحامل على بني ملتك !!
ولكنه الحق المرّ ،
وأنا لم أعمم في كلتا الحالتين ، و المقصود من المقال التصدي للعنصرية العربية التي لا تليق بخير أمة أخرجت للناس !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى