مقالات

حقوق العمال بين المسلمين والكفار

بشير بن حسن

مفكر إسلامي
عرض مقالات الكاتب

يبدو هذا العنوان غريبا ، اذا قرأته ، ويتبادر إلى ذهنك من أول وهلة أن حقوق العمال عند المسلمين مكفولة ومحفوظة ، وأن كرامتهم مصانة ، بما فرضه الاسلام على أهله من احترام للانسان و ووجوب تكريمه كما قال تعالى ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر….) وهو خبر يفيد الإنشاء أي التكليف، منا نحن المسلمين أن نكون أكثر الناس صونا وتكريما للانسان أيّا كان جنسه ولونه ودينه !! خاصة إذا كان عاملا أجيرا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ) وقال أيضا( قال الله تعالى أي في الحديث القدسي : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثم غدر ، ورجل باع حرا فأكل ثمنه ،ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه حقه ) رواه البخاري .
وقال عليه الصلاة والسلام ( إخوانكم ( أي خدمكم ) خوَلكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يطعم ولا يكلفه بأكثر من طاقته فإن كلّفه بشيء فليعنه عليه ) رواه مسلم .

لكن بين هذه الأقوال والتوجيهات النبوية ، و الآيات القرآنية، وبين الواقع كما بين الليل والنهار ، و السماء والأرض ، حيث لا علاقة بين ديننا و سلوكنا ، فإن أكثر البلاد التي تغيب فيها حقوق العمال هي بلاد العرب والمسلمين ، بل حتى خارج ديار الإسلام، لا مقارنة بين أن تعمل عند مسلم و عند غير المسلم، الا من رحم الله !!
فهنا في بلاد الغرب ، ما أكثر الذين يشتكون من أصحاب الشركات الذين يعملون عندهم من العرب ، خاصة إذا كان العامل بلا اوراق إقامة ، يتم استغلالهم استغلالا فاحشا ، إذ لا يكفي أن أجرتهم زهيدة، حتى يتم مماطلتهم في دفعها ،بل ربما جحدها و منعها عنهم ، لأنهم لا حول لهم ولا قوة !!!
وما أكثر الذين نمّوا ثروتهم بعرق العمال البسطاء من أبناء بلدهم !! بكل قسوة و ورقاعة ، ليبنوا بذلك الفلل والقصور في بلادهم ويتفاخروا بها على غيرهم !!
ما أكثر الذين يفضلون العمل عند النصارى بل اليهود من العمل عند المسلمين من أبناء بلدهم ، حتى على مستوى حقهم في الصلاة في وقتها أو في حضور صلاة الجمعة !!! ثم لا نزال نتشدق بأننا خير أمة أخرجت للناس !! دون فهم مراد الله منها وأنها تكليف وليست تشريفا !!

أما إذا ألقيت نظرة سريعة على أوضاع العمال في بلاد العرب خاصة في دول الخليج ، وبالأخص فيما يسمى ببلد التوحيد !! ومهبط الوحي، ومنبع الرسالة فلا ادري من أين أبدأ؟
لعلمكم يا سادة ، ويا أيها السلفيون الذين تحلمون بالإقامة في السعودية التي يعتبرونها نموذجا و مثالا في الاسلام ، و قدوة في التدين باعتبار أنها معقل السلفية والفرقة الناجية والطائفة المنصورة ، بل وتعملون على ” سعودة ” كل شيء حولهم من ملبس ومنطق و نمط حياة ، لعلمكم أن السعودية تفرض ما يسمى بنظام الكفالة، وهو أن القادم الى تلك البلاد لا يستطيع أن يحصل على إقامة الا أن يكون له كفيل سعودي “أصلي ” غير متجنس !!
ولا بد من دفع مبلغ من المال له ، وللجوازات ، وهي ما تسمى برسوم الكفالة ، فانت أيها الإنسان الذي خلقك الله حرا ، اذا خضعت لنظام الكفالة تفقد مباشرة حريتك وكرامتك وذلك لما يلي :
1 – جواز سفرك يتم تسليمه للكفيل ” السعودي” مباشرة اذا حصلت على الإقامة( مع انه ملك خاص بل هو ملك لدولتك الأصلية ) .
2 – يكتب في بطاقة إقامتك التي يحب تجديدها كل سنة أو سنتين مع الدفع طبعا كل مرة للكفيل وللجوازات ، يكتب في هذه البطاقة : فلان عامل عند فلان ك ( حارس ، سواق ،سكريتير ،طباخ ….الخ ) حتى ولو كنت من أصحاب الشهادات العالية !!

3 – الكفيل هو الذي يحدد لك أجرتك ان كنت تعمل عنده، ولا حق لك في المطالبة بالزيادة ولا الاعتراض .

4 – ليس لك الحق في الخروج من المدينة التي أنت مقيم فيها الا باستمارة ، يتم تعبئتها و هو طلب رخصة دخول وخروج يوقّع عليها الكفيل ، و يتم الختم عليها في مكتب الجوازات ( الشرطة ) ولو خرجت بدونها تعرض نفسك للسجن والترحيل مع الغرامة، بل حتى كفيلك يتعرض المتابعات العدلية !!

5 – ليس لك الحق في استقدام زوجتك وأولادك الا بإجراءات إدارية مضنية مع دفع رسوم خيالية !!

6 -ليست لك تغطية اجتماعية ولا صحية الا شيئا محدودا ولو احتجت أن تذهب إلى المستشفى أول ما تطالب به بطاقة الإقامة والا لا حق لك في تلقي العلاج، ناهيك عن وجود شباك للمواطنين السعوديين داخل المستشفى و شباك الاجانب !!

7 – لو قدّر أنك استقدمت زوجتك بعد العناء والدفع والانتظار وأنجبت مولودا هناك فليس له الحق في الجنسية !! بل يسمى ” بدون ” أي بدون جنسية أو يحمل جنسية والديه !!

8 -إذا أدرك الأبناء سن المدرسة فلا حق للاجانب في المدارس العمومية المجانية، فما عليك إلا تسجلهم في مدارس خاصة بمقابل !! ناهيك عن المستوى الدراسي المتدني !!

9 – لا حق للأجانب في الالتحاق بالجامعات، الا الوافدين خصيصا للدراسات الشرعية في حدود ضيقة .

10 – ما دمت هناك فأنت مهدد بالترحيل بعد السجن والتغريم لو اغضبت ” الكفيل ”

11 – ليس لك الحق في الملكية أي ان تشتري عقارا او أن تؤسس شركة الا بأن يكون لك شريك سعودي الأصل، والذي في أي لحظة يمكن أن يستولي على حصتك و يتم ترحيلك فارغ اليدين !!

12 – لا حق لك في الحج كل عام الا بترخيص من الكفيل ومن الجوازات !! وكم كثر استفتاء” الكهنة ” هنالك عن جواز الحج بلا ترخيص وارجعوا ان شئتم الى الفيديوهات فهي اليوتوب !!

13 – لفظ ” أجنبي ” لصقة على جبينك حيثما حللت أو ارتحلت ، و التهديد بالتفسير والترحيل هي الفزاعة التي تلاحقك في كل مكان .

14 – لو قدر الله أن بطاقة إقامتك انتهت مدة صلاحيتها تصبح من المفتش عنهم ، ويقوم النظام هنالك بين الفينة والأخرى بحملة إلقاء القبض على فاقدي الإقامة بل والله لقد رأيت بأن عيني اعلانات ملصقة على جدران الفنادق التي تقابل المسجد الحرام والكعبة المشرفة ، بضرورة التبليغ عن كل من ليس له بطاقة إقامة و تتم مكافأة الواشي ماليا !! وأنه داخل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر !!

هذه عينة عن حقوق العمال في بلاد” الإسلام ” لتقارنوا بينها وبين أوضاع العمال في بلاد ” الكفر ” كما يروق لهم تسميتها .

ألا قبّح الله تدينا بهذا الشكل ، ولا بارك في سلوك بهذا المستوى من الانحطاط الأخلاقي واللاإنساني !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى