أخبار

الجيش التركي يدفع بتعزيزات عسكرية لمنطقه إدلب

أحمد الحسين – رسالة بوست

بعيداً عن الضجيج وصخب وسائل الاعلام قوات تركية خاصة تدخل إدلب ، وهو ما لا يستقيم ولا يصح لا شكلاً ولا مضموناً، إلا أن فكرة كون إدلب “تحت الحماية التركية” تحتاج لشيء من التفصيل.
لا شك أن لإدلب أهمية كبيرة في المقاربة التركية للقضية السورية مؤخراً، لأسباب جغرافية وديمغرافية وسياسية وعسكرية. فهي منطقة واسعة نسبياً وقريبة من الحدود التركية، وتحتضن ما يقارب أربعة ملايين إنسان، وهي الملاذ الأخير لعدد كبير من فصائل المعارضة السورية المسلحة القريبة من أنقرة، فضلاً عن تمركز 12 نقطة مراقبة عسكرية تركية فيها وفقاً لتفاهمات خفض التصعيد تحت مظلة أستانا.
بهذا المعنى، تضيف أي عملية عسكرية للنظام (وروسيا) في المنطقة تعقيدات كبيرة للحسابات التركية، التي ترغب بتثبيت مذكرة سوتشي وإبقاء الوضع على ما هو عليه لحين التوصل لحل سياسي ينهي القضية السورية وعليه، لا يمكن تصور استعداد تركيا لخسارة إدلب كمنطقة نفوذ لها وسيطرة للمعارضة السورية، إذ سيكون ذلك خسارة عسكرية مباشرة لكليهما، وسينعكس ذلك على طاولة التفاوض والحل السياسي والتأثير في مستقبل سوريا، وقد يضع الوجود التركي في منطقتي درع الفرات وعفرين موضع التساؤل من قبل النظام وروسيا لاحقاً. بهذا المعنى، إدلب هي خط الدفاع الأول لأنقرة وهذا ماصرح به مسؤولون اتراك اذا يعتبرون ادلب امن قومي تركي.
دعم تركيا للمعارضه بأسلحة نوعية وارسال مزيد من قواتها الخاصه قدمت تركيا من خلال هذه الخطوة رسالة مزدوجة، مفادها رفض محاصرة نقطة المراقبة والجنود المتواجدين فيها ومحاولة منع سقوط المنطقة بيد النظام من خلال وجود التعزيزات التركية التي كانت ستشكل رادعاً مبدئياً له. ورغم كل ذلك، فالموقف التركي لا يُفهم منه استعداد أنقرة لدخول مواجهة عسكرية مع النظام المدعوم من روسيا؛ من أجل الحفاظ على إدلب أو حماية المعارضة السورية فيها.
هذا يعني أن فكرة “الصفقة” التي تتردد منذ أشهر طويلة بمقايضة إدلب مقابل المنطقة الآمنة شرق الفرات لا تصح، فمنطق العلاقات الدولية لا يقبل ذلك في ظل الخلاقات الأمريكية – الروسية. يصح منطق الصفقة في حال كان لها طرفان، أما ثلاثة أطراف، اثنان منهما خصمان تقليديان يفترض أن يستفيد أحدهما من تركيا (إدلب) ويمنحها الآخر مكسباً (المنطقة الآمنة)، فليس طرحاً مقبولآ.
ما تريده موسكو اليوم هو إعادة التفاوض مع أنقرة بخصوص إدلب لتعديل اتفاق سوتشي أو حتى إبرام تفاهمات جديدة، وهي العادة الروسية خلال السنوات الأخيرة بالدعوة للتفاوض من خلال الضغط الميداني والرسائل الساخنة بالنار والبارود. حديث بوتين عن سيطرة “الإرهابيين” إدلب إشارة مهمة للاختلاف الرئيسي بين الطرفين في تحديد المنظمات الإرهابية، إذ يتضح  أن هيئة تحرير الشام ليست المنظمة الإرهابية الوحيدة في نظر موسكو، وإنما ينسحب التصنيف على معظم فصائل المعارضة.
وبهذا المعنى، وفي ظل إصرار روسيا ودعمها الكامل للنظام ونبرتها المختلفة هذه المرة، ومع غياب أي موقف دولي واضح في رفض عمليات النظام وروسيا، يمكن القول إن مساحات المناورة لدى الأخيرة أقل بكثير مما كانت عليه سابقاً. فما المتوقع؟
ثمة مسارات يمكن توقع تعاون أنقرة بخصوصها، (فتح الطرق الدولية بإشراف الجيش الوطتي المدعوم من أنقره ) باعتبارها من بنود اتفاق سوتشي نفسه، ما يضعها ضمن رزمة الالتزامات التركية.
وفق هذه الرؤية، لن يكون من الصعب توقع وجود حوار روسي- تركي مكثف وموسع خلف الأبواب المغلقة هذه الأيام بعد مقتل اربعة جنود روس في إدلب حسب بيان وزارة الدفاع الررسية وهو ما يمكن أن تنتج عنه تفاهمات جديدة قد وقد لا يعلن عنها، لكنها تصب في السياقات سابقة الذكر، وخصوصاً العمل على فتح الطرق الدولية قريباً.
في الخلاصة، فإن الموقف التركي في إدلب في غاية التعقيد والتركيب، ولا يمكن تفسيره بالثنائيات الحادة، إذ لا يصدق فيه كلام الصفقة المباشرة ولا الدفاع المستميت، وإنما هو موقف مبنيٌّ على عدة اعتبارات بعضها ثابت والآخر متغير. وبالتالي، يمكن الحديث عن عدة خيارات أمام أنقرة في إدلب، لكن ليس من بينها تسليم  إدلب للنظام
وخاصة ان انقرة تلوع بالدعم العسكري للمعارضه واوراق الضغط لدى انقره كثيرة من بينها فتح جبهة حلب  وترفض انقره ماقامت به روسيا والنظام من خرق للهدنه والعودة لحدود استانه وانسحاب كامل من خان شيخون لحدود قلعة المضيق.
لكن خسارة إدلب تماماً أو كسر المعارضة السورية بالكامل، أو حصول موجة لجوء كبيرة إلى أراضيها، تبدو اليوم خطوطاً حمراء بالنسبة لتركيا، وتملك بالتأكيد إزاءها أوراقاً يمكن تحريكها. بعض هذه الأوراق سياسي- دبلوماسي؛ تتمثل في الحوار مع موسكو ومحاولة التحصن بموقف دولي قد لا تحصل عليه. لكن الخطوات الأهم ستكون ميدانية ومن شقين: تعزيز ودعم نقاط المراقبة العسكرية الأخرى والتواجد التركي العسكري في إدلب بشكل عام، وكذلك رفع مستوى جاهزية الفصائل السورية المقاتلة في المنطقة، وبما يشكل الدعم اللوجستي والتسهيلات الميدانية، وكذلك التسليح غير الاعتيادي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى