مقالات

أكذب من عرقوب

محمود الجاف

كاتب وصحفي عراقي
عرض مقالات الكاتب

عرقوب : هو رجل كان يَعدُ الناس ولا يفي بوعده . ولهذا خلدهُ التاريخ كأحد اشهر الكذابين فماذا سيقول عن الذين حكموا العراق ؟ فقد قال لأخيه يوما : إذا اطلعت هذه النخلة فلك حملها . فلما أخرجت طلعها أتاه فقال لهُ : دعها حتى تصير بلحاً . فلما أبلحت قال له : دعها حتى تصير زهواً . فلما أزهدت قال له : دعها حتى تصير رُطباً فلما أرطبت قال له : دعها حتى تصير تمراً . فلما أتمرت قام بجذّها بالليل . فلما جاءهُ لم يجد شيئاً . ولهذا قالوا فيه : أمطلُ من عرقوب . وأخلفُ من عرقوب . وذكرهُ الشاعرُ كعب بن زهير في قصيدته التي مطلعها : بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ … ثمّ قال :

وَلاَ تَمَسَّكُ بِالْعَهْدِ الَّذِي زَعَمَتْ إِلاَّ كَمَا يُمْسِكُ الْمَاءَ الْغَرَابِيلُ
فَلاَ يَغُرَّنْكَ مَا مَنَّتْ وَمَا وَعَدَتْ إِنَّ الْأَمَانِيَّ والْأَحْلامَ تَضْلِيلُ
كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلاً وَمَا مَوَاعِيدُهَا إِلاَّ الْأَبَاطِيلُ

الكذب فعلٌ تحقّرهُ كل الثقافات وهو عاراً يلحقُ بصاحبه . حذرت العرب من فاعله فقالوا أكذب من الشيخ الغريب الذي يتزوّج وهو ابن سبعين عاماً ويدّعي أنه ابن الأربعين . وأكذب من أخضر : وهو رجل كذب بواقعة قلب فيها المقتول قاتلاً والقاتل مقتولاً . اما كذاب زماننا الخميني ورغم أنّ عهد الصفويين قد باد وانتهى إلا أنه أعاد منهجهُم الدموي تحت ما يُسمّى (تصدير الثورة) وما جرى في الامتين العربية والاسلامية خير دليل على سادية افكاره التي مَلأت العالم حقدا واجرام .

يقول د . محمد فتحي : يعتز الخمينيون بالصفويين ويعتقدون أنهم حققوا حلمهُم في الوحدة وأنها أول دولة تحكم بعد استعمار طويل منذ الفتح العربي . ويقول جعفر المهاجر : يُعتبر قيام الدولة الصفوية أكبر حدث في تاريخهم مُنذُ سقوط الإمبراطورية الساسانية لأنها أعادت إلى هذه المنطقة وحدتها وجاء إعلان التشيَّع الإمامي مذهباً وحيداً ليضعها في الإطار الروحي المناسب . اما المُؤرخ جعفريان فيقول : تمكنت الدولة الصفوية عبر القوة من تكريس اتجاه جديد شمل المناطق وسائر النواحي الخاضعة لنفوذها وبذلك ظهرت إيران الشيعية للوجود . ويقول اليهودي اليعازر تسافرين : مهما تكن إسلامية ايران الا ان ما تفعلهُ يتسمُ بالنزعة القومية ويُشابهُ ما كان يفعلهُ الشاه .

اما الخميني فيقول : ان نظرية ولاية الفقيه لم يخلقها مجلس الخبراء . بل وضعها الله وهي نفس ولاية رسوله . وسئل محمد رضا الكلبيكاني عن رأيه في التنصيص على ولاية الفقيه في الدستور فقال : إن لم يتم ذلك فإنّ الحكومة تصير حكومة طاغوت . ويقول كاشاني : إن أمر الولي الفقيه مطاع شرعاً وقانوناً ولهُ الحق في تبديل حكم شرعي بآخر طبقاً لما تقتضيه الظروف والمصالح . ويقول محمد تقي اليزدي : وإذا عُدنا إلى سيرة الإمام الراحل فسوف نعرف أنّ صلاحياته تفوق ما جاء في الدستور قبل تعديله لأنه أعلن (إني أعيّنكم رئيساً للجمهورية) وبهذا اكد ان ولاية الفقيه تمتلك ولاية إلهية . وفعلا مُنح الولي الفقيه الحق بالإشراف على مُؤسسات الدولة إذ جاء في الدستور : السلطات الحاكمة هي السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية تمارس صلاحياتها بإشراف ولي الأمر المطلق وإمام الأمّة . تقول صحيفة رسالة الإيرانية : يتمتع الولي الفقيه بما يملكهُ من ملكة العدالة والعلم والتقوى وعلى مُستوى عال من الحصانة من الذنب والانحراف . وإنّ ولاية الفقيه هي الأساس الذي يقوم عليه نظام الحكم اليوم ولا يمكن معارضته ومُؤاخذته .

قال د . موسى الموسوي : ان ولاية الفقيه من أكبر البدع التي أرغم عليها الشيعة . قبلها البعض طائعا والاخر مكرها وهي تتحكم في مصير الناس والأكثرية تدفع اليوم ضريبتها الباهظة بالدم والمال وفقدان الحرية والكرامة وكل القيم الإنسانية والسماوية . لان الولي الفقيه يتخذ منها منصة للانطلاق لإرغام الأمّة على الإيمان بأنه وكيل عن الذات الإلهية ومُتحدث بلسان الوحي الذي يتلاعب بالآيات القرآنية كما يُريد ويُعطل أركان الإسلام ويغير الحدود والموازين ويرى نفسه وصياً على عقول الناس ورقيباً على إرادتهم ومَن يقف مُعارضاً له يعتبر كافراً زنديقاً يجب قتله . رغم إنها تتناقض مع المبادئ الإسلامية التي ألغت حاكمية الإنسان على الإنسان وجعلتها لله وحده وهي امتدادٌ لعصور فرعونية وثنية ومع هذا تصبح الآن ضمن دستور أمّة تدعي الاسلام .

يقول د . علي شريعتي : أنّ للصفويين إيجابية لانهم قاموا بإحياء التشيَّع البغيض المدفون بسبب التقيّة فأخذوا يجهرون بعقيدتهم أمام الملأ وألفوا الكتب المصرّحة بالكفر والطعن في الصحابة رضي الله عنهم . ويقول : “مع أنّ التشيَّع العلوي كان حريصاً على التحفظ على إثارة مسائل الخلاف مع الأغلبية السُنية موظفاً حجاب التقيّة أروع توظيف . لكن (التشيَّع الصفوي) عمد إلى تمزيق هذا الحجاب وجرّ حالة الاختلاف والتصعيد إلى موارد الاشتراك والاتفاق بين المسلمين قاطبة “. وجاء في وثيقة النجف أنّ الشاه ( أوجد بغضاً عظيماً بين المسلمين ونشر راية النفاق والاختلاف بحيث بات الكفّار آمنين مطمئنين في أرجاء البلاد فيما فروج المسلمين ودماؤهم عرضة للتهديد والاغتصاب) وفي طهران الان تجد الكنائس والمعابد للمسيحيين واليهود رغم انهم أقلية وغير مُوحّدين ولهم ثلاثة ممثلين في البرلمان” .

قال تريتا بارزي : “لم يفرّ اليهود إلى إيران وإنما رحلوا إليها طوعاً وهي حتى يومنا هذا تستضيف أكبر جالية في الشرق الأوسط بالرغم من هجرة عشرات الآلاف منهم إلى الولايات المتحدة . ويتمتعون بالحرية الدينية وهذه المُعاملة اللطيفة جعلتهُم أقل مُمانعة للتأثيرات الفارسية في الديانة اليهودية” . كما “أصدر الخميني فتوى يأمر فيها بحماية اليهود”. وفي المقابل لا نجد مسجداً واحداً لأهل السُنة في طهران رغم أنّ عددهم فيها يقارب المليون والنصف .

يقول المؤرخ الإيراني نصر الله فلسفي : “في عام 1599م جاء قسيسان برتغاليان أحدهما من جماعة الفرنسيسكان والثاني من الدومينيكان وقابلا الشاه عباس في مدينة أصفهان فقدّم نيكولاو دي ميلو نفسه على أنه المندوب الخاص لبابا روما وملك إسبانيا وقد قوبلا بالكثير من المحبة والعطف ومنحوا صليباً من الذهب مكللاً بالماس والفيروز والياقوت” . ويقول ايضا : ” تشاجر السفير الإيراني وشيرلي في روما حول أهمية مركز كل منهما وأغلظ شيرلي القول للسفير الإيراني فحزن مما سمعه وعاد . ثم ذهب لمقابلة الشاه وشرح له تفصيلات رحلته ولكن روبرت اخو شيلي دافع عن أخيه ولهذا أمر الشاه بقطع يدي السفير ولسانه أمام روبرت” . ويقول علي شريعتي : “من القضايا الواضحة وجود ارتباط بين الصفوية والمسيحية ولهذا عمد الشاه الى استرضاءهم من خلال دعوتهم للهجرة إلى إيران وقد شيّد لمسيحيي (جلفا) مدينة مستقلة قرب العاصمة”. وتعاون مع الأوربيين ضد العثمانيين كما فعل الملالي مع أمريكا ضد العراق وأفغانستان وهي حقيقة يعترف بها شيخهم حيدر حبّ الله حيث قال : “ولسنا نعصم جماعتنا عن خطأ ارتكبوه عبر الزمن في القضايا التاريخية التي قيل فيها الكثير من الغزو المغولي ونصير الدين وابن طاووس مروراً بالتحالف (الصفوي . الغربي) وصولاً إلى ما يُقال اليوم عن تحالفنا مع أمريكا … واخيرا في عام 2003 اصدر خامنئي فتوى يحرم فيها استخدام اسلحة الدمار الشامل وبعد عامين صرحت بها الحكومة في بيان رسمي في اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا . وصدق من قال ( إذا كان رَبُّ البيتِ بالدفِّ ضارباً . فشيمةُ أهلِ البيت كلِّهِمُ الرَّقصُ ) او في الحقيقة الكذبُ …

أن المُؤرخين المُسلمين كانوا يذكرون مسلمة بن حبيب باسم مُسيلمة احتقاراً له لأنه ادعى النبوة ولصق به لقب الكذاب وأراد إظهار كرامات تُشبه مُعجزات النبي فبصق في بئر فغاض ماؤها وفي أخرى صار أجاجاً وسقى بوضوئه نخلا فيبست . ثم تزوج من سجاح الكذابة مُدعية النبوة أيضا حتى قتله وحشي بن حرب قاتل حمزة بن عبد المطلب في معركة أحد . قال له أتباعه : ” إن محمدًا صلى الله عليه وسلم يقرأ قرآنًا يأتيه من السماء فاقرأ علينا شيئًا مما يأتيك فقال لهم ” يا ضفدع يا ضفدعين .. نُقِّي ما تَنُقِّين .. نصفُكِ في الماء ونصفك في الطين ” فتقززوا مما سمعوا وعلموا أنه هذيان معتوه وانبرى له من بينهم أحد الأعراب قائلاً ” والله إني لأعلم أنك كذَّاب وأعلم أن محمدًا صادقٌ ولكن كذابُ ربيعة أحبُ إليَّ من صادق مضر ” ..

ايُها الغيارى : هل كذاب الملالي احبُ اليكُم من صادق العرب ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى