حقوق وحريات

توضيح حول عملنا وعمل القضاء في أوروبا

أنور البني

محام ورئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية
عرض مقالات الكاتب

القضاء لا يتابع المحطات الإعلامية والتقارير الصحفية أو الحقوقية ولا يمكن اعتمادها للإدانة القضائية , ولا يراعي الجهة السياسية أو الدينية أو القومية للمتهم أو الضحية , القاضي يعتمد فقط على الأدلة الموجودة أمامه , ولا يكفي أن نعرف جميعا من هو المجرم ومن هو الضحية , وإنما يجب أن تجمع الأدلة وتقدم للقاضي حتى يتمكن من الحكم , ولا تكفي الشبهة للإدانة وإنما يتوجب وجود أدلة حقيقية وكافية على ارتكاب الجريمة , وعندما تتوفر هذه الأدلة ماديا أمام القاضي وليسس فقط بإذهاننا فيمكن إدانة المتهم ,
الكثير يظن أن مجرد معرفتنا ما هي الجريمة ومن هو المجرم كافية للحكم عليه , وهذا صحيح بالنسبة للحكم الأخلاقي أو السياسي , ولكنه غير ممكن أبدا بالنسبة للحكم القضائي ,
والكثير يظن أنه يمكن محاكمة جهة محددة وهذا يعني أنه يتوجب الحكم بالإدانة على كل من ينتمي إليها أو يؤيديها , وهذا صحيح بالنسبة كذلك للحكم الأخلاقي والسياسي , ولكنه مستحيل وغير ممكن أمام القضاء , فالقاضي بحكم بموجب المسؤولية الشخصية عن الجريمة فقط ويحكم على الشخص الذي ارتكبها ولا يدين أو يحكم على الجهة التي ينتمي إليها ,
ربما لأن عناصر نظام الأسد الإجرامي لم يكونوا معروفين شخصيا وبالأسم من قبل الضحايا تجعل من الصعب تحديد المجرمين بالاسم وإدانتهم , بينما عناصر المجموعات الأخرى معروفين من قبل الضحايا بالاسم لأنهم غالبا من أبناء المنطقة نفسها تجعل أسهل أن يتم التعرف عليهم وإدانتهم ,وربما لأن العديد من منتسبي تلك المجموعات المسلحة غادروا إلى أوروبا أكثر من عناصر نظام الأسد وميليشياته المسلحة المجرمين , ربما لهذا الأسباب نسمع عن محاكمات أكثر لهذه العناصر , ولكن هذا لا يعني انه لا يمكن محاكمة عناصر نظام الأسد أو مليشياته ,
إن عملنا يركز على إدانة المجرمين من النظام وسبق أن تقدمنا بثمان ملفات أمام القضاء الأوربي ضد أكثر من ستين مجرم بما فيهم بشار الأسد وماهر الأسد وصدرت مذكرات توقيف بحق عدد من أعلى المسؤولين عن ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية بما فيهم علي مملوك وجميل الحسن وعبد السلام محمود , ونتابع هذه الملفات وتقديم ملفات ضد أي مجرم حرب أو مجرم ضد الإنسانية
نحتاج لشهود وشهادات ضحايا وأدلة تثبت قيامهم بالجريمة , ولا تكفي أبدا مجرد المعرفة بذلك أو مجرد أنه يوالي أو ينتمي لمجموعة محددة ” ما عدا الانتماء لداعش أو جبهة النصرة لأن هذين التنظيمين مصنفين دوليا بأنهما إرهاببين مما يجعل مجرد الانتماء لهما جريمة ” ونشجع أي أحد يملك مثل هذه الأدلة أو شاهد أوضحية ومستعد لتقديم شهادته أن يتقدم بها إلى البوليس مباشرة أو إلينا ونحن على استعداد لمتابعة الملف قضائيا , مع ملاحظة أن عمليات التحقيق والقضاء بأوروبا هي بطيئة للغاية، ولكن أكيد ستكون هناك نتائج.
وللمعلومات فقط فالمجرم الذي تمت إدانته في شتوتغارت منذ يومين قام حسب الأدلة الثابتة المتوفرة أمام المحكمة بقتل مجموعة من الموظفين المدنيين في مؤسسة الحبوب في مدينة الطبقة ورمى جثثهم، وهذه جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية لا يبررها لا الدفاع عن النفس ولا عن مبدأ ولا عن دين ولا عرض، ولا يقبل أو يدافع عنها إنسان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى