دين ودنيا

مناقشة هادئة مع من ينكر السنة (1)

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

هذه مناقشة هادئة لمنكري السنة النبوية المشرفة، ومن يسمون أنفسهم بالقرآنيين، لعل الله يهدي بها من يشاء منهم، لذا فلن أشنع عليهم، ولن أحتج عليهم بالسنة إلا أن يقروا بها، وسأكتفي أولاً بالرد عليهم من القرآن الكريم، فأبين أن القرآن الكريم هو الذي أمرنا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله، ثم أُتْبِعُ ذلك بأنَّ ترك السنة هو ترك للدين، ثم أَرُدُّ على شبهاتهم التي تعلقوا بها. وقبل البدء في ذلك أرى أه من الواجب عليَّ أن أوضح المقصود بالقرأن، والمقصود بالسنة، في كلمات يسيرة، بعيدة عن مصطلحات أهل العلم.
القران الكريم:
يعرف المسلم بل والكافر أن القرآن الكريم هو الموجود بين دفتي المصحف، المبتدأ بسورة الفاتحة والمختتم بسورة الناس.
وهو كلام الله تعالى المعجز بلفظه ومعناه، منه بدا بلا كيفية قولاً، وأنزله على رسوله وحياً، وصدّقه المؤمنون على ذلك حقاً، وعلموا أنه كلام الله تعالى على الحقيقة، ليس بمخلوقٍ ككلام البرية، فمن سمعه فزعم أنه قول البشر فقد كفر، وقد ذمه الله تعالى وأوعده بصقر، فلما أوعد الله بصقر لمن قال: إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ البَشَرِ [المدثر 25] علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر.
فالقرآن هو كلام الله المعجز الذي تحدى به الإنس والجن أن يأتوأ بمثله أو بعشر سور، أو بسورة من مثله.
وهو قطعي الثبوت، فقد جمع بالتواتر فلا سبيل لزيادة حرف فيه ولا نقص، فضلا عن كلمة أو أكثر.
وهو المتعبد بتلاوته، فلا شيء قراءته عبادة إلا القرآن الكريم.
وهو الذي يقرأ في الصلاة لا غيره لقوله تعالى:
فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ [المزمل 20]

السنة:
لغة: هي الطريقة والسبيل
تهذيب اللغة (12/ 210)
السُّنّة الطريقةُ المستقيمة المحمودة، وَلذَلِك قيل: فلانٌ من أهل السنّة، وسَننتُ لكمْ سُنّة فاتبعوها.
قَالَ شَمر: السُنّة فِي الأَصْل: سُنّهُ الطَّرِيق. وَهُوَ طريقٌ سنه أَوَائِل النَّاس فَصَارَ مَسلَكاً لمَن بعدَهم. وسَنَّ فلانٌ طَرِيقاً من الْخَيْر يَسُنّه: إِذا ابْتَدَأَ أمراً من البِرّ لم يَعرِفه قَومُه، فاستَنُّوا بِهِ وسلَكُوه وَهُوَ يَسْتنُّ الطَّريقَ سَنّاً وسنَناً؛ فالسَّنُّ المصدَر، والسَنَنُ: الِاسْم بِمَعْنى المسنُون.
وفي مختار الصحاح (ص 155)
س ن ن: (السَّنَنُ) الطَّرِيقَةُ يُقَالُ: اسْتَقَامَ فُلَانٌ عَلَى سَنَنٍ وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: امْضِ عَلَى (سَنَنِكَ) وَ (سُنَنِكَ) أَيْ عَلَى وَجْهِكَ. وَتَنَحَّ عَنْ (سَنَنِ) الطَّرِيقِ وَ (سُنَنِهِ) وَ (سِنَنِهِ) ثَلَاثُ لُغَاتٍ. وَ (السُّنَّةُ) السِّيرَةُ.
وفي لسان العرب (13/ 225)
وسُنَّةُ اللَّهِ: أَحكامه وأَمره وَنَهْيُهُ؛ هَذِهِ عَنِ اللحياني. وسَنَّها اللَّهُ لِلنَّاسِ: بَيَّنها. وسَنَّ اللَّهُ سُنَّة أَي بَيَّن طَرِيقًا قَوِيمًا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ.
نَصَبَ سُنَّةَ اللَّهِ عَلَى إِرادة الْفِعْلِ أَي سَنَّ اللَّهُ ذَلِكَ فِي الَّذِينَ نَافَقُوا الأَنبياءَ وأَرْجَفُوا بِهِمْ أَن يُقْتَلُوا أَين ثُقِفُوا أَي وُجِدُوا. والسُّنَّة: السِّيرَةُ، حَسَنَةً كَانَتْ أَو قَبِيحَةً
فَلَا تَجْزَعَنْ مِنْ سِيرةٍ أَنتَ سِرْتَها، … فأَوَّلُ راضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيرُها
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: سُنَّةُ الأَوَّلين أَنهم عَايَنُوا الْعَذَابَ فَطَلَبَ الْمُشْرِكُونَ أَن قَالُوا: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ. وسَنَنْتُها سَنّاً واسْتَنَنْتُها: سِرْتُها، وسَنَنْتُ لَكُمْ سُنَّةً فَاتَّبِعُوهَا.
بعد هذا العرض من معاجم اللغة ندرك أن السنة هي الطريقة.
والمقصود بالسنة في قول أهل العلم هي الطريقة التي نتعبد لله بها، وما يجوز وما يجب وما يحرم.
معنى السنة اصطلاحاً:
الوجيز في أصول الفقه الإسلامي (1/ 335)
ويظهر حكم المندوب من التعريف الثاني، وهو أن فاعله يستحق الثواب والأجر من اللَّه تعالى، وتاركه لا يستحق العقاب.
ويطلق العلماء على المندوب أسماء أخرى، كالسنة والنافلة والمرغب فيه والمستحب والإحسان، قال ابن السبكي: والمندوب والمستحب والتطوع والسنة مترادفة ، وخص بعض العلماء لفظ السنة بما واظب عليه رسول اللَّه – صلى الله عليه وسلم – كالوتر، والمستحب بما لم يواظب عليه.
حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع (1/ 126)
تَعْرِيفِ الْمَنْدُوبُ وَالْمُسْتَحَبُّ وَالتَّطَوُّعُ وَالسُّنَّةُ
إذا فكلمة السنة قد تأتي مرادفاً للمندوب، والمندوب حكم شرعي قد يأتي دليله في القران، وقد يكون دليله من الأحاديث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى