مختارات

كشف الالتباس عن شبهات حماس

أ. د. حاكم المطيري

تصريحات قادة حماس عن علاقتهم بإيران صادرة عن إيمان وقناعة لا فقط عن اضطرار ومصلحة كما يروجه إعلاميوها، وليست إيران وحدها من يقدم الدعم لحماس، فنظام بشار قدم لها من الدعم مثل أو أكثر مما قدمته إيران فما الفرق بين النظامين؟
وكيف استطاعت الاستغناء عن دمشق ولم تستطع الاستغناء عن طهران؟
وقطر ودول الخليج هي من تدفع رواتب موظفي غزة واحتياجاتها -بضوء أخضر أمريكي- وليست إيران!
حماس منذ دخول انتخابات السلطة -وفق شروط أوسلو ٢٠٠٦ وتحت إشراف الرئيس الأمريكي جيمي كارتر الراعي لاتفاقية كامب ديفيد ومنذ فتح الطريق لها للسيطرة على غزة- وهي حكومة كغيرها من الحكومات العربية وتمارس ما تمارسه هذه الحكومات الوظيفية ولم تعد حركة تحرر ومقاومة؛ بل قوة ضبط وسيطرة كحزب الله في جنوب لبنان، وهذا ما حذرتُ منه بعض قياداتهم سنة ٢٠٠٩ !
لا يمكن لحماس أن تلعب دور المقاوم الحر في غزة والحاكم المستبد في الوقت ذاته!
وقد حاول نظام الأسد طوال خمسين سنة أن يلعب هذا الدور وانتهى كقاتل لشعبه!
إذا كانت حماس فعلا تمثل المقاومة؛ فلتفتح الطريق أمام الفصائل الأخرى لتمارس حقها في مواجهة العدو الصهيوني، لا أن تعتقلها وتصادر أسلحتها!
وإن كانت حماس حركة تحرر فعلا؛ فلتفتح الطريق لشعب غزة لينتخب من يمثله ويدير شئون بلده بلا وصاية عليه، لا أن تفعل بأهل غزة باسم المقاومة ما يفعله حزب الله بأهل لبنان!
أما أن تظل حماس قوة ضبط وسيطرة على غزة وشعبها لا هم يستطيعون تغييرها ولا هي تحترم إرادتهم وتعبر عن رفضهم للمشروع الإيراني الذي يقتل إخوانهم في سوريا، وتنحاز لخيار شعبها الذي اختار الاصطفاف مع أمته ضد جرائم إيران، فإنها حينئذ لا تعدو أن تكون ذراعا إيرانيا كالحوثي في اليمن وحزب الله في جنوب لبنان إلا أن حاضنتها سنية لا شيعية مما اضطرها إلى هذه الازدواجية في الخطاب كأي نظام عربي وظيفي يتم من خلاله السيطرة على الشعوب العربية!
إن دور حماس في غزة وما تمارسه من وصاية على أهلها باسم المقاومة هو تماما كدور حزب الله في لبنان والحوثي في اليمن والحشد في العراق!
فالممارسات نفس الممارسات! والعلاقة مع إيران نفس العلاقة! والشعارات نفس الشعارات! والاصطفافات نفس الاصطفافات!
بل حتى استغاثة بنت سليماني لأخذ الثأر لأبيها محصورة بالمنظومة نفسها فذكرت هنية والحوثي ونصرالله على حد سواء!
وعلى الشعب الفلسطيني أن يخرج من حالة الوهم ويشق طريقه بعيدا عن مشروعي عباس وحماس الذي كان النموذج الأمريكي -كما في لبنان واليمن وليبيا والعراق وسوريا- الذي أريد له أن يعمم في المنطقة كلها لتتحول كل بلد عربي إلى خندقين وظيفيين في صراع عدمي دائم لا يخدم إلا المحتل الغربي وربيبه الصهيوني!
إن مشروع “المقاومة” هو في حد ذاته المشروع الأمريكي المشروط على المنطقة كلها كبديل عن مشروع “التحرير” الذي انتهى عربيا باتفاقية كامب ديفيد!
إن حق “المقاومة” والدفاع عن النفس هو البديل المسموح به أمريكيا ودوليا منذ إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان سنة ١٩٨٢ بتعاون إسرائيلي سوري سعودي وبإشراف من الجامعة العربية!
ليصبح نظام الأسد وميليشياته وحلفاؤه -الذي أخرج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان ودك حماة الثائرة- هو نفسه الراعي الرسمي لمشروع المقاومة الإسلامية تنفيذا لبنود كامب ديفيد السرية مع حافظ الأسد لتأمين حدود إسرائيل!
وبعد أن كانت ساحة الصراع مع العدو الصهيوني هو كل العالم وحيث توجد مصالح إسرائيل فإذا الساحة تضيق حتى لا تكاد تتجاوز اليوم غزة نفسها التي لا يستطيع أحد أن يطلق صاروخا منها على العدو إلا بإذن حماس!
إن حركة لا تستطيع إصدار بيان واحد يدين قتل مليون مسلم من أهل الشام -بينما تنبري للاصطفاف مع إيران حتى لو قاطعت الأمة كلها- لهي أعجز من أن تكون حركة مقاومة وتحرير إن كانت فعلا مضطرة!
إن من يعول لتحرير فلسطين على حركة عاجزة إلى هذا الحد عن التحرر من النفوذ لإيراني عليها حتى في أدنى صور السيادة الوطنية وفي مجرد إصدار بيان إدانة لهو أضعف رأيا وأضل سعيا!
إنه لا يتصور لمن يتصدى للمحتل الصهيوني ويتحمل أعباء الصراع على هذا النحو أن يبلغ به العجز ألا يستطيع أن يعبر عن إرادة شعبه الرافض لجرائم إيران في سوريا إلا أن يكون هو مؤمن فعلا بمشروع إيران الإسلامي وأنه جزء من خندق المقاومة المزعوم الذي يضم بشار ونصرالله وهنية والحوثي والخزعلي وساء أولئك رفيقا!

المصدر: صفحة الكاتب على فيس بوك
https://www.facebook.com/115018668520526/posts/2892562777432754/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى