مقالات

كلمة أخيرة للمعزين والفرحين في (النافق الهالك قاسم سليماني)

د. أكرم كساب

كاتب ومفكر إسلامي
عرض مقالات الكاتب

نفق قاسم سليماني وهلك، وأفضى إلى إله عادل لا تخفى عليه خافية من خير أو شر، {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة: 18]، وما علمناه أن النافق كان حسناته مغمورة في بحار دماء السوريين والعراقيين واليمنين.
ولأن هذه المسألة ألصق ما تكون بالنوازل السياسية فإني أقول:
• إن السياسة الشرعية هي: تلك القرارات والأحكام التي تصدر من ولي الأمر (حاكما أو عالما) فيما جاء به النص، بحسن تطبيقه وتنزيله، وفيما لا نص فيه بما يحقق للأمة مصلحتها مع مراعاة مقاصد الشريعة، وتجنب مخالفتها.
• وهذا يعني: أن هذه السياسة الشرعية: أساسها الشريعة، ومرتكزها العقيدة، تعززها العبادات، وتحوطها الأخلاق من كل جانب.
وقد رأينا أن وصف (النافق الهالك قاسم سليماني) بالشهيد أصبح حديث الساعة، وللناس فيه مواقف ثلاثة:

  1. رافض للوصف ومعتذر للواصفين.
  2. رافض للوصف ومشنع للواصفين.
  3. قابل للوصف ومشنع للرافضين.
    والذي ينبغي أن نقف عنده في هذه الأزمة ما يلي:
  4. ينبغي أن يسود في الأمة روح الأمة الواحدة لا الدولة القطرية، وهذا امتثالا لقول الله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } [الأنبياء: 92]، وقوله سبحانه: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: 52].
  5. القضية الفلسطينة قضية الأمة كلها، يقوم أهلها بحائط الصد الأول، بحكم مكانهم، وهم أكثر الناس ابتلاء، ونسأل الله لهم الإخلاص والقبول.
  6. قدمت البلاد الإسلامية للقضية الفلسطينية ما لا ينكره إلا جاحد أو جاهل، وأعني بالبلاد الإسلامية أفرادها وشعوبها.
  7. ليس لمجاهدي فلسطين حق التطاول على إخوانهم بما قاموا، وليس لإخوانهم المن عليهم بمال قل أو كثر، والله يقول: { قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ } [البقرة: 263]، فكيف إذا كان العطاء مفروضا، والتضحية واجبة؟!
  8. على الحركة كما تراعي فقه المصلحة والضرورة أن تراعي فقه الموازنات والمآلات، وللشعوب عليها حق، كما أن لها عند الشعوب حقوقا لا تحصى ولا تعدّ.
  9. قولة (لا يفتي قاعد لمجاهد) قولة تحتاج إلى تدليل، ولا أعتقد صحتها، فلم يعرف واحد من الأئمة الأربعة بالجهاد في ساحات الوغى، ومع ذلك أفتوا بما لم يفت به المجاهدون، ولا داعي لذكرها فكل في موضعه يؤدي ما عليه.
  10. على أبناء الحركة أن يسمعوا للرأي الآخر والقول الآخر، فليس ما يأتون به هو الصواب المطلق، وليس ما يأتيهم من نصح هو الخطأ المحض، بل كما قال الشافعي: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غير خطأ يحتمل الصواب.
  11. أيها الناقدون لا تنسوا فضل من قدم عطاء ولأهل فلسطين عطاءات وعطاءات، والله يقول: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ } [البقرة: 237]، ولا تكثروا من اللوم فتغلقوا بابا واسعا بينكم وبين إخوانكم، فلا تجدون ولا يجدون رجعة إذا أردتم.
  12. أيها المحبون للحركة لا تدافعوا عنها بحق وباطل، بل ادفعوا عنها إذا أصابت، وإن رأيتم عوجا فانصروها بأخذ يدها إلى الحق، وفي البخاري عن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا».
  13. أيها الواصفون (النافق الهالك قاسم سليماني) بالشهيد بالغتم وتجاوزتم… كان لكم العذر في العزاء، لكنكم تامديتم، ويا أيها المشنعون بأصحاب الأيادي البيضاء، بالغتم في نقدكم وذمكم فما علمنا هؤلاء الكرام إلا أتقياء أنقياء نحسبهم كذلك ولا نزكيهم على الله.
  14. أيها الناقدون سيستغل الأعداء نقدكم لإخوانكم، وعلم الله نواياكم، فلا تشمتوا أعداءكم فيكم وفي إخوانكم، كفوا أقلامكم واستغفروا لكم ولإخوانكم.
  15. وأخيرا أيها الواصفون (النافق الهالك قاسم سليماني) بالشهيد، دماء إخوانكم مسفوكة، وقلوبهم مفجوعة، ودروهم خربة، وأوطانهم مسلوبة، فلا تجمعوا عليهم غما فوق غم، فهم بحاجة إلى كلمة حانية، ووقفة مراجعة متأنية، فوالله لن ينفعكم نفع كدعاء ثكالى سوريا وأيتام العراق ومشردي اليمن… ورحم الله رجلا أخطأ فعاد…..

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. كلام عاقل إلا أنني أختلف معه في جملة ” كان لكم العذر في العزاء ”
    عفواً أخي لم نقبل زياراتهم المتكررة لإيران ولم نقبل وقوفهم مع إيران فكيف نقبل الذهاب للعزاء ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى