مختارات

المحاكمة المحايدة

السفير بسام العمادي

يبدو أن معظم من كتبوا في مقتل سليماني ورد الفعل الإيراني عليه استندوا إلى معطيات بعضها أثرت عليها المواقف المسبقة أو التمني، وبعضها أثر عليها الانتماء الحزبي أو الإيديولوجي أوغيرهما.
لاتخاذ موقف صحيح من أي حدث ولتحليله يجب أن تؤخذ بالحسبان جميع الأمور الأساسية بل والثانوية أيضا المتعلقة به، ومع ذلك وحتى في هذه الحالة يكون الاستنتاج متعلقا بالشخص نفسه وحصيلة الفكر والتجارب والبيئة التي خضع لها.
أمريكا وإيران وجميع الدول الأخرى تتعامل بمصالحها ولاتأخذ بالحسبان مصالح أية دولة أخرى ولاتقدمها على مصالحها، وهذا مايحدث أيضا في تعامل الدول مع ثورتنا.
عند التحليل يتعين أن يتخلى البعض عن نظرياته في كون أمريكا أو إيران أوغيرهما دولة صديقة أو عدوة، أو عليها ان تفعل هذا ولاتفعل ذلك. هذه الدول وغيرها سبقتنا بأشواط في وضع أولولياتها قبل عواطفها، وهذا مانراه واقعا على الأرض.
يبدو أن ماوضعتنا فيه عصابة الأسد لفترة طويلة من الزمن من خطابات ديماغوجية وأخرى تدعي شيء وتفعل عكسه، وخاصة في موضوع العداوة لإسرائيل والمقاومة والممانعة، قد أثرت على محاكمة الكثيرين من السوريين وجعلت لديهم موقفا مسبقا من أمريكا أو إيران أو غيرهما، والدليل للأسف حتى الآن مانراه من البعض من رفع شأن بعض من فشلوا في عمل أسند لهم في مؤسسات المعارضة، بل ويطالب البعض بهم كقادة للثورة فقط لأنهم تأثروا عاطفياً ببعض خطاباتهم العاطفية المناقضة لأفعالهم، ولم يمحصوا نتائج مافعلوه في مسيرتهم، والبعض الآخر يرفض الاعتراف بأن بعض الدول الشقيقة أو الصديقة تستخدمنا كورقة لتحقيق مصالحها الخاصة، فالبعض ينزه تلك الدول عما فعلته، والبعض يشتمها لما لم تفعله، وكلاهما متطرف في فعله.
الواقعية والحيادية هي الرؤية المبتعدة عن المواقف المسبقةوعن العواطف، والتي ترى الأشياء كما هي وتحاكمها بعيدا عن العوامل الشخصية، وهذا ما نحن في أمس الحاجة إليه للخروج مما وصلنا إليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى