مقالات

رسالة إلى كل السياسيين في تونس بلا استثناء

بشير بن حسن

مفكر إسلامي
عرض مقالات الكاتب

كم كثر المزايدون في الآونة الأخيرة بالثورية والوطنية؟؟ وكم رأينا وجوها جديدة وسمعنا كلاما رناّنا ؟ وكم رُفعت شعارات ولا تزال ؟ من قِبل أحزاب أو نوّاب أو شخصيات سياسية كثيرة ؟ كم سمعنا من وعود في الحملتين الانتخابيتين الرئاسية والتشريعية ؟؟؟
وفي النهاية…. كما قال المثل العربي : تسمع جعجعة ولا ترى طحينا …..
فأردت أن أرسل هذه الرسالة القصيرة الى كل هؤلاء الذين يتصدرون المشهد السياسي في تونس وابدأ رسالتي بمجموعة أسئلة :
كم هو راتب ( شهرية ) رئيس الجمهورية و كذلك مستشاروه؟
كم هو راتب كل نائب في مجلس الشعب؟ وكم يعمل كل منهم من ساعة في اليوم؟ وكم نسبة مصاريف المجلس من أكل و امتيازات ؟؟
كم راتب كل وزير وكاتب دولة ؟؟
اذا أجبتنوني بعد ذلك يمكن أن نصدقكم في ثوريتكم و ووطنيتكم ، واذا كنتم تطالبون الشعب التونسي بالتقشف وتحمل الزيادات فابدؤوا بانفسكم بتخفيض ” الشهريات ” لأنكم تأخذون أكثر مما تستحقون !!
كما أذكركم بأن رواتبكم هي من المال العام، الذي يجمع من جيوب التونسيين، ومن قوتهم وقوت عيالهم !!
والمال العام أشد حرمة عند الله تعالى من مال الفرد ،
عَن خَولَةَ الأَنصَارِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَنَّهَا سَمِعَت رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: “إِنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللهِ بِغَيرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ“ (رَوَاهُ البُخَارِيُّ).
قَالَ شَيخُ الإِسلَامِ ابنُ تَيمِيَةَ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي بَيَانِ مَا يَجِبُ عَلَى وُلَاةِ أُمُورِ المسلِمِينَ فِي الأَموَالِ العَامَّةِ: “وَلَيسَ لِوُلاةِ الأَموَالِ أَن يَقسِمُوهَا بِحَسَبِ أَهوَائِهِم، كَمَا يَقسِمُ المالِكُ مِلكَهُ، فَإِنَّمَا هُم أُمَنَاءُ وَنُوَّابُ وَوكَلَاءُ، لَيسُوا مُلَّاكاً، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: “إِنِّي وَاللهِ لا أُعطِي وَلا أَمنَعُ أَحَداً، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيثُ أُمِرتُ“ (رَوَاهُ البُخَارِيُّ)، ثُمَّ قَالَ: فَهَذَا رَسُولُ رَبِّ العَالمينَ، قَد أَخبَرَ أَنَّهُ لَيسَ المنعُ وَالعَطَاءُ بِإِرَادَتِهِ وَاختِيَارِهِ، كَمَا يَفعَلُ ذَلِكَ المالِكُ الذي أُبِيحَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ” ا.ه.
ورضي الله عن أمير المؤمنين عمر حيث شبّه المال العام بمال اليتيم ، الذي قال الله فيه ( ومن كان غنياّ فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ) !! فهل عقلتم هذا المعنى ؟؟؟
وها هو نموذج عجيب من عمر بن عبد العزيز رحمه الله في احترام المال العام
والقصة كما ذكرها صاحب الفتح : “اِشْتَهَى عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز التُّفَّاح فَلَمْ يَجِدْ فِي بَيْته شَيْئًا يَشْتَرِي بِهِ , فَرَكِبْنَا مَعَهُ , فَتَلَقَّاهُ غِلْمَان الدَّيْر بِأَطْبَاقِ تُفَّاح , فَتَنَاوَلَ وَاحِدَة فَشَمَّهَا ثُمَّ رَدَّ الْأَطْبَاق , فَقُلْت لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ : لَا حَاجَة لِي فِيهِ , فَقُلْت : أَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْر وَعُمَر يَقْبَلُونَ الْهَدِيَّة ؟ فَقَالَ : إِنَّهَا لِأُولَئِكَ هَدِيَّة وَهِيَ لِلْعُمَّالِ بَعْدهمْ رِشْوَة ” !!
و جاءه أحد الولاة وأخذ يحدثه عن أمور المسلمين وكان الوقت ليلاً وكانوا يستضيئون بشمعة بينهما ، فلما انتهى الوالي من الحديث عن أمور المسلمين وبدأ يسأل عمر عن أحواله قال له عمر : انتظر فأطفأ الشمعة وقال له : الآن اسأل ما بدا لك ، فتعجب الوالي وقال : يا أمير المؤمنين لما أطفأت الشمعة ؟ فقال عمر : كنت تسألني عن أحوال المسلمين وكنت أستضيء بنورهم ، وأما الآن فتسألني عن حالي فكيف أخبرك عنه على ضوء من مال المسلمين ، جاءوا له بزكاة المسك فوضع يده على أنفه حتى لا يشتم رائحته – ورعاً عن المال العام – فقالوا يا أمير المؤمنين إنما هي رائحة ؛ فقال: وهل يستفاد منه إلا برائحته !!!
ولذا آخر طلب منكم ، لا تتكلموا بلغة الدين والمتدينين، ولا تتظاهروا على الناس بالثورية والوطنية الكاذبة ، بل ابدؤوا كما قلت لكم بانفسكم بالتنزه عن مال التوانسة والا فهو حرام وسحت تدخلونه أجوافكم و أجواف أولادكم ونساءكم و قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به ) .

اللهم إني قد بلغت فاشهد يا رب العالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى