مختارات

الأكبر في العالم.. ماذا تعرف عن سفارة أمريكا بالعراق وقوة الحماية؟

يشهد العراق واحدة من أعمق الأزمات الراهنة، تتمثل في محاصرة السفارة الأمريكية في بغداد، ومحاولة محتجين موالين لإيران اقتحامها، في مشهد يعيد التذكير بحادثة اقتحام سفارة واشنطن في إيران عام 1979.

ودفعت حادثة قصف الطيران الأمريكي لـ5 مقار تابعة لمليشيا “الحشد الشعبي” الموالي لإيران في العراق، في 29 ديسمبر 2019، إلى احتجاجات أحاطت بسفارة واشنطن، واقتحم المتظاهرون أجزاءً منها قبل أن ينسحبوا، وهو ما فرض على الولايات المتحدة اتخاذ معايير أمنية جديدة.

ولا تكمن أهمية السفارة الأمريكية في العراق في قيمتها السياسية وموقعها فحسب، بل في مساحتها الشاسعة وسط الشرق الأوسط، والإمكانيات الهائلة التي تمكنها من صد أي هجمات يمكن أن تتعرض لها.

ما قصة اقتحام السفارة؟

في 31 ديسمبر 2019 اقتحم آلاف المحتجين مجمع السفارة الأمريكية في بغداد، للمرة الأولى منذ تشييدها عقب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، للتنديد بالضربات الجوية التي استهدفت مقار لمليشيا الحشد الشعبي المتهم بموالاته لإيران.

وتدفق رجال يرتدي عدد كبير منهم زي قوات الحشد الشعبي، وعدد من النساء، في اتجاه السفارة الأمريكية، واجتازوا الحواجز الأمنية وصولاً إلى الجدار المحيط بالسفارة، وقاموا بتحطيم كاميرات المراقبة المثبتة على السور الخارجي، ورشقوا أبراج المراقبة بالحجارة وأحرقوا بعضها.

واقتحم المحتجون البوابة الرئيسية للسفارة وصولاً إلى المدخل، حيث يقوم عناصر أمن السفارة بتفتيش الزوار، قبل أن تطلق قوات أمريكية بعض العيارات النارية في الهواء، ثم قنابل الغاز المسيل للدموع وأخرى دخانية لتفريق المتظاهرين.

وتمت عملية الاقتحام على خلفية اكتظاظ بشري رافق عملية التشييع الرمزي لضحايا قصف الطيران الأمريكي لمواقع لكتائب حزب الله العراقي المنضوية في هيئة الحشد الشعبي في سوريا والعراق، التي وقعت في 29 من الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن السفارة تقع في “المنطقة الخضراء”، الأكثر تحصيناً من الناحية الأمنية وسط بغداد، والتي تضم سفارات ومؤسسات حكومية، فإن الشرطة العراقية لم تمنع المتظاهرين من التجمع والتقدم نحو السفارة، في مقابل إغلاق الطرق المؤدية إليها منذ أشهر أمام المظاهرات الاحتجاجية التي يشهدها العراق منذ أكتوبر الماضي وحتى الآن ضد الحكومة العراقية والطبقة السياسية الحاكمة.

ماذا تعرف عن سفارة واشنطن في بغداد؟

تعد السفارة الأمريكية في بغداد الأكبر حول العالم، إذ تماثل مساحتها مساحة مدينة الفاتيكان، وقد أقيمت على مساحة 104 فدانات، ومن ثم تعتبر أكبر من أكبر سفارة أمريكية في السابق (سفارة يريفان) بنحو خمس مرات، بحسب تقرير لشبكة “فوكس نيوز” الأمريكية.

وبعد سنوات من التشييد افتتحت في يناير 2009، عقب سلسلة من عمليات الإنشاءات تخطت تكلفتها الـ 750 مليون دولار، حيث استوعبت نحو 16 ألف موظف ومقاول.

ويقع مجمع السفارة على نهر دجلة غرب جسر 14 تموز‎، وتتكون من 21 مبنى، بمساحة تقارب 80 ملعب كرة قدم، ما يجعلها أكبر من مجمع الأمم المتحدة في نيويورك، بحسب ما تشير قناة “الحرة” الأمريكية.

ويتكون مجمع السفارة من خمسة أقسام رئيسة، وهي ستة مجمعات سكنية، ومرافق المياه والمخلفات، ومحطة طاقة، ومبنيين دبلوماسيين، وقسم ترفيهي، كما تحتوي على دور عرض، ومطاعم، ومركز تسوق، وحمام سباحة، وصالة رياضية، وملاعب كرة سلة وكرة قدم.

تصميم السفارة الهندسي لم ينشر علناً، إلا أنها صُممت بإمكانيات تضمن لها الاكتفاء الذاتي من الطاقة والمياه، في ظل انقطاع الكهرباء والمياه في بغداد، والاضطرابات الأمنية التي تندلع من حين لآخر.

يبلغ ارتفاع السور المحيط بالسفارة نحو 9 أقدام على الأقل، وهو مصنوع من الخرسانة المسلحة القوية لدرجة أنها تكفي لتشتيت قوة الانفجار الصادر عن تفجير سيارة مفخخة أو صواريخ، أو قذائف هاون.

ومن الداخل، تم تحصين السفارة بشكل استثنائي، حيث صُممت وكأنها حصن أمريكي مضاد للقنابل البيولوجية، إذ زُودت بنظام تنقية الهواء من أي هجوم كيماوي أو بيولوجي، بالإضافة إلى نوافذ صغيرة تشبه الشقوق.

القوات التي تحميها

تتولى قوات المارينز حماية السفارة الأمريكية في بغداد، التي عززت هياكل مبانيها أكثر من السفارات الأخرى بمقدار مرتين ونصف، بالإضافة إلى احتوائها على خمسة مداخل أمنية مشددة، ومدخل طوارئ، بحسب تقرير لـ “سي إن بي سي نيوز”.

وعقب الاقتحام، أعلن وزير الدفاع الأمريكي  مارك إسبر، في 31 ديسمبر الماضي، أن 750 جندياً أمريكياً سيتوجهون إلى الشرق الأوسط فوراً، رداً على اعتداء عناصر مليشيا موالية لإيران على مبنى السفارة في المنطقة الخضراء وسط بغداد.

كما نشر حساب القيادة المركزية الأمريكية على “تويتر” صوراً لوصول قوة خاصة تابعة لسلاح المارينز إلى بغداد، من أجل حماية السفارة وموظفيها من أي هجمات محتملة، ويبلغ حجم الفرقة المرسلة نحو 100 جندي.

وقد وصف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، القوات المرسلة إلى بغداد عقب الاقتحام بأنهم “الأفضل”، حيث قال في تغريدة بحسابه: “تم إرسال العديد من مقاتلينا الأفضل، برفقة المعدات العسكرية الأكثر فتكاً في العالم، على الفور إلى الموقع، شكراً لرئيس العراق ورئيس وزرائه على الرد السريع على الطلب”.

ما هي القوة الجديدة التي أرسلت؟

والقوة التي أرسلتها الولايات المتحدة تدعى “قوة المهام البحرية الجوية ذات الأغراض الخاصة”، أو قوات “الاستجابة للأزمات”، وقد تم تكوينها في عام 2013 بعد حادث مقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز في مدينة بنغازي الليبية عام 2012.

وكان انتقاء عناصر هذه الوحدة بعناية، من الكتيبة الثانية والسابعة مشاة التابعتين لسلاح المارينز، وتدعى اختصاراً بـ “SPMAGTF-CR-CC”، وبحسب موقع المارينز فإن هذه الفرقة مهمتها “الاستجابة للأزمات، وعمليات الطوارئ، والتعاون الأمني في ساحة المعركة، وتمكين القيادة المركزية من توجيه جميع العمليات والمهمات”.

وبجانب مهمات حماية السفارات فإن هذه الفرقة مدربة على تنفيذ عمليات إخلاء السفارات، وعمليات الإغاثة في حالات الكوارث، واستعادة الموظفين والمعدات، والمساعدات الإنسانية، بحسب تقرير لموقع “بزينس إنسايدر”.

وبحسب موقع “مارين تايمز”، فإن عدد هذه الوحدة يصل إلى 850 جندي مارينز وبحار، يستقرون في قاعدة بإسبانيا، وقد ساهمت هذه الوحدة، منذ تأسيسها في 2013، في تعزيز الأمن في السفارات، والمساعدة في إجلاء الموظفين الدبلوماسيين في أماكن مثل ليبيا وجنوب السودان.

وقال متحدث باسم المارينز وعضو سابق بوحدة “الاستجابة للأزمات” لموقع “بيزنس إنسايدر”، إن هذه قد تكون المرة الأولى التي ترسل فيها الولايات المتحدة هذه الفرقة بهذا الحجم.

وعززت الولايات المتحدة أمن سفارتها سابقاً في المنطقة الخضراء، بإرسال فصيلة مكونة من 40 عسكرياً من المارينز، إلا أن الفرقة المرسلة مؤخراً هي الأكبر من حيث العدد.

المصدر: الخليج أونلاين
http://khaleej.online/v4nEnK

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى