مقالات

مساعى الطرطور لإفشال قمة كوالالمبور

محمد عماد صابر

برلماني مصري سابق
عرض مقالات الكاتب

العقلية الإستبداديه لدى النظام السعودى تجاوزت كل الحدود من أجل إفشال قمه كوالالمبور.
والحقيقة أنك لن تجد أحداً يسعى لإفشال هذه القمه الإسلامية إلا الفاشلون من قيادات الثورة المضادة وأبواقهم، فهم يريدون أن يتحكموا بما تفعله الدول الإسلامية الأخرى خاصة إذا كانت سنية، وكأن الإسلام أصبح ” برآءة إختراع” إبتكرها هذه القيادات المستبدة الفاسدة التابعة، فلا يريدون أحداً غيرهم أن يستخدمها حتى لا تكتشف الشعوب متاجرتهم القبيحة بهذا الدين.

إن إجتماع بضع دول إسلامية مثل ( قطر وتركيا وماليزيا) للبحث عن حلول  لإيقاف نزيف دماء المسلمين حول العالم، والبحث عن إيجاد موطئ قدم لهم يتشكَّل من جديد،لهو أفضل من كل القمم الحاشدة الخالية من المضمون، والتى تنتهى بأقوال دون أفعال.

فهل يستوى من يخططون لمستقبل المسلمين في قمة كوالالمبور_، ومن يستضيفون رئيس وزراء اليونان للتنسيق معه في الحرب الاقتصادية على تركيا والحرب العسكرية على ليبيا؟. أم هل يستوي قادة السياسة والفكر والعلم والدين المجتمعون الآن في ماليزيا من عشرات الدول الإسلامية والمهمومون ببحث نهضة هذه الأمة وأسباب تعثرها ، هل يستوون بقادة آخرون في السعودية و الامارات مهتمون ببحث كيفية إفشال هذه القمة؟!!

لقد أرادوا فرض شروطهم لحضور  قمة كوالالمبور وإدارتها فرفضت ماليزيا. والآن يهاجمونها بحجة وجود إيران ، أو بدعوى أنها قمة ضرار تشق صف الأمة.

لا خلاف أن النظام الإيراني
مجرم وطائفي وماكر ومتورط في جرائم ضد الإنسانية في سوريا والعراق واليمن..
لكن إذا كانت إيران مزق العالم العربي وأراق الدماء بسلاح الطائفية فإن السعودية مزقته بأموالها.!

ثم إن السؤال المهم هو:  “من الذي مكّن لإيران؟!!
لقد إنسحبت السعودية من العراق وخذلت سنة العراق لصالح إيران، وفرقت المقاومة السورية السنيه أولاً ثم أوقفت عنهم الدعم ثانياً لصالح إيران، وعادت أهل فلسطين وسجنتهم واتهمتهم بالإرهاب فاحتضنتهم إيران، وقادت الثورة المضادة، ووجهت طاقتها السياسية والمالية ضد الشعوب، والقوى الإسلامية السنّية التي كانت رافعة تلك الثورات، وهو ما أحدث خللًا في البناء العربي كله، وفتح ثغرات مُهلكة فيه، وفي الكيان السني الأكبر، وأحدث فراغا دخلت منه إيران وغيرها.

كيف يتحفظون على حضور إيران بينما السعودية تدعوها بشكل دائم للقمم الإسلامية ؟!!
لو حضر الجميع، فماذا سيكون وضع إيران وسط غالبيه سنيّة؟. إن منطق الهزيمة النفسية، هو المقدمة الطبيعية لصناعة الهزائم الحقيقية.
ومن هنا أتفهم أن مؤتمر ماليزيا لا يسعه تجاهل دعوة إيران تحاشيا لتهمة الطائفية وتقسيم الأمه

أما بخصوص إتهام قمة كوالالمبور بأنها قمة ضرار تشق الصف، يمكن القول بأن الاجندة الأمريكية الصهيونية التي تحملها أنظمة مستبدة وفاسدة وتابعة للمستعمر هو الذي يشق صف الأمة ويعطل مسيرتها. فضلا على أنه لم تعد هناك “منظمة للتعاون الإسلامي” حتى يكون هناك شق لصفها بعد أن تخلت عن هويتها ورسالتها لصالح مشروع الحملة الصليبية الصهيونية، فغدت كيان شرٍ تقوده السعودية وتسخر به الإسلام ضد المسلمين، فتارة تحشدهم لحروب بالوكالة عن الآخر، وتارة تحرقهم كما تفعل باليمن وليبيا، وتارة تدعم من ينحرهم كالصين والهند، حتى إنفضت الشعوب عنها ونفضوا أيديهم منها،
وقد يكون من الأفضل تجاوزها بتجارب جادة ولو كانت صغيرة، فكل مؤتمر يعزز وحدة الأمة ويحقق نهضتها ويستعيد حريتها وسيادتها هو في صالحها ويمثلها حتى لو غابت عنه أنظمتها التي خضعت للنفوذ الأمريكى منذ كامب ديفيد. إن المشكلة ليست في الحاضرين، بل في خلل أولويات الغائبين. علماً أن التناقض الدولى فرصة تسمح بإختراق إسلامي كبير؛  يحتاج إلى رشد لاستغلاله واللعب على هذه التناقضات.

لكن يبدو واضحا أن نجاح التجربة التركية كدولة إسلامية قد أزعج العصابات الفاسدة والظالمة في البلدان العربية وكشفت سجلها السياسى الفاشي كما كشفت سجلها الاقتصادي الفاشل، فأصبح هناك تخوف لدى هذه العصابات من أن يُحقق تكتل ماليزيا بعض التقدم في علاج الجانب الاقتصادي لأزمات المسلمين فيكون هذا النجاح إدانة أخرى لها تكشف فشلها.

إن الدول الإسلامية التي تستمد شرعيتها من شعبها كتركيا وماليزيا تسير قدما نحو البناء،  بينما حكومات الطغاة والمفسدين والتابعين في عالمنا العربي منشغلة بالتآمر والعمالة وقمع الشعوب ووضع المعوقات في طريق كل من يحاول الارتقاء بواقع أمتنا … هؤلاء هم الأشرار الذين لا بد من تعريتهم وإسقاطهم.

وعندما يتحدث الرئيس أردوغان في  قمة كوالالمبور عن أهمية استقلال القرار الإسلامي عن القوى الغربية، وعندما يعلن أن العالم الإسلامي ينتج حوالي 50% من النفط العالمي، و58% من الغاز، ورغم ذلك ينتشر الفقر والصراعات والحروب بين المسلمين.. وعندما يصرح أنه لا يمكن أن نترك مصير 1.7 مليار مسلم بيد 5 دول في مجلس الأمن تقرر مصيرهم..، وعندما يقول أن نهضة الأمة تبدأ مع إنشاء صندوق للتمويل الإسلامى وتنمية المعاملات من خلال البنوك الإسلامية وزيادة التعامل بالعملة الوطنية بين الدول الإسلامية والتركيز على التقدم التكنولوجى والعسكري وزيادة المعرفة والمعلوماتية..، وعندما يقول الدكتور مهاتير محمد: “أن عدد المسلمين1,7مليار مسلم يشكلون سوقا كبيرة للتبادل التجارى والقوة الإقتصادية لكننا للأسف لا ننتج إحتياجاتنا فنقوم بالإستيراد من غيرنا و أموالنا تذهب خارج العمل الإسلامى والمسلمون يودعون أموالهم فى دول غير إسلامية.. ”النهضة تبدأ بالتنمية”. عندما يتحدث الرئيسان بذلك فهما ينطلقان من علاقتهما الصادقه مع خالقهما، ومن علاقتهما الشرعية مع شعبيهما وبالتالي فهما لا يخافان على كرسيهما كما يخاف العملاء في عالمنا العربى الذين ابتعدوا عن دينهم وعن شعوبهم فغدت عصا المستعمر هي التي توجههم.

إن قمة كوالالمبور 2019 هى الخطوة الأولى للخروج من الاستعباد لمليار و700 مليون مسلم، وإن أهم ما فيها هو: أن الزعماء الثلاثة رعاة القمة الأساسيين مهاتير محمد ورجب الطيب أردوغان وتميم بن حمد بالإضافة إلى ممثلين لثمانى عشرة دولة قد شكلوا الإنطلاقه الأساسية لهذا الأمل الذي ترجوه الشعوب المسلمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى