ثقافة وأدب

إبراهيم عوض وكتاب فترة التكوين.. ولكن مُحمدا لا بواكي له!

أ.د. حلمي محمد القاعود

مفكر إسلامي
عرض مقالات الكاتب

البحث العلمي حقٌ متاح لمن يملك أدواته، وأبرزها اللغة، والقدرة على التعبير، والمصدر، والدليل، والبرهان، والحجة فضلا عن المنهج والأمانة والتجرد، ولكن البعض ممن لا يملك هذه الأدوات أو بعضها يجد في نفسه الجرأة ليقحمها في مجالات لا يحسنها، ويصل إلى نتائج خاطئة، وإذا راجعه أحد، أو صحح له، صاح، ومن يؤيدونه: هذا خطر على الفكر، هذه مصادرة للحريات. هذا تفتيش في الضمائر… إلخ. ومن هذا القبيل ما صدر لأحدهم بعنوان«فترة التكوين في حياة الصادق الأمين» (دار ميريت للنشر والمعلومات، القاهرة ۲۰۰۱م، ويقع في نحو 420 صفحة). ويتناول الكتاب سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ويُركز على الفترة التي سبقت الوحي، ويخلص إلى أن السيدة خديجة بنت خويلد، وورقة بن نوفل، هما من صنع النبي وأعده للنبوة بتثقيفه دينياً من خلال العهد القديم والعهد الجديد المتداولين عند اليهود والنصاری، وأن الوحي ما هو إلا رؤى منامية رآها محمد صلى الله عليه وسلم، وليس واقعاً منظورة وملموسة، وأن القرآن الكريم ما جاء بليغاً إلا لأن محمداً من قريش، ونشأ في بني سعد، وأن مؤسسة شئون التقديس «علماء الدين» يُلحّون على ما نعرفه ونعلمه مما هو ثابت من الدين بالضرورة، بينما الحقيقة في مفهوم مؤلف الكتاب غير ذلك، وبذا وغيره، ينسف أصول الإسلام، ويحوله إلى دين وضعي من اختراع محمد(!)، وهو ما يقول به المستشرقون وخصوم الإسلام!! لقد فند الدكتور «إبراهيم عوض» الأستاذ بآداب عين شمس، هذا البهتان والكذب في كتاب له صدر مؤخرا بعنوان «ولكن مُحمداً لا بواكي له» وعنوانه الفرعي «العار» – الرسول يُهان في مصر ونحن نائمون، هتك الأستار عن خفايا كتاب «فترة التكوين في حياة الصادق الأمين»، وصدر عن دار الفكر العربي، القاهرة، ويقع في 160 صفحة. والكتاب يركز على أبرز الإهانات التي وجهها مؤلف فترة التكوين للنبي وآله، ثم يدحضها، ويكشف كثيراً من المثالب التي وردت في صفحات الكتاب. لقد كشف الدكتور«إبراهيم عوض»، عن الهوان الذي وصل إليه المسلمون في زماننا، حيث يهان نبيهم الكريم في عقر دارهم ولا يحركون ساکنا، ويرى أن المسألة ليست مسألة إيمان وكفر أو حرية عقيدة وتعبير، فمن حق كل إنسان أن يعتقد ما يشاء في نفسه، بل المسألة مسألة سفاهة ورغبة في إهانة رسولنا الأكرم، وهو ما لا يرضاه أي مسلم، بل أي إنسان حر نبيل أيا كان المعتقد الذي يؤمن به. ويرى الدكتور «إبراهيم عوض» أن مؤلف فترة التكوين لا يُحسن اللغة، ولكنه يتحذلق بالأوابد اللغوية، ويستخدم معجماً مهملاً لا يعرفه إلا من جعل همه البحث عن غريب اللغة مثل «قیدام» و«الهندوز» و«اليعسوب»، وليته يستخدم هذا المعجم استخداماً صحيحاً، ولكنه يستخدمه استخداماً خاطئاً. بيد أن أهم ما يلفت النظر ما توصل إليه الدكتور «إبراهيم عوض» من تطابق الأفكار والمضمون – شبه كامل – بين كتاب صدر في لبنان قبل عشرين عاما تقريبا بعنوان «قس ونبي» لمن يُدعى «أبو موسى الحريري»، وكتاب «فترة التكوين…» ويؤكد على ذلك أن أسلوب مؤلف الكتاب الأخير تغير تماما، واختلف عن أسلوبه في كتبه السابقة، وتكاد المصطلحات التي استخدمها مؤلف «فترة التكوين…» تتطابق مع مصطلحات التي ودرت في كتاب «قس ونبی»، مما يعني من وجهة نظر الدكتور إبراهيم عوض أن هناك جهة واحدة تقف وراء هذين الكتابين وزعت الأدوار بحيث يبدو الأمر وكأنهما من تأليف شخصين مختلفين وصلا إلى ما قالاه، كل من طريقه هو، وبمنهجه هو دون أن تكون له صلة بالآخر.
أضف إلى ما سبق أن كتاب «فترة التكوين…» يحمل تصورات ومفاهيم ومصطلحات كتابية غريبة لا تعرفها العقلية التي تربت في جو إسلامي حتى لو أصبح صاحبها كافراً بمحمد ودينه، مثل تسمية أنبياء بني إسرائيل بالبطاركة/ البطارقة» أو بمرادفها العربي «الآباء الأولين»
وقد تكرر هذا كثيرا بصورة عجيبة. ومن ذلك تسميته إبراهيم ويحيى عليهما السلام بـ «أبراهام ويوحنا» وهي من الدقائق التي فات مَن وراء الكتاب أن يتلافاها فيستبدل بالاسمين المذكورين صيغيتهما العربيتين.
تحية إلى الدکتور «إبراهيم عوض» وجهده المبارك في كشف المؤامرات الرخيصة التي تزدهر في فترات ضعف المسلمين وهوانهم!

المصدر: صفحة الكاتب على الفيس بوك
https://www.facebook.com/story.php?story_fbid=2776690032392941&id=228566343872002

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى