مقالات

مشاريع الرقص مع الذئاب. أفكار ومشاريع بجوار “القنبلة” عوضاً عن أفكار لنزعها وإبطال مفعولها!!

محمد عماد صابر

برلماني مصري سابق
عرض مقالات الكاتب

ينبغي أن يعلم الشعب المصري أن مشروع سد النهضة من مصادر التهديدات الرئيسية – وليست الثانوية- التي تهدد الأمن القومي المصري، ويمثل تهديده، خطراً يهدد مصادر الحياة في مصر، وخطراً، بالغاً على حياة الشعب ووجوده، ويمس بذلك كيان الدولة نفسها. فعندما يهدد خطر مصادر المياه للدولة، ويعمل على نقصانها، فهو تهديد مباشر لكيان الدولة وبقائها. فالدولة المصرية، تعتمد على مياه النيل، بصفة أساسية، كمورد رئيسي لاحتياجاتها المائية للزراعة والشرب والصناعة..، تماما كما تعتمد الدول النفطية على النفط، لذلك فسد النهضة يمثل تهديداً رئيسياً موجها لأمن مصر القومي،فهو مشروعٌ مَوجَّهٌ ضِد مِصر، كُل مِصر، وستكون آثاره السلبيّة في حال عدم وقفه، تهديدًا ليس لمِئة مِليون مِصري فقط، وإنّما لكُل الأجيال المِصريّة المُقبلة، فالنّيل حفَر مجراه قبل ملايين السنين وقبل البشريّة وظُهور الإنسان، ويجِب أن يظل كذلك.
مصر ليست دولة صغيرة حتى يتعرض شعبها لما يشبه الإبادة في ظل نظام عسكرى إنقلابى على رأسه عميل صهيوني فرط في أرضها ومائها، و يؤدي دورا وظيفيا لمصالح قوى دولية وإقليمية على حساب مصالح الشعب المصري وأمنه القومي.وبالتالى هذا النظام الانقلابي ومخرجاته الكارثية على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي هو لُب المشكلة.
أمَّا أن يتعاطى البعض مع سد النهضة كأمر واقع يجب على الشعب المصري القبول به، ومن ثم البحث عن حلول وبدائل، ويبدأ البعض في طرح أفكار حول ذلك، فهذا نوع من الاستهبال والإختزال لخطورة مشروع سد النهضه في نقص حصة مصر من المياةومن ثم طرح أفكار وبدائل، وإغفال لخطورة السد كقنبلة مائية تهدد الشعب السوداني والمصري.بل وإغفال مشروع بناء السد كخطر دائم وورقة ضغط على القرار السياسي والسيادي لأي نظام مصري مستقبلا.
إن الذي يطرح أفكارا للتغلب على نقص مياة النيل بمشاريع بعضها داخلي وبعضها مع السودان..، لم يطرح لنا أفكارا للتعامل مع القنبلة المائية إذا انفجرت بسبب انهيار السد، فأغرقت مصر والسودان وغرقت معهما المشاريع والأفكار المقترحة.
وهل النظام العسكري الانقلابي سيقوم بتنفيذ مثل هذه الأفكار والمشاريع، وهو الذي قزَّم دور مصر الإقليمي والدولي لصالح إسرائيل؟!
إن الأنظمة الحاكمة الحرة ذات السيادة والقادرة على حماية شعوبها ورعايتها، لا تتعامل مع مصادر و مهددات أمنها القومي الرئيسية بسياسة “إقرار الأمر الواقع” ثم البحث عن بدائل..!! انظر إلى دول أوربا الاستعمارية القديمة مازالت تتعامل مع مستعمراتها السابقة التي تبعد عنها آلاف الكيلو مترات باعتبارها مسألة أمن قوى وحقوق تاريخية لا ينبغي المساس بها..
إيطاليا في ليبيا.. وفرنسا في سوريا والجزائر ولبنان ودول أفريقيا.
بل انظر إلى دولة الكيان الصهيوني وكيف تعاملت مع المفاعل النووي العراقي! بل إن أمريكا وإسرائيل والغرب وروسيا يتعاملون مع حراك الشعوب العربية ومطالبتها بالتغيير كمسألة تهديد لأمنهم القومي.. ومن ثم تحركت أغلب قطعهم البحرية العسكرية نحو الإقليم فضلا عن قواعدهم العسكرية المستدامة فيه.ومشاركه إيران “وحزب الله” فى قمع الثوره السوريه لأن إيران تعتبرها مناطق نفوذ لها وتعد أحداثها أحداثاً إيرانيه تهدد الأمن القومي الإيراني، إنه مبدأ قديم يعرف ب”سياسه التحكم فى الأطراف” أوما بات يعرف ب ” مبدأ بريجنيف” وقد طبقته الإمبراطورية السوفياتية أكثر من مره فى الهنغارية فى 1965 ومع التشيكوسلوفاكية فى1968 ومع بولندا أواخر1981 على إعتبار أن أى تغييرات فى هذه الدول من مهددات الأمن القومي الروسي،وبعد عشرين عاماً،نبذ ميخائيل غورباتشوف هذا المبدأ،فتساقطت دول حلف وارسو سلمًا كما تسقط أوراق الخريف .
إذن معالجة أعراض المرض بالمسكنات دون علاج المرض نفسه، هذا نوع من التشويش على الداء الحقيقي وعلاجه.إن
الداء الحقيقى بل السرطان الذي ينخر في جسد الشعوب العربية يتمثل في:
• نظام سياسي مستورد وضعه المحتل الغربي يكرس الهيمنة الغربية، يراعي مصالح الطبقة السياسية الحاكمة وقيادات مؤسساته المحمية، ويهمش غالبية المجتمع.
نحن نعيش في محميات فاقدة لأهم شروط الدولة : السيادة والقدرة على الحماية والرعاية.وفي ظل وجود أحزاب سياسية وقوى معارضة “إسلامية علمانية يسارية” هي جزء من المنظومة الحاكمة بالوكالة، “تتعاون أو تتنافس أو تتصارع” فيما بينها على السلطة أو مغانمها تحت الهيمنة الاستعمارية التي تمنح هي الشرعية وشهادة حسن السير والسلوك للسلطة و المعارضة أو تستلبها.
هذه المنظومة حاكمة بالوكالة أمعنت في إهدار كرامة شعوبها بانتهاكات عسكرية وأمنية وقضائية وسياسية واقتصاديه وجغرافيه واجتماعية وثقافية وتعليمية وشرعية وأخلاقية.
هذه المنظومة الحاكمة ومن نصبها تُعَد الاحتجاجات الشعبية-المطالبة بالحقوق والعدالة والحرية والمساواة..،والمعارضة السياسية، وممارسة النقد، والتفوق بكلمة الحق، وحتى الصمت -تُعَد أعمالا إرهابية تهدد الأمن القومي والاستقرار!! بل وترى أن مجموعة من الأشخاص في سيناء تهدد الأمن القومي!! فيما تري مشروع سد النهضه وبيع جزيرتي تيران وسنافير وفقدان المساحة المائية المطلان عليها ليس تهديدا للأمن القومي المصري!!
إذن الوضع يحتاج إلى أفكار لمعالجة الداء من جذوره وليس الأعراض فقط.
نحن في حاجة إلى عقول تحمل أفقا واسعا، و تتمتع بالنظرة الشمولية الواسعة المتأنية المتعمقة لما يجري حولها من أحداث، وعمقا في ربط الأحداث، وقدرة على الإستيعاب. وطرح الأسئلة المنهجية، فعلى سبيل المثال وفي هذا السياق :
ما سبب بناء مشروع سد النهضه ؟ ما أبعاده ؟ ومن المحرك له ؟ وهل هو مشروع عفوي أو خطط له ؟ ومن المسؤول ؟ ومن يقف وراءه؟ وما موقف النظام العسكري الانقلابي منه؟ وهل المشروع من مصادر التهديدات الرئيسية للأمن القومي المصري أم من التهديدات الثانوية؟ وما علاقته بتصارع المشاريع الذي تجري وقائعه في الإقليم.إلخ
إذن الرؤية الشاملة تختلف عن النظرة الجزئية التي تغرق أصحابها في الفروع والغرق في التفاصيل فتحدث حالة من التيه وفقدان البوصلة.. فتأمل المشهد بالكامل هو الذي يسمح بتعديل فصوله أو تغيير أبعاده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى