مقالات

تربية السوء

د. مدحت أبوالذهب

كاتب وإعلامي مصري
عرض مقالات الكاتب

كثير من علمائنا الأفاضل ربونا تربية شرعية منضبطة على صحيح الدين والولاء له.

لكن ظهر مؤخرًا بعض من ينتسب للعلم جعل تربيته لتلاميذه على الولاء له والبراء ممن خالفه، وليس للإسلام صلة بهذا مطلقًا !

تجد هؤلاء المرضى يسارعون للترحم على فنان اشتهر بما لا يسر وانا ايضا معهم أترحم على كل من مات على الإسلام تقيا كان أو فاسقا لكنهم في الترحم على المخالفين تجد ألسنتهم محنكة يوضع فيها اللجام لا يتكلمون إلا بأمر سيدهم الذي رباهم على الولاء له!
تشبه بجماعة التوقف والتبين بعدما قلدوا مدخلية الإرجاء وكانوا أصلاً من أصول السرورية والقطبية، ثم لا يزال بهم الأمر حتى يصلوا إلى الليبرالية الإسلامية ( الكيوت ) السلفية لم تكن يومًا عوجاء أو قل عوراء، قبل أن تبتلى بمثل هؤلاء المرضى الذين أضفوا على السلفية مرضهم ونتنهم وسوء تربيتهم !

وهب أنهم ترحموا فلن يسلم الميت من لمزهم ويظلوا يذكرون عيوبه ( التي يظنوها عيوبًا ) ثم تجد الحقد يقطر من ألسنتهم بقول ( الله يرحمه بقا شوفوا عمل ايه ) وهكذا..

التربية الحزبية المنتنة هي التي ستخرج لنا جيلاً مشوهًا حاقدًا يبايع على رايته ولا يعنيه الإسلام، وسيكون عبئًا على دينه، ولن يسلم منه وطنه لأنهم ألة متحركة تبطش وتفعل كل شيء إذا وجههم شيخ طريقتهم لاعتقاد يخفيه أو يظهره أصدقكم هناك حفنة لا حظ لها من توفيق في أي شيء كمناديل المراحيض تستعمل ثم ترمى في سلة المهملات، ومن قلة توفيقها أنها تقيس الناس بمقياس جماعتها وحزبها.

أضرب مثلاً :
هناك عالم كبير جدا من صفوة علماء مصر قاطع هذه الحفنة وهو الأفضل فيهم لكنه قاطعهم تمامًا، ولما عاد – بعد مقاطعته لهم سنوات – مريضًا منهم ولما حضر عرس أحدهم صرخوا وقالوا: الشيخ يوافقنا، والشيخ معنا
وهم مساكين لا يستطيعون أن يفرقوا بين الموافقات الحزبية وبين حقوق الأخوة الواجبة على المسلم في حق أخيه

أضرب مثلاً آخر :
كنت احب شيخًا كان كبيرًا في نظري ومتزنًا، وكنت لا افرق بينه وبين غيره وكنت أتاول له وأحسن الظن فيه، حتى انتحر حسن الظن وأصبحت أبغض سيرته وهيئته وحديثه وكلما رأيته تذكرت أواخر الأعراف وهذا بعد محبة شديدة وكل ذلك لأنه لا يرى إلا نفسه فقط وكل الناس أدنى منه ويسب وينتقص كل مخالفيه ويفتري عليهم ،فهل أصبح له وجه يحب لأجله؟!
نعم وجه واحد فقط وهو وجه الإسلام وحقوق الاخوة الواجبة علينا تجاهه فلو مات أو هلك أكيد سنترحم عليه، ولو أتيح حضور جنازته لفعلنا وليس معنى ذلك أبدا موافقته أو مخالفته فيما يفعل حقوق الأخوة حق أصيل لكل مسلم وهذا مقدم على الأحزاب القميئة والعصبية الفاسدة.

فإن كنت تنتظر أخي المتعصب المحترم رأي شيخ طريقتك قبل أن تترحم على أحد كبار علماء الأمة، فاعلم يقينًا انك لا تعرف شيئًا عن الإسلام بصفائه ونقائه وما وصلك من الإسلام إنما وصلك من طريق مشوه معتوه، ولا سبيل لك إلا اللجوء إلى ربك حتى تنجو من درن التعصب إلى طهارة الإسلام، حتى تعرف حق المسلم عليك سيما إن كان عالمًا سعد بعلمه وفاز بجوار ربه غير مبدل ولا مغير ولا مترخص ولا متأول ( ولا نزكي على الله أحدًا فالله حسيبه )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى