بحوث ودراسات

ابن عربي وكتابه الفصوص (7)

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

ابن عربي وكتابه في تفسير القرآن (3)
“جـ” من التفسير المبني على وحدة الوجود
هذه نماذج من التفسير المبني على وحدة الوجود:
1- عند تفسيره لقوله تعالى في سورة آل عمران {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} قال ما نصه: “ربنا ما خلقت هذا الخلق باطلا”، أي شيئا غيرك، فإن غير الحق هو الباطل، بل جعلته أسماءك ومظاهر صفاتك “سبحانك ” ننزهك أن يوجد غيرك، أي يقارن شيء فردانيتك، أو يُثَنِّي وحدانيتك” اهـ. (تفسير ابن عربي 1 / ا 14 من النسخة الأميرية).
2- وعند تفسيره لقوله تعالى في سورة الواقعة: {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ} يقول ما نصه: “نحن خلقناكم بأظهاركم بوجودنا وظهورنا في ظهوركم (أهـ 2 /ا 29 من النسخة الأميرية).
3- وعند تفسيره لقوله تعالى في سورة الحديد: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} يقول ما نصه: “وهو معكم أينما كنتم بوجودكم به، وظهوره في مظاهركم ” أهـ (تفسير ابن عربي 2 / 294 من النسخة الأميرية).
4- وعند تفسيره لقوله تعالى في سورة المزمل: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} قال ما نصه: “واذكر اسم ربك ” الذي هو أنت، أي اعرف نفسك واذكرها ولا تنسها فينسك الله، واجتهد لتحصيل كمالها بعد معرفة حقيقتها “رب المشرق والمغرب ” أي الذي ظهر عليك نوره فطلع من أفق وجودك بإيجادك، والمغرب الذي اختفى بوجودك وغرب نوره فيك واحتجب لك “اهـ “(تفسير ابن عربي 2 / 352 من النسخة الأميرية).
5- و عندما تعرض لقوله تعالى في أول سورة النساء {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ..} الآية، يقول ما نصه: “اتقوا ربكم” اجعلوا ما ظهر منكم وقاية لربكم، واجعلوا ما بطن منكم- وهو ربكم- وقاية لكم، فإن الأمر ذم وحمد فكونوا وقايته في الذم، واجعلوه وقايتكم في الحمد، تكونوا أدباء عالمين. (الفصوص 1 / 50)
6- وعند تفسيره لقوله تعالى في الآيتين (29، 30) من سورة الفجر:
7- {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} يقول ما نصه:
” … وادخلي جنتي التي هي ستري، وليست جنتي سواك، فأنت تسترني بذاتك الإنسانية، فلا أعرف إلا بك، كما أنك لا تكون إلا بي، فإن عرفك عرفني، وأنا لا أعرف فأنت لا تعرف، فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غزير المعرفة التي عرضا حين عرفت ربك بمعرفتك إياها، فتكون صاحب معرفتين معرفة به من حيث أنت، ومعرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت، فأنت عبد رأيت رباً، وأنت ربٌ لمن فيه أنت عبد، وأنت رب وأنت عبد لمن له في الخطاب عهد”. (الفصوص 1 /191)
ويقول الدكتور الذهبي في المرجع السابق (تفسير ابن عربي حقيقته وخطره) صـ31
وبعد: فهذه نماذج تكشف عن روح هذا التفسير وهي روح كلها شر، وكتاب هذا شأنه يفسد على المسلمين عقيدتهم ويوقعهم في حيرة وشك من كتاب ربهم، ولهذا أرى من الواجب على المسئولين أن يصادروا ما طبع من هذا التفسير، ويحال دون طبع باقيه وإخراجه للناس مخافة أن يفتنوا في دينهم، ويضلوا في فهم كتاب ربهم.
{رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}
ويختم الدكتور حسين الذهبي كتابه بقوله: رأينا في مقالة ابن عربي:
ولسنا ننكر على ابن عربي دعواه أن ثم أفهاماً يلقيها الله في قلوب أصفيائه وأحبابه، خصهم بها دون غيرهم على تفاوت بينهم في ذلك بمقدار ما بينهم من تفاوت في درجات السلوك ومراتب الوصول، كما لا ننكر عليه أن تكون هذه الأفهام مرادة لله من كلامه، ولكن بشرط أن تكون داخلة تحت مدلول النص القرآني وأن يكون لها شاهد شرعي يؤيدها كما قلنا، أما أن تكون هذه الأفهام خارجة عن مدلول اللفظ القرآني وليس لها من الشرع ما يؤيدها، فذلك ما لا يمكن أن نقبله على أنه تفسير للآية وبيان لمراد الله منها لأن القرآن عربي قبل كل شيء، والله- سبحانه- يقول في شأنه: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (فصلت3).
وحاشا لله أن يلغز في آياته، أو يعمي على عباده طريق النظر في كتابه وهو يقول: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}. (القمر 17وفي مواضع أخرى من السورة).
قال ملا علي القاري في كتابه “مرتبة الوجود ومنزلة الشهود” صـ 64 وما بعدها
وَقد ذكر ابْن الْمقري صَاحب الْإِرْشَاد فِي متن الرَّوْضَة أَن من شكّ فِي تَكْفِير الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَطَائِفَة ابْن عَرَبِيّ كفر
قَالَ شَارِحه (يعني شارح الإرشاد) الشَّيْخ زَكَرِيَّا: أَي الَّذين ظَاهر كَلَامهم عِنْد غَيرهم الِاتِّحَاد وَغَيره وَهُوَ بِحَسب مَا فهمه بعضهم من ظَاهر كَلَامهم، وَالْحق أَنهم مُسلمُونَ أخيار وَكَلَامهم جَار على اصطلاحهم كَسَائِر الصُّوفِيَّة، وَهُوَ حَقِيقَة عِنْدهم فِي مُرَادهم، وَإِن افْتقر عِنْد غَيرهم مِمَّن لَو اعْتقدَ ظَاهِرَه كَفَرَ، إِلَى تَأْوِيل لِأَن اللَّفْظ المصطلح عَلَيْهِ حَقِيقَة فِي مَعْنَاهُ الاصطلاحي …………
ثم يجيب القاري على الشيخ زكريا، فيقول: فَإِن مِنْ الصُّوفِيَّة من كفره كَمَا قدمْنَاهُ عَن الشَّيْخ عَلَاء الدّين السمناني وَغَيره من الأكابر مَعَ أَن ابْن عَرَبِيّ صرح بِنَفسِهِ أَن كَلَامه هَذَا لَيْسَ فِيهِ تَأْوِيل.
ثمَّ هَل يجوز لمُسلم أَن يَجْعَل مصطلحاً مُخَالفا للقواعد الْعَرَبيَّة الَّتِي نزل بهَا الْقُرْآن؟ وَوَقع بهَا السّنة؟ فتنقلب الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة الْمُطَابقَة للقواعد الشَّرْعِيَّة مَعَاني مجازية!!! والاصطلاحات المحدثة حَقِيقَة عرفية، هَل لمُسلم أَن يَقُول صدق فِرْعَوْن فِي قَوْله أَنا ربكُم الْأَعْلَى، فَإِن المُرَاد بالرب هُنَا الْملك وَهُوَ كَانَ سُلْطَان سلاطينهم. ثمَّ قَوْله (يقصد الشيخ زكريا): وَقد نَص على ولَايَة ابْن عَرَبِيّ جمَاعَة عارفون بِاللَّه مِنْهُم ابْن عَطاء الله وَالشَّيْخ اليافعي؛ مَدْفُوعٌ بإنكار شيخ الْإِسْلَام عز الدّين بن عبد السَّلَام وَغَيره من الْعلمَاء الْأَعْلَام والمشايخ الفخام، وتصريحهم بِأَنَّهُ زنديق.
وَمن اطلع على مباحثه فِي الفصوص، والفتوحات المكية، جزم أَنه لم يتَكَلَّم على مصطلحات الصُّوفِيَّة بل أوردهَا على قَوَاعِد الْعَرَبيَّة وَأما قَول الشَّارِح (يعني الشيخ زكريا) إِنَّه رُبمَا وَقع عَنهُ كَلِمَات فِي حَال السكر والمحو؛ فمردود بِأَن تِلْكَ الْكَلِمَات لم تؤلف إِلَّا فِي وَقت الشُّعُور والصحو، على أَن هَذَا الشَّرْح وَالْجَوَاب لَيْسَ مطابقا لما فِي الْكتاب إِذْ لم يتَعَرَّض الماتن (يعني ابن المقري في شرح الروضة) إِلَى نفس ابْن عَرَبِيّ لاحْتِمَال مَوته على دين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِنَّمَا قَالَ: وطائفته مِمَّن مَشى على طَرِيقَته المنافية لدين الله وشريعته كَمَا سَيظْهر من كَلِمَاته الصَّرِيحَة فِي الارتداد، واتفاق اتباعهم على ظَاهر كَلَامه من الْفساد، على وَجه الِاعْتِمَاد، وَطَرِيق الِاعْتِقَاد، بِحَيْثُ كل من لَهُ أدنى عقل، أَو عِنْده شمة من نقل، علم أَن ضَرَر كفرهم على الْمُسلمين أقوى من كفر الْيَهُود وَالنَّصَارَى وضلال المبتدعة أَجْمَعِينَ، فَكَلَام الماتن ( يعني ابْن الْمقري صَاحب الْإِرْشَاد فِي متن الرَّوْضَة) هُوَ الْحق، وَالْحق بِأَن يتبع أَحَق، فَانْظُر إِلَى مَا قَالَ، وَلَا تنظر إِلَى من قَالَ، إِن كنت من أهل الْعلم وَالْحَال، فَإِن بَعْضًا من الطَّائِفَة الوجودية ذكر الاعتراضات الْوَارِدَة على الْكَلِمَات الردية، المنسوبة إِلَى ابْن عَرَبِيّ وَأَتْبَاعه الدنية وَنسب إنكارها إِلَى الْعلمَاء القشيرية والمشايخ القشيرية ثمَّ أجَاب عَنْهَا بأجوبة واهية غير مرضية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى