مقالات

المعارضة السورية بين المنصات الدستورية والجبهة الوطنية التقدمية..

زهير سالم

مدير مركز الشرق العربي
عرض مقالات الكاتب

وأظن أن بوتين في هذه تتلمذ على يد حافظ الأسد واستفاد منه ومن خبرته .ذلك أن ..
حافظ الأسد ومنذ 1970 . أي منذ ما سماه الحركة التصحيحية بدأ في بناء ” ديكور ” متكامل للدولة الديموقراطية في سورية . بدأ بمجلس شعب معين ، ودستور مؤقت ، ثم دستور دائم في 1973 ثم انتخابات نيابية لمجلس الشعب … وسالت ديموقراطية البعث سمنا وعسلا على السوريين حتى أصبح من حق المواطن في منبج والباب أن ينتخب ممثله من عفرين واعزاز والعكس على العكس ..
وكان الأهم في ” الديكور ” الديموقراطي الأسدي أن حافظ الأسد لم ينس أن الدولة الديموقراطية تحتاج إلى أمرين : إلى معارضة ، وتعددية حزبية فلم يغب عن عقله الديناميكي شيء من ذلك . لا ندري هل كان ذلك من إبداعه الشخصي أو أن معلما علمه !! فلجأ منذ 1972 إلى ما سماه ” الجبهة الوطنية التقدمية ” وهي جبهة عريضة جدا تضم ممثلي سبع أحزاب في سورية الكلمات المفتاحية في عناوينها ” اتحاد – اشتراكي – عربي – وحدوي ”
وكانت هذه الأحزاب في جملتها تجمعات عائلية أو بلدية ، تشكل في حياة السوريين مجموعة من البقع المحدودة أو الحصيات الصغيرة التي غالبا ما عدت عليها عوامل الحت والتعرية ..
كان الحزب الشيوعي السوري مثلا الحزب الأكثر عقائدية والأكثر صلابة ، ولاسيما في سني عز الاتحاد السوفياتي ” البرجينيفي ” . وربما أفيد جيل المتأخرين نبذة صغيرة عن حياة هذا الحزب كأنموذج لأحزاب الجبهة العتيدة
كان خالد بكداش هو الزعيم التاريخي للحزب وقد ظل لفترة طويلة مرابطا في موسكو، ثم عاد ليكون وجناحه في هذه الرابطة ثم آلت زعامة هذا الجناح بعد وفاة خالد بكداش إلى السيدة وصال حرم السيد خالد ، ثم منها إلى السيد قدري جميل صهر السيدة وصال ، والذي هو اليوم صاحب منصة موسكو كما هو صاحب جناح في الجبهة الوطنية التقدمية.
وكان الجناح الثاني من الحزب لصاحبه ” يوسف فيصل ..” قد حجز مقعدا هو الأخر في الجبهة .. فكان الحزب الشيوعي بجناحيه ممثلا فيها .
ولأن غمط الناس في شرعنا من الكبائر فقد انشق عن الحزب جناح ثالث ” المكتب السياسي ” بزعامة المناضل رياض الترك وظل معارضا للنظام . ودخل وأتباعه السجون والمعتقلات .
وكذا بقية الأحزاب التي كانت في أصلها تجمعات محدودة وصغيرة وتعرضت مع صغرها إلى التشقق والتمزق لتبقى غالبا إرث أفراد .
المهم فيما نحن فيه والذي دعانا لاستحضار كل هذا هو أن حافظ الأسد كان كلما زاره زائر في سورية وذكره بقيم الديموقراطية … يجيب عندنا ديموقراطية كاملة عندنا دستور ومجلس شعب . فإذا ذُكر بالمعارضة كركن ركين في الحياة الديموقراطية ، يقول : نحن عندنا معارضة وطنية متمثلة بالجبهة الوطنية التقدمية. فإذا ذكر بالتعددية الحزبية ، قال : نحن عندنا سبعة أحزاب عاملة في سورية لها برامجها وتمتلك صحفها . أتذكر
وهكذا استكملت الحياة الديموقراطية في سورية وانغلقت دائراتها على مدى نصف قرن .
حين أتابع اليوم لعبة بوتين في حكاية المنصات أشعر أنني أمام التجربة نفسها . وعلى الطريقة نفسها . بل أشعر أن أكثر من حزب في الجبهة الوطنية التقدمية قد حجزوا مقاعدهم كمعارضين ” شرسين ” على المنصة البوتينية الموحدة . وأكثرهم على منصة المنصات ، وإن شئتم أن أعد عددت ..
وما يزال بوتين يردد ، حل سياسي . ومنصات تمثل كل شرائح الشعب السوري . ودستور وطني . وانتخابات حرة بإشراف دولي ..
وما حدا أحسن من حدا ..مع الاعتذار لكل أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية القائم منها والحصيد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى