مقالات

التضليل والتجهيل وخطاب الممانعة الخشبي، أحمد سعيد مذيع صوت العرب في 1967 ما زال يستنسخ نفسه في خطاب محور المقاومة الوهمي

فهد السالم صقر

محلل سياسي وباحث في العلاقات الدولية
عرض مقالات الكاتب

” هل اتّفق نِتنياهو وترامب على شَن حرب ضِد إيران في مُكالمتهما الأخيرة؟ وهل طِهران في أضعف حالاتها فِعلًا؟ ولماذا يَحُج الجِنرالات الأمريكيّون إلى تل أبيب هذه الأيّام؟ وهل تجِد التّحذيرات للأسد آذانًا صاغيةً؟

هذا عنوان مقال لعبدالباري عطوان في جريدة رأي اليوم بتاريخ 5 ديسمبر 2019، الرجل لا يكل ولا يمل فهو منذ 15 عاما أو أكثر وهو يتوقع ويتنبأ بحرب أمريكية إسرائيلية وشيكة على إيران….ثم تكذب تنبؤاته فيعيد الكرة ثانيا وثالثا وعاشرا وللمرة المئة….والمصيبة أنه في كل مرة يختم مقالته بلازمة ( والأيام بيننا)…. مع أنني الآن أقترح عليه أن يغير اللازمة ليقول القرون بيننا…فهذا أدق.
شخصيا، لقد سئمت من نفسي من كثر ما كتبت عن هذا الموضوع ( ايران وأمريكا) سواء في وسائل التواصل الإجتماعي أو في مقالات منشورة لدرجة أنني أصبحت لا أهتم كثيرا بتكرار نفس النقد ونفس التفنيد حتى لا أقع في نفس المطب الذي وقع به عطوان نفسه ألا وهو مشكلة أن يستوحذ عليك أمر ما، الإستحواذ أو ما يسمى بالإنجليزية ( Obsession) فتصبح شغله الشاغل ولا سالفة عند غيرها ، فأتهم -لا سمح الله- بالخرف أو بالتكرار. فهناك الكثير من المواضيع التي تهم الأمة غير المسخوطة ايران ومحورها ولا أريد أن يقال أن ايران وأمريكا إستحوذت على تفكيري وأصبحت شغلي الشاغل ولا هم لي إلا أن أكتب عن ايران كما يفعل عبدالباري عطوان، فمن بين كل عشرة مقالات يكتبها عطوان مؤخرا تسعة تتعلق إما بايران أو محور المماتعة والمقاولة، يبدو أن الرجل قد وقًع معهم عقد إحتكار لعشرين سنة قادمة على غرار العقود التي يوقعها الفنانون مع شركات الإنتاج … ولكن ما دفعني للتطرق لهذا الموضوع ثانية هو أن هناك تطورات مهمة على الساحة لم تلفت إنتباه عطوان ولم يسمع بها ، لم (يخبره بها أحد) ثلاث إنتفاضات متزامنة في ايران والعراق ولبنان…لم يكلف عبدالباري عطوان خاطره مثلا أن يذكر ولو بسطر واحد عن أكثر من خمسمائة قتيل عراقي من المتظاهرين منذ الأول من أكتوبر 2019 معظمهم في ريعان الشباب قتلوا من قبل مسلحين وقناصة وشبيحة تابعين لايران يعملون خارج ( أو داخل) إطار الدولة، لا فرق … وتقول حكومة المنطقة الخضراء أنها تجري تحقيق كاذب ووهمي عن مقتلهم مع أن الطفل الصغير في الشارع ( دع عنك كاتب عجوز مثل عطوان) يعرف من وراء قتلهم.
ولم يكلف نفسه عطوان عناء أن يذكر أو يحلل ما يجري في لبنان أو ما يجري في ايران من ثورات غضب ضد الظلم والجوع والإضهاد والفساد التي تقوم به حكومة طهران في ايران ضد شعبها وموجة الإعتقالات التعسفية بالآلاف التي طالت المتظاهرين هناك تنكيلا وقتلا وإعتقالا، ولم يتحدث أيضا عن ثورة لبنان ضد الطائفية والفساد التي يحميها ويرعاها كلب ايران حزب الله في لبنان. إنما إكتفى عطوان بترديد ما تشدق به خامنئي
“لا نُجادل مُطلقًا في أنّ الاحتجاجات الشعبيّة التي أطاحت برئيسيّ وزراء في لبنان والعِراق، وما زالت مُستمرّةً بصُورةٍ أو بأُخرى، أضرّت بحُلفاء إيران، وهزّت صُورتها في المِنطقة، ولم يتردّد السيّد علي خامنئي المُرشد الإيراني الأعلى إلى توجيه أصابع الاتّهام إلى أمريكا وإسرائيل بالوقوف خلفها، ومُحاولة توظيفها ضِد إيران وحُلفائها في قمّة الحُكم في البَلدين، وبهدف التخلّص، أو إضعاف، وسحب شرعيّة الذّراعين العسكريين الأهم، وهُما “حزب الله” و”الحشد الشعبي” إنتهى الإقتباس
….لم يتردد خامئي يا عطوان إلى توجيه أصابع الإتهام إلى أمريكا.؟؟؟ …..طيب إنت شو رأيك يا عطوان…إنت شو تحليلك؟ إنت كمان توجه أصابع الإتهام لأمريكا؟
والأدهى من ذلك أن عطوان يذهب إلى حد القول بأن ” الحرب الأمريكية-الإسرائيلية على ايران” سوف تأتي بنتائج عكسية على أمريكا لأنها ستوحد الشعب العراقي والإيراني واللبناني ضد هذه الحرب خلف حكوماتهم….!!!إنتهى الإقتباس ( تكبير تكبير تكبير). شو هالنبوؤة العبقرية؟؟
ويضيف عطوان ” مسألةٌ أُخرى لا بُد من التوقّف عندها في هذه العُجالة، وهي أنّ القِيادة الإيرانيّة لن تقف مكتوفة الأيدي في مُواجهة أيّ عُدوان، ولن يستقبل الشّعب الإيراني ومُؤسّسته العسكريّة الطّائرات والصّواريخ الأمريكيّة والإسرائيليّة بالرّقص طرَبًا، ونَثْر الأرز والزُّهور” إنتهى الإقتباس. ( تكبير تكبير تكبير)
هذا الخطاب الخشبي المتشنج الذي يعود إلى ستينات القرن العشرين ( أحمد سعيد وغيره) الذي يتبناه عطوان وابواق المماتعة والمقاولة هو خطاب كريه مقيت وممجوج وسنستمر في تعريته وفضحه لتنبيه الناس إلى حقيقة هذه الأبواق التي كانت يوما ما من أشد المدافعين عن صدام حسين وضد ممارسات ايران وضد الغزو الأمريكي ثم الآن أصبحت تدافع عن الخونة والعملاء الذين جاؤوا على ظهر الدبابة الأمريكية التي أسقطت صدام وتدافع عن ايران… تغيير البندقية من كتف إلى كتف بالنسبة لك أمر عادي جدا يا عطوان …المهم البزنس والدولار…والشغل يظل تمام. خوش مبدا وخوش قضية… بئس الإعلامي أنت يا عطوان.
لن نسأل عبدالباري عطوان أين ضميره بشأن مليون سوري قتلهم نظام الأسد ودمر مدنهم وقراهم على رؤوسهم وهو يمانع ويقاوم ولا عن مئات آلاف المعتقلين والمعتقلات الذي قتلوا تحت التعذيب على يد نظام سادي مجرم وعميل ونشرت أسماءهم بالصور، ولا عن ستة ملايين سوري شردوا من وطنهم وأصبحوا لاجئين في مخيمات النزوح أو في قاع البحرالمتوسط لأنه لا صوت يعلو على صوت المعركة، أليس كذلك يا عطوان. ولكن على الأقل، أذكر ولو بسطر واحد 400 شاب عراقي قتلوا في الناصرية الأسبوع الماضي على يد جلاوزة ايران في مجزرة مروعة..سطر واحد فقط يا عطوان.
أليس هؤلاء أولى أن تكتب عنهم من جيرمي كوربن رئيس حزب العمال البريطاني والإنتخابات البريطانية الذي نشرت مقالك عنه في نفس اليوم الذي حدثت فيه مجزرة الناصرية.؟ فمقالاتك يا عبدالباري عطوان تطرح أحد موضوعين إما عن الحرب الماحقة الساحقة الوشيكة ( التي أستحوذت كل تفكيرك وتعشعش في مخك) التي تستعد لها أمريكا وإسرائيل ضد إيران منذ عشرين عاما أو عن مزارع تربية النعام في جنوب أفريقيا؟ ألا يوجد عندك موضوع آخر تكتب عنه غير هالموضوعين؟
لو كانت أمريكا يا عطوان تريد شن حرب على ايران لكان فضحت أفعالها وجرائمها وممارساتها ضد أبناء شعبها وضد االمتظاهرين السلميين في العراق في أسوأ تقدير….ولكن أمريكا تلتزم مثلك تماما صمت القبور وتطبطب على ايران وإعلامها يعطي لما يحدث في العراق وايران أذن من طين وأذن من عجين ….وأنت تتحدث عن حرب شاملة منذ 20 سنة لم تأت ، ولن تأتي ولا زلت تهذي وتخرف فيها.
ألا تستحي ؟ ألا تخجل من قرائك يا عطوان؟ العمى بقلبك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى