بحوث ودراسات

“بيت الرب” في الكتاب المقدَّس بين العقائد الوثنيَّة والمصادر الإسلاميَّة 3 من 6

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب

7.خراب بيت الربِّ في الكتاب المقدَّس وعلاقته بوعدي الأولى والآخرة في سورة الإسراء

بعد استعراض تاريخ بناء بيت الربِّ في أسفار العهد القديم، تُعنى هذه النقطة بالإشارة إلى خرابه مرَّتين، المقَر به في أسفار العهد القديم والمُبشَّر به في الأناجيل.

  • خراب أورشليم على يد البابليِّين بقيادة نبوخذ نصَّر

أوضحت النقطة السابقة أنَّ هلاك دولة إسرائيل في مطلع القرن الثامن قبل الميلاد على يد الغزو الأشوري، ودولة يهوذا مطلع القرن السابع وأواخر القرن السادس قبل الميلاد على يد الغزو البابلي كان نتاج ما اقترفته أيديهم من آثام. واعترف الأنبياء، ومنهم حزقيال ودانيال، في أسفارهم بالتجاوز في حقِّ الربِّ بإدخال الطقوس الوثنية-متمثِّلة في الذبح على المرتفعات والتعبُّد أمام النار وصُنع الأصنام للبعل وعشيرة. وكان النبي دانيال من بين مجموعة من أنبياء بني إسرائيل الذين سُبوا إلى بابل.

 تمت عملية السبي البابلي ليهوذا على ثلاث مراح:

1. الترحيل الأول: عام 606 ق.م. أو 605 ق.م. بعد معركة كركميش التي فيها غلب نبوخ نصر فرعون مصر نخو، فاتجه إلى أورشليم. فيه سُبي دانيال وأصدقاؤه، وفيه أخذ نبوخذ نصَّر بعض آنية بيت الرب ووضعها في هيكل البعل ببابل، وترك الملك يهويا قيم على العرش كتابعٍ له، يخضع لسلطانه.

2. الترحيل الثاني: حوالي عام 598 ق.م. أو 597 ق.م بعد ثمان سنوات من سبيّ دانيال، فيه سُبي حزقيال. تم هذا السبيّ عندما ثار ملكا يهوذا يهويا قيم ويهويا كين على نبوخذ نصَّر، فجاء الملك وأخذ بقية أواني الهيكل وكنوزه وسبيّ الملك يهويا قيم ومعه 10 آلاف أسير من الأشراف ورجال الجيش والصُنَّاع والمهرة، ولم يترك في يهوذا سوى مساكين الشعب (حزقيال، إصحاح 1: 1-3؛ أخبار الأيام الثاني، إصحاح 36: 10؛ الملوك الثاني، إصحاح 24: 8-20).

3. الترحيل الأخير عام 588 ق.م. أو 587 ق.م، فيه جاء الملك للمرة الثالثة ليُعاقب صدقيا الملك على تمرده ” وَأَحْرَقَ بَيْتَ الرَّبِّ وَبَيْتَ الْمَلِكِ، وَكُلَّ بُيُوتِ أُورُشَلِيمَ، وَكُلَّ بُيُوتِ الْعُظَمَاءِ أَحْرَقَهَا بِالنَّارِ ” (سفر الملوك 2: إصحاح 25: آية 9)، كما قتل أبناء صدقيا آخر ملوك يهوذا وقلع عيني الملك نفسه وقاده إلى بابل مقيدًا بالسلاسل، وهكذا تم خراب أورشليم والهيكل وتحطم المجتمع اليهودي (الملوك الثاني، إصحاح 25: 1-7؛ ارميا، إصحاح 34: 1-7).

جاء أدقُّ وصف لخراب أورشليم ودمار الهيكل في سفري حزقيال ودانيال. يروي سفر حزقيال تنفيذ الربِّ وعيده بخراب أورشليم وتشتيت بني إسرائيل، بينما ينبئ سفر دانيال عن عودة بني إسرائيل إلى أورشليم وبناء الهيكل، ثم دماره وتشتيت بني إسرائيل من جديد في نبوءة يكتنفها بعض الغموض، حيث لم توضح إذا كان الخراب المروي عنه التالي لقتل المسيح أم السابق لظهوره. وهذا ما يوضح في قسمين متتاليين:

أولًا: سرد حزقيال لدمار الهيكل وهلاك بني إسرائيل

يوضح سفر حزقيال في الإصحاح 5 وعيد الرب بخراب أورشليم لفساد أبنائها:

“يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، مِنْ أَجْلِ أَنَّكِ قَدْ نَجَّسْتِ مَقْدِسِي بِكُلِّ مَكْرُهَاتِكِ وَبِكُلِّ أَرْجَاسِكِ، فَأَنَا أَيْضًا أَجُزُّ وَلاَ تُشْفُقُ عَيْنِي، وَأَنَا أَيْضًا لاَ أَعْفُو. ثُلُثُكِ يَمُوتُ بالوباء، وَبِالْجُوعِ يَفْنَوْنَ فِي وَسْطِكِ. وَثُلُثٌ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ مِنْ حَوْلِكِ، وَثُلُثٌ أُذَرِّيهِ فِي كُلِّ رِيحٍ، وَأَسْتَلُّ سَيْفًا وَرَاءَهُمْ. وَإِذَا تَمَّ غَضَبِي وَأَحْلَلْتُ سَخَطِي عَلَيْهِمْ وَتَشَفَّيْتُ، يَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ فِي غَيْرَتِي، إِذَا أَتْمَمْتُ سَخَطِي فِيهِمْ. وَأَجْعَلُكِ خَرَابًا وَعَارًا بَيْنَ الأُمَمِ الَّتِي حَوَالَيْكِ أَمَامَ عَيْنَيْ كُلِّ عَابِرٍ. فَتَكُونِينَ عَارًا وَلَعْنَةً وَتَأْدِيبًا وَدَهَشًا لِلأُمَمِ الَّتِي حَوَالَيْكِ… وَأَجْلُبُ عَلَيْكِ سَيْفًا. أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ»” (إصحاح 5: آيات 11-17).

يعد الربُّ أورشليم بالخراب، فتصير “عَارًا وَلَعْنَةً وَتَأْدِيبًا وَدَهَشًا“، كما يعد بإفناء أهلها بالجوع والوباء، وبالسيف، وبالشتات. يبرر الربُّ في (إصحاح 6: آيات 3-7) من نفس السفر أسباب الهلاك:

ها أَنَا ذَا أَنَا جَالِبٌ عَلَيْكُمْ سَيْفًا، وَأُبِيدُ مُرْتَفَعَاتِكُمْ. فَتَخْرَبُ مَذَابِحُكُمْ، وَتَتَكَسَّرُ شَمْسَاتُكُمْ، وَأَطْرَحُ قَتْلاَكُمْ قُدَّامَ أَصْنَامِكُمْ. وَأَضَعُ جُثَثَ بَنِي إِسْرَائِيلَ قُدَّامَ أَصْنَامِهِمْ، وَأُذَرِّي عِظَامَكُمْ حَوْلَ مَذَابِحِكُمْ. فِي كُلِّ مَسَاكِنِكُمْ تُقْفَرِ الْمُدُنُ، وَتَخْرَبُ الْمُرْتَفَعَاتُ، لِكَيْ تُقْفَرِ وَتَخْرَبَ مَذَابِحُكُمْ، وَتَنْكَسِرَ وَتَزُولَ أَصْنَامُكُمْ، وَتُقْطَعَ شَمْسَاتُكُمْ، وَتُمْحَى أَعْمَالُكُمْ. وَتَسْقُطُ الْقَتْلَى فِي وَسْطِكُمْ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ” (آيات 3-7) … ” مَذَابِحِهِمْ عَلَى كُلِّ أَكَمَةٍ عَالِيَةٍ، وَفِي رُؤُوسِ كُلِّ الْجِبَالِ، وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ، وَتَحْتَ كُلِّ بَلُّوطَةٍ غَبْيَاءَ، الْمَوْضِعِ الَّذِي قَرَّبُوا فِيهِ رَائِحَةَ سُرُورٍ لِكُلِّ أَصْنَامِهِمْ” (آية 13).

يذكر الربُّ أنَّ بناء المرتفعات ووضع المذابح عليها، وبناء معابد طقوس عبادة الشمس “شَمْسَاتُكُم“، ونصب الأصنام والمذابح على الأماكن المرتفعة “في رُؤُوسِ كُلِّ الْجِبَالِ“، واختيار شجر البلُّوط بورقه الشبيه بأعضاء الذكورة لوضع الأصنام تحته الأسباب التي استحقَّ بنو إسرائيل بها العذاب الربي. وتلعب الآيات التالية في سفر حزقيال على نفس الوتر “يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، أَنَّكِ بَنَيْتِ لِنَفْسِكِ قُبَّةً وَصَنَعْتِ لِنَفْسِكِ مُرْتَفَعَةً فِي كُلِّ شَارِعٍ. فِي رَأْسِ كُلِّ طَرِيق بَنَيْتِ مُرْتَفَعَاتَكِ وَرَجَّسْتِ جَمَالَكِ، وَفَرَّجْتِ رِجْلَيْكِ لِكُلِّ عَابِرٍ وَأَكْثَرْتِ زِنَاكِ. وَزَنَيْتِ مَعَ جِيرَانِكِ بَنِي مِصْرَ الْغِلاَظِ اللَّحْمِ، وَزِدْتِ فِي زِنَاكِ لإِغَاظَتِي” (إصحاح 16: آيات 23-26). ذكر سفر الملوك 2 “وَفِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ، فِي سَابِعِ الشَّهْرِ، وَهِيَ السَّنَةُ التَّاسِعَةَ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ نَبُوخَذْ نصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ، جَاءَ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ الشُّرَطِ عَبْدُ مَلِكِ بَابِلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَأَحْرَقَ بَيْتَ الرَّبِّ وَبَيْتَ الْمَلِكِ، وَكُلَّ بُيُوتِ أُورُشَلِيمَ، وَكُلَّ بُيُوتِ الْعُظَمَاءِ أَحْرَقَهَا بِالنَّارِ” (إصحاح 25: 8-9).

ويختتم الرب توبيخه بعهد جديد “أبدي” مع أورشليم: “هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي أَفْعَلُ بِكِ كَمَا فَعَلْتِ، إِذِ ازْدَرَيْتِ بِالْقَسَمِ لِنَكْثِ الْعَهْدِ. وَلكِنِّي أَذْكُرُ عَهْدِي مَعَكِ فِي أَيَّامِ صِبَاكِ، وَأُقِيمُ لَكِ عَهْدًا أَبَدِيًّا. فَتَتَذَكَّرِينَ طُرُقَكِ وَتَخْجَلِينَ إِذْ تَقْبَلِينَ أَخَوَاتِكِ الْكِبَرَ وَالصِّغَرَ، وَأَجْعَلُهُنَّ لَكِ بَنَاتٍ، وَلكِنْ لاَ بِعَهْدِكِ. وَأَنَا أُقِيمُ عَهْدِي مَعَكِ، فَتَعْلَمِينَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، لِكَيْ تَتَذَكَّرِي فَتَخْزَيْ وَلاَ تَفْتَحِي فَاكِ بَعْدُ بِسَبَبِ خِزْيِكِ، حِينَ أَغْفِرُ لَكِ كُلَّ مَا فَعَلْتِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ» (سفر حزقيال، إصحاح 16: آيات 59-63). من الواضح أنَّ هذا العهد هو الذي أعاد بني إسرائيل إلى الأرض المقدَّسة بعد سنوات السبي.

من أبرز ما يميِّز الألفاظ المستخدمة في سفر حزقيال تكرار كلمة “سيف” جمعًا ومفردًا ما يقرب من 80 مرة، أكثرها في إصحاح 21 (14 مرَّة) و32 (15 مرَّة). والسيف هو من رموز الذكورة وثالوث الرجل. وُصفت أورشليم بالزوجة “الزانية”، في إشارة إلى تأنيث الأرض، والسيف هنا هو تجسيد قدرة الربِّ-الغيور بسبب خيانة الزوجة-على تأديبها بعد أن عبد أبناؤه منها آلهة أخرى. من نماذج ذكر السيف:

إصحاح 25: “هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَأَمُدُّ يَدِي عَلَى أَدُومَ، وَأَقْطَعُ مِنْهَا الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ، وَأُصَيِّرُهَا خَرَابًا. مِنَ التَّيْمَنِ وَإِلَى دَدَانَ يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ” (13).

إصحاح 26-آية 11: “بِحَوَافِرِ خَيْلِهِ (نبوخذ نصَّر) يَدُوسُ كُلَّ شَوَارِعِكِ. يَقْتُلُ شَعْبَكِ بِالسَّيْفِ فَتَسْقُطُ إِلَى الأَرْضِ أَنْصَابُ.”

إذا ما قارننا ما ورد في أسفار العهد القديم وما ذكرته سورة الإسراء عن وعد الله تعالى بإهلاك بني إسرائيل مرَّتين في الآيتين 4 و5 “وَقَضَيْنَا إلى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا(4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا(5)”، لوجدنا أنَّ الإفساد والعلو-وفق اتِّفاق معظم المفسِّرين-يشير إلى عصيان الله والاستكبار في الأرض. ولا شكَّ في أنَّ أسفار العهد القديم قد اعترفت بذلك من خلال الإعراض عن عبادة الربِّ وعبادة آلهة أخرى في طقوس أشبه ما تكون بطقوس عبادة الشمس عند الوثنيين. ومن بين البِدع التي أدخلها بنو إسرائيل بناء المرتفعات والذبح عليها، وبناء معابد لممارسة طقوس عبادة الشمس، كما تقول الآية 3 من الإصحاح 6 من سفر حزقيال “وَأُبِيدُ مُرْتَفَعَاتِكُمْ. فَتَخْرَبُ مَذَابِحُكُمْ، وَتَتَكَسَّرُ شَمْسَاتُكُمْ.

أوليس من مظاهر “العلو” اتِّباع عادة الوثنيين من عبَدَة الشمس في العبادة على المرتفعات؟ سلَّط الله تعالى-وفق الآية 5 من سورة الإسراء-على بني إسرائيل من أهلكهم بعذاب بئيس، وهم عباد لم تُذكر هويَّتهم-سواء عقيدتهم الدينية أو أصلهم-وكان فعلهم أن “جاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ”.

ذكر سفر حزقيال أنَّ الله قد صبَّ غضبه على السامرة-عاصمة دولة إسرائيل-زمن السبي الأشوري (722 ق.م. تقريبًا)، كما فعل مع أورشليم-عاصمة يهوذا-على يد البابليين. يوبِّخ الربُّ السامرة وأورشليم، واصفًا المدينتين بأختين زانيتين، كما جاء في الإصحاح 23:

«يَا ابْنَ آدَمَ، كَانَ امْرَأَتَانِ ابْنَتَا أُمٍّ وَاحِدَةٍ. وَزَنَتَا بِمِصْرَ. فِي صِبَاهُمَا زَنَتَا. هُنَاكَ دُغْدِغَتْ ثُدِيُّهُمَا، وَهُنَاكَ تَزَغْزَغَتْ تَرَائِبُ عُذْرَتِهما. وَاسْمُهُمَا: أُهُولَةُ الْكَبِيرَةُ، وَأُهُولِيبَةُ أُخْتُهَا. وَكَانَتَا لِي، وَوَلَدَتَا بَنِينَ وَبَنَاتٍ. وَاسْمَاهُمَا: السَّامِرَةُ «أُهُولَةُ»، وَأُورُشَلِيمُ «أُهُولِيبَةُ»” (2-4) … “هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي أُصْعِدُ عَلَيْهِمَا جَمَاعَةً وَأُسَلِّمُهُمَا لِلْجَوْرِ وَالنَّهْبِ. وَتَرْجُمُهُمَا الْجَمَاعَةُ بِالْحِجَارَةِ، وَيُقَطِّعُونَهُمَا بِسُيُوفِهِمْ، وَيَذْبَحُونَ أَبْنَاءَهُمَا وَبَنَاتِهِمَا، وَيُحْرِقُونَ بُيُوتَهُمَا بِالنَّارِ. فَأُبَطِّلُ الرَّذِيلَةَ مِنَ الأَرْضِ، فَتَتَأَدَّبُ جَمِيعُ النِّسَاءِ وَلاَ يَفْعَلْنَ مِثْلَ رَذِيلَتِكُمَا. وَيَرُدُّونَ عَلَيْكُمَا رَذِيلَتَكُمَا، فَتَحْمِلاَنِ خَطَايَا أَصْنَامِكُمَا، وَتَعْلَمَانِ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ»” (إصحاح 23: 46-49).

وأخبر سفر حزقيال كذلك أنَّ الربَّ قد دعَّم ملك بابل و”جعل سيفه في يده” كي يؤدِّب به كافة الأمم الكافرة، حتى وصل إلى مصر، كما يقول الإصحاح 30 من السفر:

 وَيَأْتِي سَيْفٌ عَلَى مِصْرَ، وَيَكُونُ فِي كُوشَ خَوْفٌ شَدِيدٌ، عِنْدَ سُقُوطِ الْقَتْلَى فِي مِصْرَ، وَيَأْخُذُونَ ثَرْوَتَهَا وَتُهْدَمُ أُسُسُهَا. يَسْقُطُ مَعَهُمْ بِالسَّيْفِ كُوشُ وَفُوطُ وَلُودُ وَكُلُّ اللَّفِيفِ، وَكُوبُ وَبَنُو أَرْضِ الْعَهْدِ. هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: وَيَسْقُطُ عَاضِدُو مِصْرَ، وَتَنْحَطُّ كِبْرِيَاءُ عِزَّتِهَا. مِنْ مَجْدَلَ إِلَى أَسْوَانَ يَسْقُطُونَ فِيهَا بِالسَّيْفِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ” (4-6) … “وَأَسْكُبُ غَضَبِي عَلَى سِينَ، حِصْنِ مِصْرَ، وَأَسْتَأْصِلُ جُمْهُورَ نُو. وَأُضْرِمُ نَارًا فِي مِصْرَ. سِينُ تَتَوَجَّعُ تَوَجُّعًا، وَنُو تَكُونُ لِلتَّمْزِيقِ، وَلِنُوفَ ضِيقَاتٌ كُلَّ يَوْمٍ” (15-16) … “ها أَنَا ذَا عَلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، فَأُكَسِّرُ ذِرَاعَيْهِ الْقَوِيَّةَ وَالْمَكْسُورَةَ، وَأُسْقِطُ السَّيْفَ مِنْ يَدِهِ” (22) … “أُشَدِّدُ ذِرَاعَيْ مَلِكِ بَابِلَ وَأَجْعَلُ سَيْفِي فِي يَدِهِ” (24). وجاء في إصحاح 32 (آية 15) “حِينَ أَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ خَرَابًا، وَتَخْلُو الأَرْضُ مِنْ مِلْئِهَا. عِنْدَ ضَرْبِي جَمِيعَ سُكَّانِهَا يَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.”

أوليس في فعل ملك بابل وجنده ما يتوافق مع قوله تعالى “فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا”؟

تجدر الإشارة إلى أنَّ عبادة الشَّمس، أو لتقل النَّار متجسِّدةً في قُرص الشمس، هي في الأصل من الديانة الزرادشتيَّة، التي انتشرت منذ العصور القديمة في أواسط آسيا، وبخاصّة فيما عُرف في الماضي ببلاد فارس، ويُعرف اليوم بإيران. يوضح الرَّسم التَّالي تصوُّر عن مناجاة زرادشت، مؤسس تلك الديانة، للشمس من فوق أحد المرتفعات، وهو مستوحى من رواية هكذا تكلم زرادشت (1883-1885) للفيلسوف الألماني الشَّهير فريدريك نيتشه، للرَّسَّام الرُّوسي نيكولاس رويريتش.

8-صلاة زرادشت للشمس لنيكولاس رويريتش

والصورة التَّالية هي موقد زرادشتي للنَّار يعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد، بُني على أحد المرتفعات، في الهواء الطَّلق، بلا معبد أو مذبح، في موقع نقش رستم الأثري في إيران.

9-موقد زرادشتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى