مقالات

المِرياع

محمود الجاف

كاتب وصحفي عراقي
عرض مقالات الكاتب

بعد أفول نجم الحضارة الاسلامية والتشظي الذي أصاب أمتنا وبُروز حُكام ومُلوك وأمراء وقادة لايعرفونَ معنى الدين والأخلاق والسيادة . حولوا شعوبهُم الى مايُشبهُ قطعان الغنَم التي يَقودها المِرياع . الخروف الذي لايفهم من الحياة سوى اتباع الحمار أيا كان قرارهُ ووجهتهُ وهو طبعا سعيد بالنهايات لأنهُ يشعر بالفخر والوفاء بغض النظر عن الاضرار أو الكوارث التي سيُخلفها لاحقا . وباتَ مُستقبلهُم ومَصيرهُم هو الذي يُحددهُ … المِرياع هُو الكبش الذي يُعزل عن أمهُ يومَ ولادته ويُسقى حليبها دون ان يراها او يُوضَع مع أنثى الحمار غالباً ليرضع منها ولا يُجَزّ صُوفه . وعندما تنمو قرونهُ يبدو ضخما ذا هيبة ! ( تخيلوا ان القُرون هي التي تمنحهُ الهَيبة ) وتعلَّق حول عُنقه الأجراس الطنّانة والرنّانة التي تُسمى ( القرقاع ) فإذا سار تبعهُ القطيع مُعتقداً أنه يسير خلف زعيمهُ البطل ! وعندما يكتشف انهُ على خطأ سيكون راسهُ قد فارق جسدهُ او فاتهُ قطار العُمُر . مُؤلم ان تكتشف أن هذا الشجاع المهيوب المحبوب الذي تسير خلفهُ … السيد او المرجع او الملك والامير ولا تتجاوزه أبدا … ما هو الا حمار … لا تغُرك المظاهر المغشوشة والمواكب وصافرات الإنذار والخَدم والحَشم والطائرات الخاصة والعضلات المفتولة ولاتعجب من جَسده الكبير او طوله . فوالله جميعهُم خرفان تجري خلف من لايعرف من الدنيا سوى الأكل والشرب والنوم وهز الرأس وقول نعم كل يوم قبل النوم . لانهُ منذُ ولادته يأخذهُ صاحبهُ ويقوم بالتصويت له أثناء شُرب الحليب . ويُكررها تدريجيًّا حتى يَفطمهُ ويُبدلهُ بكِسَر الخبز ويتشَرب جسدهُ بالحقد . بعدها لا يخالف الأوامر ويأتي فورا عندما يرى أسيادهُ …ويقضي كل حياته هكذا كُلما تحركَ الراعي المجوسي يتبعهُ الحمار أعزَّكم الله جميعًا . ولهذا سنبقى نلف وندور والمرياع والحمار يحققان لنا المصير حتى يأذن الله ويأتي زمان التغيير ونخلع ثياب الجهل والإتباع الاعمى والأمعية ونفهم وننقذ الاجيال التي ستاتي بعدنا ولايبقوا عبيدا لهؤلاء ويقولوا لهم الوداع ويرتقوا القمم ويتخلصوا من القاع فالدين جاء ليُحررنا وليس ليجعل منا رِعاع …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى