مختارات

أزمة في حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا

سعيد الحاج

كاتب ومحلل سياسي
عرض مقالات الكاتب

قبل أيام، كتب أحد الصحافيين مقالاً يدعي أن أحد قياادت/كوادر حزب الشعب الجمهوري – أكبر احزاب المعارضة – التقى سراً باردوغان في القصر الرئاسي، وأن الأخير قال له: ينبغي أن نجعلك أنت رئيساً للحزب، لا كليتشدار أوغلو.
الموضوع أثار زوبعة وحالة جدل كبيرة لم تنته حتى اللحظة، رغم أنها تراجعت كثيراً.

دارت الشبهة حول عدد من قيادات الحزب سارعوا كلهم للنفي. المشكلة أن رئيس الحزب كليتشدارأوغلو قال في لقاء تلفزيوني ما معناه أن الخبر صحيح، وأن العدالة والتنمية و”القصر” يحاولان كسر الشعب الجمهوري وإحداث فتنة داخله. حتى أن بعض التسريبات الصحافية ذكرت أرقام لوحة السيارة التي يفترض أنها زارت قصر الرئاسة.

نفت رئاسة الجمهورية الأمر جملة وتفصيلاً، واتضح أن رقم لوحة السيارة غير صحيح، وانتقلت الأزمة لتكون جدلاً داخلياً داخل الحزب الأكبر للمعارضة.
القيادي والمرشح السابق للرئاسة محرم إينجة – الذي اتضح أنه المقصود بالتسريب – تحدى الصحافي الذي نشر الخبر أن يؤكده أو يثبته، وطالب من قيادة الحزب أن تصدر موقفاً صريحاً حول الأمر. حاول إينجة أن يخرج في مؤتمر صحافي مع رئيس حزبه، لكن يبدو أنه لم يوفق، فخرج وحيداً، ووجه سهامه تجاه ما أسماها “عصابة” داخل الحزب – أو في قيادته – هدفها الدسائس وتشويهه وما إلى ذلك.

الصحافي الذي كتب الخبر، قال إن مصدره هو صحافي آخر، وأكد أن الخبر تم توثيقه قبل النشر من زعيم الحزب كليتشدار أوغلو.
اليوم، الكل متأكد أن الزيارة لم تتم، ولكن الشعب الجمهوري مصر على أنها مكيدة من العدالة والتنمية ضد الحزب ورئيسه.

في العموم، هناك رأيان في المسألة، الأول أن إينجة هو المستهدف، وأنه رغم براءته من الزيارة فإن ردة فعله العنيفة وتوجهه لوسائل الإعلام واتهامه قيادة الحزب – كما كان متوقعاً منه – قد أفقدته الكثير من التعاطف بينما حزبه في طريقه لمؤتمر عام قريباً، وكان هو دائماً المنافس الأقوى في وجه كليتشدأوغلو في المؤتمرات السابقة، وبالتالي يضمن الأخير مؤتمراً سلسلاً يجدد رئاسته بعد إضعاف منافسه الأقوى.

الرأي الثاني أن كليتشدارأوغلو نفسه هو المستهدف وأنه تم التلاعب به ليؤكد الخبر غير الصحيح وبالتالي ليظهر كرئيس حزب غير ملم ولا مسيطر على الموقف في قيادة حزبه.
وفي كلا الحالتين، ورغم تأكيد مصادر الحزب وإينجة أن الملف قد أغلق حتى لا يضر الحزب اكثر، إلا أن الأخير تضرر كثيراً وتضررت صورته التي يقدمها لجمهوره، إذ لم يبد كحزب ديمقراطي متنوع الآراء بقدر ما ظهر كحزب يلجأ بعض قيادييه لكل الوسائل غير المشروعة في صراعهم على كرسي الرئاسة.

مشكلة كليتشدارأوغلو في 3 أمور رئيسة ومهمة:
الأول، أنه أتى لرئاسة الحزب بمكيدة دبرت لرئيسه السابق دنيز بايكال. وبالتالي فهو يستشعر الخطر.
الثاني، أن له منافسين كثراً وأغلبهم قيادات وازنة، لا سيما محرم إينجة الذي يعجب التيارَ الرئيس في الحزب، وقد أثبت قدراته في الانتخابات الرئاسية رغم خسارته.
الثالث، أنه رئيس حزب ضعيف بكل تأكيد.

هل يمكن أن تطيح هذه الأزمة به أو بإينجة؟ ليس بالضرورة، لكنها مؤشر مهم على كيف تجري الأمور في أكبر أحزاب المعارضة، وكذلك إلى أي مدى اردوغان محظوظ في المعارضة التي تنفسه، أو بالأحرى لا تنافسه.
لدرجة أن اردوغان تندر على كليتشدارأوغلو وعلى إشاعات أنهم يريدون تغييره بالقول: لماذا سنسعى لتغيير رئيس الحزب المعارض؟ هو رئيس مثالي.!!

المصدر: صفحة الكاتب على الفيس بوك
https://www.facebook.com/story.php?story_fbid=174318993766810&id=100035661304933

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى