وَطَنُ الجِراح
هذا الفراتُ وقَيحُه الدَّفَّاقُ = لفظت خفايا جرحِه الأعماقُ
وروت شواطئُه حكايةَ أمةٍ = فيها تَغنَّى بالشآمِ عِراقُ
وبها نُدوبٌ من جراح أمَيةٍ = وصَدَى الرشيدِ ومُهرُه السبّاقُ
وبها روت كتبُ المآسي قصةً = تعبت بها الأقلامُ والأوراقُ
عن توأمَيْن تلاقَيا في مِحنةٍ = ورَعَى اللقاءَ مَدامعٌ وعناقُ
وعلى جبالِ الأرزِ تهتفُ رايةٌ = بيضاءُ أشرقَ صوتُها الرَّقراقُ
ياموطنَ الشَّمسِ الجريحةِ إنَّني = في بَحرِ حبِّكَ مغرمٌ عَشَّاقً
فمتَى يَبُلُّ صداهُ مِنكَ مُتَيَّمٌ = ومَتَى يَعودُ لعُشِّهِ المُشتاقُ ؟
لم تَفتَحِ الدُّنيا لِطيرِكَ مَوطِنًا = إلّا ليَغزوَ عُشَّهُ الوَقواقُ
بي مِن غرامِك كلُّ ماعرَفَ الهوى = مِمّا طَوَى ، وتأوَّهَ العُشّاقُ
فاقرأْ رواياتِ الغرامِ تَجِد بها = ما أسرَفَت في فضحِهِ الآماقُ
وبها تَشَفَّى كلُّ جُرحٍ غائرٍ = مِمّا سعَى في نَهبِه السُّرَّاقُ
لابُدَّ مِن تَطهيرِ جُرحِكَ بالّتي = مِن أجلِها فيضُ الدِّماءِ يُراقُ