مختارات

ومضة مركَّزة.. مُجتمع الجزيرة وآفاقُ العيش المشتَّرك!

مهند الكاطع

كاتب وباحث سوري
عرض مقالات الكاتب

بدأ الفرنسيون بإحتلال منطقة الجزيرة منذ عام 1922، وسيطروا عليها بشكل فعلي سنة 1926، وتعينت حدود الجزيرة بشكل نهائي في الفترة الممتدة بين 1926 حتى 1933.
أعاد الفرنسيون تشكيل منطقة الجزيرة سكانياً عبر سياسة الملازم (تيريه) الأثنية، التي اعتمدت سياسة استقبال اللاجئين وتوطين الأقليات الدينية واللغوية ودعمها في مواجهة الاتجاه القومي الوطني في المدن السورية الكبرى، نشأت المستوطنات الحضرية الحدودية في سهوب الجزيرة وبدأت القرى الزراعية بالظهور، واستفاد الفرنسيون من الكتلة البشرية المتدفقة نحو الجزيرة (نتيجة ما خلفته أحداث المنطقة الإقليمية وحروبها)، وبدأت فرنسا بمشروعها للنهضة الزراعية الذي حقق نمواً كبيراً وثورة زراعية مشهودة خلال ربع قرن من وجودها.
كانت النتيجة بالمحصلة هي إعادة تشكيل مجتمع الجزيرة العليا ( الحسكة) الذي بات يضم تنوعاً دينياً وطائفياً و أثنياً، ورغم أن هذه التشكلية لم تكن متجانسة (أقله عرقياً ودينياً)، إلا أن المجتمع استطاع التعايش بسلام دون نزاعات، خاصة منذ رحيل الفرنسيين.

هذا التنوع وبغض النظر عن ظروف تشكله المذكورة التي لا يمكن اليوم تبديلها أو تغييرها أو إعادة تشكيلها، فأنه يمكن له أن يبقى نعمة إذا نظرناً لمصالح العيش المشترك وقمنا بالعمل عليها في سياق وطني جامع، وتجنبنا القفز على حقائق التاريخ والجغرافية والهوية وحق الجميع في الحياة في هذه البقعة السورية.
بنفس الوقت يمكن له أن يكون نقمة أيضاً، وذلك عبر توهّم الفرصة المناسبة و إمكانية انتهازها في ظل ضعف الوطن السوري، لتحقيق مشاريع ذات صبغة إنفصالية أحادية الجانب من قبل أي أقلية أو ميليشيا في المنطقة سواء أكانت من نسيج هذا المجتمع، ومن باب أولى إذا كانت تلك المشاريع على يد ميليشيات ارتزاقية أجنبية وطارئة.

المصدر: صفحة الكاتب على فيس بوك
https://www.facebook.com/706192690/posts/10156272229997691/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى