مختارات

اللبنانيون يطالبون “بإسقاط النظام” واللاجئون يطلبون “الأمان والسلامة”

يشهد لبنان منذ نحو أسبوع مظاهرات حاشدة مطالبة بإسقاط النظام وتحقيق سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية. المظاهرات شملت كافة المناطق اللبنانية وأدت إلى شبه إغلاق تام لكافة الطرقات في البلاد، الأمر الذي عكس نفسه على عمل الجمعيات الإنسانية والإغاثية التي تعنى بمساعدة مئات الآلاف من اللاجئين في البلاد. مدير إحدى المنظمات الدولية تحدث مع مهاجر نيوز حول أبرز التحديات التي تواجهها منظمته حاليا، كاشفا عن مخاوف حيال عدم قدرتهم على تلبية احتياجات اللاجئين قبيل فصل الشتاء.

لليوم السادس على التوالي، تتواصل الاحتجاجات الشعبية في لبنان المناهضة للحكومة والمطالبة بتطبيق إصلاحات جذرية على القطاعات الخدمية الحكومية كافة، وذلك بعد سلسلة من الأحداث عكست نفسها على المشاهد السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلد.

الاحتجاجات التي أججها قرار وزارة الاتصالات بفرض رسوم ضريبية على تطبيق الواتساب المجاني، دفعت بمئات الآلاف من اللبنانيين إلى الشارع، حيث أغلقوا الطرقات وشلوا معظم المرافق الحيوية في البلاد. التصعيد الشعبي جاء مرافقا لشعارات مثل “الشعب يريد إسقاط النظام” و”فليسقط حكم الدولار”، في إشارة إلى قطاع المصارف الذي يتهمه كثيرون بالمسؤولية المباشرة عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد.

اللاجئون وحراك الشارع اللبناني

في خضم هذه التطورات، أثار الكثير من اللاجئين في لبنان أسئلة مرتبطة بمصيرهم، خاصة أن معظمهم يعتمدون بشكل رئيسي على المساعدات الشهرية التي توفرها لهم المنظمات الإنسانية الدولية والأممية. فإغلاق الطرقات أعاق حركة عشرات الآلاف منهم، ومنعهم من الوصول إلى مراكز توزيع المعونات. المشكلة نفسها عانت منها المنظمات الإنسانية، حيث لم تتمكن طواقمها من الوصول إلى مواقع توزيع المعونات، حتى أنها أصدرت قرارات لموظفيها بعدم الحضور إلى المكاتب خشية على سلامتهم الشخصية.

برنامج المساعدات الشتوية مهدد بالتوقف

وقال أحد مدراء تلك المنظمات الدولية لمهاجر نيوز إن عملهم بات مشلولا على كامل مساحة لبنان تقريبا. وخلال اتصال هاتفي قال المدير “كمنظمة إنسانية دولية، نولي أمن موظفينا شأنا كبيرا، لذا طلبنا منهم جميعا عدم الحضور إلى المكاتب أو المراكز الخدماتية حفاظا على سلامتهم”. وأضاف “نحن كمنظمة لا دخل لنا أو رأي بما يحصل الآن في البلاد. هذا شأن لبناني. ولكن ما أريد التنويه إليه هو الخطر المحدق بآلاف العائلات من اللاجئين المتواجدين على الأراضي اللبنانية والذين هم بأمس الحاجة للمساعدات التي نوفرها”.

مدير المنظمة أورد أنهم كانوا على وشك البدء بتوزيع بطاقات المعونة الشتوية لعشرات الآلاف من العائلات السورية والسودانية والمصرية وغيرها من جنسيات اللاجئين في لبنان، “ولكن خطة التوزيع توقفت حاليا. أود أن أحذر من الخطر الذي يتهدد تلك العائلات، خاصة وأن فصل الشتاء بات على الأبواب”.

للمزيد: مجددا… المستقبل الدراسي للأطفال اللاجئين في لبنان على المحك

يذكر أن برنامج المساعدات الشتوية هو عبارة عن بطاقة مصرفية تحتوي على مبلغ محدد (يعتمد على مكان سكن العائلة)، بمعدل 150 دولارا أمريكيا، لتغطية ثمن مواد التدفئة التي تحتاجها العائلات في الشتاء. والبرنامج مدعوم من قبل مفوضية شؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي.

ووفقا لمدير المنظمة، “يخشى معظم اللاجئين، خاصة السوريين منهم، من الخروج من منازلهم ومخيماتهم في هذه الظروف. فأغلبهم لا يملكون بطاقات إقامة في لبنان، وبالتالي فإنهم سيكونون عرضة للاعتقال من قبل القوات الأمنية المنتشرة في المناطق. فضلا عن أن الجو المعادي للاجئين الذي انتشر في لبنان مؤخرا، أثر عليهم مباشرة وجعلهم يعيشون في خوف دائم”.

“المتظاهرون عرضوا علي نقل عائلتي إلى مكان أكثر هدوءا”

عمار، لاجئ سوري يسكن أحد المخيمات في منطقة البقاع اللبنانية، تواصل قبل فترة مع مهاجر نيوز ليروي معاناته وعائلته من الظروف التي يمر بها لبنان حاليا. “نحن لاجئون في هذا البلد، ونحمد الله على أننا وجدنا مكانا آمنا لأطفالنا بعيدا عن الحرب في سوريا. أنا موجود هنا منذ 2015، مررت بالكثير من الظروف السيئة، ولكنها لا تقارن بما نشعر به الآن”.

يشير عمار إلى أن المظاهرات التي تشهدها المدينة التي يسكن بها شلت حركتهم بالكامل، “أطفالي خائفون في المنزل، زوجتي تكاد تموت رعبا كلما اضطررت لأن أذهب إلى الدكان لشراء بعض الخبز. لم نتعرض لشيء حتى الآن، على العكس، أشعر وكأن هم المرحلة الماضية من تحميلنا لكافة مشاكل هذا البلد قد أزيح عن صدري. المتظاهرون يبتسمون في وجهي، حتى أنهم عرضوا علي نقل عائلتي إلى مكان أكثر هدوءا إذا كنا خائفين”.

للمزيد: “الهجرة هي الحل”… دعوات لفتح أبواب الهجرة بوجه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

لا يخفي عمار فرحه بما يحصل الآن في لبنان، “لبنان بلد جميل ويستحق أن يكون على رأسه حكومة صالحة تعبر عن آراء وطموحات الناس. ولكن ما أخشاه هو انقلاب هذا المشهد علينا كلاجئين، كما حصل في مناسبات ماضية. أنا محظوظ لأنني أسكن هذه المدينة، ولكن لي أقارب وأصدقاء في مناطق أخرى تعرضوا للإهانات والضرب من قبل القوى الأمنية والمتظاهرين. كل ما نريده هو الأمن والسلامة لأطفالنا وعائلاتنا”.

وختم عمار حديثه لمهاجر نيوز قائلا “اللاجئ بالنهاية هو إنسان يتأثر بالظروف المحيطة به شاء أم أبى. نحن نريد كل الخير للبنان، وأتمنى ألا يتم لاحقا استخدام ورقة اللاجئين كشماعة لتعليق كافة مشاكل البلد الاقتصادية والاجتماعية عليها”.

يذكر أن لاجئين سوريين لقيا حتفهما اختناقا إثر حريق شب، يوم الجمعة الماضية، في أحد الأبنية المجاورة لمكان التجمعات الرئيسية للاحتجاجات في بيروت. ووفق الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية، فإن اللاجئين كانا يعملان في أحد المحلات التجارية في ذلك المبنى.

ويعيش في لبنان أكثر من 900 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى مفوضية شؤون اللاجئين، في حين تشير السلطات اللبنانية إلى أن أعدادهم تخطت المليون ونصف.

المصدر: مهاجر نيوز
https://www.infomigrants.net/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى