مقالات

المظاهرات العراقية ورد الفعل الأمريكي

فهد السالم صقر

محلل سياسي وباحث في العلاقات الدولية
عرض مقالات الكاتب

في 1 أكتوبر  2019 تفجرت أكبر مظاهرات معادية لحكومة اللصوص في المنطقة الخضراء تشهدها العراق منذ سنوات. مطالب المتظاهرين كانت تتمحور حول الأوضاع المتردية ، وإنقطاع الكهرباء والماء وإنعدام الخدمات وتفشي البطالة والفساد المستشري في الطبقة اللصوصية الحاكمة التي نهبت مئات المليارات منذ مجيئها إلى السلطة على ظهر الدبابة الأمريكية من إيران عام 2003. لن أدخل في تفاصيل أكثر ولكني سأشير إلى زاوية مهمة لهذة الإنتفاضة وليفهما كل قارئ كما يريد. لقد هتف المتظاهرون في هذة المظاهرات  حصريا ضد إيران وضد النفوذ الإيراني وكانت يهتفون ( بغداد حرة حرة إيران برة برة). قُتل في هذه المظاهرات حسب أقل التقديرات ما يزيد عن مائتي شاب متظاهر معظمهم قٌتلوا على أيدي قناصة تابعين للحشد الشعبي وميليشيات شيعية مدعومة من إيران .. ( نفي وزارة الداخلية العراقية لقتلها للمتظاهرين وإتهامها لعناصر مندسة ومتآمرة وما إلى ذلك من لغة خشبية وتشكيل لجنة تحقيق بالنسبة لي كله كلام كذب في كذب ودجل لا يستحق حتى التعليق… يعني أضعه في أقرب سلة مهملات).

الزاوية التي أريد أن أشير إليها هي التعتيم الأمريكي الكامل على هذه الأحداث ومنع تغطيتها أو تسليط الضوء عليها من قبل الإعلام الغربي، فقد تم الإشارة بإقتضاب شديد في الإعلام الغربي للأحداث في أول يومين فقط وعندما إستفحل الموضوع وخرجت الأمور عن السيطرة قامت أمريكا بالتعتيم الكامل على ما يجري في العراق من إنتفاضة، فتارة ركزالإعلام الغربي على مظاهرات هونغ كونغ ( المستمرة منذ شهرين) وتارة على مظاهرات الإكوادور إحتجاجا على رفع أسعار الوقود، ثم لاحقا عندما بدأ التدخل التركي في شمال سوريا ( الذي تم بموافقة ضمنية وضوء أخضر من ترامب) قامت الدنيا ولم تقعد وأصبح تركيز الإعلام الغربي ( البي بي سي والسي إن إن تحديدا) ينصب كليا وعلى مدار الساعة على العمليات في شمال سوريا، ولم يعد هناك أي ذكر على الإطلاق للعراق. سؤال المليار دولار هو لماذا لم تستغل أمريكا وإعلامها المعروف بالعهر والإنحياز أحداث العراق لكي تُحرج ايران ؟ ألم يهتف المتظاهرون ضد ايران؟ لماذا لم تجد أمريكا الفرصة مواتية لإحراج ايران وإخراجها من العراق؟ أليست ايران عدوا لدودا لأمريكا وإسرائيل في المنطقة؟ أليست ايران تقود محور الممانعة والمقاومة ضد المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة كما يتشدقون؟ أقل ما فيها إحرجوها بتلسيط الضوء على ما يجري من إنتهاكات وأعمال قتل وفساد في الأرض في العراق؟ أم أن الموضوع هو كما أقول أنا ( ويقوله الكثيرين غيري) هو  موضوع إقتسام منافع ومصالح في العراق وسوريا ولبنان بين أمريكا وايران، وكل ما تفعله ايران في المنطقة هو بموافقة وتفاهم مع أمريكا في سيناريو معد ومنظم ومتفق عليه وراء أبواب المخابرات السرية المغلقة. سيناريو الفوضى الخلاقة الذي تبنته كونداليسا رايس والمحافظون الجدد والذي تلعب فيه ايران الدور المركزي بدفع أجندتها الطائفية التوسعية على حساب العرب بضوء أخضر إسرائيلي أمريكي. أعطوني مثال واحد على بلد عربي دخلته ايران ولم تخربه؟ مثال واحد فقط.

الآن بطلع لي واحد بقول أن الوضع في العراق غير وله خصوصية ويختلف عن سوريا و …و.. يا جماعة كفاكم مكابرة   مشان الله ، من لا يرى الحلف الصفيوني ( الأمريكي-الايراني- الإسرائيلي)  في العراق وسوريا ولبنان الموجه حصريا ضد العرب وضد السنة لإثارة القلائل والنزعات الطائفية وتخريب المنطقة ليصب مباشرة في مصلحة إسرائيل فهو أعمى…. ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى